حصاد العام الأول من ولاية إبراهيم رئيسي: أزمات داخلية وفشل خارجي

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

مع إتمام حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عامها الأول، أثيرت العديد من التساؤلات بخصوص مدى بقائها متماسكة حتى 2025، في ظل انتقادات لاذعة وجهت إليها من قوى المعارضة والموالاة في البرلمان الذي يسيطر عليه تيار المحافظين المتشدد.

وفي 5 أغسطس/ آب 2021، أدى "رئيسي"، الذي يحظى بدعم من تيار المحافظين والذي ينتمي إليه المرشد علي خامنئي، اليمين الدستورية أمام البرلمان خلفا للرئيس السابق حسن روحاني المحسوب على التيار المعتدل القريب من الإصلاحيين.

تعديلات محتملة

على مدار عام كامل طالت حكومة رئيسي الكثير من الانتقادات، لا سيما في الجانب الاقتصادي الذي تعاني منه إيران بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على البلاد منذ الانسحاب من الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018.

وشن نواب في البرلمان هجوما على حكومة رئيسي بعد عام على تشكيلها، حيث نشر موقع "إيران إنترناشيونال" المعارض تقريرا في 7 أغسطس 2022 نقل فيه عن النائب منصور علي زارعي قوله إنهم "ما زالوا يأملون في نجاح الحكومة. وإذا لم يتحقق ذلك فسنزيد من رقابتنا على الإدارة".

وأضاف زارعي: "أمر مخز أن تواجه إيران الكثير من المشاكل الاقتصادية بينما تمتلك 7 بالمئة من موارد العالم ولديها واحد بالمئة فقط من سكان العالم، مشيرا إلى أنه "رغم كل المشاكل الاقتصادية، لم يتعلم أعضاء فريق رئيسي الاقتصادي التحدث بصوت واحد بعد عام كامل في السلطة".

في الوقت ذاته، عبر النائب رحمت الله نوروزي عن خيبة أمله الشديدة من حكومة رئيسي، بالقول: "البرلمان يخطط لتقليص تعاونه مع الحكومة"، مضيفا أن "البرلمان يخطط لعزل العديد من وزراء حكومة رئيسي"، حسبما نقل التقرير.

وأقر نوروزي بأن مأزق إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 يمثل عقبة كبيرة أمام الوضع الاقتصادي في البلد، لكنه شدد على أنه "لا ينبغي ربط اقتصاد البلاد بالمشاكل التي تسببها القضية النووية".

وانتقد النائب الإيراني حكومة رئيسي لمنحها زيادة بنسبة 10 بالمئة في الأجور لجزء صغير من العمال في إيران في حين أن معدل التضخم الإجمالي في البلاد يزيد على 50 بالمئة.

وقال نوروزي: "البرلمان يوجه انتقادات خطيرة لأداء الحكومة لمدة عام، ونتوقع أن يعمل رئيسي بجد لتحسين معيشة الشعب"، لافتا إلى أن "الإيرانيين في وضع صعب للغاية وأن وزراء الحكومة بحاجة إلى وضع خطط عملية لحل مشاكلهم".

وأوضح النائب أن "تكاليف السكن واللحوم ومنتجات الألبان والأرز وجميع السلع الأساسية الأخرى ارتفعت بشكل كبير خلال عام واحد من تسلم رئيسي لزمام الأمور في البلد"، داعيا البرلمان إلى "إنهاء تردده واتخاذ إجراءات صارمة ضد الحكومة طالما فشلت في أداء واجباتها".

وطالت رئيسي وحكومته انتقادات واسعة بعد أسابيع قليلة من توليه منصبه في 5 أغسطس 2021، وتصاعدت بشكل أكبر خلال عام 2022 بعد قفزة مفاجئة في أسعار المواد الغذائية، على إثر قرار رئيسي إلغاء الدعم عن واردات المواد الغذائية في مايو/ أيار 2022.

أضعف حكومة

ولم تقصر الانتقادات التي طالت رئيسي وحكومته على المعارضين، بل شملت حتى الحلفاء، فقدمت بعض الصحف الإيرانية في الذكرى السنوية الأولى لتولي رئيسي منصبه تحليلات وقراءات لأداء حكومته في عامها الأول.

ونقلت صحيفة "آرمان ملي" في 3 أغسطس 2022 عن النائب المحافظ في البرلمان مجتبى ذو النوري، قوله إن "أداء سير الحكومة يشبه الحركة على جهاز الجري، حيث لم يحدث أي تقدم نتيجة سياسات الحكومة وإجراءاتها".

فيما قال النائب الإصلاحي السابق محمود صادقي إن "حكومة رئيسي تستمر في عملها دون برنامج وخطط واضحة المعالم".

وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة "جهان صنعت" عن عمل حكومة رئيسي خلال العام المنصرم، مؤكدة أنه لم يفعل شيئا لصالح البلاد واقتصادها، حيث كان عنوانها الأبرز على صحفتها الرئيسة: "عام من الجمود".

وعلى نحو مماثل، نشرت الصحيفة ذاتها مقالا للمحلل السياسي محمد صادق جنان صفت، تحدث فيه عن مرور عام كامل على وصول رئيسي إلى الحكم في إيران وفشله الكبير في تحقيق وعوده الانتخابية.

وأكد أن "حكومة رئيسي هي أضعف الحكومات التي حكمت إيران بعد الحرب الإيرانية العراقية"، في إشارة إلى حرب الخليج الأولى 1980 إلى 1988.

