إسلام بحيري.. مدعي علم يوالي السيسي ويشوه التراث والأزهر

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

إسلام بحيري، شخصية مصرية مثيرة للجدل، بأفكاره وآرائه، التي تتبلور حول حرب التراث، والهجوم على الإسلاميين، وانتقاد المعارضة السياسية، وتشويه الأزهر وعلمائه.

في 17 فبراير/ شباط 2020، قدم بحيري، خلال برنامجه "البوصلة" المذاع على فضائية "TeN" حلقة بعنوان "تاريخ الفرص الضائعة للإصلاح من داخل مؤسسة الأزهر"، ركز خلالها على ضرورة تغيير نظام التعليم والقيادة الأزهرية.

طبيعة الدور الذي يلعبه بحيري، وكذلك القناة التي يظهر من خلالها وهي محسوبة على الإمارات، يتسقان مع رؤية النظام المصري الحالي بقيادة عبدالفتاح السيسي، الذي سخر جهوده منذ صعوده إلى سدة الحكم، لمحاربة التراث الإسلامي، وكثيرا ما دخل في مواجهات متعددة مع مؤسسة الأزهر وشيخها الدكتور أحمد الطيب.

عبارات سامة

في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، قضت محكمة القضاء الإداري، بإلزام السلطات بمنع حلقات برنامج "مع إسلام" الذى يقدمه إسلام بحيري، على فضائية "القاهرة والناس"، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها: إن "بحيري خلط نقده للتراث والكتب التاريخية بعبارات تثير العامة ولا يقدر على التعاطي معها كثير من أفراد الشعب".

وأشارت المحكمة إلى مجموعة من العبارات المثيرة، التي أطلقها إسلام بحيري، وكانت كالآتي: 

  • كتب التراث يجب حرقها ودفنها وبالذات كتب الفقه.
  • المذاهب الأربعة بنيت أغلب الآراء فيها على أحاديث باطلة. 
  • البهوات اللى بيدافعوا عن التراث عاملين نفسهم أئمة. 
  • ابن تيمية مريض نفسي وطائفي مختل لا يمكن تسميته بشيخ الإسلام. 
  • الفقه هو اللعنة.
  • لعنة الله على الخلافة.
  • هتك عرض التراث. 
  • عبارة (فاسألوا أهل الذكر) تمثل أكبر عملية نصب فى التاريخ على العقل المسلم.
  • داعش (تنظيم الدولة) تمثل كتب التراث. 
  • العفن فى كتب التراث عفن حقيقى. 
  • أهل التراث سفاحون والدم عندهم أرخص من أى حاجة. 
  • لم أر فى حياتى دينا يأمر بما يأمر به الفقه الإسلامي.
  • كتب التراث هى المصدر الرئيسى لكل إرهاب باسم الله وباسم الدين. 

بلاغ من الأزهر 

أول تحرك من الأزهر الذي يعد أكبر مؤسسة دينية في مصر والعالم الإسلامي، ضد إسلام بحيري جاء في 6 أبريل/ نيسان 2015، حيث تقدمت المؤسسة الدينية ببلاغ ضده، للمطالبة بوقف برنامجه على فضائية "القاهرة والناس".

وجاء في بيان الأزهر أن سبب البلاغ "اعتراضا على ما يبثه إسلام بحيري من أفكار شاذة، تمس ثوابت الدين، وتنال من تراث الأئمة المجتهدين المُتفق عليهم، وتسيء لعلماء الإسلام، وتعكر السلم الوطني، وتثير الفتن".

ولفت بيان الأزهر، أن البلاغ جاء بناء على "المسؤولية الشرعية"، التي منحها الدستور المصري للأزهر في "القيام على حفظ التراث وعلوم الدين"، مشيرا إلى ما قام به بحيري، عبر فضائية "القاهرة والناس"، من "سب وقذف علني لعلماء الأزهر، وتعمده إهانة المؤسسة الأزهرية."

