في الأمم المتحدة.. لماذا فتح أردوغان قضية "حدود إسرائيل"؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "يني شفق" التركية، الضوء على خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان الأخير في الأمم المتحدة، حين رفع صورة لخريطة فلسطين منذ احتلالها عام 1948 وحتى يومنا هذا، مرددا تساؤلات حول حدود إسرائيل.

وقال الكاتب "زكريا كوروشون" في مقال له بالصحيفة: إن أردوغان يريد أن يوجه رسالة للعالم أن هذه الدولة التي تسمي نفسها "إسرائيل" ليس لها أبسط مقومات الدولة وهي الحدود، وهذا يعني أن "إسرائيل" دولة قائمة على الاحتلال وقضم الأراضي ليس أكثر.

وكان أردوغان حرك اهتمام العالم المنشغل عن القضية الفلسطينية أثناء خطابه في 24 سبتمبر/أيلول، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74 في نيويورك، مستعرضا خارطة فلسطين قبل احتلال "إسرائيل" لها حتى اليوم، ليُظهر لرؤساء العالم الدمار الذي حل بالأراضي الفلسطينية التي تتقلص يوما بعد يوم، حتى تكاد تتلاشى بسبب سياسة "إسرائيل" القائمة على الاستيطان ومصادرة الأراضي.

وقال أردوغان إن "إسرائيل لم تشبع بعد"، وتساءل في خطابه عن حدودها، وأين تقع؟ غير أنه لم يتلق أي جواب من الأمم المتحدة أو من الدول التي انضمت للاجتماع، "ولن يفعلوا، لأن الغرب الذي أراد أن يتخلص من اليهود منذ زمن ألقاهم في المنطقة وزرعهم كدولة غريبة عنا، وسمح لهم بالحصول على ما يريدون؛ والآن وبعد كل هذه السنين لم يحاول البعض التحدث بالأدلة والمنطق والتاريخ، أو العمل على إثبات أحقية الفلسطينيين في بلادهم، فذلك كله تم ويتم تجاهله"، وفق الكاتب.

مسألة غربية

ورأى الكاتب أن قضية اليهود بما فيه "دولة إسرائيل" ليست مسألة تتعلق بالعرب والمسلمين، بل هي مسألة غربية داخلية، "فمنذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، أصبحت فلسطين أرضا متاحة لهم كوسيلة للخروج من بلاد الغرب وصدّروا لنا مصطلح معاداة السامية وهو مصطلح غربي بحت ومدعوم منه، ومع ذلك، كما في الماضي، فإن الأمم المتحدة تتجاهل المشكلة الآن".

اليهود الذين تعرضوا للتمييز مرارا في الغرب، دعموا الاقتصاد البريطاني في الحرب العالمية الأولى وضمان بقاء الحكومات البريطانية وكنوع من رد الجميل، مهدت بريطانيا الطريق لليهود الذين كانوا عالقين وراء صلابة الخلافة العثمانية بإعلان وعد بلفور في عام 1917.

بعدها أصّل اليهود لذلك وادعوا أن الوطن الموعود لهم في كتابهم "التوراة" هو فلسطين، وبنوا كل خططهم على هذا الأساس ونشروا آلة دعائية جبارة، استخدمت الدين والتوراة والوعود الإلهية كمادة أساسية.

"وهنا مربط الفرس ومنطلق السؤال الذي طرحه الرئيس على الجمعية العامة للأمم المتحدة بإظهار خرائطها؛ وربما كان يقصد الرئيس من وراء هذا السؤال سؤالا آخر وهي "أين هي أرض الميعاد؟" التي طالما تغنى بها اليهود، وأين تقع وما هي حدودها؟"، وفق الكاتب.

ولفت الكاتب إلى أن اليهود يزعمون أنها أي "أرض الميعاد" تقع بين النيل والفرات، وحدود "إسرائيل" كذلك، وبالتالي فإن جواب الرئيس أردوغان هو ذاك وعليه فيكون الحد الجنوبي لها هي البحر الميت والذي يبدأ من حدود الأردن، وذلك فإنه ولسنوات، تعمل "تل أبيب" على توسيع مستوطناتها؛ وقد كان وعد بنيامين نتنياهو الأكثر طموحا في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة بضم الحدود الجنوبية بعدما أعلن عن ضم الجولان.

