"ضرورة وجودية".. هذه أسباب دعم إستونيا لأوكرانيا في صد الغزو الروسي

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة إيطالية إلى أسباب إصرار إستونيا الكبير على مساعدة أوكرانيا في حربها ضد روسيا، رغم حجم البلد الصغير.

وأرجعت صحيفة "لينكياستا" ذلك إلى "نتيجة هواجس من ماض اتسم بالاستبداد والفساد والجريمة خلال فترة حكم الاتحاد السوفيتي".

وقالت إن تالين "حاولت منذ نهاية الحرب الباردة (1947-1991) الخروج من الديناميكيات الاجتماعية والسياسية التي ورثتها عن الاتحاد السوفيتي وتطلعت بشكل متزايد إلى الغرب".

مساهمة كبيرة

ورأت لينكياستا أن "إنجازات إستونيا اليوم وقصة ميلادها من جديد يمكن أن تصبح نقطة مرجعية بالنسبة لكييف".

وذكرت أن "إستونيا قدمت منذ بداية غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022 مساهمة كبيرة في الدفاع عن كييف".

وجزمت الصحيفة الإيطالية بالقول إنه "كان من المحتمل أن تكون المقاومة في وضع مختلف تماما اليوم دون مساعدة جار البلطيق الصغير، وربما لم تكن العاصمة كييف قد عادت للحياة الطبيعية كما تفعل الآن أو أنها قد تحولت إلى أنقاض".

وذكرت أن "تالين خصصت ما يقرب من 40 بالمئة من ميزانيتها العسكرية السنوية لأوكرانيا، وأكثر من 0.8 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، أكثر من أي دولة أخرى من حيث نصيب الفرد".  

كما زودت القوات الأوكرانية بمدافع "الهاوتزر" وناقلات الجند المدرعة والمركبات المقاومة للألغام، فضلا عن مئات من صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات.

ولفتت إلى أن "مساعدات دولة البلطيق لم تقتصر على الدعم المادي فحسب، وإنما شملت أيضا دعما معنويا".

وفي هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أن "سفير إستونيا لدى أوكرانيا، كايمو كوسك، كان أحد آخر الدبلوماسيين الذين غادروا كييف بعد الهجوم الروسي ومن بين الأوائل الذين عادوا بمجرد انسحاب موسكو من محيط المدينة".

كما قامت تالين بسك عملة معدنية من فئة 2 يورو مع نقش "سلافا أوكراني" أي "المجد لأوكرانيا".

وأوضحت الصحيفة الإيطالية أن "تالين أبدت عدم الاستعداد للتنازل عن أي شبر إلى روسيا، بينما بدأ بقية العالم تقريبا يعتقد بأنه ربما يجب على أوكرانيا أن تتنازل عن جزء من أراضيها للجلوس على طاولة المفاوضات مع الرئيس فلاديمير بوتين".

وبحسب "لينكياستا" فإن "ما حدث منذ 24 فبراير 2022 يُظهر أنه لا يمكن التعامل مع دولة ضخمة تتطلع إلى ماضيها وتحكمها شخصية مثل بوتين وفقا لقواعد الدبلوماسية العادية".

لذلك أكدت بأنه "يجب معارضة هجومها العسكري ومكافحته مهما بدا الأمر صعبا."

نقطة مرجعية

ونقلت الصحيفة عن الكاتب مايكل فايس قوله "منذ بداية الصراع، تمكنت أوكرانيا بفضل مساعدة الحلفاء أيضا من تحطيم بعض المعتقدات الخاطئة عن روسيا".

وأشار إلى أن أحدها كان "يعد الجيش الروسي عملاقا لا يمكن الوقوف أمامه، الأمر الذي كان سيجعل كل أشكال المقاومة عديمة الجدوى".

وأضاف فايس أن "الاعتقاد الآخر يجزم بأن الرد على العدوان لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع، إلا أنه إلى الآن لم تستسلم أوكرانيا رغم كل الصعوبات، ولا تسير الحرب تماما كما كان يأمل الكرملين".

ووصفت الصحيفة الإيطالية رد فعل أوروبا الغربية وأميركا الشمالية على الهجوم الروسي بـ"الهادئ والمتساهل"، بينما كانت إستونيا تشعر باستمرار بالقلق مما يحدث، لا سيما وأنه يشكل "ضرورة وجودية" بالنسبة إليها.

ورأت لينكياستا أن "هذا القلق كان مفيدا بالتأكيد في جعل دولة البلطيق أقرب مراقب لحرب بوتين في أوكرانيا."

كما أشارت إلى أنه "قبيل حصولها على الاستقلال عام 1991، كانت إستونيا غارقة في الجريمة المنظمة والفساد والمشاكل الناشئة عن جهاز الأمن العسكري".

وقالت لينكياستا إنها "فضلت دائما النظر إلى الغرب، وقد تم قبول عضويتها في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وهي اليوم دولة مختلفة تماما عما كان متوقعا قبل 30 عاما".

ولفتت إلى أنها "من بين أكثر الدول تقدما في مجال أمن المعلومات وشركات التكنولوجيا الناشئة".

 ونوهت كذلك بأنها "تملك واحدا من أدنى معدلات الفساد في العالم، كما أنها أحد أكثر البلدان التي تلتزم بالقانون، إذ تتمتع بثقافة راسخة في تطبيق القانون وفي أنشطة التجسس المضاد".

وذكرت الصحيفة أن إستونيا تقوم كل عام "بإلقاء القبض على جواسيس روس أو صينيين يحاولون اختراق قطاعات الجيش والشرطة والاستخبارات، وتقوم بملاحقتهم على عكس الدول الأوروبية الأخرى، التي تفضل التزام الصمت أو التقليل من مثل هذه الانتهاكات".

وتسنتج لينكياستا أن هذا "البلد الصغير المطل على بحر البلطيق يعد أفضل تجسيد لاستثمار ناجح للغرب وقصة نجاح وميلاد جديد لمن أراد الابتعاد عن خطورة موسكو".

وختمت الصحيفة مقالها بالتأكيد على أن "إستونيا تشكل اليوم نقطة مرجعية محتملة ونموذجا بالنسبة لأوكرانيا التي تكافح اليوم من أجل بقائها، ولكن يمكن لكييف أن يكون لها تطور سلمي وإيجابي وهادئ مثل تطور إستونيا في المستقبل غير البعيد".