علاقات حماس وإيران.. بين مبادئ الحركة وحسابات المصالح

قسم البحوث | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

1- أسس ومحددات وأهداف العلاقة بين حماس وإيران

أ - من الجانب الإيراني

ب – من جانب حماس

2 – تاريخ العلاقة بين حماس وإيران

 أ- من 1990 حتى 2011

 ب- من 2012 إلى 2016

ج - من 2017 إلى 2022

 3 – طبيعة الدعم الإيراني لحركة حماس

 الدعم المالي

 الدعم العسكري

 الدعم السياسي

 4- تبعات العلاقة مع حماس على إيران

 أ- على المستوى الداخلي

ب- على المستوى الخارجي

 5- تبعات العلاقة مع إيران على حماس

 الضغوط الإيرانية

 الخلافات الداخلية

 الخلاف مع السلطة الفلسطينية

 تفتيت المقاومة

 توتر العلاقات الخارجية

 تشويه الصورة الذهنية

 6- ردود الفعل الشعبية في اليمن وسوريا على تقارب حماس مع الحوثيين والأسد

 أ- ردود الفعل على التقارب مع الحوثيين

 ب- ردود الفعل على التقارب مع الأسد


 مقدمة

يشبه حالُ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في سياستها الخارجية حالَ مَن يمشي في حقل من الألغام، فهي حركة مقاومة مسلحة وطنية، تسعى لتحرير فلسطين، وتحتاج إلى مختلف أشكال الدعم الذي يضمن لها الصمود والاستمرارية في مواجهة المُحتل، وعلى الرغم من انفتاح حركة حماس على الجميع من أجل توفير الدعم اللازم للمقاومة، وتأكيدها الدائم على أنها ليست جزءا من سياسة المحاور المتعارضة في المنطقة، ولا دخل لها بالخلافات الثنائية بين الدول، وأنها تتعاون مع كل مَن يمد يده لمساعدة الشعب الفلسطيني، فإن علاقتها مع إيران التي تعد داعما رئيسا للمقاومة الفلسطينية تضعها دائما في مرمى الاتهامات، وتعرّض صورتها للتشويه.

والاتهام الموجَّه لحماس من البعض هو أن الحركة قد تستدرج لتصبح ذراعا من أذرع إيران في المنطقة، ووكيلا عنها، يأتمر بأمرها، ويعمل لحسابها، خاصة حينما تتخذ خطوات إضافية في علاقتها بطهران ولا تكتفي بمستوى التوازن السابق في مستوى العلاقة بها. والحقيقة أن معيار الحكم على تبعيَّة حماس لإيران أو استقلالها عنها هو موقف الحركة حال تناقضت مبادئها ومصالحها مع مصالح طهران.

فهل تستطيع حماس الاكتفاء بعلاقات متوازنة مع إيران بالشكل الذي يحافظ على مساحات التقاطع والتوافق في الرؤية والمصالح بين الطرفين في الساحة الفلسطينية على وجه التحديد؟

وهل توسع الحركة من تحالفها مع إيران وأذرعها على حساب شعبيتها في المنطقة العربية بأسرها، أم تنأى بنفسها عن الانخراط في مسايرة السياسة الإقليمية الإيرانية؟

ظلت الإجابة على هذا الأسئلة معلقة لفترات طويلة لعدم وجود حالة حقيقية تُختبَر فيها استقلالية قرار حماس السياسي عن إيران التي تدعمها بالمال والسلاح، وظل معها الاتهام قائما إلى أن جاء الربيع العربي.

فاشتعلت نيران الأزمة في سوريا واليمن، وتعارضت مبادئ ومصالح حماس وإيران، وكان على الحركة أن تجيب على السؤال المذكور إجابة عملية، تنفي بها ذلك الاتهام أو تثبته.

اختلفت مواقف الطرفين من الثورة في سوريا والحرب في اليمن، ثم جاء قرار حماس باستئناف علاقاتها مع سوريا بعد عشر سنوات من القطيعة بين الطرفين[1]، وتواصل الحركة مع الحوثيّين في اليمن، ليثير العديد من التساؤلات حول أهداف طهران من دعمها.

وأيضا تبعات العلاقة بين الحركة وطهران، ومدى تأثير الضغوط التي تمارسها إيران عبر الدعم المالي والعسكري على القرار السياسي الحمساوي، وقبل ذلك كله محددات العلاقة بين الطرفين.

وللتعرُّف على موقف حماس من إيران ومن الأزمة في سوريا واليمن وأثر ذلك على علاقات الطرفين، تسعى هذه الورقة لتسليط الضوء على أسس العلاقة بين الحركة وطهران ورصد تطورها تاريخيا.

وأيضا طبيعة الدعم الإيراني لحماس ومدى مشروطيته السياسية في ضوء رصد مسار تطور محطات العلاقة بين الطرفين، كما تعرض الورقة أهداف كل طرفٍ من علاقته بالآخر، والمكاسب التي يجنيها من وراء هذه العلاقة في مقابل التبعات والآثار السلبية المترتبة عليها.


1- أسس  ومحددات وأهداف العلاقة بين حماس وإيران

أ- من الجانب الإيراني:

تروّج الدوائر السياسية الإيرانية والأصوات المؤيدة لها من المؤسسات البحثية والإعلامية لوجود أسس مشتركة تقوم عليها العلاقة بين حماس وإيران، وأن هذه الأسس هي المنطلق للسياسات الخارجية التي يتبنَّاها الطرفان، خاصَّة فيما يتعلق بالبُعد الإسلامي لمواجهة الهيمنة الأجنبية ونصرة الشعوب المستضعفة والتعامل مع الكيان الصهيوني ومشروعه في المنطقة.

ويُدلل هؤلاء على زعمهم بمواطن التوافق بين دستور الجمهورية الإسلامية وميثاق حماس ووثيقة المبادئ والسياسات العامة للحركة.

إذ نصَّ الدستور الإيراني وميثاق حماس على وحدة الأمّة الإسلامية وتضامن شعوبها، ومساندة المستضعفين والعمل لنصرتهم، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين، وإحقاق الحق وإبطال الباطل في كل مكان، ورفض أي نوع من أنواع التسلط والخضوع، والمحافظة على الاستقلال[2].

وانطلاقا من الأسس المشتركة، تتفق السياسات الخارجية "المعلنة" لإيران وسياسة حماس في تعاملهما مع القضايا الكبرى في المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ويعلن الطرفان تمسكهما بالمبادئ التالية من أجل حلها وإعادة الحق إلى أصحابه الفلسطينيّين:

القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي، لأن فلسطين أرض إسلامية، ولا يجوز التفريط فيها أو في جزء منها.

عدم الاعتراف بإسرائيل، لأنها خطر على العالم الإسلامي، ووجودها وجود احتلال واغتصاب، ويجب على جميع المسلمين أن يعملوا على اقتلاعها.

رفض التطبيع وعملية التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، لأنها عملية استسلام لا سلام، وتحقق مصلحة المعتدي على حساب الضحية.

المقاومة المسلحة هي الحل لتحرير الأراضي الفلسطينية واستعادة حقوق للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة[3].

غير أن واقع الممارسة السياسية الإيرانية في تعاملها مع القضية الفلسطينية -أو غيرها من قضايا المنطقة- يشير إلى أن طهران تنطلق في دعمها للفلسطينيّين من منطلق براغماتي، يراعي مصالحها ونظامها الحاكم، ويتجاهل الأطر الأيديولوجية التي نصَّ عليها الدستور وما يترتب عليها من سياسات خارجية معلنة.

ولعل أحد الأدلة على ذلك هو تلك العلاقة القوية التي ربطت النظام الإيراني بنظام حافظ الأسد، ومن بعده ابنه بشار رغم غياب التوافق الأيديولوجي بين نظام الجمهورية الإسلامية في إيران والنظام البعثي القومي العلماني في سوريا، وهو نظير النظام البعثي العراقي الذي كفرته طهران وحاربته من قبل.

هذا بالإضافة إلى أن قضية تحرير الأراضي السورية المحتلة من جانب الكيان الصهيوني لم تكن على جدول العلاقات الإيرانية السورية، ولم يتعاون البلدان عسكريا لتحرير مرتفعات الجولان، رغم أن التعاون العسكري بين البلدين أسهل من التعاون العسكري مع المقاومة المحاصرة في قطاع غزة.

وعلى كل حال، فإن الأسس المشتركة وما ترتب عليها من سياسات خارجية، يمكن أن تعد مظلة "نظرية" لالتقاء المصالح بين حماس وإيران، وهو ما حدث بعد أن ظهرت الحركة كقوةٍ فاعلةٍ في نضال الشعب الفلسطيني، وصارت تحتاج إلى داعم يساعدها في توفير إمكانيات المقاومة.

تمتلك إيران مشروعا إقليميا توسعيا ينطلق من مبدأ "تصدير الثورة"، ويعمل تحت غطاء ما تطلق عليه طهران "نصرة المستضعفين"، ويهدف هذا المشروع  إلى التأثير في البلاد العربية والإسلامية.

وهذا أحد أسباب دعم إيران لحركة حماس التي تحظى بتأييد طيف كبير من الشعوب العربية والإسلامية المؤيدة للمقاومة، والمعادية لإسرائيل.

وبدعم حماس، تهدف إيران إلى كسب قوة ناعمة واسعة تسمح لها بالتمدد بسلاسة وسط شعوب المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية.

وهكذا تسعى إيران أن تظهر نفسها كمشروع للأمة الإسلامية وليس للطائفة الشيعة عبر دعمها لحماس التي تعد حركة مقاومة "سُنيَّة"، ولا يوجد لديها توجهات مذهبية للتقارب مع الشيعة.

وعلى صعيد العلاقة التنافسية الإقليمية مع إسرائيل، فإن المشروع التوسعي الإيراني الساعي للهيمنة على المنطقة يصطدم بعدة مشروعات، منها المشروع الصهيوني. ولهذا فإن إيران تدعم حماس عدوّ إسرائيل اللّدود.

ووجود الجبهات المفتوحة حول إسرائيل مثل غزة، أو تلك التي فيها احتمالات للاشتعال في لبنان وسوريا؛ يُمثّل أحد وسائل إيران في تعديل ميزان القوى في صراعها الإقليمي[4].

كما أن اشتعال الأزمات الإقليمية خارج حدود إيران يُقلّل من احتمالية المواجهة على الأراضي الإيرانية، وفي مقدمتها الأزمة الفلسطينية.

فالصراع بين حركات المقاومة المدعومة من الإيرانيّين وإسرائيل يشتت الأنظار إلى حد ما عن طهران من ناحيةٍ، ويجعل منها لاعبا مؤثرا ومركزيّا في المنطقة، ولا يُمكن تجاهله في أي صراع أو تسوية إقليمية من ناحيةٍ أخرى.

وهذا ما تسعى إليه الجمهورية الإسلامية التي تتعرَّض لضغوط إقليمية وغربية وأميركية بسبب ملفها النووي[5].

وهناك أيضا بُعد مذهبي لدعم إيران لحركات المقاومة في فلسطين، يتمثل في استغلال الدعم في نشر التشيع، وهو أحد أهداف النظام الإيراني.

وداخليًّا، يستخدم النظام الإيراني القضية الفلسطينية لتعزيز شرعيته الداخلية، ويُشكِّل دعم المقاومة مادة للتنافس والمزايدة السياسية بين المحافظين والإصلاحيين في سياق التنافس على السلطة والموارد المحلية.

وقد ظهر هذا في 2009، حينما استثمر التيَّار المحافظ العدوان الإسرائيلي على غزة في تعزيز مواقفه قبل الانتخابات الرئاسية، عبر تعبئة المجتمع الإيراني ضد إسرائيل وأميركا.

