جعفر الصدر.. سفير العراق في لندن المرشح لرئاسة الحكومة والرافض لتجربة إيران

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

مع قرب تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، يطرح اسم سفير العراق لدى المملكة المتحدة جعفر الصدر مرشحا متفقا عليه من أبرز القوى السياسية الشيعية لشغل منصب رئيس الوزراء خلفا للحالي مصطفى الكاظمي الذي تولى القيادة منذ مايو/ أيار 2020.

وكانت مهمة الكاظمي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة والتي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، استجابة للاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق عام 2019 وأطاحت بالحكومة التي كان يرأسها عادل عبد المهدي، وذلك بعد مقتل نحو 800 من المتظاهرين.

شخصية توافقية

في 10 مارس/آذار 2022، تحدثت تسريبات نشرتها مواقع عراقية عن تفاصيل اتصال أجراه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مع غريمه السياسي رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقد، جرى خلاله طرح اسم جعفر الصدر لشغل منصب رئيس الوزراء.

وأكد علي الفتلاوي القيادي في قوى "الإطار التنسيقي" الذي يعد ائتلاف دولة القانون أكبر مكوناته، طرح اسم جعفر الصدر رسميا كمرشح لرئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف الفتلاوي في 12 مارس 2022، أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر طرح بشكل رسمي اسم جعفر الصدر كمرشح لرئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، ونحن في الإطار التنسيقي ليس لدينا أي اعتراض حول هذا الترشيح، لكن نحن لدينا أيضا مرشحون لهذا المنصب".

وفي السياق ذاته، كشف السياسي العراقي، المقرب من قوى الإطار التنسيقي، عزت الشابندر، خلال تغريدة على "تويتر" في 11 مارس 2022، عن أنه "انتهى اجتماع الإطار إلى الترحيب بمبادرة الصدر وتأكيد عدم ممانعته لترشيح جعفر الصدر لرئاسة الحكومة".

وأضاف الشابندر، أن "الإطار التنسيقي بحث أيضا القاعدة التي يجب أن تعتمد للترشيح. التوافق أم الاتفاق بين التيار والإطار؟ هما كتلة واحدة أم كتلتان؟! فلكل خياره ومساره".

من جهته، قال النائب بالبرلمان العراقي، مشعان الجبوري، عبر "تويتر" في 11 مارس، إنه "بعد اتصال مقتدى الصدر بنوري المالكي وما تسرب عن اجتماع قادة الإطار التنسيقي، فقد أصبح من شبه المؤكد أن السيد جعفر الصدر سفير العراق في لندن هو رئيس الوزراء القادم".

نجل مرجع

محمد جعفر الصدر ولد عام 1970 في مدينة النجف، وهو نجل المرجع الديني الشيعي ومؤسس حزب الدعوة الإسلامية في العراق محمد باقر الصدر، الذي أعدمته الحكومة العراقية في عهد الرئيس الراحل صدام حسين عام 1980.

والدته لبنانية الأصل وتحمل الجنسية الإيرانية كونها مولودة في إيران، فهي شقيقة رجل الدين اللبناني المختفي موسى الصدر، وكذلك ابنة عم الزعيم مقتدى الصدر، وأن الأخير زوج شقيقته. كما أن جعفر متزوج ولديه أربع بنات وولدان.

درس القانون لسنة واحدة في جامعة بغداد عام 1994، لكنه لم يكمل ذلك والتحق بالحوزة الدينية في النجف، وغادر سرا العراق إلى مدينة قم الإيرانية عام 1998 ليكمل دراسة الفقه، وبعد عام 2003 عاش في لبنان وحصل على الماجستير في علم الاجتماع من الجامعة اللبنانية عام 2018.

يقول جعفر الصدر في حوار مع موقع "كتابات" العراقي عام 2018: "درست المقدمات وقسما من مرحلة السطوح، وكانت المقدمات هي العربية والمنطق والبلاغة وغيرها، ودرست أيضا أصول المظفر والشرائع واللمعة وقسم منها درسته في النجف والقسم الآخر في إيران".

وأضاف: "كان من أساتذتي حسين الصافي، وعلي الإبراهيمي، عمار الخزاعي، محمد اليعقوبي، وعلي سميسم، ودرست بعض المواد عند السيد مقتدى الصدر".

