هجمات جديدة.. كيف أحيا كورونا تنظيم الدولة في سوريا والعراق؟
.jpg)
بدأ نشاط تنظيم الدولة يشهد تصاعدا ملحوظا مع تفشي فيروس كورونا في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في العراق وسوريا البلدين اللذين انهارت فيهما "دولة الخلافة" بعد 3 سنوات من إعلان زعيم التنظيم السابق أبي بكر البغدادي تأسيسها في عام 2014.
رفع مستوى عمليات تنظيم الدولة مع انتشار جائحة كورونا، شمل مناطق شرق مدينة دير الزور ومدن البادية السورية، أما في العراق فتوزعت الهجمات بين محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى (شمالا)، وديالى (شرقا)، والأنبار (غربا).
"هجمات منظمة"
ربطت تحليلات كثيرة عودة فاعلية تنظيم الدولة إلى العراق وسوريا، بانشغال العالم في مكافحة جائحة كورونا، الذي أدى على ما يبدو إلى سهولة التواصل والحركة بين عناصر وقادة التنظيم، وعلى رأسهم زعيمه الجديد المعروف بـ"أبي إبراهيم القريشي".
في 20 أبريل/ نيسان 2020، نقلت وكالة "السومرية نيوز" العراقية عن مصدر أمني قوله: "المعلومات المؤكدة تفيد بأن القريشي موجود داخل العراق، وأن عددا قليلا جدا من قيادات التنظيم فقط هم من يعرفون شكله أو هيئته".
وفي 22 أبريل/ نيسان 2020، خصصت الولايات المتحدة الأميركية، مكافأة تقدر بـ5 ملايين دولار مقابل أي معلومات تدل على مكان محمد سعيد عبد الرحمن المولى، المعروف (حجي عبد الله) المولى، زعيم تنظيم الدولة الجديد أبو إبراهيم القريشي.
وأفاد المصدر الأمني العراقي بأن ""فريقا عراقيا أميركيا مشتركا، يعمل منذ فبراير/ شباط 2020، على هوية زعيم التنظيم الجديد، المدعو أبو إبراهيم القريشي، الذي أعلن التنظيم مبايعته أخيرا بعد مقتل البغدادي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019".
وأشار إلى أن "تنظيم الدولة نفذ سلسلة عمليات خلال أبريل/ نيسان 2020، والأسبوع الأخير من مارس/آذار 2020، تحمل مؤشرات على أن قيادته الجديدة استطاعت تأمين تواصل مع بقايا التنظيم التي تفلتت وتفرقت بعد اندحاره وطرده من آخر معاقله بالعراق"، موضحا أن "هذه الهجمات أخذت شكلا منظما، من حيث توقيتها، وحتى أهدافها".
من جهتها، كشفت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية في تقرير لها 19 أبريل/ نيسان 2020، أن "تنظيم الدولة لم يمت في هذه المناطق، بل يحتفظ بنحو 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه المال أو السلاح".
وأكدت أن "التنظيم يحاول استغلال انشغال النظام السوري والحكومة العراقية وقوات سوريا الديمقراطية، بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على المناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقا مرورا بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لازال يوجد فيها بعض عناصره".
وأوضحت الصحيفة العبرية أن "التنظيم يمتلك في هذه المناطق شبكات سرية تزوده بالدعم العسكري، لأنه كان يسيطر عليها، الأمر الذي يتيح لأعضائه المرور خلالها بأمان، وتنفيذ هجماته بسرية".
"انسحاب التحالف"
مغادرة قوات دول من "التحالف الدولي"، الأراضي العراقية بسبب تفشي فيروس كورونا، كان له أثره الكبير على استعادة تنظيم الدولة نشاطاته في عدد من مدن العراق وسوريا، ولا سيما الحدودية منها، في القائم ودير الزور.
وفي 19 مارس/ آذار أعلنت وزارة الدفاع البريطانية في بيان "سحب جزء من قواتها العاملة في العراق على خلفية انتشار فيروس كورونا". ومثل ذلك فعلت فرنسا، حيث أعلن الجيش الفرنسي أن التحالف قرر "تعديل" انتشاره في العراق وتعليق أنشطة التدريب للقوات العراقية جراء تفشي الفيروس القاتل".