ب – من جانب حماس:

تعلن حماس منذ بدايات علاقتها مع إيران عبر قياداتها ومواقفها الرسمية أن محددات علاقتها مع طهران تقوم على أساس عدة مبادئ وأهداف للحركة، وأنها تسعى بتلك العلاقة لتحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية.

ودائما ما تؤكد الحركة على أن محددات علاقتها بإيران تنطلق من التالي:

 مبادئ الحركة مقدمة على أي شكل من أشكال الدعم، ولهذا فإن تلقي الأموال ليس أولوية بالنسبة لها، ولن تضحي باستقلالية قرارها السياسي في مقابل ذلك.

حماس حركة تحرر وطني فلسطينية، وتنتمي من الناحية المذهبية إلى أهل السُّنَّة، ولا تقسِّم الناس بمذاهبهم ولا طوائفهم، ولا تقبل الاصطفافات المذهبية، لأن قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين.

 حماس تبحث عن علاقات مع كل الدول الداعمة للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، على صعيد الدعم المادي والمعنوي، وأنها تحارب من أجل قضية جامعة، هي قضية كل العرب والمسلمين، وتحتاج إلى دعم الجميع، وليست في ترف من أمرها حتى تستغني عن العلاقة مع أي دولة تود الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني[6].

الانفتاح على كل من يقدم المساعدة للشعب الفلسطيني وقضيته، وهو تطبيق عملي لسياسة الحركة في التواصل مع الجميع، والتعاون مع كل من يدعم المقاومة والشعب الفلسطيني، وقد استفادت منظمة التحرير قبل ذلك من الدول الشيوعية في هذا الصراع.

دعوة الأمة العربية والإسلامية إلى التوحد وترك الفتنة من أجل فلسطين والمقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى.

حماس تنأى بنفسها عن الخلافات الإقليمية، ولا تدعم أي محور عربي أو إقليمي ضد آخر، وتسعى لتحسين علاقاتها مع جميع دول الإقليم لخدمة القضية الفلسطينية، بغض النظر عما بين هذه الدول من خلافات[7].

حماس ليست مطالبة باتخاذ موقف من قضايا لا تتعلق بالمقاومة أو بالقضية الفلسطينية، أو التورط في الصراعات الداخلية للدول.

حماس تحاول أن تتجنب الخسائر، وتُخضِع جميع العلاقات لفقه المصلحة، والقضية الفلسطينية هي الأساس المحدد والثابت والمحدد لعلاقاتها الدولية.

حماس في حاجة إلى عمق إستراتيجي، قد توفره العلاقات مع إيران، ولكن هذه العلاقات ليست على حساب مواقف الحركة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ونظرتها للإقليم والمنطقة.

تقدير حماس لما تقدمه إيران من دعم يمكنها من مواجهة العدو الصهيوني، وأن هذا الدعم موجه لمساعدة الفلسطينيين في قضيتهم العادلة، وليس من أجل احتواء الحركة وتوظيفها في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة.

محاولة تنحية الخلافات مع إيران جانبا، وربط العلاقات بمحدد أساس، هو محاربة النظام الصهيوني ومساعدة القضية الفلسطينية، والتمسُّك بخيار المقاومة.

ودائما ما كانت تلك المحددات التي تعلنها حماس محل اختبار من أنصار الحركة ومتابعيها كما هو الحال مع خصومها، وقد عاد سؤال مدى التزامها بكل تلك المحددات في علاقتها بإيران للطرح على الطاولة من جديد بعد التطورات الأخيرة الحادثة في العلاقة مع بشار الأسد في سوريا والحوثيين في اليمن.


2 – تاريخ العلاقة بين حماس وإيران

مرت العلاقة بين الطرفين بعدة محطات منذ تأسيس حماس حتى يومنا هذا، ونورد هنا أبرز تلك المحطات التاريخية للعلاقة بين الحركة وإيران

أ- من 1990 حتى 2011

تعود جذور العلاقة بين حماس وإيران إلى ما بعد ثلاث سنوات من تشكيل الحركة، حينما انعقد المؤتمر الأول لمساعدة الانتفاضة الفلسطينية في العاصمة الإيرانية طهران، عام 1990، وهو المؤتمر الذي شارك فيه القيادي الحمساوي، خليل القوقا.

وفي العام التالي، شاركت حماس بشكل واسع في المؤتمر الذي صار يعقد بشكل شبه دوري، وطلبت من إيران افتتاح مكتب يمثلها في طهران[8].

وبعد موافقة إيران، بدأ القيادي "عماد العلمي" عمله كأول ممثل للحركة في طهران، بالتزامن مع وجود السفير الفلسطيني.

وجاء هذا في وقتٍ شنت فيه إيران حملة ضارية ضد ما أسمته "خط التسوية"، الذي التزم به الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد عملية السلام التي بدأت في مؤتمر مدريد وبعد اتفاقية أوسلو مطلع التسعينيات.

ولذلك وجدت إيران نفسها أكثر قربا من حركة حماس التي التزمت بـ"خط المقاومة"، في مقابل "خط التسوية" والتطبيع مع إسرائيل.

والحقيقة أن طهران  لم تجد أمامها في فلسطين لتتحالف معه في ذلك التوقيت إلا حماس السنية بسبب عدم وجود قوة شيعية أو أي قوة معتبرة أخرى أقرب لإيران أيديولوجيا.

كما أن العلاقة مع حماس كانت هي الأنسب لإيران التي تراجعت علاقتها مع منظمة التحرير الفلسطينية لأسباب عديدة، لعل أهمها وجود خلاف أيديولوجي بينهما، بسبب علمانية المنظمة ووقوفها عائقا أمام أسلمة الثورة الفلسطينية، بالإضافة إلى البُعد القومي للمنظمة.

وقد اتهمت إيران المنظمة بالتخلي عن المقاومة والتفريط في حقوق الفلسطينيّين، ووجدت البديل في حركة حماس التي رأت فيها حليفا قويا، وقدمت لها دعمها[9].

وكان إبعاد مئات من ناشطي حماس إلى "مرج الزهور" في جنوب لبنان عام 1992 محطة مهمة في العلاقات بين الحركة الفلسطينية وإيران.

إذ جاءت وفود إيران وحزب الله إلى مخيم المبعدين، وتعرفت طهران على الحركة عن قرب، واطلعت على تجربة حزب الله اللبناني حليف طهران في لبنان، وتواصلت مع الحرس الثوري الإيراني.

وتذكر تقارير أن أفرادا من الحركة قد تدربوا في ذلك الوقت على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكيفية تصنيع المواد المتفجرة[10].

 وحينما أُفرج عن قائد حماس ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين عام 1998، زار طهران، والتقى كلّا من المرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي، والرئيس الإيراني في حينها محمد خاتمي.

وتوثقت العلاقات بين الطرفين، وقدمت طهران لحماس الدعم السياسي والمالي، وتكنولوجيا التصنيع والتدريب العسكري لمقاتلي الحركة.

ومع فوز حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، زادت أهمية الحركة بالنسبة لطهران بعد أن أصبحت حكومة رسمية، ودُعِي إسماعيل هنيَّة رئيس الوزراء المنتخب وقتها (زعيم المكتب السياسي للحركة حاليا) إلى الجمهورية وجرى الاتفاق على تقديم مساعدات مالية كبيرة من إيران للفلسطينيّين[11].

وتعهدت إيران بالوقوف إلى جانب حماس والعمل على نجاح حكومتها، ووقعت اتفاقيات عديدة مع حكومة الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد الذي تعهد بإرسال مساعدات سنوية بقيمة 250 مليون دولار للفلسطينيّين[12].

وبعد أن انهارت الحكومة الفلسطينية، انفصلت غزة عن الضفة الغربية، وحوصرت حركة حماس، لكن إيران تعاملت مع حكومتها بوصفها الحكومة الشرعية لفلسطين، وواصلت تقديم المساعدات للمواطنين في القطاع.

وخلال حرب 2008 التي شنتها إسرائيل ضد غزة، لعب الدعم العسكري الإيراني دورا في مساعدة الجناح العسكري لحماس (كتائب القسام). وبعد شهر واحد فقط من الحرب، زار رئيس المكتب السياسي حينها، خالد مشعل، إيران، وشكر قيادتها، واصفا إيَّاها بـ"الشريك في النصر".

ب- من 2012 إلى 2016

ألقت تطورات الحالتين السورية واليمنية في تلك الفترة بظلالها سلبا على العلاقة بين الطرفين، وبرغم الخلافات التي نشأت بعد أحداث الربيع العربي، لم تنقطع العلاقة بين حماس وإيران بشكل كامل.

وهو ما حرص قادة حماس على التأكيد عليه في مناسبات عديدة، لعل أبرزها تصريحات خالد مشعل الذي قال إن "العلاقة مع الإيرانيّين لم تنقطع في أي لحظة"، ولكن ظلت أشكال الدعم والاتصال بين الطرفين في أدنى مستوى لها، من ناحية الدعم المالي والعسكري، والتمثيل الدبلوماسي أيضا.

وجدير بالذكر أنه في تلك الفترة نشأ تيَّار إيراني لا يثق في حماس، ويرى أنها انقلبت على نهج المقاومة، حتى إن مستشار الحرس الثوري، العميد خسرو عروج، قال إن الحركة "رفعت راية النضال والقتال لتدمير إسرائيل لكننا اليوم نرى كلاما آخر وتفكيرا مغايرا لنهج الإمام الخميني الذي يرفض الجلوس مع الظالم على طاولة واحدة"[13].  وهنا نستعرض تطورات تلك العلاقة في الملفين كل على حدة:

1- الملف السوري

مع بدايات الثورة السورية لم تقبل حركة حماس الرواية الإيرانية للأحداث في سوريا، والتي تعد انتفاضة الشعب "مؤامرة دولية على محور المقاومة"، وتمسكت بسياسة عدم التدخل في الشأن الداخلي للدولة السورية، ولكن موقفها هذا لم يُرض النظام الحاكم ومن ورائه الحليف الإيراني.

وبعد إيغال نظام بشار في التنكيل بالشعب السوري بمساعدةٍ من طهران وجدت حماس نفسها أمام اختبار أخلاقي صعب، بعد أن صارت مطالبة بتأييد النظام السوري المدعوم من إيران، كنوع من رد الجميل للدولة التي تستضيف قياداتها منذ منتصف التسعينيات وتدعمها بالمال والسلاح.

اختارت حماس الانحياز إلى الشعب السوري، وقررت مغادرة دمشق حفاظا على سمعتها وأعلنت تأييدها للثورة، وحيَّا إسماعيل هنية من على منبر الأزهر الشريف "الشعب السوري البطل الذي يسعى نحو الحرية والديمقراطية والإصلاح في بلده". وكان هذا هو أول موقف رسمي ضد نظام بشار الأسد[14].

ويفسر الإيرانيون موقف حماس من الأزمة في سوريا بالانحياز الأيديولوجي إلى الحركة الأم، جماعة الإخوان المسلمين، التي وقفت موقفا صلبا ضد ممارسات النظام السوري من خلال الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وذلك بعد أن شعرت بالثقة في التخلي عن المحور الإيراني.

وذكرت تقارير إيرانية أن حماس شاركت في الثورة السورية بالقتال ضد النظام السوري من خلال فصيل يُدعى "أكناف بيت المقدس"، يقوده أحد قادة الجناح العسكري بالحركة، وهو نضال أبو العلا.

ولكن حماس نفت ذلك، وأعلنت أن أولئك المقاتلين يتصرّفون في سوريا بشكل فردي ولا علاقة للتنظيم به[15].

