إغلاق سفارتين لأفغانستان بأوروبا.. لماذا يثير تطبيع العلاقات مع "طالبان" المخاوف؟

“الإجراء بمثابة علامة على التطبيع مع طالبان”
قرار إغلاق السفارات الأفغانية في كل من بريطانيا والنرويج في سبتمبر/ أيلول 2024، أثار مخاوف مرتبطة بتطبيع العلاقات مع حركة “طالبان” وتأثيره على سرية وأمان الوثائق الخاصة بالمواطنين الأفغان اللاجئين في هذه البلدان.
وقالت صحيفة "8 صبح" الأفغانية إن البعض يرى أن هذا الإجراء هو بمثابة “علامة على التطبيع مع طالبان”، ما يعني أن أي نوع من التفاعل أو التوافق مع هذه المجموعة يمكن أن تكون له "عواقب ضارة على المجتمع الدولي".
لا مخاوف محددة
في المقابل، أوضحت الصحيفة أن آخرين يعتقدون أن "المواطنين الأفغان النازحين في هذه الدول سيواجهون مشكلات قانونية وهوياتية كبيرة، لذا يطالبون بالاستمرار في عمل هذه الممثليات السياسية".
وأضافت أنه “في الوقت نفسه، زادت المخاوف بشأن إمكانية تسليم الممثليات الدائمة لأفغانستان في الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف إلى طالبان”.
ومع ذلك، في حديث مع "8 صبح"، يقول سفراء أفغانستان في هاتين الممثليتين إنه "لا توجد بعد مخاوف محددة بشأن هذا الأمر، وإنهم سيستخدمون هذه الممثليات كمنصة لرفع صوت الشعب الأفغاني ولإبراز معاناتهم جراء سياسات طالبان".
من ناحية أخرى، أشار بعض الدبلوماسيين السابقين إلى أن “الدول الأوروبية بدأت في التوجه نحو التعاون مع طالبان على مستوى الخدمات القنصلية لترحيل اللاجئين الذين انتهكوا قوانين هذه الدول”، واصفين هذا الوضع بأنه "خطير بالنسبة للمواطنين الأفغان".
وبالحديث أكثر تفصيلا عن قرار بريطانيا والنرويج، ذكرت الصحيفة أنه "بعد إصدار الدولتين أوامر بإغلاق السفارات الأفغانية، أعلن سفراء أفغانستان -من خلال بيانات منفصلة- أن إغلاق الممثليات السياسية تم بناء على أوامر من الدول المضيفة".
وفي وقت سابق، كتب السفير السابق لأفغانستان في بريطانيا، زلمي رسول، عبر منصة “إكس” أن "السفارة الأفغانية في بريطانيا ستُغلق بناء على طلب رسمي من الدولة المضيفة في 27 سبتمبر/ أيلول 2024. وقد اتخذ هذا القرار بناء على الضرورة التي رآها المسؤولون في الدولة المضيفة".
وفي هذا الصدد، ذكرت الصحيفة أن السفارة الأفغانية في بريطانيا كانت قد أصدرت بيانا قالت فيه إنها "ستواصل تقديم خدماتها القنصلية والدبلوماسية بدون انقطاع في بريطانيا وأيرلندا، وإنه لن يكون هناك أي تأخير في أعمالها".
وبنفس الشكل، خلال بيان لها، أعلنت السفارة الأفغانية في النرويج أنها "ستُغلق بناء على طلب الدولة المضيفة، وأن جميع الممتلكات المنقولة وغير المنقولة ستُسلم إلى وزارة الخارجية النرويجية".
ووفقا لهذا البيان، توقفت هذه السفارة عن العمل بدءا من 12 سبتمبر 2024، كما ستُسلم جميع الممتلكات إلى وزارة الخارجية النرويجية.
ونتيجة لذلك، كتب السفير السابق لأفغانستان في النرويج، يوسف غفورزي، عبر “إكس” أن "مهمته كممثل للشعب الأفغاني وسفير انتهت".
وأضاف أنه "بعد انهيار النظام الجمهوري لأفغانستان، ظلت هذه الممثليات ملتزمة بالقيم الإنسانية والديمقراطية والتعددية والسلام وعملت في ظروف صعبة وبموارد محدودة".
وبحسب ما ذكرته الصحيفة، تابع السفير السابق قائلا: "لقد تعاونت السفارة مع منظمات، بما في ذلك مركز نوبل للسلام والهيئات الأخرى، لضمان توزيع المساعدات الإنسانية على الشعب الأفغاني وسعت إلى إبراز أهداف النساء الشجاعات في أفغانستان".
