عائلة محطمة وأعداء كُثر.. هذا ما ينتظر ابن سلمان بعد رحيل أبيه

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة ميدل إيست آي البريطانية: إن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، سيغادر تاركا بيتا ملكيا محطما يستعصي على الإصلاح.

وأوضحت الكاتبة السعودية المعارضة مضاوي الرشيد في مقال بالصحيفة أن إرث الملك سلمان مفارقة بُنيت على تناقض واضح بين السياسات الإصلاحية والقمعية، مبينة أن كلتا السياستين انعكستا على مجموعة واسعة من الأمراء المؤثرين والعامة على حد سواء.

وأكدت أن أبرز ما لا ينسى هو حبس أفراد العائلة المالكة ذوي النفوذ في السجون والفنادق ذات الخمس نجوم منذ عام 2018.

بيت ملكي مفتت

وقالت: إن نجله المتشدد محمد وظف الأساليب والمؤامرات الأكثر إهانة ضد منافسيه وعشائرهم الممتدة، وهو فعل قد تطارده عواقبه في المستقبل إذا ما اعتلى العرش بعد اختفاء والده من المشهد.

واعتبر العديد من المراقبين أن الحكام السعوديين لديهم شرعية قوية ذات طبيعة تقليدية يدعّمها عقد اجتماعي فعال بين الأمراء والعامة، وذلك قبل عهد سلمان.

يوضح مقال ميدل إيست آي كيف أن كلا الطرفين قد استفاد من سخاء الدعم النفطي وخدمات الرعاية الاجتماعية.

ويقول: "طالما اعْتُقد أن فرادة المملكة تكمن في صون السلالة الحاكمة فيها، لتقاليد من التوافق بين أقوى عشائرها وأمرائها، فقد تمسك البيت الحاكم بصورة الوحدة والاتفاق الضروري للحفاظ على هذا النظام الاجتماعي والسياسي غير المستقر والممتد عبر أجيال من النسل الملكي".

وعلاوة على استعداء الأعضاء المؤثرين في البيت الملكي، يبدو أن مملكة سلمان قد نفّرت أيضا حلفاءها الاجتماعيين التقليديين، أي المجموعات الدينية التي كانت دائما تدعم القيادة بالإضافة إلى الجماعات شبه المستقلة التي تأرجحت تاريخيا بين الرضوخ والمعارضة، وفق الكاتبة.

وترفض هذه الجماعات الآن بشدة جميع سياسات ابن سلمان "السوقية المتواضعة"، وقد تم طرد أولئك الذين تمردوا من حين لآخر، وأما أولئك الذين كانت تتم رعايتهم من حين لآخر فهم الآن باقون في السجن، ليفر آخرون من البلاد بحثا عن ملاذ آمن.

أعداء كُثُر

يضيف المقال أنه لم يتم تجاهل المجموعات القبلية التي أبدت ولاءها للملك وسارعت دائما لتقديم البيعة فحسب، بل تم إذلالها أيضا، وكثيرا ما تتعرض لعنف موجه ضد حياة أفرادها وممتلكاتهم.

ففي مملكة سلمان، وفي المجال الممتد من الحويطات في الشمال إلى عتيبة في الوسط، يتم تجاهل شيوخ القبائل وأفرادها أو استبعادهم تماما على اعتبار أنهم عوالق من ماض سحيق. 

كما أضحى قادتهم زخرفا للديكور بعد أن أخضعهم الملك وابنه و أسكتهم، ولا أحد يعرف إلى متى سيدوم صمتهم على تهميشهم وإذلالهم التام.

ويورد المقال تعهد مملكة سلمان برعاية المواطن الشاب بدلا من بقايا ماض قبلي، ولذلك يتم تدعيم وحماية الدعاة المحنكين من قبيل سعود القحطاني، الذراع الأيمن لولي العهد ومساعده في خطط التوسع العالمي. 

وقد تحول هؤلاء الدعاة إلى قتلة مأجورين يطيعون الأوامر دون جدال عندما يتعلق الأمر بالقضاء على الصحفيين الذين يسببون إحراجا في الخارج مثل جمال خاشقجي المقتول، أو تخويف أولئك الذين بقوا في المملكة، وفق مضاوي الرشيد.

مستقبل كئيب

يوضح المقال حقيقة مفادها أنه تم سجن أولئك الذين يطمحون إلى التحرر الحقيقي في السجون بجميع أنحاء البلاد، في حين تواصلت مملكة سلمان مع النساء ووعدت بتمكينهن، ليعين سلمان وابنه العديد من النساء في مناصب سامية، مما سمح لهن بالقيادة وزيادة ظهورهن العلني. 

ومع ذلك، تقول الكاتبة: "ارتعدت مملكة سلمان حين طالبت الناشطات بحقوق حقيقية تتجاوز عجلة القيادة أو ملاعب كرة القدم. وأثبتت بذلك النتائج غير المحسوبة لتمكين المرأة بالمعنى الحقيقي أنها متقلبة للغاية وخطيرة تتجاوز قدرة النظام على تحملها".

كما لم يكن حظ الشباب التعيس بأفضل من حظ أخواتهم، إذ مهدت مملكة سلمان، عن غير قصد، طريق نزوح الشباب والشابات الذين يفضلون وضع طالبي اللجوء في الخارج على أن يتم إسكاتهم، أو الأسوأ من ذلك، أي حبسهم في المملكة الصحراوية الثرية. 

وباعتبار أن دور السينما والسيرك لم تكن كافية لشراء ولائهم، فقد أنتجت مملكة سلمان شتاتا سعوديا ضخما بالخارج بالكاد فر من بين براثن الملك، في تضاد مع إرادته.

وتؤكد الكاتبة أن سلمان سيغادر المملكة التي كان مقدرا لابنه أن يشكلها على حسب صورته هو، ويستند إرثه إلى الوعد ببداية عهد جديد من الانفتاح والازدهار والتنوع الاقتصادي وفرص وافرة للاستثمار والسياحة.

وتقول: إن الأمر الآن عائد لابنه للترويج لهذه السردية التي ليست متعلقة بالمملكة الجديدة حصرا، وإنما متعلقة به هو ذاته، أولا وقبل كل شيء، باعتباره وريثا للعرش. 

وتابعت: "لقد خلطت تمثلات ولي العهد الشاب التقييم الجاد بدعاية العلاقات العامة، والتفكير بالتمني والتلاعب بالمعرفة بشؤون البلاد، وقد تمت هندسة كل ذلك من قبل مساعدي ولي العهد وأباطرة وسائل الإعلام، وقبلته وسائل الإعلام الخارجية بقيمته الظاهرية".

تخلص الكاتبة إلى أن مملكة سلمان تمثل شكلا متطرفا من الاستقطاب الاجتماعي، حيث لا تستفيد سوى مجموعة صغيرة من الموالين من السخاء الملكي، وهو ما صير النظام الملكي عاملا مثيرا للانقسام يعجل بالانشقاقات والعداء على حساب الوحدة".

كما ترى أن مستقبل المملكة لم يكن أكثر قتامة مما هو عليه اليوم في ظل انخفاض عائدات النفط التي توظف عادة لإسكات الأصوات المعارضة المحتملة والتهديدات المستمرة من المخاطر العالمية من قبيل فيروس كورونا، متوقعة ألا يكون ولي العهد قادرا على تصويب الأمور وضمان رخاء محلي بعد وفاة والده.