وفي 2016، أصدرت حماس بيانا صحفيًّا حول أحداث حلب، أدانت فيه ما جرى فيها من مجازر دامية، ودعت إلى تحرك فوري "لإنقاذ المدنيّين الذين تعرضوا لعمليات قتل يومية، ووقف المجازر المروعة التي تُرتكب بحقهم".

وعلى الرغم من أن بيان حماس لم يُشِر بشكل مباشر إلى إيران، فإن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، قال إن الحركة ابتعدت عن طهران واتهمها بتنفيذ بأعمال عدائية ضد بلاده[16].

وكشف فلاحت بيشه عن وجود خلافات مع حماس، بسبب استمرار ما عده "تذبذب مواقف قادتها" من الأزمة السورية، وطالب هؤلاء القادة بإعادة النظر في مسار الحركة قبل إعلان "أبغض الحلال" من جانب طهران، والاتجاه لتيارات فلسطينية أخرى.

كما علقت صحيفة "قانون" المقربة من الإصلاحيّين على موقف حماس فقالت إنه "يبدو أنها ومنذ مدة طويلة ابتعدت عن إيران، ويمكن فهم هذا الابتعاد بوضوح من خلال ما يحدث في سوريا، وكل ذلك يحدث بالوقت الذي ينفي قادة الحركة وجود أي خلافات بالرؤى بين طهران وبينها ولكن على أرض الواقع يقومون بأفعال تختلف تماما عما يقولون"[17].

وعلى الرغم من أن "أبغض الحلال" الذي هدد به المسؤول الإيراني لم يتحقق، فإن النظام الإيراني عبَّر عن غضبه من موقف حماس من الأزمة السورية من خلال مراجعة الدعم المالي للحركة بشكل كبير.

وهو ما اعترف به خالد مشعل، الذي كشف عن تراجع الدعم الإيراني للحركة بسبب رفضها تأييد نظام الأسد. وأوضح أن حالة من الجمود قد تعرضت لها العلاقة مع إيران، ولكن الأمر لم يصل إلى حد القطيعة الكاملة[18].

يرى الإيرانيون أن الخلاف بين حماس وإيران حول الأحداث في سوريا واليمن لم يكن إلا نتيجة لتغيُّرات طرأت على الحركة بعد 2011 لأسباب ثلاثة:

أولها أن الحركة صارت تحظى بدعم الدول العربية التي تصدر الإخوان المسلمون المشهد فيها، وعلى رأسها مصر التي وصل إلى سدة الحكم فيها الرئيس محمد مرسي الذي دعم المقاومة. كما صارت الدول الأخرى التي لم يتغير وضعها تقبل بوجود دور لحماس.

وثانيها أن الحركة قبلت السير في مسار المصالحة مع السلطة الفلسطينية، وهو ما يعني – بالنسبة للنظام الإيراني - القبول الضمني بمسار التسوية مع إسرائيل، ويتعارض مع إستراتيجية فتح الجبهات والصراع الإقليمي التي تدعمه إيران.

وثالثها أن الحركة اختارت الانحياز إلى جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي زيادة التقارب مع محور قطر وتركيا، وأن هذا الانحياز ترتب عليه التعاون السياسي مع هذا المحور على المستوى الإقليمي[19].

وعليه فإن الإيرانيّين يتهمون حماس بارتكاب خطأ إستراتيجي تمثل في تخليها عمليّا عن أفكارها وأيديولوجيتها "الثورية" في مواجهة الكيان الصهيوني، والموافقة على المواقف التصالحية للسلطة الفلسطينية، والتضحية بالأصدقاء الإستراتيجيّين بعد أن ظنت أن مصالحها مع الأصدقاء الجدد.

2- الملف اليمني

كان اليمن هو ثاني ميادين الخلاف بين حماس والنظام الإيراني، وذلك لاختلاف موقف الطرفين من الحرب الدائرة بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثيّين الموالية لإيران، وهو ما وضع الحركة في موقف صعب.

إذ توترت العلاقة بين إيران وحماس بعد أن تبنَّت الأخيرة موقفا محايدا بين نظام بشار الأسد والمعارضة السورية، قبل الإعلان رسميّا عن دعمها لثورة الشعب السوري، وزاد التوتر شدة بعد أن تكرر موقف الحركة في الثورة اليمنية.

انتظرت إيران من المقاومة الفلسطينية، وفي القلب منها حماس، أن تؤيد موقفها من الحرب في اليمن، وترفض عملية "عاصفة الحزم" السعودية التي انطلقت عام 2015.

ولكن حماس أعلنت في بيان لها وقوفها مع "الشرعية السياسية" في اليمن وخيار الشعب اليمني الذي اختاره وتوافق عليه ديمقراطيًّا، وأنها تقف مع وحدة البلد وأمنه واستقراره، والحوار والتوافق الوطني بين أبنائه[20].

بدت صياغة بيان حماس عن اليمن حذرة ودقيقة، وأظهرت أن الحركة لا تتبنى موقفا محددّا مؤيدا للحرب على الحوثيّين أو ضدهم.

 وهو ما عزاه البعض إلى خشية الحركة من دفع أثمان سياسيّة كبيرة، سواء أكان للسعودية التي تقود الحرب، أم لإيران التي تقف بجانب الحوثيّين[21].

تزامن البيان مع تحليلات تحدثت عن أن موقف حماس هذا يعيد رسم خريطة تحالفاتها السياسية في المنطقة باتجاه إعادة التموضع نحو ما يسمَّى "المحور السنِّي"، الذي تترأسه السعودية، ويضم معظم دول الخليج العربي ومصر وتركيا، رغم أن بيان الحركة أبقى الباب مفتوحا أمام التقارب مع إيران وعدم قطع الخيوط معها.

لم تعلق إيران على موقف حماس بشكل رسمي، ولكنها تركت هذا الدور لوسائل الإعلام المحسوبة عليها وعلى حزب الله، والتي انتقدت البيان.

وزعمت وجود انقسام بين الجناحين العسكري والسياسي في الحركة حيال عاصفة الحزم. كما صرح مسؤول إيراني سابق أن "حماس لم تتعلّم الدرس من موقفها السّابق في سوريا، ورغم أنّ بيانها حول اليمن لم يحاول إغضاب إيران، لكن من الواضح أنّ فيه ميلا نحو السعودية، ممّا يعني أنها تدير ظهرها للمرة الثانية عمّن دعمها بالمال والسلاح"[22].

تأثرت العلاقة بين إيران وحماس بسبب التعارض بين موقفيهما من الوضع في اليمن، وهو ما أكده القيادي في الحركة صلاح البردويل، الذي اعترف بأن موقفهم في اليمن أثر سلبا على العلاقات مع طهران وسبب نوعا من أنواع البرودة في العلاقة.

ومع ذلك، حرصت حماس على عدم الوصول بعلاقاتها مع إيران إلى حد القطيعة، خاصة وأن كلا الطرفين لم يقرر مقاطعة الطرف الآخر، لوجود قواسم مشتركة لا يمكن تجاوزها في العلاقة بينهما.

كما حرصت الحركة أيضا على توضيح مرتكزاتها المبدئية في موقفها من الوضع في اليمن، والتي تدور كلها في الأطر التالية:

  • حماس مع الشرعية السياسية، سواء كان هذا الموقف يعد مؤيدا للتحالف (العربي) أم لا، وترغب في إيجاد حل سلمي لمشاكل اليمن.
  • حماس تعارض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليمن.
  • لا توافق حماس على تحرك المتمردين الحوثيّين ضد الحكومة الشرعية.
  • الحركة تقف مع كل أبناء الشعب اليمني، وتتمنى له الخروج من الصراع إلى الوحدة والأمان والازدهار.

ج- من 2017 حتى 2022

دفعت المتغيرات التي شهدتها المنطقة خلال تلك الفترة كلّا من إيران وحماس إلى استئناف التواصل، وذلك بعد تمكن انقلاب الجيش المصري على الرئيس محمد مرسي الذي كان يدعم الحركة وتمكن نظام الأسد من وقف تقدم الثورة السورية.

وجاءت بدايات مؤشرات التراجعات في مواقف حماس تجاه علاقتها مع إيران وحلفائها في المنطقة بدءا من 2016.

فبعد سنوات من الفتور، حسم المكتب السياسي لحماس، في 2016، الجدل الداخلي بالتصويت على استئناف العلاقات مع إيران، ولا سيما في ظل الحاجة الماسَّة للتمويل والدعم العسكري الذي لا يمكن أن تقدمه إلا طهران وبعد أن أدارت الدول العربية ظهرها للحركة.

هذا بالإضافة إلى حالة الإحباط التي منيت بها حماس بعد أن فشلت في بناء علاقات قوية مع السعودية، وهو ما كانت تأمل فيه بعد وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز للحكم[23].

جاءت بوادر التقارب من خلال قيادات حماس الذين أشادوا بالدعم الذي تقدمه إيران للمقاومة الفلسطينية على جميع المستويات، والذي وصفه عضو المكتب السياسي بالحركة موسى أبو مرزوق بأنه لا مثيل له ويفوق ما تقدمه الدول الأخرى.

وقال إن موقف إيران من القضية الفلسطينية واضح وصريح ومتساو مع مواقف شعوب العالم العربي والإسلامي التي تدعم المقاومة وتؤيدها.

وفي 2017، بدأت إيران مرة أخرى في تمويل حماس بعد أن التقى نائب رئيس المكتب السياسي، صالح العاروري، مسؤولين إيرانيّين كبارا.

وقال زعيم حماس في غزة يحيى السنوار إن "العلاقات مع إيران ممتازة، وهي الداعم الأكبر لكتائب عز الدين القسام بالمال والسلاح"، و"العلاقة اليوم تتطور وتعود إلى ما كانت عليه في الأيام القديمة".

وقال مسؤولون في حماس، عام 2018، إن العلاقات مع إيران أقرب من أي وقت مضى منذ قيام الثورة السورية سنة 2011.

وقد سعت حماس إلى تحسين علاقاتها مع إيران لأسباب عديدة، داخلية وخارجية، منها:

الانتخابات الداخلية التي أجريت لاختيار الهيئات القيادية لحماس، وأسفرت عن بروز ممثلي الجناح العسكري وسيطرتهم على قيادة الحركة في قطاع غزة.

ويُعرَف عن الجناح العسكري حماسه الشديد لتعزيز العلاقة مع إيران التي لعبت دورا كبيرا في تطوير بنية الحركة العسكرية وتدريب عناصرها.

إدراك حماس أنها ملزمة باستعادة العلاقة مع إيران لتحسين مكانتها الإقليمية التي تراجعت بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، واستيلاء عبدالفتاح السيسي على الحكم، وتوطيده للعلاقة بين القاهرة وتل‌ أبيب، ما أدى إلى عزلة الحركة وحصارها.

عدم ثقة حماس في النظام المصري، وإيمانها بأن أي تقارب معه مؤقت ولدواع مصلحيَّة تتعلق بالترتيبات الأمنية في شمال سيناء، ولا يمكن أن يصب في مصلحة الحركة أو أن يؤثر على علاقة السيسي بالكيان الصهيوني، والتي تقوم على التنسيق الأمني والسياسي وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

الأزمة المالية الطاحنة التي عانت منها مؤسسات الحركة بسبب انقطاع الدعم المالي الإيراني في الوقت الذي قطعت فيه السلطة الفلسطينية رواتب الموظفين، وفرض فيه الجيش المصري قيودا صارمة على تهريب البضائع والأموال عبر الأنفاق التي تمر من قطاع غزة وإليه، وهو ما يزيد من حدة الغضب بين سكان القطاع.

