المعركة ليست حماس فقط.. ماذا وراء "نبوءة إشعياء" التي توعد نتنياهو غزة بها؟

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وغضب الاحتلال من دعم الشعوب العربية للمقاومة، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب تلفزيوني في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بأنه سيحقق "نبوءة إشعياء"، التوراتية.

قال، وهو يعلن أن قرار غزو غزة تحدد يومه لكن لن يتم إعلانه حاليا، إن في الحرب على غزة، ستتحقق "نبوءة إشعياء".

وجَّه كلامه للإسرائيليين قائلاً: "سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمع بعد الآن خراباً في أرضك، سنمنح المجد لشعبك، سنقاتل معاً وسننتصر".

ومضى يقول: يجب على الأمة الاستعداد لما أسماها "معركة بين النور والظلام"، واصفا الفلسطينيين بـ"أبناء الظلام"، والإسرائيليين بـ"أبناء النور" على حد زعمه.

فما نبوءة إشعياء التي تحدث عنها نتنياهو؟ وماذا يعني تأكيد المسيحيين الإنجيليين في أميركا، أن الحرب بين إسرائيل وحماس "جزء من هذه النبوءة"؟

����������‼️“We should realize the prophesy of Isaiah.”

Ehmm … isn’t this about Hamas? pic.twitter.com/qacjTI3HzM

— Lord Bebo (@MyLordBebo) October 25, 2023

ما نبوءة إشعياء؟ 

بحسب موقع "كل إسرائيل"، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في نهاية خطابه يوم 25 أكتوبر: "بالقوات المشتركة، وبإيمان عميق بعدالة قضيتنا وبأبدية إسرائيل، سوف نحقق نبوءة إشعياء 60: 18".

وهذه النبوءة رقم 18 في سفر إشعياء تقول: "لاَ يُسْمَعُ بَعْدُ ظُلْمٌ فِي أَرْضِكِ، وَلاَ خَرَابٌ أَوْ سَحْقٌ فِي تُخُومِكِ، بَلْ تُسَمِّينَ أَسْوَارَكِ: خَلاَصًا وَأَبْوَابَكِ: تَسْبِيحًا، بحسب موقع "الأنبا تكلا هيمانوت"، الذي يعرض السفر كاملا من 1 إلى 66.

وذلك في إشارة لما قاله نتنياهو عن أنهم سيدمرون غزة ومن يقف معها ويوفرون الأمن للإسرائيليين ويحمون حدود دولتهم.

برغم أن نتنياهو استشهد تحديدًا بالإصحاح 18 من سفر إشعياء، في العهد القديم وهو يتحدث عن رؤيا رآها أشعياء عن "بني إسرائيل".

إلا أنه أشار إلى الإصحاحات الأخرى من 18 إلى 60، وهي تتضمن نبوءات أخرى عن مصر والعراق والسودان وفلسطين، إذ إن سفر إشعياء مليء بالنبوءات.

حيث تتحدث بعض "نبوءة إشعياء" التي وردت في التوراة الحالية التي بين أيدي اليهود في سفر "حزقيال" عن أنه يجب أن تخرب مصر ويتشتت أهلها في العالم.

وتتعلق نبوءة إشعياء بخراب مصر وجفاف النيل وانتصار اليهود وتكوين دولة (يهودية) من آشور (العراق) لمصر.

وفيها عبارة تقول: "وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَبًا خَرِبَةً مُقْفِرَةً، مِنْ مَجْدَلَ (عسقلان حاليا) إِلَى أَسْوَانَ (جنوب مصر)، إِلَى تُخْمِ كُوشَ (السودان)."

وتقول: "وَأُثِيرُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ فَيَتَحَارَبُونَ، وَيَقُومُ الْوَاحِدُ عَلَى أَخِيهِ، وَالْمَدِينَةُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالْمَمْلَكَةُ عَلَى الْمَمْلَكَةِ، فَتَذُوبُ أَرْوَاحُ الْمِصْرِيِّينَ فِي دَاخِلِهِمْ، وَأُبْطِلُ مَشُورَتَهُمْ، وَتَنْضُبُ مِيَاهُ النِّيلِ وَتَجِفُّ الأَحْوَاضُ وَتَيْبَسُ وتُنْتِنُ الْقَنَوَاتُ، وَتَتَنَاقَصُ تَفَرُّعَاتُ النِّيلِ وَتَجِفُّ".

وتضيف: "وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةٌ مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةٌ مَمْلَكَةً. وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ".

"وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ، وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ". 

رئيس وزراء الكيان يتحدث صراحة عن تحقيق نبؤة اشعياء
من غير شرح سأعرض لكم النبوءة مترجمة من الكتاب المقدس
و هترك لحضراتكم تفهموا المقصود بها و كم حقق اليهود حتى الآن منها
و على ضوءها يجب فهم استغلال الكيان للسياسة و الخونة لتحقيقها pic.twitter.com/R4kBlNjKhN

— روبابيكيا وطن (@shazlong81) October 26, 2023

هذا يعني أن سعي إسرائيل ليس فقط لإبادة غزة، وإنما أيضا خراب مصر والعراق والسودان وإحداث فوضى كبيرة بها، وإنشاء وطن يمتد من مصر إلى العراق، ومؤشر على أن حرب الاحتلال على غزة، ستمتد لدول المنطقة كافة.

