عبد ربه هادي.. رئيس حكم اليمن باستفتاء وعطلت السعودية صلاحياته

يصادف يوم 21 فبراير/شباط 2020، الذكرى الثامنة لاختيار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رئيسا لليمن، في استفتاء شعبي، بموجب المبادرة الخليجية التي وافقت عليها الأحزاب اليمنية.
في 21 فبراير/شباط 2012، أي قبل 8 سنوات تبوأ منصور هادي نائب الرئيس علي عبدالله صالح في ذلك الوقت، أعلى منصب في الجمهورية العربية اليمنية لمدة انتقالية مدتها عامان، كحل للأزمة التي عاشتها البلاد، منذ انطلاق ثورة الشباب في 12 فبراير/شباط 2011 وطالبت برحيل نظام علي عبدالله صالح.
ومع أن المبادرة، نصت على أن يتم اختيار هادي رئيسا لمدة عامين، إلا إنه استمر رئيسا حتى اليوم، حيث دخل اليمن حينها في أزمة جديدة، تمثلت بانقلاب نفذته جماعة الحوثيين في صنعاء 21 سبتمبر/أيلول 2014، وفرضت حصارا على الرئيس هادي، وعدد من الوزراء، لتندلع بعدها "عاصفة الحزم" وتجبر هادي على الهروب إلى السعودية، ليظل فيها حتى يومنا هذا.
النشأة والمناصب
ولد هادي أول سبتمبر/أيلول 1945، في قرية ذكين التابعة لمديرية الوضيع بمحافظة أبين، جنوبي اليمن، تخرج عام 1964 من مدرسة "جيش محمية عدن"، وهي المدرسة العسكرية الخاصة بتأهيل وتدريب أبناء ضباط الجيش الاتحادي لدولة الجنوب العربي، وهو الاسم الذي كانت تعرف به المحافظات الجنوبية قبل إعادة تحقيق الوحدة مع الشمال في 22 مايو/أيار 1990.
في عام 1964 التحق هادي ببعثة إلى بريطانيا لتلقي التدريب في دورات عسكرية متخصصة، وفي عام 1970 تم ابتعاثه إلى القاهرة ضمن مجموعة ضباط لتلقي التدريب في سلاح المدرعات، وفي عام 1976 حصل على الماجستير في العلوم العسكرية، في تخصص (تفكيك الجيوش).
تدرج هادي في المناصب العسكرية وعمل في القطاع الأمني، ابتداء من ضابط في جيش ما كان يعرف بالجنوب العربي عام 1966 وحتى حصل على رتبة فريق عام 1997.
في نوفمبر/تشرين الثاني 1967، وبعد استقلال الجنوب عن بريطانيا بنحو 4 سنوات، تم تعيين هادي قائدا لسرية المدرعات في قاعدة العند العسكرية، جنوبي اليمن، ثم اختياره مديرا لمدرسة المدرعات، فأركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديرا لدائرة التدريب في القوات المسلحة.
في عام 1972، تم اختياره قائدا لمحور كرش في محافظة الضالع، وكان رئيسا للجنة العسكرية بالمباحثات الثنائية في الحرب مع الشمال في تلك الفترة.
بعد تولي عبدالفتاح إسماعيل الرئاسة في ديسمبر/كانون الأول 1978، تولى هادي رئاسة دائرة الإمداد والتموين العسكري، ثم تم ترقيته عام 1983 إلى نائب رئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة، ومسؤولا عن التنظيم وبناء الإدارة في الجيش، وكان رئيسا للجنة التفاوض مع صفقات التسليح مع الاتحاد السوفيتي حينها.
بعد انقسام القيادة الجنوبية في أحداث يناير/كانون الثاني 1986 انتقل هادي إلى صنعاء، وعمل على ترتيب أوضاع القوات العسكرية الجنوبية التي نزحت إلى الشمال، وقام بالتخاطب مع القيادة في الشمال لترتيب أوضاع الألوية ماليا وإداريا، وتم تجميع تلك القوات في 7 ألوية عسكرية، أطلق عليها فيما بعد اسم "ألوية الوحدة".