عدم قدرة قطر وتركيا على سد الفراغ الذي أحدثته القطيعة بين حماس وإيران، فالمساعدات التي تقدمها الدولتان تستهدف بشكل أساس القطاعات المدنية في قطاع غزة، في حين ظلت الحركة في حاجة للدعم المادي اللازم لضمان تعاظم قوتها العسكرية؛ سيما في ظل إدراكها أن المواجهة العسكرية مع الاحتلال ستتواصل.

تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وما قد يتبع ذلك من تضييق على نشاطات الحركة وقياداتها على الأراضي التركية وتقليص لمساحة الدعم التركي لها، ما ساهم في تغيير قناعات الأطراف المتحفظة على عودة العلاقات مع إيران.

الأزمة الخليجية ومقاطعة قطر من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر، إذ أدركت حماس حينها أن أي مصالحة خليجية قد تكون على حساب الدعم القطري لقطاع غزة الذي يتلقى مساعدات قطرية في مجال المشاريع المدنية وإنشاء البنية التحتية[24].

تسارع وتيرة التطبيع، والحديث عن إمكانية تكوين تحالف شرق أوسطي يستوعب إسرائيل في مواجهة إيران ومشروعها الإقليمي.

ولكن السؤال المطروح الآن هو: هل حماس وحدها هي التي سَعت لتحسين العلاقة مع إيران أم أن الأخيرة كانت حريصة هي الأخرى على عودة العلاقات إلى سابق عهدها؟

الحقيقة أن إيران أيضا لديها من الأسباب ما يدفعها إلى ابتلاع الإهانة التي شعرت بها بعد أن نأت حماس بنفسها عنها ولم ترهن قرارها السياسي بمصالح طهران في تعاملها مع الأزمة السورية واليمنية. ومن هذه الأسباب ما يلي:

اقتناع إيران بأن النقاط المشتركة بين طهران وحماس أكثر من نقاط الاختلاف، وعلى رأسها مقاومة المشروع الإسرائيلي والتطبيع والهيمنة الغربية في المنطقة.

قناعة الحرس الثوري بأن العلاقة مع حماس عسكرية في المقام الأول، ولا يجب أن تبنى على المواقف السياسية، لأنها تتمحور حول مواجهة إسرائيل وتهديد أمنها القومي من الداخل.

خشية إيران من تمكن الأطراف الفلسطينية الساعية للتسوية مع إسرائيل من الوصول إلى حل سياسي للقضية حال تراجع الدعم المقدم للمقاومة.

إدراك إيران لأهمية العلاقة مع حماس في إشغال تل‌ أبيب التي تهدد بين الحين والآخر بشن حرب على طهران بسبب مشروعها النووي.

عدم قدرة إيران على الاستغناء عن العلاقة مع حماس، بوصفها أكبر حركة مقاومة "سُنيَّة"، لتحسين صورتها في العام العربي ولمحاولة نفي اتهامات الطائفية الموجهة لتحركاتها في المنطقة، والتي غلب عليها الانحياز للمكونات "الشيعية" في لبنان والعراق واليمن وسوريا.

تعزيز حضور إيران الإقليمي والدولي من خلال مساعدة أكبر حركة مقاومة ضد الكيان الصهيوني، وهو ما يمنح طهران هامشا للمناورة في تعاملها مع الدول العربية والولايات المتحدة والغرب كدولة مؤثرة ذات نفوذ في المنطقة[25].

كسر دائرة العزلة التي فرضت على إيران في المنطقة بعد أن تورطت بشكل كارثي في الحالة السورية، وضد الشعب السوري، وذلك عن طريق التقارب مع حماس، والتأكيد على التزامها بدعم القضية الفلسطينية، التي تعد قضية كل العرب والمسلمين.

حرص القيادة الإيرانية على كسب أوراق جديدة قوية في مفاوضاتها مع الغرب حول الاتفاق النووي، من خلال تعزيز علاقتها مع قوى المقاومة في المنطقة، لكسب النفوذ الذي يساعدها في المفاوضات.

 عودة العلاقات بين حماس وإيران في 2016، جاءت بعد مجموعة من المواقف والإجراءات المتدرجة بدءا من 2017 للتواصل والتطبيع مع أدوات وأذرع طهران في المنطقة (حزب الله والحوثيين والأسد).

وتصاعدت الحالة نحو أعلى مستوى في 2022 بإعلان حماس عودة علاقتها الرسمية مع النظام السوري، وسنرصد في هذا المحور تطور العلاقات في الملفين السوري واليمني كالتالي:

1- الملف السوري

مع تطور الأوضاع على المستوى الإقليمي، واطمئنان إيران إلى وضع النظام السوري الذي استعاد سيطرته على معظم الأراضي السورية بمساعدة من القوات الروسية والإيرانية، سنحت الفرصة لطهران – في إطار سعيها لزيادة نفوذها في إطار التغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة – لترميم تحالفاتها الإقليمية، من خلال الوساطة بين دمشق وحماس.

قادت إيران عملية تحسين العلاقة بين حماس والنظام السوري، وفي هذا السياق، ذكر مصدر إيراني مطلع أن "مسؤولين إيرانيّين رفيعي المستوى التقوا بقادة الحركة خلال زيارتهم طهران في أغسطس/آب 2017، وعرضوا عليهم التوسّط بينهم وبين الأسد لعودة العلاقات المنقطعة بينهما.

وأوضح المصدر أن المسؤولين الإيرانيّين أكّدوا لقيادة حماس أنه باستطاعتهم إزالة حالة الاحتقان والتوتر لدى النظام السوري تجاه الحركة الأمر الذي رحَّب به الوفد[26].

ونُقِل عن برلماني إيراني قوله: إن "جهود الوساطة تسير في الاتجاه الصحيح"، مؤكدا أن القائد السابق لفيلق "القدس" الإيراني، قاسم سليماني، قاد جزءا من هذه الجهود قبل اغتياله بصواريخ أميركية.

وبعد انتهاء الزيارة، أكّد يحيى السنوار أنّ الحركة "لا تمانع في عودة علاقاتها مع النظام السوري"، مشدّدا على أن ما أسماها بـ"الانفراجة" التي تشهدها الأزمة السورية الداخلية ستفتح آفاق ترميم العلاقة وعودتها.

وقال السنوار: "ننتظر الوقت المناسب لإعادة تلك العلاقة حتى لا تدخل حماس في لعبة المحاور بالمنطقة، فسياستنا هي الانفتاح على كل الأطراف خدمة للقضية الفلسطينية".

تعددت الإشارات الإيجابية من جانب حماس تجاه النظام السوري ومنها إدانة القصف الإسرائيلي لمواقع سورية في ديسمبر/كانون الأول 2020، وتثمين القيادي أسامه حمدان موقف بشار الأسد لمساندته ودعمه للمقاومة الفلسطينية.

إذ أكد في مايو/أيار 2021 أن "موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريبا ولا مفاجئا"، مؤكدا أنه "من الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق"[27].

وجاءت تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، لتؤكد أن الجهود التي بذلتها إيران بمساعدة من الحزب في سبيلها للنجاح في تقريب وجهات النظر بين حماس والنظام السوري.

إذ صرَّح بأن سوريا منفتحة على تسوية العلاقة مع حماس، وأن "الإخوة في الحركة وصلوا بالإجماع إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن إدارة الظهر لسوريا لأنها جزء من محور المقاومة"[28].

ونقلت وكالة رويترز البريطانية، في يونيو/حزيران 2022، عن مصدرين من حماس، أن الحركة قررت استئناف علاقاتها مع سوريا، بعد لقاءات عقدت بين الطرفين على مستويات قيادية عليا[29].

كما أوضح مسؤول رفيع المستوى في الحركة لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الاتصالات مع سوريا في تحسن وفي طريق عودتها بالكامل إلى ما كانت عليه"، مشيرا إلى أن زيارات عديدة أجراها قادة حماس إلى العاصمة دمشق.

ثم جاء إعلان حماس الرسمي عن "مُضيّها في بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية" في بيان، أشادت فيه بدور سوريا، قيادة وشعبًا، في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وهو ما يستوجب الوقوف معها في ظل ما تتعرض له من عدوان إسرائيلي.

وأكدت أن قرارها باستئناف العلاقات مع سوريا يأتي في إطار حرصها على تطوير وتعزيز علاقاتها مع أمتها ومحيطها العربي والإسلامي، وخدمة للأمة وقضاياها العادلة، وفي القلب منها القضية الفلسطينية[30].

2- الملف اليمني 

صدرت عن حماس بعض التصريحات والتصرفات التي بدت معها الحركة وكأنها تتخلى عن حذرها في التعامل مع الأزمة اليمنية، وتتقرب من خلالها إلى الحوثيّين تدريجيا.

وهو ما دفع البعض إلى الزعم بأنها رسائل رمزية سيتبعها تعميق للعلاقات بين الحركة ومليشيا الحوثيين.

فقد التقى ممثل حماس بصنعاء، معاذ أبو شمالة، في يونيو 2021، عضو المجلس السياسي الأعلى للمليشيا محمد علي الحوثي، وقدم له درع الحركة، تقديرا لـ"جهوده في دعم القضية الفلسطينية ودعم المقاومة تحديدًا".

وقال: "ربنا يزيد من هذه العلاقة ويجمعنا وإياهم دائما في طريق التحرير والنصر، وأن تنكسر كل هذه المؤامرات والهجمة على المقاومة، وإن شاء الله النصر قريب"[31].

وفي يناير/كانون الثاني 2022، وصف محمود الزهار ما يحدث في اليمن من جانب التحالف الذي تقوده السعودية بأنه عدوان يشبه عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيّين، وخاطب اليمنيّين قائلًا: "مَن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه، وعليكم الدفاع عن أنفسكم بكل الوسائل لرد العدوان"[32].

وخلال الشهر ذاته، شهد قطاع غزة مسيرة رفعت فيها صورة لزعيم الحوثيّين في اليمن، عبدالملك الحوثي، وقد كُتِب على الصورة "القائد"، وسط هتافات وُصِفت بـ"المسيئة" للسعودية وقيادتها.

كما أرسل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنيَّة برقية تهنئة في يوليو/تموز 2022، إلى رئيس المكتب السياسي الأعلى، مهدي المشاط، بمناسبة حلول عيد الأضحى، وجرى تداول هذا الخبر في العديد من المنصات الإعلامية القريبة من الحوثيين والأذرع الإعلامية الإيرانية بشكل عام.

وبدورها، أطلقت مليشيا الحوثي مبادرة في مارس/آذار 2020 لمبادلة طيار وضابط سعودي بسجناء حماس في السعودية، وهي المبادرة التي رحبت بها الحركة، وقالت إنها تقدر عاليا روح التآخي والتعاطف مع الشعب الفلسطيني ودعم صموده ومقاومته، وتعبّر عن شكرها على هذا الاهتمام، ما دفع الحكومة اليمنية إلى الرد واصفة المبادرة بأنها متاجرة ومزايدة رخيصة.

وأضافت أن "ترحيب حركة حماس بالمبادرة، استفزاز لمشاعر اليمنيّين، وتأكيد على انخراطها في العمل كأداة للمشروع الإيراني"، وفق وصفها.

كما أدان المكتب السياسي للحوثيّين في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ما فعلته بريطانيا من خطوات "إجرامية" و"تآمرية" تستهدف المجاهدين في فلسطين، عبر تصنيف حماس حركة إرهابية.

وأكدت حماس على أن أي تصريح أو موقف أو تصرُّف يُفهَم منه أنه انحياز لأي طرف أو تدخل من الحركة في الصراع المؤسف في اليمن وغيره هو موقف شخصي لا يعبر عنها وعن قيادتها بأي حال من الأحوال.