ويؤكد عبد الناصر سلامة رئيس التحرير السابق لصحيفة الأهرام لموقع "رأي اليوم" في 26 أكتوبر 2023، أن نبوءة إشعياء التي يتحدث نتنياهو عن تنفيذها حالياً تستهدف مصر بالدرجة الأولى".

أوضح أن "هدف هذه النبوءة هي السعي لتعطيش وتجويع واحتلال مصر، وافتعال احتراب داخلي بها".

وتحذر تقارير دولية من أن محاولة إسرائيل وأميركا تهجير أهالي غزة إلى مصر خصوصا يعني حربا بين مصر وإسرائيل وتوسيعا للحرب لتشمل دولا أخرى منها لبنان والعراق وربما منطقة الخليج.

ووصفت صحيفة "ديلي بيست" خطاب نتنياهو بأنه "يستحضر النبوءة الدينية في خطاب الحرب بين إسرائيل وغزة".

وقال موقع "كلاش ريبورت" إن خطاب نتنياهو وحديثه عن نبوءة إشعياء التي تصور استعادة إسرائيل ومجيء "ملك مسياني"، يعني أن "نتنياهو يصور نفسه أنه الملك المسيحاني".

ويقصد بـ"المسيانية" أو "المسيحانية"، الإيمان بقدوم المسيح الذي يعمل كمخلص لمجموعة من الناس.

ويرى بعض الصهاينة المسيحيين، الذين يدعون إلى إعادة إنشاء ودعم دولة يهودية في إسرائيل، أن حركتهم بمثابة تحقيق لهذه النبوءات.

وقالت صحيفة "تليغراف" البريطانية في 25 أكتوبر إن استشهاد نتنياهو بهذه الآية التوراتية "يشير بذلك إلى إنشاء مدينة صهيون المقدسة في إسرائيل للشعب المضطهد".

ويقول مفسرون إنه لم يرد في القرآن ولا في السنة النبوية ذكر لنبي بهذا الاسم مطلقا (إشعياء) ويقول بعضهم إنه من الأنبياء الذين قتلهم بنو إسرائيل، كما يقول الطبري.

إنجيليون مع النبوءة

تزامن الخطاب الديني لنتنياهو مع اصطفاف مكثف لليمين الإنجيلي الأميركي مع إسرائيل، حيث يؤمن هذا التيار أن عودة المسيح ستتم بمجرد عودة اليهود في الشتات إلى فلسطين، وقيام حرب هرمجدون مع "الشر".

وقد نشر موقع وكالة "بلومبرغ" الأميركية مقالاً لـ "ستيفن ميهم"، أستاذ التاريخ بجامعة جورجيا، في 25 أكتوبر، يتحدث فيه عن "توافق بين اليهود والإنجيليين"، وهو يفسر اصطفاف أميركا والغرب خلف إسرائيل.

قال إن "هناك عددا كبيرا من المسيحيين الإنجيليين يرون أن إراقة الدماء في حرب إسرائيل وغزة تمهد الطريق للمجيء الثاني للمسيح".

أوضح أن هذا اليمين الديني المسيحي الأميركي يرى أن الرد العنيف من جانب إسرائيل على حماس "يبرز النبوءات التي يستخدمها العديد من المسيحيين لتوجيه تفكيرهم وأفعالهم".

وأن هذا التوافق بين اليهود والإنجيليين (ضد العرب والمسلمين) عززه رئيس الوزراء السابق مناحيم بيغن على نحو متزايد مع الحزب الجمهوري بقيادة رونالد ريغان في الثمانينيات.

وأنهم أصبحوا "حلفاء في هرمجدون"، يوحدهم طموح مشترك لرؤية إسرائيل تنتصر على أعدائها.

وحين اندلعت حرب غزة، قال السيناتور الأميركي الجمهوري، ليندسي غراهام، وهو من المنتمين لهذا التيار من المسيحيين الإنجيليين في تعليقه على حرب غزة "نحن في حرب دينية" حسب ما صرح به لقناة "فوكس نيوز".

We’re in a religious war and I unapologetically Stand with Israel. pic.twitter.com/AQDY4ELrmJ

— Lindsey Graham (@LindseyGrahamSC) October 11, 2023

ويشير العقيد الأميركي السابق دوغلاس ماغريغور لهذا الجنون من جانب هذا اليمين المسيحي المتطرف في أميركا الداعم لإبادة غزة، والحرب بالقول: "نحن نتجه نحو الحرب مع إيران، ويبدو أن الوجهة المختارة هي "هرمجدون" بالفعل (حرب دينية تمثل نهاية العالم)

قال: إذا هاجمت الولايات المتحدة إيران، فسيتم استهداف جميع قواتنا في العراق وسوريا، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى قتال مع روسيا، وإذا هاجمت مصر وحزب الله إسرائيل، فإن جميع الدول الأخرى ستنضم إلى الحرب.