العمل السياسي
في حرب الانفصال عام 1994، تم تعيين هادي قائدا لمحور البيضاء، وشارك في الحرب، ليتم تعيينه في مايو/أيار من نفس العام وزيرا للدفاع، ثم نائبا للرئيس علي عبدالله صالح في أكتوبر/تشرين الأول 1994.
تم انتخابه أيضا نائبا لرئيس المؤتمر الشعبي الحاكم وأمينا عاما للحزب في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، واستمر في منصبه كنائب رئيس الدولة، حتى إصابة صالح في مسجد دار الرئاسة وخضوعه للعلاج، فتولى هادي قائما بأعمال الرئيس صالح، حتى تم اختياره رئيسا للدولة في استفتاء شعبي في 21 فبراير/شباط 2012.
يتهم كثيرون هادي بالضعف وعدم القدرة على إدارة شؤون البلاد السياسية، أو ممارسة صلاحيته الدستورية، وتسليم قراره السيادي للسعودية، لتوعز إليه بعزل من تشاء وتولية المناصب من تشاء.
كان عدد من المسؤولين اليمنيين من داخل معسكر الشرعية قد شنوا انتقادات حادة على السعودية، ما دفع بهادي لإقالتهم والتحقيق معهم، وآخرهم رئيس دائرة التوجيه المعنوي، محسن خصروف الذي اتهم السعودية بأنها لا تريد أن تحسم الحرب تخوفا من عودة الإصلاحيين.
هادي عين راجح باكريت رجل السعودية الموالي لها محافظا للمهرة، التي تخضع لسيطرة القوات السعودية، في قرار اعتبره كثيرون تعيينا سعوديا تم عن طريق هادي.
حاليا لا يعد هادي قادرا على العودة إلى اليمن، وتم منع طائرته من الهبوط في مدينة عدن، وصرحت الناشطة السياسية توكل كرمان في عدة لقاءات أن هادي ممنوع من العودة إلى اليمن من قبل الرياض.
منزوع الصلاحيات
وقع هادي اتفاقية الرياض التي أشرفت عليها المملكة العربية السعودية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وهو الاتفاق الذي نزع صلاحيات هادي، وحقه في تعيين مسؤولين أو محافظين للمحافظات الجنوبية، واشترط عليه موافقة قيادة المجلس الانتقالي على تلك التعيينات.
الكاتب والمحلل ياسين التميمي قال لـ "الاستقلال": "تخلى الرئيس هادي عن قوة تساوي في مفعولها السلاح النووي، وهي الدعم الكبير الذي تلقاه من الشعب اليمني. لكنه للأسف ترك هذا الدعم جانبا ومضى يتصرف وفق التعليمات ومغريات الصفقة الجانبية مع الإقليم الحاقد على الربيع العربي (السعودية)".
مضيفا: "رحلته الرئاسية تساوي نكبة بحد ذاتها. 8 سنوات والرجل يتمتع بمزاياه الرئاسية المادية ومعها يرقب من بعيد كيف تدمر دولته حجرا حجرا من قبل أعداء كثر وأجندات متضاربة".
التميمي تابع: "لقد استقر الرئيس الشرعي في المنفى بعد رحلة هروب أهدرت خلالها كرامته الرئاسية، ومع ذلك لا يقر بهذه الحقيقة بل يعتبر هروبه ملحمة بطولية تستحق الثناء. بينما يعلم جيدا أن الهروب كان نتيجة متوقعة لتورطه الكارثي في مغالطة شعبه حينما ظل يصر على أن عمران عادت إلى حضن الدولة و صنعاء لم تسقط".
وأضاف: "التحالف الذي جاء لمساعدته، أخرجه حتى من العاصمة المؤقتة. لذا لا أعتقد أنه سيمارس صلاحيات رئاسية ميدانية. وبقدر ما يمثل وجوده عديم الفعالية في سدة الرئاسة الرمزية لليمن الممزق أمرا ضروريا، فإنه يبقى مع ذلك غصة في حلوق اليمنيين".
وختم الكاتب والمحلل اليمني كلامه بالقول: "في تقديري أن الرئيس يقف مسترخيا في محطة مكتظة بالأحداث بانتظار تسوية تزيحه لحساب اللاعبين الأكثر تأثيرا ليبقى بعدها مجرد ذكرى مترعة بالمرارة بالنسبة لليمنيين".