تصريحات حماس وتصرفاتها لا تتسق مع موقفها الرسمي القائم على دعم الشرعية ورفض انقلاب الحوثيّين، وهو ما يدفع إلى اتهام الحركة بالانطلاق من منطلقات براغماتية للحفاظ على مصالحها مع المحورين المتضادين في المنطقة.


3 – طبيعة الدعم الإيراني لحركة حماس

تقدم إيران دعما منذ عقود لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إذ تمدها بالمال والسلاح، وتوفر لها غطاء سياسيًّا، في إطار ما تسميه طهران "محور المقاومة"، والذي يضم الحركات المسلحة التي تقاوم المشروع الصهيوني في المنطقة.

وهذا الدعم علني، تفاخر به إيران، وتضخم من شأنه، كسلاح في حربها الإعلامية على محور "التسوية والتطبيع"، كما تعترف به حماس التي تحتاج إلى الدعم المالي والعسكري في سبيل تحقيق أهدافها المعلنة في امتلاك الأدوات اللازمة لدعم مسار مقاومتها للعدو الصهيوني.

الدعم المالي

تتلقى حماس دعما ماليّا من جهات عديدة، تهتم بنصرة المقاومة الفلسطينية، ولكن الداعم الرئيس للحركة هو إيران، وهو ما يذكره قادتها بين الحين والآخر ويؤكدون عليه، كنوع من الاعتراف بالجميل، وربما كان هذا الاعتراف جزءا من الثمن الذي تريده طهران في مقابل دعمها للمقاومة، لما فيه من دعاية سياسية مباشرة للنظام الإيراني، وفي إطار ذلك، فقد صَرَّح رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، أن "إيران هي الداعم الأكبر للسلاح والمال والتدريب لكتائب القسَّام".

 ووفقا لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسيَّة، فإن حركات المقاومة الفلسطينيَّة تلقت مساعدات ماليَّة مِن إيران في عام 2019 تقدر بـ 650 مليون دولار لتوفير الاحتياجات الأساسيَّة ودفع رواتب الموظفين وصَرف معاشات لأسر الأسرى وإنشاء مساكن دمَّرتها إسرائيل "عقابا لهم على مشاركة أصحابها في أنشطة معادية لها"[33].

كما كشفت وثيقة من وثائق "ويكي ليكس" أن إيران تساعد حماس بـ 25 مليون دولار شهريًّا[34]، وقال إسماعيل هنيَّة، إن عدة دول تقدم مساعدات مالية لهذه الحركة.

لكن إيران كانت الداعم الرئيس لخطة الدفاع الكامل عن قطاع غزة بدفع 70 مليون دولار. وقد ذكرت وسائل إعلام عبرية أن طهران زادت مساعداتها لحماس، في 2019، بعد زيارة وفد من الحركة إلى طهران[35].

الدعم العسكري

تغيَّرت معادلة التسليح بعد أن فتحت إيران طريقا لتهريب الصواريخ والذخيرة إلى قطاع غزة، واستفادت حماس من خطوط الإمداد السرية.

وهو ما ساعد الحركة على امتلاك الصواريخ بعيدة المدى والمتفجرات القوية وغيرها، وهي أسلحة وصل معظمها إلى قطاع غزة عبر سلسلة من الأنفاق الضيقة على الحدود المصرية.

وفي نهاية عام 2008، ظهرت الصواريخ أجنبية الصنع، كصاروخ "الكاتيوشا"، لأول مرة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، وحضرت المفاجأة الأكبر بالنسبة إلى الإسرائيليّين خلال عدوان عام 2012، حينما أطلقت المقاومة صواريخ بعيدة المدى من طراز "فجر-5" الإيرانية، ليظهر بذلك دور إيران جليّا في تطوير حماس لترسانتها الصاروخية.

وبعد الانقلاب العسكري في مصر، استفاد مهندسو حماس من خبرات إيران الفنية في تحقيق مفاجأة، وهي تصنيع صواريخ يصل مداها إلى 80 كيلو مترا (50 ميلًا) ورؤوسا حربية محملة بـ175 كيلو غراما من المتفجرات[36].

وفي تقرير لصحيفة "ذا صن" البريطانية، يرجح أن قادة كبارا من قيادة حماس أدوا زيارات منتظمة إلى إيران، وخضعوا لتدريب على إنتاج وتشغيل أنظمة صاروخية متطورة، وذلك خلال زيارتهم لمنشآت إنتاج الصواريخ التابعة للحرس الثوري الإيراني[37].

وقال مسؤول استخباراتي غربي لصحيفة "ديلي تلغراف" إن التعاون بين إيران وحماس أدى إلى امتلاكها أسلحة أكثر فاعلية، سواء كانت من حيث المدى أو الدقة أو حجم الدمار الذي يمكن أن تسببه[38].

ولكن ارتباط حجم الدعم المقدم لحماس بمدى توافق قرارها السياسي مع القرار الإيراني يشير إلى استخدام هذا الدعم في الضغط على الحركة من أجل التموضع خلف طهران في مواقفها السياسية.

وهو ما حدث بعد مخالفة حماس للموقف الإيراني من الأزمة السورية، إذ ذكر قادة بالحركة أن المساعدات التي كانت تقدمها إيران تقلصت حينها إلى 15 أو 20 بالمئة[39]، ما أدخلها في أزمة مالية اضطرت معها إلى إغلاق بعض مؤسساتها الإعلامية وتخفيض رواتب الموظفين.

كما لوحظ استخدام حماس أسلحة محلية الصنع في مهاجمة إسرائيل، في الصراع الذي اندلع عام 2014، وقتل فيه عدد كبير من المدنيّين الفلسطينيّين.

إذ اعتمدت الحركة على صواريخ مصنعة محليّا في الرد على الاعتداء الإسرائيلي ومهاجمة المدن المحتلة على عكس ما حدث في 2012، حينما استخدمت صواريخ أنتجت في إيران[40]، وهو ما يقوي فرضية تراجع الدعم العسكري أيضا لحماس في ذلك الوقت.

الدعم السياسي

كانت حماس لاعبا ثانويّا على مستوى القضية الفلسطينية حتى بداية التسعينيات، إذ كانت السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها منظمة التحرير هي اللاعب الرئيس المعترف به من جانب العالم العربي والمجتمع الدولي كممثل للشعب الفلسطيني.

ولكن إيران بدأت ترى في حماس ممثلا للشعب الفلسطيني بعد أن ساءت علاقتها مع منظمة التحرير التي سارت في مسار المفاوضات مع الكيان الصهيوني,

 في حين تبنت حماس المقاومة المسلحة ورفضت الاعتراف بإسرائيل، لتتحول العلاقة بعد ذلك بين الطرفين إلى تحالف إستراتيجي، بحسب تعبير ممثل الحركة في طهران سابقا، عماد العلمي.

وبدعم سياسي من إيران، حظيت حماس بمساندة سوريا التي كانت تقرّب الحركات اليسارية والقومية والبعثية الفلسطينية، وهو تحوّل تقف وراءه طهران التي احتضنت حركات المقاومة الإسلامية.

ومع تعرّض حماس للحصار السياسي من جانب الدول العربية التي تدعم السلطة الفلسطينية، صارت إيران رافعة سياسية وسندا للحركة في مواجهة جهتين، هما العدو الإسرائيلي، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي تريد أن تنفرد بالقرار الفلسطيني. 

وقد استفادت حماس من الدعم السياسي الإيراني في موازنة علاقة السلطة الفلسطينية وحركة فتح مع أطراف عربية مثل مصر والسعودية، ومساومة محور التطبيع الذي يقاطع الحركة الإسلامية ويتهمها بالإرهاب.

فالدعم السياسي الذي تقدمه إيران وإن كان يخفف الضغط عن حماس، ويوفر لها مساحة للمناورة في علاقاتها المتقلبة مع الدول العربية، فإنه لم يساعد الحركة على الإنجاز السياسي، على عكس الإنجاز العسكري.

لكن في ذات الوقت، فإن التحالف مع إيران يحرم المقاومة من السند العربي والإقليمي، ولا يخدم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، لعزلة طهران الإقليمية والدولية، وعدم قدرتها على التأثير السياسي لمصلحة الفلسطينيّين، وذلك على عكس قطر التي تتمتع بعلاقات دولية مميزة، أو مصر التي تلعب دورا مهمّا في الوساطة والتهدئة، وتتحكم في معبر رفح الذي يمثل شريان حياة بالنسبة لسكان قطاع غزة، وفق بعض التقديرات.


4- تبعات العلاقة مع حماس على إيران

في مقابل المكاسب التي تجنيها إيران من علاقتها مع حركة حماس فإن ثمَّة آثارا سلبية يتعرَّض لها النظام الإيراني بسبب هذا العلاقة، على المستويين الداخلي والخارجي.

أ- على المستوى الداخلي

في ظل العقوبات التي فرضت على إيران من جانب الولايات المتحدة والغرب، تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، وهو ما أثر على الأحوال المعيشية للشعب الإيراني، وكان سببا في خروج المواطنين إلى الشوارع في مظاهرات احتجاجية.

وفي هذه المظاهرات، رفع المتظاهرون شعار "لا غزة ولا لبنان، روحي فداء لإيران"[41]، والذي يُعبّر عن رفضهم النزعة التوسعية الإيرانية، وسخطهم مِن تحمَّل المواطنين تكاليفها الماديَّة، واستنكارهم للاهتمام بالخارج على حساب الداخل.

كما استغلت المعارضة الإيرانية موضوع الدعم الذي يقدم لحركات المقاومة، وعلى رأسها حماس، في مهاجمة النظام الحاكم، واتهامه بعدم الصدق في دعمه لحركات المقاومة الفلسطينية، وأنه يستغل هذا الدعم لمصالحه التوسعية، وللتغطية على استبداده الداخلي، وأنه يسيء إلى القضية الفلسطينية.

وتدلل أصوات إيرانية معارضة لنظام ولاية الفقيه الحالي على ذلك بموقف النظام الإيراني من قضايا أخرى للمظلومين في العالم الإسلامي، لأنه لو كان هذا النظام صادقا في نصرته للمظلوم لأنصف المظلومين في الداخل أولا، وهم شعب إيران، قبل أن يعمل على إنصاف الآخرين.

ثم إن المبادئ لا تتجزأ، ولو كانت الحكومة الإيرانيَّة تدعم المظلومين مِن باب الدين والأخلاق، لما نسيت شعوبا إسلاميَّة مظلومة ومضطهدة في الشيشان وتركستان الشرقيَّة وكشمير، وهي الشعوب التي تغض إيران الطرف عن معاناتها بسبب علاقاتها الوثيقة مع حكومات روسيا والصين والهند[42].

ب- على المستوى الخارجي

 تتعرض إيران لضغوط بسبب دعمها لحماس، إذ تتهم دول المنطقة المُطبّعة والكيان الصهيوني طهران بتقويض عملية السلام من خلال تقديم الدعم العسكري للحركة.

وهو ما صرح به وزير الخارجية البحريني السابق خالد بن أحمد آل خليفة، بقوله إنه "لو لم يكن هناك دعم إيراني بالجنود والمال لحركة حماس في غزة، لكان تحقيق السلام بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين أقرب"[43].

أما الولايات المتحدة فإنها تتهم إيران بدعم الإرهاب من خلال دعم حماس، وتعد الدعم العسكري الإيراني للحركة انتهاكا للاتفاق النووي الذي عقد في 2015، والذي تضمن قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي يحظر عليها تصدير السلاح بدون إذن المجلس[44].