وأكد البيان أن "التحرك القانوني ضد البرنامج وما يروجه، جاء بعد استفحال خطره، وتعالي أصوات الجماهير مستنجدة بالأزهر الشريف، لوقف هذا البرنامج، لما فيه من آراء شاذة، تتعمد النيل من أئمة وعلماء الأمة الأعلام، المشهود لهم بعلو المكانة، ومنزلة تراثهم، الذي لا يُنكره إلا موجَّه أو جاحد".

بعدها في 22 سبتمبر/ أيلول 2017، اتهم بحيري مؤسسة الأزهر بمحاربة التنوير أكثر من اهتمامها بمواجهة الأفكار المتطرفة، وقال في مقابلة مع برنامج "بلا قيود" على هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): إن "محاربة الفكر التنويري أو الاجتهادي أولى لدى الأزهر من كلمة واحدة لمحاربة داعش"، 

بحيري الذي قال: "نحتاج إلى مجلس تنوير برئاسة السيسي"، طلب من الأخير، تحديد مدة التكليف داخل مؤسسة الأزهر وأن يتم تغيير الإدارة القائمة بقيادة الطيب.

عفو السيسي

في 29 ديسمبر/ كانون الثاني 2015، قضت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بجنوب القاهرة، بحبس إسلام البحيري، لمدة عام واحد، بتهمة ارتكاب جريمة ازدراء الدين الإسلامي.

وقالت المحكمة في حيثيات الحكم: إن "المتهم عكف على بث أفكار متطرفة تحت ستار الدين، عن طريق استغلال حلقات برنامجه التليفزيوني (مع إسلام) وتدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي والندوات العامة التي اعتاد خلالها التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي والسنة النبوية المطهرة، بزعم تجديد الخطاب الديني والتنوير".

وذكرت المحكمة أنها أثبتت بالأدلة القاطعة فى حق المتهم، "ارتكابه جريمة استغلال الدين فى الترويج لأفكار متطرفة، بصفة دورية ومسلسلة ومعروضة على العامة، وتبين من الأوراق أنه تعمد إعطاء المعلومات المغلوطة للجماهير والتشكيك فى الثوابت الدينية وعلم الحديث، دون امتلاكه لأي سند صحيح". 

وبعد صدور الحكم ألقت قوات الأمن القبض على بحيري، وإيداعه حجز قسم شرطة مصر القديمة، ثم ترحيله إلى سجن طرة، وحسب وسائل إعلام محلية، كان بحيري يعاني من انهيار تام، بالإضافة إلى سوء حالته النفسية عقب تنفيذ الحكم.

وفي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أصدر السيسي، قرارا جمهوريا بالعفو عن 82 من الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، بجانب إسلام بحيري.

وفي تعليقه على العفو الرئاسي، قال بحيري: "التيار الثقافي في مصر مهزوم منذ الستينيات في قضاياه وصراعاته، مهزوم في كل شيء، دخول الرئيس في المسألة وإصدار عفو خاص عن تهمة اسمها بيخض، وبيبعد أي رئيس عنها، كان له تقدير مني، وأنا تمنيت العفو".

ولاء وتقدير

يدين إسلام بحيري، بالكثير من الولاء والتقدير، للسيسي، وفي 22 أبريل/ نيسان 2019، قال في لقاء على فضائية "TeN": "الرئيس عبدالفتاح السيسي الضامن لاستمرار تيار إصلاح التراث الديني، إضافة لمدنية الدولة".

وأكد على دعمه للسيسي في التعديلات الدستورية قائلا: إن "المعترضين على التعديلات الدستورية يمارسون إرهابا فكريا وبلطجة على المقتنعين بالتعديلات، خاصة أنها جاءت في وقت تمارس ضد مصر كل أنواع الحروب". 

كما ذكر بحيري في ذلك السياق أيضا، بأن "الأزهر يتمسك بمعتقدات تراثية لا علاقة لها بالدين ويهاجمون التيار الإصلاحي فقط، وهناك معوقات لتجديد الخطاب الديني"، في إقحام وربط بين الأزهر والتعديلات الدستورية، غير مفهوم، ولا معلوم كنهه.

