ادعاءات غربية بشأن توريد كوريا الشمالية أسلحة إلى روسيا.. ما حقيقتها؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بينما تتواصل الحرب الروسية الأوكرانية منذ نحو سنتين،  تتصاعد إدانات غربية، لاسيما من أميركا، لإطلاق القوات الروسية في الأسابيع الأخيرة ضد أهداف أوكرانية صواريخ بالستية يُعتقد أن كوريا الشمالية زودتها بها.

وسلط مركز أنقرة لدراسة السياسة والأزمات (أنكسام) الضوء على هذه الادعاءات الغربية، مسلطا الضوء في الوقت ذاته على العلاقات كوريا الشمالية وروسيا الآخذة في التقارب.

كسر العزلة

وقال المركز التركي ظلت كوريا الشمالية معزولة إلى حد كبير في المجتمع الدولي بسبب أنشطتها العسكرية في السنوات الأخيرة، ما جعل اسمها مرتبطاً بشكل متكرر بالأنشطة غير القانونية.

لكن مؤخرا تم تداول تقارير عن تزويد بيونغ يانغ موسكو سراً بأسلحة لاستخدامها في الحرب الأوكرانية لتثير جدلا كبيرا بشأن سياسة روسيا إزاء كوريا الشمالية.

وأدانت العديد من الدول مثل أوكرانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة مقايضة الصواريخ الباليستية المزعومة بين كوريا الشمالية وروسيا بحجة انتهاكها لعقوبات الأمم المتحدة.

وفي بيان مشترك صادر عن منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع وزراء خارجية 47 دولة من ضمنها الأرجنتين وأستراليا وغواتيمالا واليابان وكوريا الجنوبية أُدينت كل من روسيا وكوريا الشمالية "بأشد العبارات".

كما جاء في البيان عبارات مثل: "نقل هذه الأسلحة يزيد من معاناة الشعب الأوكراني"، و "هذه الخطوة تدعم الحرب العدوانية التي تشنها روسيا وتعارض سياسة التسلح النووي العالمي".

ووردت عبارات بشأن توفير هذا التعاون بعضاً من التطورات الفنية والعسكرية لكوريا الشمالية أيضاً.

من جانبه، أكد المنسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن روسيا تستخدم أسلحة كورية شمالية في أوكرانيا أكثر من ذي قبل.

وأضاف أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتزمون نقل القضية إلى الأمم المتحدة، لأنه هذه الخطوة تتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي لعام 2006.

وفي المقابل، رفض دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين الرد على الأسئلة المتعلقة بعمليات نقل الأسلحة المزعومة.

تعاون لافت

وأشار المركز التركي إلى تقارير صدرت في 2022 تفيد بأن روسيا تخطط لاستخدام أسلحة ستشتريها من كوريا الشمالية ضد أوكرانيا.

وقد سبق وقالت مندوبة الولايات المتحدة بمجلس الأمن الدولي ليندا توماس غرينفيلد في أغسطس 2023 إن روسيا تقوم بتقييم الاتفاقيات المحتملة لذخائر بكميات كبيرة وأنواع مختلفة.

وتزايدت الشائعات بشكل أكبر عندما عقد زعيما البلدين قمة في الشهر التالي في قاعدة فستوتشني الفضائية، وهي من أهم مراكز إطلاق الأقمار الصناعية في روسيا.

وفي الزيارة التي استمرت حوالي خمس ساعات، اصطحب فلاديمير بوتين نظيره الكوري كيم جونغ أون في جولة حول المنشآت المعنية.

وتعهد بوتين بمساععدة كوريا الشمالية في صنع الأقمار الصناعية. وفي المقابل وعد كيم بتقديم الدعم الكامل لروسيا.

وبعد شهرين فقط من هذا الحدث، أعلنت كوريا الشمالية أنها أطلقت بنجاح أول قمر صناعي للتجسس العسكري، كما أعلنت عزمها على إطلاق ثلاثة آخرين في 2024.

وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA) التابعة للدولة في 9 يناير 2024 أن كيم زار مصانع أسلحة وشدد على "الأهمية الإستراتيجية لإنتاج الأسلحة الرئيسية".

وأوضح المركز التركي أن كوريا الشمالية تنتج نسخًا جديدة ومحدثة من أنظمة الأسلحة والذخيرة الموروثة من الاتحاد السوفيتي.

كما تتمتع كوريا الشمالية بقدرة كبيرة على إنتاج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات طويلة المدى.

وأشار أيضاً إلى أن هذا الوضع يجعل كوريا الشمالية جذابة لروسيا من حيث الإمدادات التسليحية والذخائرية.

وبالإضافة إلى كل ذلك، يمكن القول إن هناك علاقة سياسية وطيدة تربط إدارتي بيونغ يانغ وموسكو ببعضهما البعض. ويعزز هذا القرب الطلبات المتبادلة بين البلدين أيضًا.

وبحسب المركز، فإن لدى البلدين حالياً مواقف متقاربة تجاه بعضهما بعضا فيما يتعلق بالسياسة والعلاقات الخارجية، وذلك بسبب معارضتهما للنظام المتمركز حول الغرب، و استبعادهما من قبل المجتمع الدولي.

وأشار إلى أن عاملاً مهماً آخراً موجود في إنشاء التقارب المعني، وهو محاولات عزل المجتمع الدولي للبلدين من خلال العقوبات.

تداعيات متوقعة

ولفت المركز التركي هنا إلى أن هذا الوضع سيؤدي إلى زيادة ضغوط المجتمع الدولي على كل من روسيا وكوريا الشمالية.

فقد يتم تشديد العقوبات المفروضة على روسيا لتقاربها من كوريا الشمالية، حيث تعتبر الأخيرة دولة عدوة في نظر الغرب، وتشكل خطراً كبيراً عليهم خاصة لامتلاكها أسلحة نووية.

ولذلك فإن الضغوط على كوريا الشمالية قد تزداد بسبب التطورات في أوكرانيا.

واجتماع العديد من الدول لإدانة عمليات نقل الصواريخ الباليستية المزعومة بين كوريا الشمالية وروسيا تظهر وحدة المجتمع الدولي في الوقوف صفاً واحداً ضد هذه الأنشطة.

كما أنّ تقديم هذه الادعاءات إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمر مهم من حيث وضع القانون الدولي وآليات الأمن حيز التنفيذ.

وعمليات نقل الصواريخ الباليستية المزعومة تثير مخاوف العديد من الدول، حيث يمكن استخدام هذه الأسلحة ضد أوكرانيا، بل وربما تستخدمها روسيا في مناطق أخرى.

ويحذر خبراء أمنيون من أن عمليات نقل الأسلحة هذه يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الصراعات والتوترات الإقليمية.

ونتيجة لذلك فإن تجارة الأسلحة بين كوريا الشمالية وروسيا قد تؤدي إلى هدر الجهود التي تهدف إلى الحد من الأسلحة النووية ومنع انتشارها.

وختم المركز بالإشارة إلى قلق المجتمع الدولي من كوريا الشمالية بسبب عدم التزامها بالقرارات السابقة المتعلقة ببرنامجها النووي، وتعاونها مع روسيا في هذه القضية.

الكلمات المفتاحية