نجل علي صالح للواجهة.. كيف التقت مصالح أبو ظبي والحوثيين؟ 

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عقدت اللجنة الدائمة لحزب "المؤتمر الشعبي العام" اجتماعها الدوري، لجناح صنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، إذ قرروا الإبقاء على صادق أبو راس رئيسا، ويحيى الراعي "رئيس مجلس نواب الحوثيين" نائبا أول، وأحمد علي صالح نجل الرئيس السابق نائبا ثانيا.

ويعد هذا هو الاجتماع الأول بعد مقتل زعيم الحزب علي عبد الله صالح، عقب الدعوات التي أطلقها لفض الشراكة مع الحوثيين والخروج ضدهم، في ما عرف بـ"انتفاضة سبتمبر" والتي أسفرت عن مقتله مع أمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا، في 4 ديسمبر/كانون الأول 2017، وأسهم بتعزيز قبضة الحوثيين الأمنية وإحكام سيطرتهم على القرار السياسي في المدن الخاضعة لهم، خصوصا في صنعاء.

جناح صنعاء.. هل يملك قراره؟

منذ مقتل الرئيس السابق صالح في ديسمبر/كانون الأول 2017، والقيادات المؤتمرية في مناطق سيطرة الحوثيين تتعرض للملاحقة والتنكيل، والاختطاف والاعتقال، وكان تقرير لمنظمة "سام" للحقوق والحريات ومقرها في جنيف، قد ذكرت في بيان لها أن "أعضاء من حزب المؤتمر تم تصفيتهم جسديا وإخفاء جثثهم، بينما يتعرض الآخرون من قيادات وأعضاء الحزب للملاحقة والاعتقال".

في تلك الظروف الأمنية وحملات الاعتقال، عقب مقتل صالح، اضطر آلاف من القيادات المؤتمرية والأعضاء البارزين إلى السفر والفرار من سطوة الحوثيين، وكانت وجهتهم الأولى هي القاهرة تليها عمّان.

توزع جناح المؤتمر في صنعاء بين قيادات لم تستطع السفر للقيود الأمنية والرقابة الشديدة المفروضة عليها، وأخرى غير قادرة على السفر، لأن لديها أملاكا هائلة، ستكون عرضة للنهب والمصادرة على يد الحوثيين في حال قرر أحد منهم السفر، وفصيل آخر صار متماهيا مع الحوثيين ومتحالفا معهم، وغدا في أضعف حالاته، غير قادر على ممارسة أي نشاط سياسي حزبي، إلا في حدود المربع الذي رسمه له الحوثيون.

وفي هذا الحال، عقب مصادرة قراره لم يعد من أولويات "جناح صنعاء" ممارسة أي نشاط حزبي أو السياسي، بل صار من هاجسه الأول كيف يمكن له أن يتجنب أي مضايقات أو اعتقالات محتملة من الحوثيين؟

دوافع الاجتماع

بدأت التحركات لعقد اجتماع اللجنة الدائمة لحزب "المؤتمر الشعبي العام"، عقب نجاح مجلس نواب الشرعية بعقد جلسته بعدد أعضاء تجاوز الحد الأدنى للنصاب القانوني الذي يتيح عقد الجلسة، وقد بارك القيادي الحوثي محمد علي الحوثي اجتماع اللجنة الدائمة للحزب الذي رفع لافتات وشعارات موالية للحوثيين، وقال إنه "جمع قيادات وطنية رافضة للعدوان"، حد قوله .

دفع الحوثيون بعقد الاجتماع  الذي باركوا قراراته لاحقا، بحسب القيادي في حزب المؤتمر عادل الشجاع، الذي قال: إن "عصابة الحوثي قامت بإجبار نائب رئيس المؤتمر على دعوة اللجنة الدائمة لتعيين أمين عام مخالفا بذلك النظام الأساسي للحزب". 

يسعى الحوثيون من خلال تلك الإجراءات إلى إعادة إحياء جناح صنعاء الخاضع لسيطرتهم، وانتخاب أحمد علي كنائب ثان للحزب، فيما يبدو أنه استمالة لأعضاء المؤتمر في الخارج لصالح جناح أحمد علي، وبالتالي الحيلولة دون تحقيق النصاب في عقد جلسة البرلمان القادمة. وكان ثمانية من أعضاء البرلمان الموالين لأحمد علي قد قاطعوا جلسة مجلس النواب الأخيرة، بحجة ضرورة رفع العقوبات عن أحمد علي كشرط أساسي لمشاركتهم في البرلمان. 

 وكان الحوثيون قد سعوا للحيلولة دون انعقاد المجلس، قائلين إن انعقاده باطل من الناحية القانونية، لأن المجلس لم تعد له سلطة شرعية، إضافة إلى أن عقده خارج مقره في صنعاء يقضي ببطلانه، حسب قولهم، كما حاولوا التأثير على عدد من أعضاء المجلس المنتمين لحزب المؤتمر والمقيمين في القاهرة، لعدم حضور جلسة البرلمان، للحيلولة دون توفر الحد الأدنى من النصاب القانوني اللازم لانعقاده.

