موقع إيطالي: غياب روسيا وتركيا عن مؤتمر باريس بشأن ليبيا يشكك في جديته

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

يرى موقع إيطالي أن الطريق نحو الانتخابات في ليبيا، المقرر إجراؤها نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، "تزداد صعوبة" رغم محاولات فرنسا وألمانيا وإيطاليا دعمها.

وقال موقع "إيل سوسيداريو" إن المؤتمرات الدولية الرامية إلى دعم إجراء هذه الانتخابات تتواصل، ولكن نظرا للوضع المنقسم في البلاد، من غير المؤكد على الإطلاق إمكانية إجرائها".

وأكد أن "لهذا السبب احتضنت العاصمة باريس في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 مؤتمرا جديدا بشأن ليبيا، برئاسة مشتركة بين فرنسا وألمانيا وإيطاليا؛ بهدف دعم مسار تحقيق الوحدة والديمقراطية". 

وبينما حضر العديد من الفاعلين الدوليين من دول الجوار، تونس والنيجر وتشاد، وأيضا نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، وعدة دول عربية، غابت في المقابل كل من روسيا وتركيا.

مواقع إستراتيجية

وفي تعليقها على ذلك، أوضحت أستاذة التاريخ المعاصر بجامعة "ماشيراتا" الإيطالية، والخبيرة في الشأن الليبي، ميكالا ميركوري، في مقابلة مع الموقع أن "هاتين القوتين تعدان الوحيدتين اللتين ما زالتا تحتفظان بقوات داخل ليبيا".

وأضافت أن "لكليهما، ولكن ربما يكون لروسيا أكثر، مصلحة في بقاء الوضع الراهن في ليبيا على حاله، وتفويت فرصة الانتخابات؛ وذلك للحفاظ على المزايا المكتسبة في السنوات الأخيرة".

وأبرزت ميركوري أن "هذه المكاسب تعني بالنسبة لموسكو اكتساب منفذ آمن في البحر الأبيض المتوسط، ​​ولتركيا مكاسب اقتصادية".

واختتم المؤتمر أعماله بوثيقة تحدد شروطا محددة خاصة التهديد "بفرض عقوبات الأمم المتحدة لمن يحاول القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوض نتائج الانتخابات المقبلة".

وعن القوى التي قصدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح المؤتمر بالقول إنها تحاول الانحراف بالمسار الليبي، أجابت الباحثة الإيطالية أن "هناك قوى لن تستفيد من فرضية استقرار يعقب المسار الانتخابي، مثل العديد من المليشيات التي ستفقد دورها المهيمن". 

وأفادت بأن "ماكرون ربما كان يشير إلى جهات خارجية مثل تركيا وروسيا، التي تريد البقاء في البلاد، وبالتالي بالنظر إلى أن أحد الشروط المسبقة الأساسية لإجراء الانتخابات خروج المرتزقة، من الواضح أن لديها مصلحة في الحفاظ على الوضع الراهن".

وفي سؤال الموقع عن معنى عدم مشاركة الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في مؤتمر باريس، اعتبرت الأكاديمية الإيطالية أن "غيابهما وقبله عدم حضورهما في مؤتمر ليبيا للاستقرار في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، يدل أن لهما مصلحة كبيرة في بقاء الوضع الراهن على حاله، والذي يمكن بدلا من ذلك معالجته في حال أقيمت الانتخابات".

وعن السبب، قالت ميركوري إن "تركيا قد تفقد إمكانية امتلاك قواعد ومواقع إستراتيجية في الغرب الليبي، وكذلك القيام بصفقات تجارية مستقبلا من خلال التحكم في تدفقات الهجرة".

بينما لروسيا "مصالح أكثر من ذلك، خصوصا وأن دعمها العسكري لـ(الجنرال الانقلابي خليفة) حفتر لم يكن بهدف السيطرة على البلاد فحسب، وإنما لضمان تموضع في البحر الأبيض المتوسط، لذلك الوضع الحالي يعد ملائما أكثر للروس منه للأتراك"، وفق رأيها.

مكامن الخطر

وعما إذا كان قرار إيقاف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل ثم مطالبة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بعودتها إلى منصبها، "مثالا صارخا" على الانقسام في البلاد، أجابت ميركوري أن "هناك انقساما واضحا بين الشرق والغرب، يتجلى أيضا في هذه المرحلة الانتخابية".

وبينت بالقول" "من ناحية، لدينا طرابلس، المنطقة الغربية الأكثر اكتظاظا بالسكان، والتي ينطلق مرشحها بحظوظ كبيرة للفوز بفضل العامل الديموغرافي". 

وتابعت: "من ناحية أخرى، لدينا شرق تخلى فيه حفتر عن زيه العسكري للترشح للانتخابات ويبحث عن دعم جهات خارجية، مثل إسرائيل". 