وفي يوليو/تموز 2022، وَصَف إعلان القدس الموقع من الولايات المتحدة وإسرائيل، التعاون بين طهران وحماس بأنه عدوان يزعزع استقرار المنطقة، وتعهد الجانبان بمواجهة المقاومة التي وصفاها بالإرهابية، وأنها تعمل كوكيل لإيران، ومنها الحركة الإسلامية المذكورة[45].


5- تبعات العلاقة مع إيران على حماس

يمكن وصف العلاقة بين حماس وإيران بأنها سلاح ذو حدين بالنسبة لحركة المقاومة فعلى الرغم من استفادتها من الدعم الذي تقدمه طهران في تقوية وضعها المالي والعسكري والسياسي، فإن لهذا الدعم تبعات وآثارا سلبية عليها.

يمكن رؤية مظاهر ذلك في الضغوط التي تمارسها إيران للتأثير على قرار حماس السياسي، وفي الوضع الداخلي للحركة وقطاع غزة.

وأيضا في العلاقة بين الفصائل الفلسطينية، وعلاقة الحركة بمحيطها الإقليمي، وهو ما يؤثر على الصورة الذهنية لحماس في نظر أنصارها ومؤيديها في العالمين العربي والإسلامي.

الضغوط الإيرانية

لا يمكن لحماس أن تتخلى عن الدعم الإيراني، المالي والعسكري والسياسي، رغم أنه يمثل نقطة ضعف بالنسبة للحركة التي أغلقت في وجهها أبواب الدول العربية، لأن هذا الدعم ليس بلا ثمن، من وجهة نظر إيران على الأقل، حتى وإن أكدت الحركة مرارا وتكرارا على أنه مقدم لنصرة القضية الفلسطينية، وأنه لا يؤثر على استقلالية القرار الحمساوي.

لكن وكما جرى عرضه سلفا، فإن هذا الدعم يتذبذب صعودا وهبوطا على أساس مدى استجابة حماس للضغوط الإيرانية في الانسجام مع سياستها الإقليمية، فالدعم ليس مرتبطا فقط بمجريات وتطورات الساحة الفلسطينية وحدها.

الخلافات الداخلية

على الرغم من نفي قادة حماس وجود خلافات داخلية حول العلاقة مع إيران والكيانات الموالية لها بالمنطقة، فإن تصريحات هؤلاء القادة تظهر وجود تيارات متباينة داخل الحركة، حتى أن البعض يذهب إلى القول بوجود محورين داخل الحركة، هما المحور الذي يميل للجانب الإيراني، والمحور الذي يميل للجانب القطري التركي.

ويُعزى ذلك إلى المتغيرات الإقليمية التي ألقت بظلالها على حماس، وظهرت آثارها في الانتخابات الأخيرة للحركة، والتي أسفرت عن تولي إسماعيل هنيَّة رئاسة المكتب السياسي، وتولي خالد مشعل رئاسة المكتب السياسي للعلاقات الخارجية والدولية.

وهو ما يؤشر لوجود رأسين للعمل السياسي في حماس لاختلاف توجهات مشعل عن هنيَّة في بعض القضايا، وعلى رأسها مستوى تعاون الحركة مع إيران وحلفائها في المنطقة.

إذ يتمسك هنيَّة بالعلاقة مع النظام الإيراني، بينما يسعى مشعل لاستعادة رعاية الأنظمة العربية والتوازن في علاقتها بها.

وعلى ضوء ذلك، يمكن تفسير ما نشر في تقرير لصحيفة "رأي اليوم" عن رفض أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، مقابلة خالد مشعل، وتجاهل زيارته لبيروت، على عكس ما حدث مع هنيَّة، الذي استقبله واحتفت به أجهزة الإعلام والفضائيات التابعة للحزب والمقربة منه.

وقد برر مصدر مسؤول بحزب الله عودة العلاقات إلى طبيعتها بين الحزب وحماس بإبعاد مشعل من رئاسة المكتب السياسي، وانتخاب هنيَّة خلفا له، بعد أن أجرت الحركة مراجعة شاملة وجذرية لمواقفها من الحرب في سوريا ومحور المقاومة[46].

ولعل التباين أيضا بين القياديَّين محمود الزهار وموسى أبو مرزوق في موقفهما من العلاقة مع إيران يدلل على وجود خلافات في الرأي بين المحورين المذكورين.

فقد أيَّد الأول عودة العلاقات مع إيران وتقويتها بعد القطيعة التي سببتها الأزمة السورية، وهو ما يؤيده قادة آخرون، مثل يحيى السنوار، بينما هاجم الثاني الإيرانيّين بشدة في مقطع صوتي مسرب يُنسب إليه.

وقال في تعليقه على تصريحات إيرانية تتعلق بدعم المقاومة: "من 2009 تقريبا ما وصل منهم أي شيء، وكل الكلام الذي يقولونه كذب، وكل اللي بيصل لحبايبنا لم يكن من قبلهم، جزء من طرف صديق وأطراف أخرى بسبب الأوضاع في المنطقة وكله بجهد الأنفس.. لم يقدموا شيئا في هذا المجال وكل ما يقولونه كذب".

وانتقد أبو مرزوق موقف إيران من الأزمة اليمنية، وقال: "أهلكوا العباد بسبب أحاديثهم الباطنية وطريقة تعاملهم مع الناس"[47].

الخلاف مع السلطة الفلسطينية

إذا انتقلنا إلى دائرة أوسع، وهي دائرة الداخل الفلسطيني فسنجد أن علاقة حماس بإيران تؤثر على علاقتها بالسلطة الفلسطينية أيضًا، ومن ورائها حركة فتح، التي اتهمت طهران بتدبير "انقلاب" لمصلحة الحركة الإسلامية في قطاع غزة عام 2007.

وقالت إن "كل الحركة الانقلابية في غزة كانت وفق برنامج إيراني"، وإن المئات من حماس خرجوا من غزة وتدربوا في إيران وبعض الدول العربية، وفق تعبيرها[48].

كما اتهم الرئيس الفلسطيني، محمود عبَّاس، إيران بالوقوف وراء فشل المصالحة بين فتح وحماس، وقال إن هدف القيادة الفلسطينية هو "إبعاد الشعب الفلسطيني عن الوصاية الإيرانية"[49].

والآن، هناك سلطة في رام‌ الله تسير في مسار التسوية، وارتبطت بالاحتلال الإسرائيلي والحكومات المُطبّعة، في مقابل قوى المقاومة الفلسطينية، وفي القلب منها حركة حماس، التي اضطرتها الظروف إلى الانفتاح على إيران التي تدعم محور المقاومة في المنطقة ضد إسرائيل.

وهذا يعمق الانقسام الفلسطيني، لانحياز الفريقين الأساسيين في فلسطين إلى محورين متضادين، لأن الخروج من حالة الانقسام بينهما يعني في بعض جوانبه الاتفاق أو التنسيق بين المحورين الإيراني والإسرائيلي في المنطقة، وهو أمر يصعب تحقيقه.

تفتيت المقاومة

ثمَّة خطر داهم يواجه حركة حماس وينذر بتفجير الوضع في قطاع غزة، وهو تفتيت المقاومة، عبر دعم إيران لمجموعات مقاومة مختلفة في فلسطين، وتخصيص دعم إضافي لها، واللعب على الخلافات بينها.

وقد هدد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، بالتخلي عن حماس لصالح حركات أخرى بعد الأزمة السورية.

وقال: "في الوقت الحالي فإن العمق الإستراتيجي للمقاومة يمتد من شبه القارة الهندية حتى حدود إسرائيل، وإذا استمرت حماس بهذا التوجّه السياسي وفي هذه العرقلات، فلا شك أن إيران ستدخل بعلاقات جديدة مع الحركات الفلسطينية الأخرى"[50].

تحقق ذلك من خلال محاولة استنساخ كيان فلسطيني شبيه بحزب الله اللبناني، ليكون رأس حربة لإيران، ويتبع الولي الفقيه تبعية مذهبية لا يمكن معها اتخاذ قرار سياسي يعارض قراراته وخياراته. 

وهذا الكيان هو "حركة الصابرين"، التي أسستها قيادات منشقة عن حركة "الجهاد الإسلامي"، في 2014، وترفع شعارا مستنسخا من شعار الحرس الثوري الإيراني، وتدعو علنا للمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة، وتروّج إلى أن إيران هي رأس حربة الإسلام والدولة الوحيدة التي تحمل هموم القضية الفلسطينية.

وتمتلك حركة الصابرين أسلحة متنوعة وأموالا طائلة تحصل عليها من قبل إيران، ومن خلالها تمول مجموعات عسكرية صغيرة ناشطة في غزة، منذ أن أسسها هشام سالم[51].

وتصنف تلك الحركة على أنها تنظيم شيعي يتلقى تمويلا مباشرا من إيران، وهي وإن كانت لا تخفي تلقيها التمويل منها، فإنها لا تصرح بحقيقة توجهها المذهبي، بل تشدد على أنها غير مذهبية من الأساس.

ولكن مصادر صحفيّة ذكرت أن قرارا صدر عن مستويات قيادية في حماس دعا لـ"حظر حركة الصابرين وحلّها، بعد ثبوت تورّط التنظيم بأعمال تخالف عقيدة أهالي غزة ومنهجهم"[52].

توتر العلاقات الخارجية

تعد بعض دول المنطقة تحالفَ حماس مع إيران عملا عدائيّا موجها ضدها، وعلى رأس هذه الدول السعودية والإمارات ومصر، التي تتهم طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية وزعزعة أمن المنطقة واستقرارها.

فقد اتهمت الرياض حماس بالعمالة لإيران، وعدت التعاون مع النظام الإيراني تآمرا على دول الخليج، وهو ما نفته الحركة.

وكانت السعودية قد شددت في البيان المشترك مع الولايات المتحدة، على هامش قمَّة جدة، في يوليو/تموز 2022، على ضرورة وقف إيران دعمها للإرهاب من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها، في إشارة إلى حركات المقاومة، بما فيها حماس.

وتتهم الإمارات حماسَ بأنها مشروع أداة إيرانية إقليمية، وترى أنها لا تراعي القلق الخليجي والعربي تجاه تدخلات طهران الإقليمية، من خلال تأييدها للنظام الإيراني في صراعه مع الولايات المتحدة.

 وهو ما يُدخِل القضية الفلسطينية في متاهات هي في غنى عنها، وذلك بعد أن أدانت الحركة إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران، ورأتها وسيلة لإضعاف عوامل الصمود ومقوماته في مواجهة المشاريع والمخططات الأميركية[53].

تشويه الصورة الذهنية

لعل أخطر ما تواجهه حماس من جراء تطوير وتوسعة مستوى العلاقات مع إيران والانخراط في العلاقات مع أذرعها وأدواتها الإقليمية هو تشويه صورتها كحركة مقاومة تحظى بحاضنة شعبية كبيرة في فلسطين، وتأييد كبير من جانب الشعوب العربية والإسلامية التي سئمت من مواقف أنظمتها المتخاذلة أوالمتواطئة ضد القضية الفلسطينية.

وتقدم حماس نفسها منذ نشأتها كحركة مبادئية تمثل سندا لكل مستضعف، ونصيرا لكل مظلوم، لا تدخر جهدا في إحقاق الحق وإبطال الباطل بالقول والفعل. لكن لا شك أن تطور علاقتها بإيران يشوه صورتها كحركة مقاومة مؤيدة لنضال الشعوب- بخاصة بعد أن انخرطت طهران في مساعدة النظام السوري الذي ارتكب جرائم مروعة في حق الشعب السوري، كما دعمت إيران الحوثيين كذلك في انقلابهم على مسار الثورة اليمنية، وغير ذلك من السياسات الإيرانية المصادمة لحركة الربيع العربي في عدة دول عربية.