وبعد نجاح المجلس في توفير النصاب القانوني والانعقاد، وكان أول مشروع قرار له يتناول مسألة تجريم الحوثيين ويعتبرها "جماعة إرهابية"، قاموا بخطوتهم في الدفع باجتماع اللجنة الدائمة وتعيين أحمد علي نائبا في محاولة لاستمالة أعضاء من كتلة المؤتمر المشاركين في البرلمان، لصالح جناح أحمد علي.

تقاطع الرغبات 

تقاطعت رغبة الحوثيين والإماراتيين بعقد اللجنة الدائمة للمؤتمر جناح صنعاء، وإعادة إحياء الحزب "جناح أحمد علي"، ومثّل ذلك رغبة مشتركة للحوثيين والإماراتيين على السواء.

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال المحلل السياسي، ياسين التميمي، إن أبو ظبي، التي تحتفظ بأحمد علي في أراضيها، تعمل على الدفع برموز النظام السابق إلى الواجهة من جديد، وتستميت كثورة مضادة في فرض سياستها بإعادة رموز النظام السابق  إلى رأس السلطة، والانتقام من فكرة الثورة".

وأضاف التميمي: أن "أبو ظبي عملت على الدوام على إعاقة أي فرص وعرقلة أي جهود لبناء الدولة، عبر أدواتها في الداخل والخارج، وهي إلى جانب ذلك تعمل على إظهار الشرعية بمظهر العاجز والفاشل الذي لا يقدر على عمل شيء".

تحتفظ أبو ظبي بأحمد علي، زعيم جناح الخارج، وتفرض عليه الإقامة الجبرية، وتعقد لقاءات مستمرة مع قيادات من جناحه، وتبقيهم كورقة للدفع بهم في مراحل قادمة، وكانت دورية "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية الاستخباراتية قد تحدثت في يوليو/ تموز الماضي، عن مخطط يتم بالتنسيق مع أحمد علي عبد الله صالح وقائد الحرس الجمهوري السابق المقيم في أبو ظبي للإطاحة بهادي المقيم في السعودية. 

وتأتي محاولات الإحياء تلك، في الوقت الذي تعمل فيه الإمارات على محاولة رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن على  أحمد علي، بتهمة تهديد الأمن والسلم وعرقلة الانتقال السلمي للسلطة في اليمن.

ما دوافع الإمارات؟

كانت الإمارات قد عملت على الحيلولة دون انعقاد البرلمان اليمني، وتجلى ذلك من خلال الهجمة الشرسة للمجلس الانتقالي  الجنوبي المدعوم من الإمارات، على البرلمان، أو من خلال منع الإمارات لانعقاده في العاصمة المؤقتة عدن.  

وكان المجلس الانتقالي قد صرح ببطلان المجلس، ونشر نائب رئيس المجلس هاني بن بريك، تغريدات عدة تنص على بطلان مجلس النواب، واصفا إياه بـ"برلمان الزور والكذب"، كما أن الأعضاء المحسوبين على المجلس الانتقالي تخلفوا عن الحضور ومقاطعة المجلس.

وبالرغم من أن انعقاد مجلس النواب كان مدعوما من التحالف، إلا أنه كان دعما أحاديا من جانب السعودية، ورفضا إماراتيا قاطعا، في مظهر يوحي بخلاف سعودي إماراتي، تبعا لاختلاف أجندة الرياض وأبو ظبي في اليمن.

تعود محاولات الإمارات لمنع انعقاد المجلس ومحاولة إحياء جناح أحمد علي، الامتداد التقليدي لجناح صالح، إلى كون نجاح الشرعية أو أي مؤسسة من مؤسساتها وقدرتها على الاستقلال والخروج من الوصاية يمثل نجاحا بشكل أو بآخر لثورات الربيع، كما أن أي ترتيبات ناجحة نحو استقرار مؤسسات الشرعية ستكون على حساب تراجع الأجندة الإماراتية، التي تستغل حالة الضعف والفراغ السياسي لدى الشرعية لتنفيذ أجندتها في اليمن.

في حين بارك أعضاء مقربون من الرئيس السابق صالح اجتماع اللجنة الدائمة وما خرج به من قرارات، فقد أصدرت  قيادة حزب المؤتمر المؤيد للشرعية بيانا وصفت فيه اجتماع اللجنة الدائمة بصنعاء بأنه "مسرحية هزلية وعبثية"، تضاف إلى مسرحيات المليشيا الانقلابية في صنعاء.

وأكدوا، أن القرارات التي خرج بها الاجتماع كانت تحت فوهات البنادق والتهديد والعنف الذي يمارسه الحوثيون ضد قيادات الحزب، مضيفة: أن "اجتماع ما يسمى اللجنة الدائمة في الأول من مايو/أيار الجاري، لا يمثل المؤتمر، وأن أعضاء الحزب في المحافظات المحررة لا علاقة لهم بالاجتماع، وأن قيادات الحزب بصنعاء بحكم الأسرى والرهائن لدى الحوثيين".