برونو ريتيللو.. وزير داخلية فرنسا الجديد يميني متشدد يعادي "حماس" والجزائر
وصف "ريتيللو" الجزائر خلال خطاب أمام البرلمان الفرنسي بـ الدولة غير المتعاونة
بعد حالة غموض امتدت لأسابيع، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه، في 21 سبتمبر/ أيلول 2024 تشكيل حكومته التي ستقود البلاد خلال المرحلة القادمة.
وبحسب وكالة "فرانس 24" الرسمية، لم تحمل التشكيلة الحكومة المعينة مفاجآت كبيرة، لكنها كشفت وجوها جديدة أهمها "برونو ريتيللو" اليميني الذي أسندت له حقيبة وزارة الداخلية.
وبذلك يخلف "ريتيللو" وزير الداخلية السابق المثير للجدل "جيرالد دارمانان"، الذي وجهت إليه اتهامات بالعنصرية والتصنيف العرقي ضد المهاجرين، ومجتمع المسلمين عموما في فرنسا.
فمن هو ريتيللو؟ وما أفكاره السياسية وتوجهاته؟ وما تأثير توليه ذلك المنصب على المسلمين والمهاجرين في فرنسا؟
نشأته وصعوده
ولد برونو ريتيللو في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1960، في مدينة "شوليت" بمقاطعة "ماين ولوار" الواقعة في منطقة الغرب الكبير لفرنسا، بالقرب من ساحل المحيط الأطلسي.
يعد ريتيللو الابن الأكبر لعائلة مكونة من أربعة أطفال، وقد نشأ في "شوليت"، وكان والده عمدة المدينة لسنوات.
درس في مدرسة "سان غابرييل" الثانوية في "سان لوران سور سيفر"، التي تهتم بالتعاليم الدينية، وفقا للمذهب الكاثوليكي المسيحي.
ثم تخرج بعد ذلك في معهد "باريس للدراسات السياسية"، وفي عام 1985 حصل على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة نانت الفرنسية.
بدأ حياته السياسية عضوا في حركة "من أجل فرنسا" ذات الأفكار اليمينية، بزعامة فيليب دو فيلييه.
وكان نائبا برلمانيا منذ 1994 إلى 1997 ثم رئيسا للمجلس العام لمقاطعة "فيندي" من 2010 إلى 2015.
في عام 2010، انضم إلى حركة الاتحاد من أجل فرنسا (UMP)، ثم جرى انتخابه عضوا في مجلس الشيوخ عن مقاطعة فيندي.
وعام 2014 انضم إلى الحزب الجمهوري الفرنسي، الذي كان يتزعمه الرئيس الفرنسي الأسبق "نيكولاي ساركوزي"، وأصبح الممثل الرسمي للحزب في مجلس الشيوخ.
في عام 2017 تولى رئاسة مركز الأبحاث السياسي الفرنسي "Force Republice" المعروف بنزعته القومية واهتمامه بشؤون المهاجرين.
ترشحه للرئاسة
وبصفته مديرا للحملة الانتخابية الرئاسية للمرشح "فرانسوا فيون"، خاض ريتيللو عام 2017 معركة شرسة ضد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، خاصة أنه من الأصوات المناهضة لما يعرف بـ "الماكرونية".
لكن خلال قيادته لتلك الحملة، تفجرت فضيحة "بينيلوب غيت" في يناير/ كانون الثاني 2017، بحق "فيون" الذي كان ممثلا لاتجاهات اليمين والوسط.
وكانت الفضيحة تتعلق بوظائف وهمية منحها "فيون" لزوجته خلال رئاسته لوزراء فرنسا في الفترة من 2007 إلى 2012.
بسبب تلك الفضيحة فشلت حملة "فيون" الانتخابية، وحكم عليه لاحقا عام 2022 بالسجن أربع سنوات بينها سنة مع النفاذ وبدفع غرامة قدرها 375 ألف يورو، مع منعه من الترشح لمدة عشر سنوات.
بعدها اتخذ "ريتيللو" اتجاها صاعدا داخل حزب الشعب، وأصبح ممثل اليمين المتشدد فيه.
وفي عام 2022، كان هو مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية، لكنه خسر في الجولة الثانية أمام "إريك سيوتي".
وخلال حملته أعلن ريتيللو أن "اليمين الفرنسي" غير قابل للذوبان في الماكرونية.
وبعد أن خسر جولة الترشح أعلن أنه سيصوت بفارغ الصبر في الجولة الثانية ضد الرئيس ماكرون.
أفكاره وتوجهاته
رغم أن "برونو ريتيللو" يصف نفسه أنه “ليبرالي محافظ”، فإن توجهاته وسياسته على مدار حياته السياسية جعلته في مصاف اليمين المتشدد.
ففي عام 2019 قدم ريتيللو مشروع قانون لحظر ما أسماه "القوائم الطائفية " في الانتخابات، وهدفه التضييق على المسلمين والأعراق الأخرى داخل فرنسا من عمل قوائم تضمن لهم أصواتا لتمثيلهم.
وهو يعلن أنه "مسيحي كاثوليكي مؤمن" لا سيما أنه عضو في مجموعة التضامن والاتصال واليقظة بمجلس الشيوخ الفرنسي، فيما يتعلق بالدفاع عن المسيحيين والأقليات في الشرق الأوسط.
كما يدعو إلى إصلاحات كبرى في الدولة وفقا لما أسماه النموذج الاجتماعي الفرنسي، الذي يقوم على اتخاذ "سياسة حضارية" جديدة ضد "الإسلاموية" وفقا تعبيراته في محافل مختلفة.
