خط غاز "نورد ستريم 2" بين أوروبا وروسيا.. لماذا تعترض عليه واشنطن؟
.jpg)
قال موقع أوروبي، إن خط الغاز الطبيعي "ترك ستريم" الروسي-التركي يمثل خطرا على المصالح وأمن الطاقة الأوروبي، في وقت تراجع فيه أداء خط "نورد ستريم 2" بسبب الخلاف الأميركي الألماني.
وأشار تقرير نشره موقع "New Europe" إلى أن خط أنابيب الغاز الطبيعي ترك ستريم، التابع لشركة غازبروم، الذي يمر عبر تركيا إلى جنوب شرق أوروبا واجه معارضة أقل، مقارنة بخط "نورد ستريم 2" المثير للجدل والذي يمر من روسيا إلى ألمانيا.
وهذا الجدل يأتي على الرغم من أن الهدف من إنشاء الخط الثاني كان هو نفسه وهو السماح للغاز الروسي بالوصول إلى الأسواق الأوروبية دون المرور عبر أوكرانيا.
وجرى افتتاح ترك ستريم في 8 يناير/كانون ثاني 2020، بمشاركة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين. وهو عبارة عن مشروع لمد أنبوبين بسعة 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنويا لكل منهما، من روسيا إلى تركيا مرورا بالبحر الأسود، بحيث يغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول أوروبا.
أما "نورد ستريم 2" الذي تشرف أعماله على الانتهاء، فهو مشروع أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من بحر البلطيق من أكبر خزان لاحتياطيات الغاز في العالم في روسيا، إلى ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية.
حصص الغاز
وفقا لبيانات من موقع S&P Global Platts Analytics، في عام 2019، تلقت بلغاريا 2.4 مليار متر مكعب من الغاز الروسي عبر طريق أوكرانيا - مولدوفا - رومانيا من خلال البلقان فيما عبرت 4 مليارات متر مكعب إضافية إلى تركيا.
وبعد مرور عام، انخفض الحجم الذي تم استلامه عبر هذا الطريق إلى ما يقرب من الصفر، حيث زودت "ترك ستريم" السوق البلغارية بدلا من ذلك.
وارتفعت حصة اليونان من غاز ترك ستريم في عام 2020 بنسبة 18 بالمئة مقارنة بـ 2.41 مليار متر مكعب من الغاز الروسي الذي اشترته في العام السابق بعد تسلمه عبر خط عبر البلقان.
بينما ارتفعت واردات مقدونيا الشمالية أيضا من 0.3 مليار متر مكعب تم شراؤها في عام 2019 وفق ما أكدته شركة S&P Global Platts في 8 فبراير/شباط 2021.
وقال جوستين أوركهارت ستيوارت الشريك المؤسس لمنصة الاستثمار الإقليمية في المملكة المتحدة لـ"New Europe" إن ترك ستريم يمكن أن يقوض مصالح الطاقة اليونانية والأوروبية بينما يجذب تركيا أيضا إلى مدار روسيا.
وأضاف أن الخط الثاني من ترك ستريم إلى جنوب أوروبا سوف يسبب مشاكل أكثر من الأول.
وأشار ستيوارت إلى أن موسكو ستقف إلى جانب أنقرة إذا تصاعد الخلاف بين تركيا واليونان، مضيفا "هناك بعض المقاربات المثيرة للاهتمام هناك فيما يخص علاقة البلدين وكذلك علاقة موسكو بأنقرة، بالنظر إلى الأزمة الأخيرة في إقليم قره باغ".
لذا، فإن علاقة البلدين ليست جيدة، رغم أن الإدارة الأميركية السابقة دفعتهما للتحالف معا. لذلك، يعتقد أن إدارة جو بايدن ستتطلع إلى تجربة طريقة أفضل إلى حد ما لعزل موسكو ودفعها بعيدا من خلال جذب تركيا.
وحذر أوركهارت ستيوارت: "هذه الإستراتيجية ستسبب على الجانب الآخر في مشكلة كبيرة للعلاقات الأميركية مع اليونان".
وفي الوقت نفسه، أشار كريس ويفر، المؤسس المشارك لشركة Macro-Advisory في موسكو، إلى أنه تم التخطيط لخط ترك ستريم 2 منذ بدء إنشاء المرحلة الأولى من خط أنابيب في عام 2017.
وأضاف "بدأ تمديد تلك المرحلة الأولى في العديد من دول البلقان، قبل 18 شهرا، عندما قام الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بالتدشين الرسمي لخط ترك ستريم 1 في يناير/كانون الثاني 2020، حيث أكدا أن بناء خط الأنابيب الممتد عبر البلقان سيتسارع، كما حدث ذلك بالفعل".
