عهد جديد.. تفاصيل مباحثات مثمرة بين تركيا وأوروبا بشأن المهاجرين

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ميلييت" التركية مقالا للكاتب تونجا بانجين، تناول فيه موضوع الهجرة غير النظامية التي تشكل ذعرا بالنسبة لأوروبا، إذ تتحدث الأرقام الرسمية عن ارتفاع مهول بمعدلاتها، ولاسيما القادمة من دول الشرق وصولا إلى تركيا ومنها لأوروبا عبر اليونان.

وقال الكاتب: إنه "نظرا لموقع تركيا الجغرافي فهي ومنذ سنة واحدة أو أكثر بقليل، أضحت من أكثر الطرق التي يمر عليها الناس في طريق رحلاتهم لطلب اللجوء إلى دول أوروبا أو ما يعرف بالهجرة غير النظامية، ووفقا للبيانات الرسمية، كانت هناك زيادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين تم القبض عليهم منذ عام 2013.

أرقام مهولة

وفي لغة الأرقام، يؤكد الكاتب، أنه في عام 2013 وصل أعداد من تم ضبطهم من المهاجرين غير الشرعيين تقريبا 39 ألفا و890 مهاجرا غير شرعي، وحين الوصول للعام 2018 أي بعد 5 سنوات فقط، وصل عدد هؤلاء لأكثر من 268 ألف مهاجر غير شرعي.

وتابع: أما العام الحالي فهناك حديث عن وصول أعداد اللاجئين مع نهاية العام الى نحو 420 -430 ألف مهاجر غير شرعي؛ وفيما يرى البعض أن تركيا هي محطة الوصول النهائية له يرى القسم الأكبر من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين أن تركيا ليست إلا نقطة عبور إلى أوروبا.

وأردف الكاتب: بذلك فإن تركيا تصبح دولة عليها العبء الكبير في قضية اللاجئين بالنظر للأرقام أعلاه وكذلك باستيعابها نحو 4 مليون لاجئ سوري منذ نحو 8 سنوات. وبالنظر إلى أمن الاتحاد الأوروبي، يعتبر ذلك موضع تهديد كبير. 

وأشار إلى أن ذلك يعود لأن المهاجر عادة ما يتحرك من خلال بحر إيجة وصولا إلى اليونان ومنها إلى إيطاليا، ومن ثم من يريد العبور لدول أخرى كألمانيا أو فرنسا، بغية الوصول إلى عمق الاتحاد الأوروبي.

مباحثات مثمرة

ولذلك، يرى الكاتب أن الاتحاد الأوروبي، ينظر بالجد، والخطورة لما يحذر، ولعل ذلك يبدو جليا حيث ناقشت قمة حلف شمال الأطلسي هذه المسألة بشكل جدي، وكانت سبب زيارة وفد من الاتحاد الأوروبي لأنقرة ولقائهم الرئيس  التركي رجب طيب أردوغان.

وأوضح، أن الوفد الأوروبي ضم نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتس شيناس، ومسؤولة الأمن الداخلي في المفوضية إيلفا يوهانسون، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى تركيا، السفير كريستيان برغر. وكان الوفد أكد خلال زيارته إلى تركيا على أهمية العلاقات الثنائية التركية الأوربية.

وذكر بيان صادر عن الوفد الأوروبي، الجمعة، أن شيناس ويوهانسون أجريا مباحثات مثمرة في أنقرة مع الجانب التركي. وأشار البيان إلى أن الرئيس التركي، ونائبه فؤاد أوكتاي، استقبلا الوفد الذي التقى أيضا وزير الداخلية سليمان صويلو، ورئيس شؤون الاتحاد الأوروبي ونائب وزير الخارجية التركي السفير فاروق قايمقجي، ونائب رئيس البرلمان التركي لافنت غوك.

وأضاف البيان أن "الزيارة أظهرت بشكل ملموس قرار الاتحاد الأوروبي بمواصلة التعاون وتعزيز العلاقات مع تركيا المرشحة لعضوية الاتحاد، والتي تعتبر جارا وشريكا إستراتيجيا".

وذكر أن العهد السياسي الجديد بالاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة فرصة لتجديد هذا القرار مرة أخرى، وأن زيارة الوفد لتركيا في الأسبوع الأول من توليه مهامه يعتبر مؤشرا على ذلك.

ولفت البيان إلى أن تركيا تأتي في مقدمة الدول المستضيفة للاجئين، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه للاجئين في تركيا. وأفاد بأن شيناس ويوهانسون يدركان جيدا استمرار احتياجات اللاجئين.

وأكد ضرورة أن يواصل الاتحاد الأوروبي دعمه لهذه الاحتياجات، مشيرا إلى أن تركيا والاتحاد الأوروبي جددا التزامهما باتفاق الهجرة الذي أبرم عام 2016.