وأرجع الكاتب جنان صفت السبب في ذلك إلى "فقدان إيران لانتخابات حرة ونزيهة، حيث يسمح الشكل الحالي من الانتخابات بوصول أشخاص غير أكفاء إلى سدة الحكم والمسؤولية".

من جانبها، نشرت منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، مقالا افتتاحيا على موقعها في 4 أغسطس 2022، قالت فيه: "غاب الحديث عن إنجازات لإبراهيم رئيسي مع مرور عام على تنصيبه رئيسا، ما ترك المجال مفتوحا على مصراعيه أمام انتقادات لأداء حكومته، شارك فيها برلمان نظام اللون الواحد".

وتطرق المقال إلى انتقادات النائب الإيراني المحافظ ذو النوري، الذي وصف أداء حكومة رئيسي بأنه أشبه بحركة شخص يركض على حلقة مفرغة، ولا يقطع مسافة، فيما انتقد النائب عن التيار ذاته، كريم حسيني، إعطاء المسؤولية لأشخاص غير أكفاء أو متعبين وغير فاعلين.

وشهد الناتج المحلي الإجمالي لإيران نموا منذ عام 2010 حتى عام 2012 تبعه تراجع مطرد نتيجة العقوبات الدولية على صادرات النفط الإيرانية.

وفي عام 2016، سجل هذا الناتج ارتفاعا طفيفا نتيجة تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، لكنه انخفض بشكل كبير بمجرد انسحاب ترامب من الصفقة بعد ذلك بعامين.

وبحلول عام 2020، وصل الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى ما يقارب ثلث ما كان عليه في عام 2012، وفي الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار في إيران بشكل عام، كان متوسط الدخل بالبلاد يشهد انخفاضا؛ مما جعل تكلفة السلع الأساسية مثل الطعام والأدوية باهظة للغاية.

واعتاد الإيرانيون على العيش في ظل التضخم منذ عقد من الزمان، وفي ظل عدم جدوى المحادثات الجارية بشأن الاتفاق النووي يخشى الكثيرون تواصل التضخم من دون نهاية.

"سياسة فاشلة"

وعلى صعيد السياسة الخارجية، قال الباحث في الشأن الإيراني وجدان عبد الرحمن، إن "سياسة إبراهيم رئيسي الخارجية، فاشلة وذات نتائج عكسية على النظام الإيراني، ومن بينها ما تمثل بزيارات رئيسي الخارجية".

وأضاف لموقع "الحل نت" في 5 أغسطس، "فمثلا زيارته لروسيا مطلع 2022، وصفت بغير المهمة، وأنها أساءت لإيران وفق مبدأ علاقاتها الخارجية المبنية على فكرة (لا شرقية ولا غربية)، أي أن يكون هناك توازن بعلاقاتها بين الغرب والشرق".

وقال عبد الرحمن إن "علاقته مع الصين جاءت بالتوقيع على اتفاقية الشراكة بين الطرفين لمدة 25 سنة، والتي تعد فاشلة لما فيها من تنازلات إيرانية لبكين، حيث سيصاحب الاستثمار الصيني تخفيضا في أسعار النفط الإيراني لفائدة بكين".

وتابع: "كما ستمنح طهران الأولوية للصين في تنفيذ خطط التنمية في إيران، كما ستسمح الاتفاقية بوجود 5 آلاف من قوات الأمن الصينية على الأراضي الإيرانية، إضافة إلى أن الصين ستتمتع بخصم يصل إلى 32 بالمئة على مشترياتها من النفط والغاز والمنتجات البتروكيميائية، مع تأخير السداد لمدة عامين".

وعلى الصعيد العربي، رأى الباحث أن "هناك تحركا إيرانيا باتجاه حلحلة الأمور العالقة مع دول الجوار خاصة السعودية وحتى مع تركيا، ولكن سياسة رئيسي فشلت أيضا في هذا الاتجاه.

وأوضح أن "رئيسي في الحقيقة لا يريد لهذه القضايا أن تحل، وذلك نابع من الفكر الذي بني عليه النظام الإيراني بالتوسع وتصدير الثورة الخمينية والذي يتبناه تيار رئيسي المحافظ".

ولفت عبد الرحمن إلى أن "إيران تسيطر الآن على أربع عواصم عربية (دمشق، بيروت، صنعاء، بغداد)، وذلك حسب مشروعها التوسعي، وتسبب وجود إيران في هذه الدول بخلق أزمات سياسية واقتصادية كبيرة، وحتى الآن لم يتم التوصل لأي حل للأزمات السياسية التي تشهدها نتيجة التدخل الإيراني".

ورأى الباحث أن "هناك العديد من العوائق التي تخلقها حكومة رئيسي والتي تسببت حتى الآن بعرقلة مفاوضات الملف النووي، من بينها أن إيران تريد اعترافا دوليا بأنها دولة إقليمية لتتمكن من البقاء في الدول التي تسيطر عليها"، مشيرا إلى أن "الاتفاق النووي يكاد يكون قد انتهى".

ولم تتوصل إيران مع الدول الغربية إلى صيغة تعيد إحياء الاتفاق النووي عام 2015، حيث لا تزال هناك نقطتان خلافيتان بين واشنطن وطهران،  حيث تطالب الأخيرة برفع العقوبات عن الحرس الثوري، لكن الأولى ترفض سحبه من قائمة الإرهاب "في إطار هذه المفاوضات".

وكذلك تطالب طهران أيضا بضمانات في حال عاد الرئيس الأميركي جو بايدن عن تعهداته، فضلا عن إغلاق تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بخصوص قضية العثور على آثار لمواد نووية في مواقع إيرانية غير معلنة "بالكامل".