مثلت بعض المواقف والتحركات الدبلوماسية التي اتخذها قادة حماس مدخلا لمهاجمتها وانتقادها، ومثال ذلك ما حدث بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي نعاه إسماعيل هنيَّة، وأطلق عليه وصف "شهيد القدس"، وهو ما أثار حفيظة الكثيرين من أنصار الحركة قبل خصومها.

وعلى جانب آخر تتعرض حماس للتشويه والهجوم من أطراف خليجية، مصدرها الأول السعودية ومشايخها، وتستند إلى أن الصراع في المنطقة طائفي بين مكونات السُّنَّة والمكوّن الشيعي بزعامة إيران.  وتعتقد هذه الفئة بأن العلاقة بين حماس وإيران قائمة على استغلال الأخيرة للحركة في حربها الطائفية في المنطقة[54].


6- ردود الفعل الشعبية في اليمن وسوريا على تقارب حماس مع الحوثيين والأسد

أ- ردود الفعل على التقارب مع الحوثيين

أثارت تصريحات قيادات حماس عن اليمن غضبا واسعا في صفوف اليمنيّين وكذلك التحالف السعودي الإماراتي. فقد انتقد ناشطون وصحفيون وسياسيون مؤيدون للحكومة علاقة حماس بالحوثيّين، وقال سفير اليمن في لندن، ياسين نعمان، إن قيادة الحركة لم تراع ضرورات التحوُّط التي عرف بها الفلسطينيون في تعاطيهم مع قضايا المنطقة استجابة لمتطلبات نضالهم الوطني.

وبين أن "هذا الاختيار الخاطئ قام على شطب أسس وقواعد وقيم النضال الوطني الفلسطيني بحسابات إيرانية اخترقت المجال الحيوي العربي وأسسَّت لمسارات انقسامية خطيرة ما كان له أن يكون طرفا فيها"[55].

وندد حزب التجمع اليمني الإصلاح، الذي يشترك مع حماس في جذوره الإخوانية، بالعلاقة بين الحركة والحوثيّين، ووصفها بأنها استفزاز لليمنيّين. وقال إنه كان "الأحرى بحماس أن تحترم حق الشعب اليمني في مقاومة الإجرام الحوثي، وأن تنأى بنفسها عن الوقوع في هذا الفعل المُشِين، لا سيما وهي تقاوم الظلم والإجرام، ولا يصح أن تقبل على اليمنيّين ما ترفضه للشعب الفلسطيني".

وعلى المستوى الشعبي في اليمن، حيث تحظى حماس بشعبية واسعة، ذكر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن آراء اليمنيّين بدأت تتغير تجاه الحركة أخيرا.

وهو ما عبَّر عنه مواطن يمني بقوله: "نعلم أن حماس تربطها علاقة جيدة بإيران، لكن هذا لا يعني أن عليها دعم الحوثيّين ولو معنويًّا، لأنهم يقتلون اليمنيّين وكل اليمنيّين يقفون مع المقاومة الفلسطينية "[56].

أما وسائل الإعلام السعودية فقد شنت حملة كبيرة على حماس، ووَصَفت الحركة بأنها وكيل لإيران، و"خنجر مسموم يتلقى التعليمات من طهران، وتثبت للعالم أنها والحوثي وجهان لعملة الإرهاب الإيراني"، وفق وصفها[57].

ب- ردود الفعل على التقارب مع الأسد

أثارت أنباء التفاهمات الأخيرة مع النظام السوري كخطوة مهد إليها ورتبها الإيرانيون استياء أصوات مؤيدة لحماس، استنكرت الخطوة التي رأتها غير مبررة، وأنها لن تفيد الفلسطينيّين، وتدور في إطار الحليف الإيراني، وطالبت الحركة بمراجعة قرارها.

ويدخل في هذا الإطار لقاء ثمانية علماء يمثلون جهات إسلامية مؤيدة للمقاومة مع إسماعيل هنيَّة، وهو اللقاء الذي أعقبوه ببيان وَصَف القرار بأن فيه "مفاسد عظيمة، ولا يتفق مع المبادئ والقيم والضوابط الشرعية"[58].

أما المعارضة السورية، فقد أدانت إعادة الحركة علاقتها مع نظام الأسد، وأصدر المجلس الإسلامي السوري بيانا قال فيه إن حماس "ستضع نفسها في حالة مفاصلة واضحة مع الأمة".

وبين أنها "ستعزل نفسها عن مشروع قادة الحركة المخلصين الأوائل لتنتقل إلى صف الولي الفقيه والمليشيات والعصابات الطائفية بمواجهة شعوب المنطقة وأبنائها الأحرار والتاريخ والمبادئ والقيم"[59].

كما صرَّح أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف السوري، عبدالمجيد بركات، أن تقارب بين حماس والنظام السوري، لا يسيء إلى الحركة فقط، بل إلى الشعبين السوري والفلسطيني، ويعد ضربة للسردية النضالية الفلسطينية.

وقد أثار ما أعلنته حماس عن عودة علاقتها مع نظام الأسد استهجان الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية - شمال، الذي وصف بشار ونظامه بالقتلة والمجرمين، وتبرأ من أي موقف يعطي الشرعية لحاكم ديكتاتوري لا يمثل شعبه.

 شدد الشيخ على أن الذي وقف مع فلسطين هو الشعب السوري وليس النظام، وأن مَن يجبن بالرد على الصفعات والإهانات التي توجهها إليه إسرائيل، فهو أجبن من أن يكون سببا في استرداد الشعب الفلسطيني كرامته وحقوقه ووطنه[60].

كما أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا في ذات السياق بيانا دعت فيه حركة حماس إلى عدم إضاعة البوصلة تحت ضغط اللحظة الحاضرة، لأن قضية سوريا أكبر من أن تجري مبادلتها ببعض المكاسب ورضى بعض الحلفاء.

ومع إقرار البيان بما تتعرض له حماس من خذلان وجوع وحصار، فإنه رفض أن يُعمِي تقاطع المصالح المرحلية الآنية للحركة عن الحقائق الإستراتيجية الكبرى.

وهي أن التلاقي مع إيران عابر، وتلاقيها مع الشعوب هو التلاقي الأصيل، وأن صراع طهران والكيان الصهيوني هو صراع نفوذ، وأن أذناب طهران لم يأتوا إلا ليحتلوا ديار القتلى والمهجرين. وحذر البيان الحركة من هدم مجدٍ بنته بالدماء والدموع والتضحيات[61].

ولعل أخطر ما يواجه حماس هو تأثير التداعيات السلبية لقرار عودة العلاقات مع النظام السوري على علاقتها مع عمقها وظهيرها الشعبي العربي، الذي يخرج بالملايين دعما لها في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، ولا يمكن أن يقبل التقارب مع نظام تلوثت يده بدماء أكثر من نصف مليون سوري، وقتل الآلاف من الفلسطينيّين في مخيماتهم على الأراضي السورية، وهو ما يجعل هذا القرار الأكثر كلفة من النواحي الأخلاقية والقيمية والسياسية[62].


خاتمة

كانت الثورة في سوريا، ومن بعدها الأحداث المتعاقبة في اليمن، فرصة لاختبار حقيقة العلاقة بين حماس وإيران، والتي تشكلت منذ عام 1990، واستمرت هذه طوال عقود نظرا لوجود مصالح مشتركة بين الطرفين.

إذ استفادت الأولى من الدعم المالي والعسكري والسياسي الإيراني في تقوية أدواتها، واستفادت الثانية من الشعبية التي تتمتع بها حماس في العالم الإسلامي في كسر عزلتها المذهبية، والظهور كدولة فاعلة في الإقليم، والضغط على إسرائيل والغرب عبر ورقة المقاومة.

وكانت أحداث الربيع العربي نقطة فارقة في تاريخ العلاقة بين حماس وإيران، بعد أن طالبت الأخيرة الأولى بدعم مواقفها السياسية التي اصطدمت بتطلعات الشعبين السوري واليمني، وغلب عليها الطابع المذهبي، وهو ما رفضته الحركة لتتوتر العلاقة بينها، ويتقلص الدعم.

أتاحت الحرب في سوريا واليمن فرصة لتجربة مدى تمسُّك حماس بمبادئها، واختبار استقلالية قرارها السياسي.

وقد اجتازت هذه الاختبار بنجاح أول الأمر، بعد أن رفضت الامتثال للرغبات الإيرانية، وانحازت للشعب السوري والشرعية اليمنية، رغم معرفتها بما يمكن أن تتعرّض له من ضغوط إيرانية، تتمثل في تقليص حجم المساعدة التي هي في أشد الحاجة إليها بسبب الحصار المفروض عليها من محور التسوية والتطبيع وحربها المفتوحة مع دولة الاحتلال.

ولكن التطورات الإقليمية دفعت الجانبان إلى التقارب مرة أخرى بدءا من عام 2016، وهنا يتفهم الكثير لوجود علاقات مستمرة بين إيران وحماس في حدود مساحات وتقاطعات الرؤى والمصالح المشتركة في الساحة الفلسطينية. إلا أن تطور ذلك للوصول لحالة انخراط واسع لحماس في تحالفات مع القوى التي اصطدمت صداما مباشرا بالربيع العربي في عدة دول، والتي أوغلت في دماء شعوب عربية عدة وواجهت تطلعاتها في الحرية والكرامة والديمقراطية يعرض شعبية الحركة للخطر.

تلك الشعبية التي اكتسبتها بوصفها حركة مقاومة تسعى لتحرير شعب مظلوم، فلا يمكن أن تقبل منها الشعوب التعاون مع أنظمة دموية تحارب شعوبها، فذلك يتناقض مع مبادئ حماس وعدالة القضية التي تحارب من أجلها.

وجدير بالذكر أن العلاقة بين الطرفين لم تخلُ من بعض المقايضات والضغوط، فالداعم الإيراني ينتظر مساندة الحركة له في سياساته الإقليمية، ويضغط من أجل ذلك، عبر تقليص الدعم وتفتيت المقاومة. وكما جرى عرضه في الورقة فإن مستوى الدعم الإيراني لحماس ليس مرتبطا فقط بما يحدث داخل الساحة الفلسطينية، بل يتغير صعودا وهبوطا مع مدى انسجام الحركة مع سياسات إيران الإقليمية وتحالفاتها في المنطقة.

 ومما لا شك فيه أن العلاقة بين الطرفين لها بعض الآثار السلبية عليهما، فمن جهة إيران، فإن النظام يواجه أيضا معارضة داخلية لدعمه حركات المقاومة العربية على حساب المواطن الإيراني الذي يُعاني من آثار العقوبات الأميركية وتتهمه المعارضة باستغلال هذا الدعم لأهداف توسعية، وعدم رعاية المصالح الوطنية.

ومن جهة حماس، تزيد من الخلافات داخل الحركة وبين الفصائل الفلسطينية، وتؤثر على علاقتها بدول الإقليم المعادية لإيران، وتعرّضها لحملة تشويه تؤثر على صورتها الذهنية لدى العرب والمسلمين.