�� WATCH - Former U.S. Colonel Macgregor: We are Heading Towards War with Iran

- It seems the chosen destination is indeed Armageddon

- If the U.S. attacks Iran, all of our troops in Iraq, Syria would be targeted

- This would lead to a fight with Russia

- If Egypt and… pic.twitter.com/bjICqDjzYK

— Mario Nawfal (@MarioNawfal) October 25, 2023

وكان رونالد ريغان رئيس أميركا في الثمانينات، أشهر من رفع راية الحرب الدينية سواء ضد الروس أو ضد العرب والمسلمين، بحسب سيرته الذاتية المنشورة في كتاب "حياة أميركية".

حيث قال في صفحة 257: إن الحرب النووية مع الروس حتمية لبداية معركة هرمجدون"، وكان دائم الحديث عنها في أي لقاء له مع اليهود وينتظر بشوق ولهفة أحداثها ومجرياتها.

أما "هرمجدون" فهي معركة آخر الزمان التي يؤمن بها المتطرفون المسيحيون واليهود معا، ولكن بتفاصيل وأسماء مختلفة.

حيث يتبنى الإنجيليون الغربيون واليهود رؤية شبه موحدة حول تفاصيل هذه الحرب بصفتهم مؤمنين بضرورة إنشاء دولة المسيح والهيكل الثالث الذي هو أساس قيام الدولة الدينية اليهودية.

ويسود في أميركا وبريطانيا المذهب المسيحي الإنجيلي الذي يروح للإيمان بمعركة هرمجدون، ونبوؤات حزقيال وإشعياء لها مكانة كبيرة عند قساوسة هذه البلاد، وهذا سر الدعم الكبير وغير المحدود من البريطانيين والأميركيين لإسرائيل.

السيسي لجيشه "لا تتهوروا"!

كان ملفتا أنه في نفس يوم حديث نتنياهو عن الحرب بلغة دينية تشمل مصر، حديث رئيس النظام عبد الفتاح السيسي فيما يسمى "تفتيش حرب"، عن أن مصر لن تحارب وأن هذا الاستعراض العسكري مخطط له من قبل حرب غزة، بمناسبة انتصارات أكتوبر.

السيسي لم يكتف بذلك بل وحذر الجيش والشعب بوضوح قائلا: "إياكم أن تتهوروا أو تأخذكم الحماسة والغضب وأوهام القوة لأخذ قرار لم تدرسه جيدا".

وذلك برغم أنه قال يوم 18 أكتوبر 2023 إن "فكرة تهجير الفلسطينيين (التي تحدثت عنها إسرائيل) إلى سيناء يعني جر مصر لحرب ضد إسرائيل".

وكان غريبا أنه أقر أفعال إسرائيل بقوله: الهدف المعلن للحرب هو تصفية حماس والجماعات الأخرى في غزة وهذا الأمر يتطلب سنوات طويلة"!

 

وتؤكد "ليزا أندرسون"، وهي أستاذة العلاقات الدولية بجامعة كولومبيا، وكانت رئيسة الجامعة الأميركية بالقاهرة (2011 إلى 2015)، أن السيسي يرغب في أن تقضي إسرائيل على حماس لأنهم فرع من جماعة الإخوان المسلمين الذين يعاديهم.

قالت في تحليل بمجلة "فورين أفيرز" في 25 أكتوبر، إن "الاضطرابات في غزة ليست أمرا سيئا تماما بالنسبة لنظام السيسي، وهو سعيد لرؤية إسرائيل تقضي على حماس، التي انبثقت من جماعة الإخوان المسلمين التي يعد عدو السيسي".

وأضافت أنه أيضا مع تعثر الاقتصاد المصري، قد يرى السيسي أيضا فرصة للضغط من أجل تخفيف الديون وتقديم الدول والمؤسسات الغربية والدولية له "تنازلات"، مقابل فتحه ممرات المساعدات الإنسانية وتسهيل مغادرة الرعايا الأجانب من غزة.

قالت أندرسون إن حديث السيسي الإعلامي الرافض لتدمير غزة وحماس على يد إسرائيل، "يغازل به المعارضة في الداخل، والجمهور المصري الغاضب من القصف الإسرائيلي المستمر على غزة والهجوم البري المحتمل".

وأوضحت أن أميركا لا يهمها سوى مصالحها، رغم أنها تعد نظام السيسي "استبداديا" لأنها تفضل الاستقرار على عقاب السيسي حول حقوق الانسان، رغم زيادة خيبة أمل المصريين الغاضبين من النظام الذي يعمل على إفقارهم.

وبالتالي "بالنسبة للسيسي ورعاته في الخليج، فإن تهديد إسرائيل بتدمير حماس لا يمكن إلا أن يكون موضع ترحيب، فإسرائيل ستقدم لهم معروفا، وسيكونون ممتنين له بصدق، ولو بشكل سري" لأنها تقضي على الإخوان المسلمين"، وفق أندرسون.