وفي مارس/ آذار 2020، شرعت القوات الأميركية أيضا في تسليم قواعد عسكرية مهمة إلى القوات العراقية، إذ جرى الانسحاب من قواعد بالقائم والحبانية (غربا) والقيارة و"كي وان" في نينوى وكركوك (شمالا)، وقاعدة أخرى سلمها الجيش الفرنسي في منطقة أبو غريب ببغداد.
وعن تداعيات انسحاب قوات التحالف الدولي بسبب تفشي كورونا، ولإعادة التموضع والانتشار في العراق، نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسي في 23 أبريل/ نيسان 2020، مقالا حول أسباب تصاعد نشاط تنظيم الدولة في بلاد الرافدين.
الكاتب نيكولاي بلوتنيكوف قال: "تقارير ترد من العراق حول تفعيل خلايا تنظيم الدولة نشاطها في عدد من المحافظات الشمالية، وتجري اعتداءات على الجيش العراقي والبيشمركة الكردية، وممثلين عن السلطات المحلية في محافظات كركوك وديالى والأنبار ونينوى وصلاح الدين".
وأوضح مدير مركز المعلومات العلمية التحليلية بمعهد "الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية"، أن "زيادة نشاط تنظيم الدولة تعود إلى عدد من العوامل، ويأتي في الدرجة الأولى منها، تقليص وجود الأميركيين وحلفائهم في التحالف الغربي في هذه المنطقة من العراق، وسوء التفاعل بين القوات المسلحة العراقية في محاربة التنظيم، وجائحة فيروس كورونا".
وأشار إلى أنه قبل اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، كان هناك تبادل استخباراتي بين الجيشين العراقي والأميركي. وبقي هذا التفاعل فقط مع الأكراد، إذ تواصل وحدات "مكافحة الإرهاب" التابعة لهم تنفيذ عمليات مع البيشمركة في مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الجيش الأميركي بمحافظة كركوك.
أما في محافظة الأنبار يضيف الكاتب: "وحدات الجيش العراقي كانت تشارك في عمليات مكافحة الإرهاب، ولم يعد هذا النوع من التفاعل موجودا، فقد توقف الأميركيون عن دعمهم جويا وعن جمع المعلومات الاستخبارية لمصلحتهم، فالقوات الأميركية الآن، أكثر تركيزا على حماية أماكن انتشارهم وإجراءات منع تفشي الفيروس في قواعدهم".
وحسب بلوتنيكوف، فإن "تنظيم الدولة مهيأ بشكل جيد للعمليات أثناء الجائحة، حيث تعمل وحداته بشكل مستقل، وتعيش في ملاجئ نائية ومخابئ تحت الأرض، وتستخدم مخابئ للأغذية والمياه، يتم تجديدها بانتظام من متعاونين معه، وتستخدم الألواح الشمسية كمصادر للكهرباء".
ولفت الكاتب الروسي إلى أنه "لتجنب خطر الإصابة بالفيروس التاجي، بدأ عناصر التنظيم، وفقا لتعليمات قادتهم، الالتزام بإجراءات النظافة الشخصية، وفي الوقت نفسه، يتم وضع تعليمات لهم حول كيفية العمل في سياق الجائحة مع مراعاة الخبرة الدولية".
ومثل ذلك، أكد ريدور خليل مسؤول العلاقات العامة بقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في 22 أبريل/ نيسان 2020، بقوله: "تنظيم الدولة يحاول الاستفادة من انشغال العالم بجائحة كورونا وأيضا حالة الفراغ الأمني في مناطق الأنبار العراقية، خاصة بعد انسحاب بعض القواعد الأميركية وتسليمها للجهات العراقية".
وأعلن العراق عام 2017 تحقيق النصر على تنظيم الدولة باستعادة كامل أراضيه، التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد اجتاحها التنظيم صيف 2014، لكن هجماته المتباينة لم تتوقف في مناطق واسعة بالعراق. واعترف التنظيم في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019، بمقتل زعيمه أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه أبو الحسن المهاجر.