المصادر:
[1] حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أمة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان، 15 سبتمبر/أيلول 2022، https://bit.ly/3qN4m0k
[2] انظر: الدستور الإيراني، المواد: 11، 152، 154، وميثاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المواد: 9، 10، 15، 22، 31.
[3] انديشه سياسي در اسلام (مجلة علمية محكمة)، وجوه اشتراك وافتراق اديشه سياسى جنبش حماس با انديشه سياسى انقلاب إسلامى إيران (القواسم المشتركة وأوجه الخلاف بين الفكر السياسي لحركة حماس والثورة الإسلامية الإيرانية)، 1 فروردين 1395ش، ص113-115.
[4] الجزيرة، ماذا تستفيد إيران من دعمها لحماس؟، 19 يناير/كانون الثاني 2020، https://bit.ly/3cg3Rbp
[5] المصدر السابق.
[6] سبوتنيك عربي، هنية يتحدث لـ"سبوتنيك" عن علاقة حماس مع إيران وقطر ومصر وسوريا، 11 يونيو/حزيران 2018، https://bit.ly/3e3qzUx
[7] انظر: عبدالحكيم حنيني، منهجية حركة حماس في العلاقات الخارجية، مركز الزيتونة للدراسات، بيروت، 2018، ص205-206.
[8] راديو فردا، فراز و نشیب روابط حماس با جمهوری اسلامی (تقلبات العلاقة بين حماس والجمهورية الإسلامية)، 12 مرداد 1394ش، https://bit.ly/3QJ2YXZ
[9] الجزيرة، من الانتفاضة الأولى إلى سيف القدس.. لماذا تدعم إيران حركة حماس؟، 30 مايو/أيار 2021، https://bit.ly/3pCEOm4
[10] وكالة أنباء فارس، تقرير فلسطيني يتحدث بالتفصيل عن الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية خلال 4 عقود، 30 يونيو/حزيران 2019، https://bit.ly/3djBgT2
[11] راديو فردا، فراز و نشیب روابط حماس با جمهوری اسلامی (تقلبات العلاقة بين حماس والجمهورية الإسلامية)، 12 مرداد 1394ش، https://bit.ly/3QJ2YXZ
[12] شبكة فلسطين للحوار، هنية : 250 مليون دولار من إيران إلي الشعب الفلسطيني وإقرار مساعدات إنمائية عدة، 11 ديسمبر/كانون الأول 2006، https://bit.ly/3f0OFzK
[13] راديو زمانه، سپاه پاسداران سخنان یکی از مسئولان خود درباره حماس را تکذیب کرد (الحرس الثوري يكذب تصريحات أحد مسؤوليه حول حماس)، 21 تير 1395ش، https://bit.ly/3Tm1aFU
[14] RT عربي، هنيَّة يحيي من الأزهر شعب سورية البطل، 25 فبراير/شباط 2012، https://bit.ly/3AX8rop
[15] روزنامه انتخاب، دلخورى ايران از حماس: مى خواستيد با همكاري إخوان المسلمين به تهران پشت كنيد (استياء إيران من حماس: كنتم تريدون أن تديروا ظهوركم لطهران بالتعاون مع الإخوان المسلمين)، 19 فروردين 1393ش، https://bit.ly/3cpDrUF
[16] Iranian Studies, Understanding Iran-Hamas Relations from a Defensive Neo-Realist Approach, January 2021, https://bit.ly/3pVLFXS
[17] روزنامه قانون، دست خالي و سر پايين حماس! (حماس خاوية الوفاض ومطأطئة الرأس!)، 1 بهمن 1396ش، https://bit.ly/3RdrfoF
[18] الجزيرة، مشعل: إيران خفضت دعمها لحماس لرفضها مسندة الأسد، 15 مارس/آذار 2016، https://bit.ly/3Q5c4wN
[19] پژوهش‌هاي سیاسی و بین‌المللی (مجلة علمية محكمة)، بررسی روابط ایران و جنبش حماس بعد از بیداري اسلامی (دراسة العلاقات بين إيران وحركة حماس بعد الصحوة الإسلامية)، سال 6، شماره 24، 1394ش، ص55-57.
[20]France 24 ، حركة حماس تعلن وقوفها مع "الشرعية السياسية" في اليمن، 28 مارس/آيار 2015، https://bit.ly/3bOtQ9B
[21] المونيتور، حماس تعيد رسم خارطة تحالفاتها بعد حرب اليمن، 8 أبريل/نيسان2015، https://bit.ly/3C360S8
[22] مركز الجزيرة للدراسات، "حماس" و"الجهاد" تعيدان توصيف العلاقة مع إيران، 7 سبتمبر/أيلول 2015، https://bit.ly/3C1FEzY
[23] Al-monitor, Why Hamas resumed ties with Iran, 29-06-2016, https://bit.ly/3AXnluZ
[24] مركز الجزيرة للدراسات، العلاقة مع إيران من منظور حركة حماس، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، https://bit.ly/3PVSh2Q
[25] المصدر السابق.
[26] المونيتور، حماس تلمح إلى عودة العلاقات مع النظام السوري وإيران تعرض الوساطة، 31 أغسطس/آب 2017، https://bit.ly/3d17mCU
[27] المرصد الإستراتيجي، قسم البحوث والدراسات: المباحثات السرية بين ”حماس“ ودمشق، 1 أغسطس/آب 2022، https://bit.ly/3QGJRgs
[28] RT عربي، نصرالله: تسوية العلاقة بين سوريا وحماس أهتم بها شخصيا ودمشق منفتحة على ذلك والمسار إيجابي، 25 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3qqNvjB
[29] Reuters, Hamas to restore Syria ties after 10 years of dispute, sources say, 21-06-2022, https://reut.rs/3qz3nk1
[30] حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أمة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان، 15 سبتمبر/أيلول 2022، https://bit.ly/3qN4m0k
[31] يمن مونيتور، “حماس” ترى أن تكريم ممثلها في صنعاء للحوثيين “موقف شخصي” لا يعبر عن الحركة وقياداتها، 8 يونيو/حزيران 2021، https://bit.ly/3ctlMf0
[32] الميادين، العدوان على اليمن وعدوان الاحتلال على الفلسطينيين.. متشابهان، 21 يناير/كانون الأول 2022، https://bit.ly/3L2lIzq
[33] RFI ، رژیم ایران ۶۵۱ هزار دلار برای خانواده‌های کشته شدگان حماس و جهاد اسلامی فرستاد (النظام الإيراني يرسل 651 ألف دولار لأهالي قتلى حماس والجهاد الإسلامي) ، 03-06-2019، https://bit.ly/3Am93nk
[34] توانا، از جیب ملت ایران؛ به کام حماس و جهاد اسلامی (من جيب الأمة الإيرانية إلى حلق حماس والجهاد الإسلامي)، 1 تير 1401ش، https://bit.ly/3C5A0gs
[35] راديوي فردا، رسانه‌های اسرائیل: ایران کمک‌ به حماس را تا ۳۶۰ میلیون دلار افزایش داده است (وسائل إعلام إسرائيلية: إيران زادت مساعداتها لحماس إلى 360 مليون دولار)، 23 مراداد 1401ش، https://bit.ly/3Qps9yB
[36] الجزيرة، من الصواريخ إلى المسيرات.. هكذا بنت المقاومة الفلسطينية أسلحتها بمساعدة إيران، 2 أبريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3Res5S8
[37] The Sun, Iran helped Hamas develop missiles to strike targets deep inside Israel, Western spies claim, 16-05-2021, https://bit.ly/3R7FRpy
[38] The Telegraph, Iran helped Hamas develop missile technology used to attack Israel, 14-05-2021, https://bit.ly/3ArAjzw
[39] رويترز، في وقت الشدة حماس تنظر الى ايران وحزب الله، 20-08-2013، https://reut.rs/3SHPM6W
[40] العرب، إسماعيل هنية: لم تنفصم علاقة حماس بإيران، 30 ديسمبر/كانون الأول 2014، https://bit.ly/3PVtL1V
[41] مليون إيران، نه غزه نه لبنان، جانم فدای إیران (لا غزة ولا لبنان، روحي فداء لإيران)، 9 دي 1396ش، https://bit.ly/3wpNxM5
[42] محسن كديور، تکثر مطالبات جنبش سبز در ارتباط با خاورمیانه (مطالب عديدة للحركة الخضراء فيما يتعلق بالشرق الأوسط)، “وب سايت رسمي محسن كديور”، 7 تير 1389ش، https://bit.ly/3pDgnF0
[43] الوطن اليوم، وزير الخارجية البحريني: حماس وإيران عقبة في وجه السلام مع إسرائيل، 29 أغسطس/آب 2022، https://bit.ly/3ReQcAc
[44] BBC فارسى، آمريكا: حمايت نظامى ايران از حماس را تخلف از قطعنامه هسته اى دانسته است (أمريكا: دعم إيران العسكري لحماس يعد انتهاكا للاتفاق النووي)، 9 شهريور 1396ش، https://bbc.in/3AUKUVj
[45] ردايو زمانه، جمهوری اسلامی و حماس: کمک در راه خدا (الجمهورية الإسلامية وحماس: المساعدة في سبيل الله)، 20 مرداد 1401ش، https://bit.ly/3QgcyRH
[46] رأي اليوم، السيد نصر الله يرفض استقبال خالد مشعل والوفد المرافق له الزائر في بيروت، 16 ديسمبر/كانون الأول، 2016، https://bit.ly/3DOpWcH
[47] الخليج أونلاين، أبو مرزوق: إيران أوقفت دعمنا منذ 2009 وأهلكت اليمن، 1 فبراير/شباط 2016، https://bit.ly/3R3mwGz
[48] الأخبار، "فتح" تتهم إيران بتدبير "انقلاب غزة"... وطهران و"حماس" تنفيان، 25 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3JUK2Tu
[49] المركز اللبناني للدراسات، باس يتهم إيران بالوقوف وراء فشل المصالحة الفلسطينية، 16 مارس/آذار  2010، https://bit.ly/3AG8X9e
[50] عربي 21، تجدد الهجوم الإيراني على حماس بسبب موقفها من حلب، 22 ديسمبر/كانون الأول2016، https://bit.ly/3R8UGbV
[51] العربية، من هي حركة "الصابرين" ذراع إيران في فلسطين؟، 2 فبراير/شباط 2018، https://bit.ly/3x2YW51
[52] 24ae ، مصادر لـ24: حماس تحل وتحظر حركة "الصابرين" لمحاولة نشرها التشيع في غزة، 6 يوليو/تموز 2015، https://bit.ly/3CPmX2O
[53] CNN بالعربية، قرقاش معلقا على موقف حماس تجاه العقوبات على إيران: تُدخل القضية الفلسطينية في متاهات، 6 نوفمبر/تشرين الثاني، 2018، https://cnn.it/2AQxD0Q
[54] الميادين، ما يجمع بين حماس وإيران، 15 يناير/كانون الثاني 2020، https://bit.ly/3RmNRn3
[55] العين الإخبارية، "تهنئة القتلة".. "حماس" تثير غضب اليمنيين، 10 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3TYQltE
[56] Middleeasteye, Yemen: Hamas faces backlash after it honours Houthi leader, 12-06-2021, https://bit.ly/3DeWxb7
[57] عكاظ، "حماس والحوثي".. وجهان لعملة الإرهاب الإيراني، 9 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3TDRRBB
[58] وكالة الأناضول، علماء مسلمون ينصحون "حماس" بمراجعة قرار استعادة العلاقة مع الأسد، 10 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3BvwQlh
[59] الجزيرة، حماس والعلاقة مع نظام الأسد: جدل السياسي والديني، 29 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3B9YW4p
[60] صفحة الشيخ كمال الخطيب على الفيس بوك، 18 سبتمبر/أيلول 2022، https://bit.ly/3RZX4lY
[61] الإخوان المسلمون في سورية، بيان حول عودة حماس للنظام السوري، 9 سبتمبر/أيلول 2022، https://bit.ly/3DzgFF9
[62] مركز جسور للدراسات، عودة العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري، يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3d1MUll