تحسين سمعة وكسر للعزلة.. هذه أسباب لقاء ماكرون وابن سلمان في السعودية

12

طباعة

مشاركة

منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020، يعيش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أزمة سياسة واقتصادية على خلفية إساءته للإسلام ودفاعه عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبح "منبوذا دوليا" وخرجت حملات شعبية لمقاطعة بلاده.

وسبقه بعامين، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أثبتت التقارير الاستخباراتية الأميركية تورطه في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وحظي على إثرها بانتقاد دولي ما زال يعيش على وقعه حتى الآن.

وتحديا للظروف التي يعيشها الطرفان، استقبل ابن سلمان، الرئيس الفرنسي، في 4 ديسمبر/كانون الأول 2021، خلال زيارة للأخير إلى المملكة، أسفرت عن توقيع اتفاقيات تجارية عدة بين باريس والرياض، بالإضافة إلى حلحلة الأزمة السعودية مع لبنان.

الزيارة حظيت بانتقاد واسع من ناشطين على تويتر، واعتبروها مسعى فرنسيا لتحسين صورة الرياض وسمعتها المشوهة بسبب سجلها في حقوق الإنسان، وحرب اليمن التي تخوضها منذ مارس/آذار 2015 والتي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية هناك.

الناشطون استنكروا عبر مشاركتهم في وسم #ماكرون_في_جدة، استقبال ابن سلمان لماكرون ومحاولة إنقاذ اقتصاده المتهالك، على إثر حملات المقاطعة الاقتصادية التي شنتها دول وشعوب نصرة للنبي محمد ﷺ، ورفضا للإساءة له.

وأشاروا إلى أن السعودية تبحث عمن يجدد الاعتراف بولي العهد قائدا للبلاد، ويقلب صفحة اغتيال خاشقجي، والفرنسيون يعرفون ذلك، ويبحثون أيضا عمن ينقذ اقتصادهم بصفقات تجارية وعسكرية ضخمة، خاصة أن السعودية أحد المستوردين للأسلحة الفرنسية.

وسخر ناشطون مما أسفرت عنه الزيارة من مهاتفة ولي العهد السعودي لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لأول مرة منذ أزمة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، والتي قالت الرياض على إثرها إن إيران وحزب الله أحد أسباب مقاطعتها للبنان.

معاداة الإسلام

الناشطون انتقدوا لقاء ابن سلمان وماكرون، وتحدثوا عن أوجه الشبه بينهما وإساءتهما للإسلام والمسلمين، مذكرين ببعض المعتقلين في سجون النظام السعودي على خلفية مناصرتهم للرسول، في الوقت الذي يستقبل فيه النظام السعودي المسيئين له.

رئيس مجلس إدارة منظمة "سند" الحقوقية، قال إن "ماكرون في جدة ويجتمع بشبيهه في العداوة لنبينا ﷺ، ووجه الشبه هو أن ماكرون يرى أن الصور المسيئة للنبي حرية رأي، ويرى أن الصور الناقدة له جريمة".

الناشطة الحقوقية، حصة الماضي، رأت أنه "عار على بلاد الحرمين أن يكون الشيخ خالد الراشد المدافع عن نبينا ﷺ في السجن لأكثر من 15 من السنين العجاف، وعدو الله الداعم لسب النبي الكريم ينجس الأرض الطاهرة ويستقبل من قبل المحارب للإسلام محمد بن سلمان بحفاوة". الإعلامي عدنان حميدان، قال إن "من نكد الدنيا على أمتنا أن يكون التواصل الرسمي بين السعودية ولبنان على يد أكثر الأشخاص معاداة للإسلام وهو الرئيس الفرنسي ماكرون". ورأى الناشط عبدالجبار عوض الجريري، أن "ماكرون الذي نال من الرسول صلى الله عليه وسلم ونال من الإسلام جاء ليدنس بلاد الحرمين الشريفين على بعد خطوات من قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم!"، داعيا: "اللهم عجل بهلاك كل من أيد ماكرون أو صافحه أو أظهر له الاحترام والتقدير".

احتيال ماكرون

وصب ناشطون غضبهم على ماكرون، مؤكدين أن زيارته للمنطقة تهدف لـ"حلب" البلاد الخليجية من أجل تعويض خسائر بلاده وإنقاذ نفسه ودولته من جيوب الدول الأخرى.

الكاتب والباحث العسكري، علي حامي، أوضح أن "زيارة ماكرون لدول الخليج كانت بناء على وعد أميركي بالتعويض عن صفقة الغواصات التي ألغيت بين فرنسا وأستراليا، والتعويض من جيوب العرب".