الإضرار بتركيا

وبحسب الكاتب، فإنه على الرغم من الوفود المتكررة والقمم التي لا تنتهي والمتعلقة بقضية الهجرة غير النظامية، ثمة علامات استفهام حول مدى استيعاب أوروبا لخطورة هذه المسألة، وإذا ما نظرنا إلى أن هناك نية ما لهدم تركيا اقتصاديا عبر هذه النافذة، بحيث الحل الوحيد الذي تراه أوروبا هو أن يبقى هؤلاء المهاجرين في تركيا، أو أن ترسل أنقرة أولئك إلى الأماكن التي قدموا منها.

ونقل الكاتب تصريحات عن متين تشورباتير مدير "مركز أبحاث اللجوء والهجرة" وهو الذي كان الناطق السابق باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، قوله: "إعادة اللاجئين إلى بلادهم قد يبدو قولا سهلا، تقولون ألقي القبض على هؤلاء ثم أرسلهم، والمسألة لا تكون بهذه البساطة، كثير من اللاجئين يقومون بتدمير هوياتهم أو أي أوراق ثبوتية تتعلق بهم، وبالتالي، من الصعب جدا تحديد البلد الذي سيتم إرسالهم إليه".

وتابع نقلا عن تشورباتير: "نحن نبحث حاليا في الإعلانات أو المستندات الأخرى كوسيلة للتأكد، وعلى سبيل المثال، مهما كانت هذه الأوراق، والتي قد تصل إلى أن تكون فاتورة مطعم أو فندق مكث فيه قبل وصوله إلى تركيا، خاصة الذين يقدمون من إيران". وأضاف: "مع القانون الذي تم تبنيه في البرلمان أمس، هناك الآن إمكانية لفحص الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى وفي هذه الخطوة فائدة حيث يتواصل هؤلاء مع عوائلهم ويتبعون أخبارهم خطوة بخطوة".

وتابع: في حال لم يفلح هذا كله، سنصل إلى طرق مسدودة، وأحيانا نلجأ إلى تحذيرهم في محاولة لإقناعهم، إما أن نرسلك إلى الدولة الفلانية أو أن تبقى في تركيا مشردا، في محاولة لإقناعهم من أجل إرسالهم إلى بلادهم، وثمة طرق أخرى نلجأ اليها حيث نخمن أن هذا الشخص قدم من دولة ما.

وبيّن تشورباتير: لكن حين يتم التواصل مع القنصلية التابعة لها تلك الدولة، تنفي ذلك وتقول ليس لدينا مواطن بهذه المواصفات، وحاليا يجري الآن تطوير طرق معينة لإيجاد حلول لتلك العراقيل، ومنها أيضا محاولة تحليل اللهجة ومعرفة لغته لمعرفة دولته.

خطورة الهجرة

وبشأن سؤال: ماذا لو كانت تلك الدولة التي قدم منها المهاجر غير الشرعي معروفة؟، أجاب المسؤول التركي، قائلا: بالنسبة لهم، فإن الوضع مضطرب. بمعنى آخر، هناك قواعد لإرسال جميع القادمين من أفغانستان أو بلد آخر، لا يمكن أن تنفذ هذه الأمور خطوة خطوة، كأن ترسلهم في طائرة واحدة وقبلها يتم التواصل مع الناس هناك خطوة بخطوة، فهذا مجهد ومكلف في ذات الوقت، ويأخذ مدة زمنية طويلة.

وأضاف: لذلك، يتزايد عدد مراكز الإعادة إلى الوطن وهذا يخلق ضغطا كبيرا ، وهنا يمكن القول إن إعادة المهاجرين إلى بلادهم أزمة أخرى فضلا عن الأزمات التي تحدثت عنها سابقا، مثل محاولة عرقلة موجات الهجرة وبعدها تحديد جنسياتهم، المهاجر وضع في نفسه الذهاب إلى أوروبا وخطط لذلك وبذل كل ما يمكن بذله.

وفيما يخص الدول الأوروبية ومدى إدراكها لخطورة هذا الأمر من عدمه، قال تشورباتير: "على العكس، هم مدركون لخطورة الهجرة غير النظامية، وكل شخص في أوروبا قلق تجاه هذه المسألة، لكن في المقابل هناك سبب وجيه لذلك، فالناس تموت الآن في الشوارع في العراق وإيران، وبالتالي، هناك ذعر في أوربا، ولا سيما إذا أرخت تركيا قبضتها الحدودية.

وأشار إلى أنه لأجل ذلك، هناك الكثير من الاجتماعات والأعمال مع تركيا، وعلى سبيل المثال، هناك مشروع مستمر منذ فترة طويلة في الشرق والغرب كإدارة حدود متكاملة، ويتم تطوير العديد من الأنظمة الرقمية مثل بصمات الأصابع وقراءة العين.

واختتم حديثه بالقول: بعبارة أخرى هناك اهتمام خاص بتركيا بعد أن استحالت إلى بوابة عبور، وعلى سبيل المثال تردد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه وبدون الجلوس مع تركيا والنقاش حول المسألة السورية لا يمكن أن نصل لحل في قضايا أخرى ومنها الهجرة غير النظامية.