مع ذلك، لم يثر المشروع أي اهتمام من الكونغرس الأميركي أو أولئك المسؤولين داخل الاتحاد الأوروبي الذين حاولوا إيقاف نورد ستريم 2.
خلاف نورد ستريم 2
ويشير ويفر إلى أن هناك تفسيرات عديدة لهذا الوضع، ومنها أن الخلاف حول خط نورد ستريم 2 هو جدال بين الولايات المتحدة وألمانيا فيما يخص وصول الغاز الروسي إلى أوروبا.
وأكد أن الجهود المبذولة لإيقاف ترك ستريم 2 أكثر قوة. وخلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، تدهورت العلاقات بين واشنطن وبرلين بسبب عدة قضايا، بما في ذلك تمويل حلف شمال الأطلسي (الناتو).
إحدى الطرق التي تمكنت بها الولايات المتحدة من مهاجمة ألمانيا هي منع جهودها استيراد المزيد من الطاقة من روسيا.
وقال ويفر إن واشنطن تفضل كثيرا أن تستورد ألمانيا من الولايات المتحدة، حتى بسعر أعلى، لأن ذلك من شأنه أن يجعل برلين أكثر تمسكا بواشنطن، كما سيساهم في توفير الوظائف ودعم الصادرات الأميركية. وأكد الخبير أن أوروبا بحاجة إلى استيراد الكثير من الغاز إذا أرادت أن تتخلص أخيرا من محطات تعمل بالفحم والطاقة النووية.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه عدة مصادر جديدة للغاز، مثل الغاز الطبيعي المسال وخط أنابيب ممر الغاز الجنوبي، لكنها في المجمل لن توفر ما يكفي منه.
في العقدين المقبلين، ستنخفض حصة روسيا من السوق في أوروبا، مع نمو مستوى الواردات المنافسة، لكن صادرات روسيا سترتفع مع نورد ستريم 2 وترك ستريم 2، لأن استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي سيرتفع".
بهذا المعنى، يعرف الاتحاد الأوروبي أنه سيحتاج إلى استيراد المزيد من الغاز الروسي، لذلك اختار تجاهل خط الأنابيب الذي يشق طريقه عبر البلقان. وذكَّر ويفر أنه تم بذل الكثير من الجهد بشأن ممر الغاز الجنوبي الذي جلب الغاز الأذربيجاني إلى جنوب أوروبا، مضيفا "في الواقع، هذا عمل ترقيعي".
وقال: "تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لخط الأنابيب 18 مليار متر مكعب مع نصف تلك التي تأخذها تركيا وأقل من 10 مليار متر مكعب متاحة لأوروبا".
في يناير/كانون الثاني 2021 وحده، صدّرت غازبروم 19.4 مليار متر مكعب إلى أوروبا، بزيادة قدرها 45 بالمئة عن نفس الشهر من العام الماضي". وأكد أن الغاز الإضافي الذي تم تصديره في يناير/كانون الثاني يكاد يعادل القدرة السنوية لخط أنابيب ممر الغاز الجنوبي.
وتابع "هذا سبب آخر وراء تفضيل ألمانيا لخط نورد ستريم 2 واختيار الاتحاد الأوروبي تجاهل خط ترك ستريم 2، من منطلق أن روسيا تمتلك أكبر موارد الغاز في العالم وهي مجاورة لأوروبا، وقادرة وراغبة دائما، في توفير أكبر قدر منه، خاصة وأن ناقلات الغاز الطبيعي المسال لا تستطيع الإبحار بسرعة".
وردا على سؤال حول ما إذا كان خط ترك ستريم 2 يقوض مصالح الطاقة اليونانية ويجذب تركيا إلى مدار موسكو، أشار ويفر إلى أن عقود الطاقة هي صفقة ثنائية الاتجاه، حيث يحتاج المورد إلى الإيرادات، ويحتاج العميل إلى الغاز.
وأوضح أنه وعلى الرغم من الخلافات، لم تحاول موسكو مطلقا استخدام الغاز كسلاح سياسي أو كتهديد - حتى في ذروة الحرب الباردة، ذلك أنها تعي جيدا أن هذا من شأنه أن يدمر علاقاتها الطاقية ويكلفها غاليا.
وتابع "شعار موسكو منذ أوائل عام 2014 هو التنويع: في العلاقات السياسية والتجارة والاستثمار. هذا يعني أن روسيا لن تفضل أبدا أي عميل على استبعاد آخر.
وختم: "نعم، موسكو تبيع كمية كبيرة من الغاز لتركيا كل عام، لكن هذا لن يعني أبدا أنها تستبعد عميلا آخر. بالنسبة لروسيا، يعتبر بيع الغاز لأكبر عدد ممكن من العملاء هدفا سياسا واقتصاديا جيدا".