وتساءل: "ألم يحن الوقت ليفهم العرب أنهم فعلا بقرة حلوب للغرب معرضة للذبح والابتزاز الدائم؟ ثم يمنحون العرب زيف الشعور بالأهمية لفرض شروط ذل التسول على لبنان".

الكاتب والباحث مصطفى سالم، رأى أن "زيارة ماكرون للمنطقة العربية، كتاجر سلاح، وكمحتال لإنقاذ دولة الفاسدين والمليشيات  في لبنان، بأموال من تعاديهم إيران". 

وأكد أن "الزيارة لا تتعارض مع سياسة واشنطن التي تضعف الدول المعارضة لطهران، والسعودية تعرف أن ميقاتي يكذب وعاجز عن فك تبعية حزب الله بإيران، لكن ستتجاوب معه".

فيما قالت الصحفية مريم محمد: "لو سمع أهل الخليج ما يقال عنهم من أوصاف سلبية في إعلام فرنسا لما فرحوا بزيارة ماكرون وصفقات التسلح التي أبرمها مع زعمائهم، الفرنسيون يمقتون كل ما هو عربي إسلامي وقياداتهم ليست استثناء، ماكرون يبحث عما يدعم اقتصاد بلاده ويعوض خسارته لصفقة الغواصات، ليضمن الفوز بانتخابات أبريل/نيسان 2022".

هيمنة إيران

وسخر ناشطون من اتصال ولي العهد السعودي بميقاتي رغم أن الأسباب التي أعلنتها السعودية لمقاطعة لبنان المتمثلة في سيطرة حزب الله، ودور إيران، "ما زالت قائمة".

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021 قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في تصريحات لقناة "العربية": "هيمنة حزب الله تجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى، وسيطرة الحزب على النظام السياسي في لبنان تقلقنا، ليست هناك أزمة مع لبنان، بل الأزمة بسبب هيمنة إيران".

الإعلامية غادة عويس نشرت صورة من خبر فحوى المحادثة بين ابن سلمان وميقاتي، وإعلان اتفاق الدول الثلاثة "السعودية وفرنسا ولبنان" على العمل المشترك لدعم الإصلاحات الضرورية للبنان.

وتساءلت: "هل تملك الحكومة اللبنانية الالتزام باتخاذ ما يعزز العلاقات مع السعودية في ظل نفوذ حزب الله؟ وهل هي قادرة على إجراء إصلاحات في ظل منظومة فساد لم تتفكك؟".

من جانبه، أشار الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب إلى مبررات النظام السعودي لمقاطعة لبنان، بأنها ليست بتصريحات قرداحي فقط، وإنما السبب الحقيقي هو نفوذ إيران وسيطرة حزب الله، متسائلا: "هل أنهت إيران نفوذها في لبنان وسلم حزب الله سلاحه؟؟".

كسر العزلة

وبرز حديث الناشطين عن تهميش ولي العهد السعودي من الدول الغربية منذ اغتياله الصحفي خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وبحثه عن لقاءات بمسؤولي دول أخرى "بحثا عن الشرعية وكسر عزلته السياسية دوليا".

الناشط الحقوقي أسامة رشدي، كتب: "عقدة الخواجه! ويا ترى هل سألهم الزعيم مسيو ماكرون في إطار مبادراته: أين جثة خاشقجي؟ أم أن رفع الضغط عن لبنان والتوقف عن ابتزازه سيكون في مقابل كسر الحصار على ولي العهد الذي يشعر بالعزلة بعد رفض زعماء استقباله أو الاتصال به بسبب فضائح الانتهاكات والاعتقالات؟!".

وأكد المتخصص بالعلوم الجنائية وحقوق الإنسان، عمر نشابة، أن "التزاما بالقواعد المهنية والأخلاقية للإعلام والصحافة يفترض أن تشير وسائل الإعلام إلى أن ماكرون هو أول رئيس غربي يزور ابن سلمان منذ تصفية خاشقجي، وهو ما لم تفعله"، قائلا: "هذا عالم يباع فيه الدم والشرف والعدل والكرامة مقابل المال والبترول". ونشر المغرد محمد يامي صورة للرئيس الفرنسي يهمس في أذن ولي العهد السعودي، وعقب عليها ساخرا: "ماكرون: أين جمال خاشقجي؟".

وكتب المغرد راشد: "لتفهموا حجم الانحطاط والأزمة، أول زعيم دولة غربية يلتقي مع ابن سلمان منذ مقتل خاشقجي كان الرئيس الفرنسي ماكرون".