ويقترح ريتيللو باستمرار "إعادة الصوت إلى الفرنسيين" أي منع المجنسين حديثا من ذوي الأصول العربية والإسلامية والإفريقية من التصويت مع احتفاظهم ببقية حقوق المواطنة.
وأوضح أن ذلك يجب أن يتم من خلال استفتاء شعبي، لاستعادة روح الجمهورية الفرنسية الحديثة التي أرسى قواعدها الجنرال "شارل ديغول".
ضد الجزائر
كذلك يتخذ "ريتيللو" موقفا متشددا تجاه "الجزائر" والمهاجرين الجزائريين تحديدا.
ففي مايو/ أيار 2023، مارس رئيس الحزب الجمهوري إريك سيوتي، ورئيس مجموعة الحزب في الجمعية الوطنية أوليفييه ميرليكس، وبرونو ريتيللو، ضغوطا على ماكرون.
وعبر مقابلة نشرت في صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية، طالبوا بقانون أكثر صرامة للهجرة، خاصة إلغاء الاتفاقية الفرنسية الجزائرية بشأن الهجرة لعام 1968.
بعدها، مباشرة قدم ريتيللو، مقترحا في مجلس الشيوخ، يدعو إلى إدانة الاتفاقيات الفرنسية الجزائرية.
ثم زعم أن سلوك الجزائر اليوم يشكل عائقا أمام ضرورة وقف الهجرة الجماعية إلى فرنسا.
وقال في خطابه أمام المجلس: "لا يوجد سبب يدعونا إلى البقاء سلبيين في مواجهة مثل هذه الدولة غير المتعاونة".
ويذكر أنه خلال أعمال الشغب التي أعقبت مقتل الشاب نائل مرزوق ذي الأصول الجزائرية على يد الشرطة الفرنسية في يونيو/حزيران 2023، دعا ريتيللو إلى"إعادة الاستيلاء المنتظم على كل أراضي الضواحي المفقودة من الجمهورية الفرنسية".
وذلك في إشارة منه إلى مدينة مارسيليا التي تضم نسبة واسعة من المهاجرين ذوي الأصول الجزائرية والمغربية.
مع إسرائيل
ويعد "برونو ريتيللو" من الأصوات المؤيدة بشدة لإسرائيل داخل مجلس الشيوخ الفرنسي.
فبعد عملية "طوفان الأقصى" بأيام قليلة تحديدا في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ألقى خطبة قوية داعمة لدولة الاحتلال بصفته زعيم الجمهوريين في البرلمان.
وقتها أكد على "تضامنه المطلق والكامل مع إسرائيل والشعب الإسرائيلي". وتابع السيناتور اليميني: "يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك، بتجهيز عدة قرارات لإدانة الحدث، أهم من ذلك تسمية الجرائم بمسمياتها".
وأكمل أن ما حدث في إسرائيل جريمة ضد الإنسانية، وليست جريمة حرب.
وعلل استخدام ذلك المصطلح بأن "جريمة حرب" تعني عد حركة المقاومة الإسلامية حماس جيشا نظاميا، لكنها "جماعة إرهابية" وفق زعمه.
ووجه ريتيللو حديثه إلى الحكومة، مطالبا إياها باتخاذ إجراءات لفحص أموال التبرعات المخصصة للشعب الفلسطيني، والحد منها.
وذلك تحت ذريعة ضمان عدم وصول الأموال إلى جيوب الإرهابيين أي "المقاومة الفلسطينية"، وفق تعبيراته.
ولم تصدر عن "برونو ريتيللو" أي إدانة لسلوك إسرائيل الإجرامي في غزة، رغم أن حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على القطاع تجاوزت 41 ألفا.
وزيرا للداخلية
وبعد أن أصبح "برونو ريتيللو" وزيرا للداخلية، أحد أهم الحقائب الوزارية في دولاب الحكومة الفرنسية، سرعان ما عبر عن خططه وتوجهاته القادمة.
ففي أول تصريح له على قناة "TF1" الفرنسية المحلية، قال إنه سيتخذ كل الوسائل للحد من الهجرة إلى فرنسا.
وأعلن: "لدي هدف لأنني مثل ملايين الفرنسيين، أعتقد أن الهجرة الجماعية ليست فرصة لفرنسا، ولا حتى لهؤلاء المهاجرين الذين نرسلهم أحيانا للموت في البحر المفتوح".
ولم يستبعد الوزير الجديد إقامة نقاط تفتيش عشوائية على الحدود، للقبض على من أسماهم "المتسللين".
وأضاف: "لذلك سأستخدم سلطتي التنظيمية للذهاب إلى أبعد ما نستطيع للحد من الهجرة غير الشرعية".
وفي 23 سبتمبر 2024، قال زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فوري إن تولي “برونو ريتيللو” يؤكد استيلاء اليمين الرجعي على السلطة.
بينما قال النائب الوسطي في البرلمان لودوفيك مينديز، إن تعيين ريتيللو هو: "عودة لليمين الفرنسي القديم".
المصادر
- ماذا ينتظر المهاجرون والمسلمون من الحكومة الفرنسية الجديدة؟
- وزير الداخلية الفرنسي الجديد يضع العلاقات مع الجزائر في "مرمى النيران"
- Attaque du Hamas contre Israël : Bruno Retailleau annonce une « résolution pour condamner les choses et surtout les nommer »
- French Interior Minister says Jewish citizens' security must be protected
- برونو ريتيللو وزير الداخلية الفرنسي الجديد يتعهد بتشديد قوانين الهجرة
- القضاء الفرنسي يؤكد إدانة رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بقضية الوظائف الوهمية
- « Expulser plus, régulariser moins » : Bruno Retailleau veut réduire l’immigration « par tous les moyens »