وثائق العار

ووصف الكاتب وعد بلفور بأنه "وثيقة العار"، مؤكدا أن فلسطين قبل ذلك كانت تقع تحت الانتداب البريطاني مما مهد لقيام "دولة إسرائيل"، حيث دعمت عملية شراء الأراضي من قبل الإسرائيليين، ووفرت لهم الكثير من فرص العمل.

ولفت الكاتب إلى أن هذه الممارسات الظالمة شجعت العرب على التمرد حيث إنه وفي عام 1936، أسس البريطانيون لجنة ملكية وضعوا فيها اللورد ويليام روبرت بيل على رأسه وفحصوا المشكلة على الفور ليخرج تقرير اسمه "وثيقة بيل".

هذه الوثيقة، التي أعلن عنها في عام 1937، هي وثيقة العار الثانية للبريطانيين؛ لحيث يتم تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وتبقى المنطقة الثالثة تحت الحكم البريطاني ووفقًا لهذه الخطة التي تختلف تماما عن الخرائط الموضحة في الأمم المتحدة، فإن اليهود سيؤسسون دولتهم في قطعة صغيرة من الأرض تشمل عكا وحيفا والناصرة ويافا. 

ومع الوقت، تغيرت الخطط وباتت فلسطين هي وطن اليهود، وذلك خلال 20 سنة فقط من وعد بلفور، وبدأت موجات الهجرة اليهودية من شتى بقاع العالم، لينظر لفلسطين على أنها وطن اليهود الموعود.

وفقا لخطة بيل، فإن بيت لحم والقدس تبقى تحت الحكم البريطاني ويؤسس العرب دولهم في المناطق المتبقية غير أن ذلك وبالذات مكانة القدس لم ترضِ العرب ولا الفلسطينيين، وبالتالي تم الاعتراض على هذه الخطة، وبدأت الاشتباكات في المنطقة؛ ثم مرة أخرى تغيرت الخطة أكثر من مرة وفي كل ظرف يتم تغيير الخطط بناء على التغيرات.

الملف الأكثر أهمية الذي حاز اهتمام الأمم المتحدة كان قضية فلسطين؛ ولكن ليس على محمل الجد، فلم تخرج بأي حل أو خطوة حقيقية وجادة، وأخيراً تم فرض خطة التقسيم لعام 1947 على العرب وبناء على ذلك، تم إنشاء ثلاث مناطق في فلسطين؛ لتكون القدس وبيت لحم تحت سيطرة الأمم المتحدة، 56 % من الأراضي المتبقية من نصيب اليهود، والباقي للعرب.

وبالطبع، لم ينجح هذا التقسيم غير العادل، ففي الوقت الذي عارض العرب هذا التقسيم، عارضه اليهود أيضا لأنه حصر "أرض الميعاد" بهذه الأراضي بعكس طموحاتهم في تلك الفترة.

أسئلة بلا جواب

ومع قيام دولة إسرائيل في عام 1948، بدأت كارثة جديدة للعرب؛ فلم تتمكن الأمم المتحدة من إيجاد حل جديد خلال العشرين سنة التالية، وأخيرا كانت هناك حرب عام 1967، حيث باتت الطريق أمام "أرض الميعاد" متاحة.

ينتهي الكاتب هنا من العرض الموجز لتاريخ فلسطين منذ وعد بلفور وحتى ما وصلت إليه الأمور في عصرنا الحالي، مؤكدا أن ثمة بعض الأسئلة؛ التي قد تؤذي البعض ومنها:

لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة اتخاذ قرارات بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل بعد عام 1967؟

ماذا يفعل العالم الإسلامي حيال ذلك؟ ما الذي قدمته منظمة التعاون الإسلامي منذ إنشائها عام 1969، حتى الآن للقدس؟

ما هي الأفكار الحقيقية لجامعة الدول العربية والعرب عموما عن فلسطين؟

هل اتخذت تركيا التدابير اللازمة لمنع احتلال فلسطين من قبل اليهود سيما وأنه وفقا للادعاءات فإن بلاد الأناضول تقع ضمن حدود "أرض الميعاد"؟