واستنتجت ميركوري أن "هناك العديد من الفصائل الداخلية، وقد تكون الانقسامات واحدة من أكبر المسائل الحاسمة حتى بعد صدور نتائج الانتخابات".

وعما إذا كانت دعوة رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، السكان إلى مقاطعة الانتخابات في ضوء ترشح "مجرمين"، مثل حفتر، تعد احتمالا آخر لفشل الانتخابات، شرحت الباحثة الإيطالية أن "المشري  يعتبر من شخصيات الغرب الليبي المقربة إلى تركيا، وبالتالي إلى جماعة الإخوان المسلمين". 

"لذلك يفضل ألا تكون هناك انتخابات على أن يفوز العدو اللدود حفتر"، وفق قولها.

وعن مدى تأثير الأزمة الدبلوماسية الحالية بين فرنسا والجزائر، مما دفع الأخيرة إلى مقاطعة المؤتمر، أكدت ميركوري أن الجزائر "جارة لليبيا، لذلك حضورها وتوسطها أساسيان". 

واعتبرت أن "الخطر الآن يكمن في أن تتسبب هذه التوترات في ابتعاد الجزائر أيضا من الحوارات المستقبلية المحتملة حول استقرار ليبيا". 

وبخصوص وحدة فعلية بين إيطاليا وفرنسا وألمانيا بعد تنظيمها المشترك للمؤتمر بشأن المسألة الليبية، ترى الجامعية الإيطالية أنه "في الوقت الحالي يعطي هذا التحالف الانطباع بوجود قاسم مشترك أدنى، أي خلق أكبر قدر ممكن من التكتل لوقف الطموحات التركية والروسية".

وادعت ميركوري أنه "لم يكن لإيطاليا وفرنسا أبدا مصالح مشتركة في ليبيا، والهدف في هذه اللحظة الوحدة لمحاولة معارضة البلدين الموجودين في البلاد".

خطة جديدة

واعتبرت في جوابها عن سؤال موقع "إيل سوسيداريو" عن القيمة الحقيقية لقمة رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، والرئيس الفرنسي وكيفية تلاؤم ملف ليبيا مع إطار "معاهدة كويرينال" الغامضة، أن "المسألة الليبية جزء من إستراتيجية تهدف إلى احتواء القوى الدولية الأخرى". 

وأوضحت أن "محور هذه الإستراتيجية الساحل الإفريقي، حيث تشكو فرنسا ضعفا وتحتاج إلى إيطاليا"، معتبرة أن التعاون هناك مهم لبلدها "طالما لا يقع استغلالها من قبل الفرنسيين".

وذكرت ميركوري أن "المعاهدة تهدف إلى إنشاء قيادة أوروبية مشتركة أقوى وبإمكانها أن تؤثر في سياقات لا تقتصر على الملف الليبي، عندما يمكن تحقيق مشروع حقيقي للدفاع الأوروبي المشترك والهجرة بخطة لجوء جديدة".

وترى أن النقطة الأولى من البيان الختامي لـ"مؤتمر باريس" المتعلقة بفرض الأمم المتحدة عقوبات على "كل من يحاول إعاقة العملية الانتخابية والانتقال السياسي"، أن تطبيقها على الواقع الليبي قد يصطدم بمشاكل وصعوبات. 

واستدلت بالقول إنه "غالبا ما طبق الاتحاد الأوروبي أو هدد بمسألة العقوبات في كثير من الحالات، لكن ذلك لم يسفر عن أي نتائج أبدا على غرار عقوبات الأمم المتحدة بفرض حظر على توريد أسلحة إلى ليبيا".

فيما دعت النقطة الثانية إلى انسحاب المليشيات الأجنبية الموجودة في ليبيا، علقت ميركوري في سؤال عن إمكانية تنفيذ ذلك بأنه "منذ أكثر من عام كان هناك حديث عن انسحاب القوات الأجنبية وهذا لم يحدث أبدا". 

واعتبرت في هذا الصدد "غياب روسيا وتركيا عن لقاءات مؤتمر باريس، يجعلنا نفهم أنه لا تزال هناك شكوك جدية في إمكانية تنفيذ ذلك الآن".

وأفادت الباحثة الإيطالية في قراءتها للنقطة الثالثة التي نصت على تعهد الفصائل الليبية بقبول نتائج التصويت، بأنه "كان يجب أن يكون جميع ممثلي أهم الفصائل حاضرين، لا يسعنا إلا البناء على ما سبق ونعلم أن الانتخابات في ليبيا لم تصمد أبدا وأدت فقط إلى تصعيد العنف".

وختمت ميركوري حديثها بالقول: "لقد قيل الكثير خاصة من أطراف ليست رئيسة في الأزمة الليبية، لا على المستوى الداخلي ولا الدولي، لهذا يكمن الخطر أن يبقى هذا البيان مجرد إعلان عن النوايا الحسنة، يصعب تطبيقه في واقع تسود فيه الفوضى والانقسامات وتأثير القوى الأجنبية".