عرقلة المسارات.. هكذا أثر انقلاب السيسي على كل الثورات العربية

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ميدل إيست مونيتور" البريطانية، الضوء على حوادث الانقلابات والالتفاف على ثورات وإرادة الشعوب التي اتخذت "قوى الشر" من شهر يوليو/تموز (2013) حيزا زمنيا لتنفيذها، في إشارة إلى تاريخ الانقلاب على رئيس مصر الشرعي محمد مرسي.

وتحدثت الكاتبة أميرة أبو الفتوح في مقال لها بالصحيفة، عن مدى تأثير الانقلاب على مرسي، على عرقلة مسارات باقي ثورات الربيع العربي بسوريا وليبيا واليمن "بأيد سعودية إماراتية مدعومة إسرائيليا".

وقالت: "على الرغم من أن شهر يونيو/حزيران يقبل ويمضي كل عام، فإن آثار الحوادث التي حصلت خلال الشهر مستمرة بشكل غير متناه".

هزائم حزيران

فعلى سبيل المثال، في يونيو/حزيران 1967، هزمت إسرائيل الجيوش العربية في حرب الأيام الستة، وخسر العرب بذلك القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، واستمر الصهاينة في ضم شرق القدس وإعلان المدينة عاصمتهم الموحدة.

وقد اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهذا الضم غير القانوني ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، كما اعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية، لتأتي "صفقة القرن" (خطة ترامب المزعومة للسلام) إثر ذلك لإضفاء الشرعية على ضم الضفة الغربية.

وتقول الكاتبة أبو الفتوح: إن "كل ما تقدم لهو من عواقب هزيمة يونيو/حزيران الشنيعة".

وأوضحت كيف أن يونيو/حزيران من سنة 2013 قد حل جالبا مأساة جديدة نكبت الأمة العربية، "فقامت قوى الشر في المنطقة، ممثلة بالسعودية والإمارات ـ وهي القوى المعادية للثورة والمناهضة للربيع العربي والمدعومة إسرائيليا ـ بالتّآمر على التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر والتي كانت حلم جميع شعوب المنطقة".

وتابعت: "أطاحت هذه القوى بثورة يناير 2011 في مصر وعرقلت بذلك مسيرة كل الثورات الأخرى في سوريا واليمن وليبيا، ودمرت الحلم العربي بحياة كريمة خالية من الحكّام الجائرين".

ورأت أنه "لو أن محور الشر السعودي الإماراتي لم يطح بالرئيس محمد مرسي، لما دُمرت سوريا، وما كان عشرات الآلاف من السوريين ليُقتلوا لأن جزار سوريا، بشار الأسد، ما كان ليبقى في السلطة".

كما أن "السعودية ما كانت لتجرؤ على غزو اليمن وتدميره وقتل عشرات الآلاف من شعبه، وما كانت الإمارات لتجرؤ على الاستيلاء على جنوب اليمن ومحاولة تقسيم البلاد إلى قسمين، ولم تكن لتتمكّن من تدمير ليبيا وقتل الآلاف من الليبيين من خلال عميلها الخائن خليفة حفتر؛ ما كانت الثورة المضادة لتنتصر لولا مؤامرة 30 يونيو 2013"، وفق الكاتبة.

شهر الانقلابات

وبعد هذا الشهر، يأتي يوليو/تموز الذي تقول الكاتبة: إنه "شهر الانقلابات العسكرية بامتياز"، فقد أطاح الانقلاب بالملكية في مصر في يوليو 1952، واستبدل الحياة السياسية بنظام عسكري سيطر على جميع شؤون البلاد بدءا من أقلها شأنا وحتى أهم شؤون الدولة، بما في ذلك مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والإعلامية.

في المحصلة، أصبح للجيش دولة عوض أن يكون للدولة جيش، وقد تنزّل انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 (على مرسي) في سياق تأصيل هذا المفهوم وإضفاء الشرعية على هذا الوضع.

تواصل الكاتبة سردها الذي بلغ فترة وصول جمال عبد الناصر إلى السلطة سنة 1952، مشيرة إلى أنه برع كقائد في إلقاء الخطب الحماسية التي أججت مشاعر الجماهير العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي وجعلتهم يعتقدون أنهم يعيشون حلما جميلا استيقظوا منه على وقع كابوس هزيمة يونيو/حزيران 1967.

وأوضحت أنه "تدور نقاشات سياسية عقيمة حول مآثر وإخفاقات انقلاب 1952، إذ يتم توظيف الانقلاب لأغراض سياسية بالكامل وفقا لأهواء وتناقضات مؤيدي ومعارضي الأنظمة السابقة والحالية".

وتعتقد أن كلا الطرفين متشابهان في إجراء مقارنات بين النظام الحالي والعصر الناصري، ويتفقان على أن نظام عبد الفتاح السيسي هو امتداد لجمال عبد الناصر، وإن كان ذلك من زاويتي نظر مختلفتين تماما، حيث يرى أنصاره فيه مواصلة على درب إنجازات عبد الناصر العظيمة، وبذلك يكون السيسي وريثا للبطل، بينما يرى المعارضون أنه امتداد للظلم والقمع.

وأردفت: "لقد سمح نظام يوليو لأبواق الدعاية بفعل ما يحلو لهم أثناء قيامهم بنشر دعايتهم وتعبئة الجماهير على هذا الأساس، وتنتقي المعارضة ما تريده من ذلك النظام ويجري جدال سياسي بين الجانبين؛ فالذين يتابعون منصات وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية كانوا سيشهدون المعركة تتكشف وتبلغ الذروة في ظل رغبة كل طرف في دعم رأيه على حساب الحقيقة".

ولفتت إلى أن مصر لم تعد الدولة التي كانت عليها خلال الحكم الملكي صبيحة 23 يوليو 1952، كما أنها ما بعد 3 يوليو 2013 لم تعد مصر التي كانت قبل انقلاب السيسي.

يتواصل النظام العسكري، ولكنه ليس نظام عبد الناصر المنحاز للفقراء والمعادي لإسرائيل والمحكم سيطرته على إفريقيا، إذ لم تجرؤ إثيوبيا على بناء سد النهضة خلال فترة حكمه، وفق ما تقول.

وتختم: "لا تزال مصر الجديدة ما بعد انقلاب السيسي تبحث عن ذاتها في العاصمة الإدارية الجديدة التي يوليها النظام كل اهتمامه، متناسية المشاكل الاقتصادية الرئيسية التي تعاني منها البلاد".