عمل في عام 2009 مستشارا في رئاسة الجمهورية العراقية، وفاز بعضوية البرلمان العراقي لأول مرة عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي عام 2010، لكنه قدم استقالته بعد عام واحد، احتجاجا على تردي الخدمات وعدم استطاعة الحكومة تقديم أي شيء للشعب.

طرح اسمه في أكثر من مرة منذ عام 2010 ليكون رئيسا للوزراء لكن البرلمان عينه في أبريل/نيسان 2019 سفيرا للعراق في لندن. وباشر مهامه بعد أربعة أشهر من ذلك التاريخ.

الفكر السياسي

في مقابلة أجراها جعفر الصدر مع صحيفة "إيلاف" السعودية في 19 يونيو/حزيران 2010، يقول: "حسب قناعتي وتجربتي الشخصية ودراساتي الدينية أيضا، لا أؤمن بأطروحة الإسلام السياسي كما تطرح من بعض المنظرين لذلك، كفكر الإخوان (المسلمين) وحكومة طالبان وإلى حد ما التجربة الإيرانية، وهي تتناول الموضوع من خلال الإطار الفقهي الشكلي".

وأضاف: "أؤمن أن الدين الذي هو موجه أساسي ومكون أصيل في ثقافتنا قد عالج المسائل المجتمعية المختلفة مراعيا روح التغيير والتطور، ولذا لم يقدم صيغا شكلية محددة يمكن أن تصاب بالجمود والابتعاد عن سياق التطور والتغير الطبيعي".

بل إن "مقاربة الدين وخاصة الإسلام كانت في إطار المبادئ والقيم والمعاني السامية التي تؤكد ضرورة وجودها في هذه المجالات سواء كان الأمر يتعلق بتنظيم الأسرة أو الدولة أو عمل المؤسسات الاقتصادية أو غيرها"، وفق قوله.

وبشأن السنوات التي قضاها في إيران، يقول جعفر الصدر: "تجربة العيش هناك كانت عاملا مساعدا للتحرر من عدد من التصورات والأفكار التي كانت أقرب منها للأيديولوجية من التصور الموضوعي لحركة المجتمع وتناقضاته".

وتابع: "أعارض كل سياسي يدعي بأنه يستمد شرعية حكمه من الله أو أنه يحكم بأمر منه، إنما يستمد شرعيته من الشعب".

وأشار إلى أن "مصطلح العلمانية يواجه في مجتمعاتنا مأزقا ومشاكل تاريخية وتراثية بل وحتى نفسية ثقيلة. لذلك أفضل في خطابي أن استخدم مصطلح المدني أو الدولة المدنية وهي الصيغة الأقرب إلى النموذج البريطاني والألماني في التعاطي بين الدولة والمعتقد".

وبخصوص قانون اجتثاث حزب البعث الذي حرم آلاف العراقيين من وظائفهم، يقول الصدر: "أعتقد أن أي إقصاء لأي مكون أو عنوان أو فكرة أو جماعة بقول مطلق هو أمر غير قانوني ويخالف الديمقراطية".

وواصل: "يجب حل هذه المسألة من خلال القضاء، كونها المؤسسة الدستورية المخولة في محاسبة المجرمين أو المذنبين ومحاكمتهم إن ثبت ذلك. أما أن توضع وتفعل هيئة مسيسة للقيام بهذا الدور الإقصائي فهو أمر غير صحيح".

وعن المقاومة التي اندلعت في العراق لإخراج الاحتلال الأميركي بعد عام 2003، يقول جعفر الصدر: "هذا حق طبيعي لكل شعب يرفض الوجود الأجنبي على أرضه ومكفول دوليا وقانونيا وأيضا شرعيا".

أما طريقة رفض هذا الوجود، ولحظة اتخاذ قرار المقاومة فيجب أن تدرس من جميع جوانبها. ولهذا يجب أن يكون خيار المقاومة العسكرية هو الحل الأخير، وفق قوله.

ويعتقد في هذا السياق أن "الخيار العسكري المباشر لم يكن موفقا لأن الظروف لم تكن مهيأة".