"لعبة القط والفأر".. ما موقف واشنطن من تعميق العلاقات بين إيران والإمارات؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "مودرن ديبلوماسي" الأوروبية أن الامتثال للعقوبات الأميركية ضد إيران من عدمه قد يظهر "كاختبار حاسم" من خلال علاقات دولة الإمارات الوثيقة مع الولايات المتحدة.

فعلى الحافة الحادة من الخلاف المحتمل بين الحلفاء، ورد أن اتفاقية أبرمت (بداية ديسمبر/كانون الأول 2021) من قبل شركة إماراتية خاصة لبناء محطات طاقة شمسية وريحية تعمل بالغاز بطاقة إجمالية تبلغ 300 ميغاوات في مقاطعة خوزستان الإيرانية الغنية بالنفط والغاز.

وتأسست الشركة الإماراتية AJ Holding التي أبرمت العقد في عام 2020. ولم تتمكن الصحيفة من الوصول إلى هذه الشركة التي تتخذ من دبي والفجيرة مقرا لها، للتعليق على الصفقة. 

ويدعي موقع الشركة، دون مزيد من التفاصيل، أن محفظتها تشمل حوالي 600 ميغاوات من مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية في أوروبا الشرقية ودول البلطيق والشرق الأقصى.

تعاون وثيق

وبدا من خلال صورة منسوبة إلى وكالة أنباء الطاقة الإيرانية "بارغ نيوز" أن الرئيس التنفيذي الدنماركي للشركة الإماراتية ألان جيسبرسن، يتبادل الوثائق مع مسؤول إيراني.

وجرى التوقيع على الاتفاق في الوقت الذي حذرت فيه الولايات المتحدة من أنها ستشدد إنفاذ العقوبات إذا فشلت المحادثات المتعددة الأطراف في فيينا الهادفة إلى إحياء الاتفاقية الدولية لعام 2015 التي حدت من البرنامج النووي الإيراني.

ومن المنتظر أن يجري وفد أميركي خلال ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى الإمارات، الشريك التجاري الرئيسي لإيران في المنطقة، لتحذير البنوك وشركات البتروكيماويات وغيرها من أن السلطات الأميركية لديها أدلة على عدم امتثالها للعقوبات وأنه بإمكانها معاقبتها. 

ومع انعقاد محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووي، أكد أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات خليفة بن زايد أنه لا "يرى المزيد من العقوبات كحل".

في الوقت نفسه، وصف قرقاش الولايات المتحدة بأنها "الحليف الإستراتيجي الأول لدولة الإمارات".

وأعربت الولايات المتحدة عن دعمها للتواصل الدبلوماسي الإماراتي مع إيران الذي بدأ في يوليو/تموز 2019 بعد فشل الولايات المتحدة في الرد على الهجمات على السفن النفطية قبالة سواحل الإمارات، والتي يعتقد أن الجمهورية الإسلامية مسؤولة عنها.

وقالت نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون إيران والعراق جينيفر جافيتو "نرحب بأي محادثات مباشرة تؤدي إلى مزيد من السلام والاستقرار في المنطقة".

وفي أعلى مستوى اتصال منذ عقد، التقى طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي الإماراتي وشقيق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في طهران بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال ديسمبر/كانون الأول.

ونقلت الصحيفة، قول الباحث الإيراني علي ألفونه خلال ندوة عبر الإنترنت أخيرا كانت جزءا من المنتدى الأمني ​​الإماراتي الذي يستضيفه معهد دول الخليج العربية بواشنطن (AGSIW): "أتوقع أن تقدم إيران مطالب يصعب على الإمارات استيعابها".

وأضاف ألفونه: "سيطلبون استخدام المؤسسات المالية الإماراتية للتجارة مع العالم".

وأشار إلى المخاوف من أن إيران يمكن أن تستهدف الإمارات والسعودية في مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل و/أو الولايات المتحدة في حالة انهيار محادثات فيينا النووية.

وتضخمت مخاوف الإمارات بعد إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في العام 2020 أدانتها إيران، وفق الصحيفة.

وتتفاوض واشنطن وأبوظبي على التفاصيل النهائية بشأن صفقة بيع طائرات إف - 35 المقاتلة بقيمة 23 مليار دولار أميركي والتي من شأنها أن تجعل الإمارات الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل التي تحصل على الطائرات الحربية الأميركية الأكثر تقدما. 