وأكمل: "كنا نؤكد أن الإرادة الجماعية للشعب هي الوحيدة التي يمكن أن تضمن السلام والوحدة والاستقرار في البلاد، ويجب على المجتمع الدولي دعم جهود الشعب لتجاوز الأزمة في بلدهم".
عدم الاعتراف
وفي هذا السياق، سلطت الصحيفة الأفغانية الضوء على أن عددا كبيرا من المواطنين يرون أن "هذا الإجراء من قبل الدول الأوروبية يمثل تطبيعا للعلاقات مع طالبان".
كما يرى هؤلاء المواطنون أن "الممثليات الأفغانية في الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف هي آخر منصة لرفع صوت الشعب في العالم، وإذا سُلمت هذه الممثليات إلى طالبان، فلن يكون هناك أي صوت حقيقي للشعب".
وفي حديث له مع "8 صبح"، قال القائم بأعمال الممثلية الدائمة لأفغانستان في الأمم المتحدة، نصير أحمد فايق، إن جهوده مستمرة "بتدبير وأمل للحفاظ على مقعد أفغانستان كآخر منصة لرفع صوت الشعب لمدة عام آخر".
وأضاف أنه "لم يُتخذ قرار بعد بشأن إغلاق أو تسليم هذه الممثليات إلى طالبان".
من جانبه، في حديث له مع "8 صبح" حول المخاوف من تسليم هذه الممثليات إلى طالبان أو إغلاقها، أكد السفير والممثل الدائم لأفغانستان في مقر الأمم المتحدة في جنيف، نصير أنديشه، أنه "لا يوجد حاليا نقاش حول هذا الموضوع".
وخلال محادثته مع الصحيفة الأفغانية، قال القائم بأعمال السفارة الأفغانية السابق في قطر، عظيم الله ورسجي، إن "بعض الدول الأوروبية تتعاون تقنيا مع طالبان على مستوى الخدمات القنصلية لترحيل اللاجئين الأفغان الذين انتهكوا قوانين هذه الدول، وهذه الدول تحتاج إلى نوع من التعاون التقني من طالبان".
ووفقا له، فإن الممثليات الأفغانية في إسبانيا وهولندا وتشيكيا وبلغاريا والقنصلية الأفغانية في ميونيخ، التي تتعامل فعليا مع وزارة الخارجية لطالبان، لا تملك القدرة على تقديم الخدمات القنصلية لجميع المواطنين الأفغان في أوروبا.
وفي الوقت نفسه، أكد ورسجي على أن "الدول الأوروبية والمضيفين لا يستعدون لتغيير قوانينهم الداخلية من أجل اللاجئين".
ولذلك، ترى الصحيفة أن "جميع الأفغان في أوروبا يحتاجون إلى خدمات قنصلية تشمل وثائق الهوية مثل شهادات عدم المسؤولية وجواز السفر ووثيقة الزواج وغيرها من الوثائق الهوية التي كانت الممثليات خلال فترة الجمهورية توفرها".
وفي هذا الصدد، قال القائم بأعمال السفارة الأفغانية السابق في قطر إنه "في حال إغلاق هذه الممثليات، فإن مستوى التفاعل بين الدول الأوروبية وكابل سيزيد".
وحذر من أن "استمرار عمل الممثليات السابقة في التعامل مع طالبان وتسليم هذه الممثليات إلى طالبان يمثل تحديا خطيرا للأمن بالنسبة للأفغان المهاجرين، حيث يمكن لطالبان الوصول إلى هويات هؤلاء الأشخاص وأقاربهم في أفغانستان، مما يزيد من احتمال اتخاذ إجراءات ضدهم".
وفي السياق، نقلت الصحيفة أنه في 10 سبتمبر 2024، أعلنت وزارة خارجية طالبان أن "الخدمات القنصلية لبعض الممثليات السياسية لأفغانستان في عدد من الدول الأوروبية غير معترف بها".
وأصدرت هذه الوزارة بيانا وصفت فيه "الخدمات القنصلية لهذه الممثليات بأنها أحادية وغير ملتزمة بالمبادئ المقبولة".
جدير بالذكر أن هذه الممثليات، التي لا تعترف بها الوزارة، تقع في لندن وبلجيكا وبرلين وبون وسويسرا والنمسا وفرنسا وإيطاليا واليونان وبولندا والسويد والنرويج وكندا وأستراليا.