عصر الرداءة 

الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر محمد أبو زيد، قال لـ"الاستقلال": "وجود إسلام بحيري، كمدعي، ومتهجم على التراث ليس بجديد في تاريخ الثقافة المصرية، ولكن بما أننا نعيش في عصور الرداءة والاضمحلال، فمن الطبيعي أن تكون نسخة بحيري بهذا الشكل من الجهل، والغرور، وادعاء التنوير، وهو غارق في مستنقع من الظلام". 

وأكد أبو زيد أن "إفساح المجال لمثل هؤلاء، هو ما يخلق التطرف، ويؤدي إلى مزيد من الأفكار الشاذة، لأن الطبيعي أن يعود الناس إلى العلماء، الذين بذلوا أوقاتهم، وحياتهم في التعلم من مصادر العلم المعتمدة، لدى جمهور علماء الأمة، ويعرفون الغث من الثمين، ويقدرون المسائل بمقاديرها الحقيقية، لا أن يتبعوا كل ناعق، مخرب، يحمل من الحقد على منابع الدين، ومصادره ما يحمل". 

وأردف أستاذ أصول الدين: "المؤسسة الأزهرية الآن، بقيادة الشيخ أحمد الطيب، تخوض معركة من أصعب المعارك في تاريخها، لأن الأزهر أصبح الجدار الفاصل الأخير، الذي يحمي الأمة من ضياع هويتها، وتشويه تاريخها، وتحطيم عقيدتها، فهذه مؤامرة ظاهرة، لا شك ولا لبس فيها، وإفراد وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، المجال لأمثال إسلام بحيري، هو جزء أصيل من المؤامرة، في حين يتم تغييب أصوات العلماء الأجلاء، عن عمد".

واختتم أبو زيد حديثه: "إذا أرادت مصر أن تنهض، وتتقدم، عليها الاستمساك بثوابتها، وهويتها، لا أن تتحلل منها، فعندها المجتمع سيواجه خطر الانهيار، ولن يوجد الجيل الذي يدافع ويحمي البلاد، كما فعل صلاح الدين الأيوبي، وسيف الدين قطز، فهؤلاء هم أبطالنا المذكورون في التراث، الذين يتعرضون للافتراء والتشويه، وإسقاط رمزيتهم من عيون الأجيال القادمة، من قبل أشخاص، ووسائل إعلام مجهولة المقصد والهوية".

قناة مريبة

منذ يناير/ كانون الثاني 2018، تفرد فضائية "TeN" مساحة منفردة ل "إسلام بحيري" الذي يقدم برنامج تحت عنوان "البوصلة"، يوجه خلاله أفكاره، وهجومه اللاذع على التراث، والأئمة، وكبار العلماء والدعاة، كما يثير الشبهات، والقضايا الفقهية الشائكة. 

وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول 2018، كشفت تقارير إعلامية عن استحواذ دحلان على فضائية "TeN" المصرية، قائلة: "الصفقة التي تمت سرا قبل أشهر، ممولة من قبل الإمارات، وبلغت قيمتها 73 مليون دولار".

وذكرت التقارير، أن الصفقة، "جاءت في إطار تنامي النفوذ الإماراتي على الساحة المصرية، عبر السيطرة على أذرع إعلامية، تتبنى أجندة أبوظبي في المنطقة، وتدعم حليف الإمارات عبدالفتاح السيسي".

وكانت قناة "TeN"، في الأصل هي قناة "التحرير" التي انطلقت بعد الثورة وأسسها الصحفيان إبراهيم عيسى وبلال فضل وآخرون، وتم تغيير ملكيتها أكثر من مرة.

وتختص القناة بمهاجمة كافة القوى المعارضة لنظام السيسي، وكثيرا ما يظهر دحلان على شاشتها، كما تهتم القناة بشكل لافت بتغطيات ترويجية لفعاليات ومناسبات إماراتية، مثل بثها تقريرا دعائيا عن اليوم الوطني الإماراتي.

ما سبق يعطي دلالة أن إسلام بحيري، والدعم المقدم إليه يتجاوز النظام السياسي المصري، إلى توجه إقليمي بقيادة الإمارات، يؤطر هذه الأسلحة لمواجهة التوجه الإسلامي في البلاد العربية، وتحديدا دول ثورات الربيع العربي، وفي مقدمتها مصر.


المصادر