صحيفة إيطالية ترصد توسع تجارة الآثار العراقية المنهوبة على الإنترنت

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة إيطالية إلى عوامل ازدهار السوق السوداء للقطع الأثرية العراقية المسروقة، منذ تفشي جائحة كورونا، عن طريق عرضها للبيع عبر منصات الإنترنت خاصة في الخليج وأوروبا.

وقالت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" إن "نهب متحف بغداد عام 2003، كان حلقة من حلقات تعرض القطع التاريخية داخل المواقع الأثرية العراقية إلى النهب والسرقة". 

وأضافت: "نتيجة لتداعيات تفشي جائحة كورونا، انتقل السوق غير المشروع للآثار العراقية، الذي يُدرّ أرباحا كبيرة بالكامل تقريبا إلى المنصات الإلكترونية".

نهب المتحف

وأوضحت الصحيفة الإيطالية، أنه "في ربيع عام 2003، أثناء غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للعراق، تعرض متحف بغداد للنهب بشكل متكرر، ما أدى إلى فقدان العديد من الأشياء الثمينة، على غرار قطع أثرية تعود إلى الحضارات السومرية والآشورية والبابلية".

وفي مقالته لصحيفة "الغارديان"، في أبريل/نيسان 2003، شرح الصحفي جوناثان ستيل، كيف رفض الجيش الأميركي المتمركز في بغداد آنذاك، المطالبات المحلية الهادفة إلى حماية الآثار المحفوظة في المتحف، ما تركها عرضة لعمليات النهب وفي مرمى العصابات المحلية.

ورغم عدم تعرض المتحف للقصف، إلا أن حوالي 80 بالمئة من القطع الأثرية المحفوظة في ذلك الوقت "سُرقت أو دمرت". 

وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه السرقات لم ترتكب من قبل محترفين، وإنما من قبل أشخاص عاديين استغلوا الوضع الفوضوي". 

ولفتت إلى أنه "بموجب قانون التراث الدولي، خضع أمن بغداد، بعد تعرضها للغزو، لمسؤولية قوات الاحتلال، لكن الولايات المتحدة أنكرت أي تورط لها فيما وقع للمتحف من نهب، الذي كان له صدى معين رغم أنه لم يمثل حدثا منفردا ومعزولا".

وفي هذا الصدد، يذكر أنه في أعقاب حرب الخليج الأولى عام 1990 وما تبعها من عقوبات فُرضت على العراق، تسببت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الشديدة في زيادة أعمال النهب داخل المواقع الأثرية. 

من جهته، أطلق المجتمع الدولي نداءات عدة إلى الدول المجاورة للتصدي لعمليات تهريب الأعمال الفنية والقطع الأثرية.

وعلى إثر نهب متحف بغداد، أصدرت الأمم المتحدة، قرارا عام 2003، يدعو إلى حماية التراث التاريخي والأثري والثقافي للعراق. 

كما طُلب إعادة القطع الأثرية المأخوذة بطريقة غير مشروعةـ من المواقع التاريخية والثقافية العراقية، مع فرض حظر على المتاجرة أو نقل هذه القطع التي تم إدراجها لاحقا في القائمة الحمراء.

قرارات للمجابهة

وأوضحت الصحيفة أن "المواقع الأثرية يمكن أن تتحول في سيناريوهات الفوضى والصراع، إلى أهداف حربية أو تتعرض للنهب والدمار. وفي هذا الوضع، غالبا ما تكشف الحفريات غير القانونية التي تهدف إلى نهب الآثار عن استخدام تقنيات علمية، التي بدورها تفترض مسبقا بعض الأدوات والمعرفة ذات الطبيعة الأثرية". 

وإثر ذلك تصبح العديد من القطع الأثرية التاريخية جزءا من سوق غير مشروعة ليتم بيعها بعد ذلك في منطقة الخليج أو في أوروبا، خاصة من خلال قنوات إلكترونية، لذلك من الصعب إيقاف توزيعها غير المشروع، وفق "إيل كافي جيوبوليتيكو".

وفي عام 1970، صادقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، على أول اتفاقية دولية تهدف إلى مكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار، وذلك بإدانة أي نقل غير قانوني للممتلكات الثقافية. 

وفي عام 2015، وإثر ظهور تنظيم الدولة في العراق وسوريا، تبنت الأمم المتحدة قرارا يدين أي تجارة مع الجماعات الإرهابية، فضلا عن إدانته لأي تدمير يلحق التراث التاريخي والثقافي في المناطق الأثرية.

وعن طريق هذه الأداة، أوضحت الصحيفة أن "النية كانت تتجه إلى إعاقة الاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية والأعمال الفنية، الذي يشكل مصدرا كبيرا لتمويل الجماعات المسلحة".

من جانبه، اعتبر عالم الآثار، بيتر كامبل، التجارة غير المشروعة بالقطع الأثرية "من بين الموارد الرئيسة للمتاجرين بالنظر إلى كونه سوقا ذو قيمة هائلة، لكن لا يمكن تحديد قيمته بدقة لصعوبة التأكد منه". 

وأكدت الصحيفة أنه "من الواضح عدم وجود تشريعات كافية تجاه سرقة الآثار، والتي يعتبرها عامة الناس جريمة".

السوق إلى الويب

وأشارت "إيل كافي جيوبوليتيكو" إلى أن "عام 2020 أثر بشدة على العراق، خصوصا وأن آثار الوباء أدت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والسياسي، مما تسبب في صعوبات مختلفة في تقديم المساعدات الاقتصادية وتنظيم إجراءات الحماية الصحية". 

ومنذ خريف 2019، تستمر الاحتجاجات في مناطق مختلفة من البلاد، مما أدى إلى عدم استقرار اجتماعي شديد.

ونتيجة لذلك، ساعدت هذه العوامل أيضا في نمو ظاهر الاتجار غير المشروع بالآثار ما أدى إلى تمويل السوق السوداء على المستوى العالمي.

وفي نفس الإطار، أكد مدير مكتب اليونسكو ببغداد، باولو فونتاني، في مقابلة مع قناة "فرانس 24"، أن "المواقع الأثرية والمتاحف حاليا في حالة إهمال بسبب غياب الزوار، نتيجة القيود المفروضة بسبب الوضع الصحي". 

وأكد أن "هذا الإهمال يسهل الدخول إلى المواقع ذات الأهمية التاريخية والثقافية وسرقتها".

كما تضمن ارتفاع الأنشطة الإلكترونية في العام الماضي أيضا الاتجار غير المشروع بالآثار، الذي انتقل بالكامل تقريبا إلى عالم الويب وبالتالي "بات من الصعب مراقبته".

في غضون ذلك، يستعد العراق في خضم أزمة صحية واقتصادية متفاقمة، للانتخابات المقبلة التي كان من المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران 2020 وتم تأجيلها إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021. 

وخلصت الصحيفة الإيطالية إلى "التأكيد بأن مسألة الحفاظ على التراث الثقافي تظل حاسمة في إعادة إعمار البلاد".