أما في سوريا، فقد بدأ التنظيم يستعيد نشاطه في محافظة دير الزور، وهاجم قوات النظام والقوات المتحالفة معها في عدة بلدات وهي الجلاء والسيال والعبال، ووصل عدد قتلى قوات النظام في المنطقة إلى نحو 377 عنصرا، خلال الفترة 24 مارس/آذار المنصرم، وحتى 19 أبريل/ نيسان 2020.
كما شن التنظيم هجمات على المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الكردية السورية في شرق الفرات، ولا سيما بمدينة منبج، وقال القيادي في "قسد" ريدور خليل: "تنظيم الدولة مازال خطره قائما وبشكل كبير، خاصة في مناطق البادية السورية ومناطق شرق مدينة دير الزور والحدود العراقية السورية والمناطق النائية التي تفتقر إلى التغطية الأمنية لأسباب جغرافية".
ولفت إلى أن "مكافحة تنظيم الدولة تقع في قائمة أولوياتنا الأمنية ونحن في حالة استعداد دائم لتعقب نشاطاته وخلاياه المنتشرة بالتعاون والتنسيق المباشر مع التحالف الدولي. إذا لم تتخذ التدابير الأمنية الكافية، فإن التنظيم سيتوسع ولا يستبعد أن يسيطر على مناطق جغرافية مرة أخرى".
"نشاط افتراضي"
وبالوتيرة ذاتها، ومع تصاعد هجمات تنظيم الدولة في العراق وسوريا، كشف مركز الإعلام الرقمي التابع لحكومة بغداد، عن عودة نشاط التنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا تنامي حسابات أعضاء التنظيم وأنصارهم بشكل متسارع.
ووفقا لبيان صادر عن المركز الحكومي في 17 أبريل/ نيسان 2020، فإن "هذه العودة جاءت خلال الأشهر الماضية التي رافقت أزمة جائحة كورونا، وأدت إلى تأخير استجابة دعم موقع (فيسبوك) لطلبات حذف الحسابات".
وأوضح أن "عناصر تنظيم الدولة ومن يساندونهم استغلوا الفرصة وبدؤوا بإنشاء حسابات جديدة، أو إعادة تفعيل حسابات قديمة، وقاموا بنشر عملياتهم والترويج لها عبر المنصة".
وحذر المركز المستخدمين من "التفاعل مع هذه المنشورات، حتى لو كان بانتقادها من خلال التعليقات أو مشاركتها، ما يؤدي إلى الترويج المجاني لها من دون قصد"، مطالبا شركة "فيسبوك" بضرورة إيقاف هذه الحسابات وإغلاقها فورا".
ودعا "الإعلام الرقمي" جميع المستخدمين إلى "ضرورة تضافر الجهود، بالتبليغ المكثف عن هذه الحسابات لتسهيل مهام فيسبوك في إغلاق هذه الحسابات"، مشيرا إلى أن "إدارة موقع (فيسبوك) كانت قد أغلقت آلاف الحسابات على منصته خلال السنوات الماضية، وكان الإغلاق يتم بعد التبليغ عنها من قبل المستخدمين بدقائق".
المصادر
- مستغلا انشغال العالم بمكافحة كورونا.. داعش يوسع هجماته في سوريا والعراق
- نيجيرفان بارزاني: سببان وراء دعم الكاظمي وداعش "خطر كبير" على العراق
- قسد لرووداو: داعش يحاول الاستفادة من الإنشغال العالمي بكورونا وحالة الفراغ الأمني في الأنبار
- لماذا تصاعد نشاط "داعش" في العراق بعد انتشار كورونا
- انباء عن تواجد "القريشي" داخل العراق وفريق امني يعمل على كشف هويته
- العراق يسعى للحدّ من هجمات "داعش" والتنظيم ينشط افتراضياً
- مقتل 4 جنود عراقيين في هجوم لداعش بالأنبار
- القوات الفرنسية تغادر العراق بسبب كورونا
- بريطانيا تسحب جزءا من قواتها في العراق بسبب كورونا
- قوات التحالف تسلم قاعدة عسكرية في بغداد للقوات العراقية
- 3 قتلى من "الحشد الشعبي" في هجوم لداعش شمالي العراق