في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول 2021، وافقت الإمارات خلال زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على صفقة بقيمة 20 مليار دولار لشراء 80 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز رافال.

المستقبل مع الخليج

وبدوره، تطرق الباحث في الشأن الخليجي كريستيان كوتس أولريشسن إلى الهجمات على السفن في الإمارات والسعودية والتي يعتقد أن إيران مسؤولة عنها.

وأردف: "يدرك المسؤولون في أبو ظبي ودبي، تماما الضرر الذي قد يلحق بعلامتهم التجارية كمراكز مستقرة (نسبيا) في منطقة غير آمنة إذا استمر نمط الهجمات التي شوهدت في عام 2019 أو تصاعدت".

وأضاف "تواصل الإمارات مع إيران يرقى إلى رهان مشكوك فيه بشأن احتمالات الانفراج كما يتوقع أن تدفع الاضطرابات الاجتماعية المستمرة مدفوعة بالصعوبات الاقتصادية، الحكومة في طهران إلى تعديل سياساتها". 

وقال رئيس مركز أبحاث السياسة العامة في دبي محمد بارون، خلال المنتدى الأمني ​​لدولة الإمارات "ما نأمله هو اعتدال النظام، وأن نتعامل مع إيران كدولة بشكل ناجح حيث يمكنهم أيضا الاستفادة من هذه العلاقة".

وأعرب قرقاش في تصريحاته للمنتدى الأمني ​​عن أمله في أن تستجيب إيران لـ "البيئة الجديدة" التي تحاول الإمارات والسعودية خلقها. 

وأشار إلى أن إيران يمكن أن تعرب عن اهتمامها من خلال المساعدة في تحقيق وقف إطلاق النار في الحرب المنهكة التي استمرت سبع سنوات في اليمن.

ويتمثل الرهان الإماراتي في حاجة إيران إلى رفع العقوبات "من أجل البقاء في القرن الحادي والعشرين"، بحسب ما تقول الصحيفة.

وبالمثل، يفترض الرهان كذلك أن أصوات الأقلية الإيرانية التي تجادل بأن العلاقات المحسنة مع دول الخليج تتطلب حلا للمسألة النووية ورفع العقوبات الأميركية سيكون له صدى لدى صانعي السياسة في طهران.

وحذر رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية مجيد رضا الحريري، مؤخرا من أن إيران في وضع غير موات تجاريا طالما كانت العقوبات سارية.

وأكد "وضعنا يضعف يوميا لأننا عندما نغيب عن ساحة التجارة الدولية للطاقة، يأخذ منافسونا في المنطقة الجنوبية من الخليج العربي مكاننا ويبيعون المزيد من النفط إلى الصين". 

وأشار إسفنديار باتمانجليج وهو زميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن الواردات الإيرانية من الإمارات، من المتوقع أن تبلغ 12 مليار دولار في 2021/2022.

كما ستتجاوز مستويات ما قبل 2018، بحلول مارس/آذار 2022، نهاية السنة التقويمية الإيرانية. وتعد الإمارات العربية المتحدة مركزا رئيسا لإعادة التصدير إلى إيران. 

وأشار باتمانجليج إلى أن زيادة القوة الشرائية لإيران في الإمارات تعززت بمبيعات النفط إلى الصين في انتهاك للعقوبات الأميركية التي توسطت فيها أبوظبي وماليزيا.

وإذا جرى تأكيد صفقة الطاقة مع AJ Holding، فسوف تمنح إيران، على الأقل، نصرا رمزيا، وهو عقد مع شركة من دولة متحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة من شأنها أن تلغي العقوبات الأميركية.

ومن غير المرجح أن تتجاهل الإمارات هذه العقوبات بشكل صارخ، وفق تقدير الصحيفة.

والأرجح أن العقد هو مؤشر إضافي لإيران على ما يمكن أن يكون ممكنا إذا أدت دورها لرفع العقوبات الأميركية.

وتقول الصحيفة: "هي رسالة لطالما كانت طهران على علم بها لكنها رفضت حتى الآن الالتفات إليها".

لذا فإن السؤال هو ما إذا كان أي شيء قد تغير من منظور إيران؟ لكن لا يوجد ما يشير إلى ذلك حتى الآن.