بين الطاجيك والبشتون.. مركز تركي يحذر من حرب أهلية محتملة بأفغانستان

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم يقتنع المحللون بعد بأن سيطرة حركة طالبان على قصر الحكم في كابول نهاية أحداث دامية عاشتها أفغانستان لأكثر من 40 عاما؛ لكنهم يتوقعون حدوث صراعات عرقية دامية بين الجماعات العرقية في البلاد.

"مركز أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" التركي، نشر مقالا للكاتبة غولير كولاي حمل عنوان: "هل تبدأ حرب أهلية في أفغانستان؟"، والذي رصدت فيه حالة الصراع المحتملة بين حركة طالبان ومناهضيها على قصر الحكم.

الكاتبة تؤكد في بداية مقالها أن منطقة "بنشير" في أفغانستان أصبحت رمزا لمناهضة حركة "طالبان" التي صعدت إلى قمة الحكم في كابول منذ 15  أغسطس/ آب 2021.

ويلفت المقال إلى أن تلك "المنطقة احتضنت حركة مناهضة بدأها أحمد مسعود نجل زعيم المجاهدين السابق أحمد شاه مسعود، ضد طالبان ورفضا لتفرد القومية البشتونية بالحكم". 

"بنشير" تقع شمال كابول على الممر الجبلي الذي يفصل بين جنوب البلاد وشمالها، وسميت نسبة إلى نهر بنشير ووادي بنشير.

وتصفها الكاتبة، بأنها "ملجأ طبيعي"، مؤكدة أنه "لا يمكن الوصول إلى المنطقة إلا عن طريق ممر ضيق يمر عبر مقاطعة بارفان المجاورة".

أحمد مسعود، وفي مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست" 19 أغسطس/ آب 2021، طالب بالمساعدة وإمداده بالسلاح لإقامة حكومة شاملة في البلاد.

ووجه رسالته للعالم بالقول: إن "طالبان ليست مشكلة الشعب الأفغاني وحده، بما أن الإرهاب يمكن أن يجعل من أفغانستان نقطة انطلاقته لمهاجمة الديمقراطيات". 

ترى الكاتبة التركية أن "في هذا دلالة على أن (العامل الوطني) يشكل أحد أهم أسباب انطلاق مناهضة طالبان في بنشير".

"وبعبارة أخرى: تتوقع الحركة المضادة لطالبان في بنشير وتطالب بإنشاء نظام حكم يمثل جميع المجموعات العرقية من غير البشتونية"، بحسب المقال.

الطاجيك والبشتون

كولاي، تشير إلى أن "أمر الله صالح الذي أعلن نفسه رئيسا للجمهورية ودعا للمقاومة ضد طالبان هو من يرأس الجناح السياسي للقوات العسكرية".

وترى أن "الحركة المناهضة لطالبان ربما تتحول إلى (صراع طاجيكي - بشتوني) في المستقبل القريب، بما أن الطاجيك يشكلون الغالبية في الهيكل العرقي لبنشير".

وتعتقد أن عدم الاستقرار الذي يطغى على المشهد العرقي والسياسي في أفغانستان ربما يضع الطاجيك في مواجهة القومية البشتونية التي تستمد قوتها من فكرة (أفغانستان الكبرى) من بخارى إلى بيشاور".

وتلفت إلى أن "التوقعات تشير إلى أن النزعة القومية البشتونية ربما تتعمق مع انتصار طالبان". 

"وربما ينقلب الأمر إلى صراع عرقي سياسي، ما يعني مواجهة البلاد خطر الانقسام العرقي حال اتخذت طالبان إجراءات تحول أفغانستان إلى دولة قومية من البشتون"، وفق تحذير الكاتبة.

وتقول: "أحمد شاه مسعود الأب أو (أسد بنشير)، سيطر على مقاطعات طاجيكية شمال شرق أفغانستان في ثمانينيات القرن الـ20 بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي، وطرح فكرة دولة طاجيكية منفصلة".

"بالنظر إلى هذا، يتضح أن مناهضي طالبان في بنشير لن يقبلوا بحكومة تشكلها الحركة على أساس القومية البشتونية وحدها، بما أن هذا سيثير رد فعل الطاجيك الأفغان"، يرصد المقال.

ويضيف: "هكذا، يبدو أن منطقة بنشير ستصبح على كل شفة ولسان في المستقبل القريب مع حركة المناهضة التي بدأتها ضد طالبان".

ويؤكد أن ذلك يأتي "خاصة وأن أمر الله صالح مشارك في هذه المناهضة، ويتوقع أن يزيد من قوة التوجه الذي بدأه أحمد مسعود؛ بفضل شخصيته الدبلوماسية وعلاقاته الوثيقة مع الغرب".

"من ناحية أخرى، ربما يؤدي استمرار الدعم القادم من مدن أفغانستان الأخرى لمنطقة بنشير التي لم تستجب لدعوة طالبان بالاستسلام من الأسلحة والذخيرة، إلى إعادة تشكل (التحالف الشمالي)"، تلفت الكاتبة. 

وتفسر تلك الحالة بأنها "تعني عودة القادة الذين غادروا البلاد وانضمامهم إلى مناهضة طالبان".

وتضيف أن "الشائعات القائلة بأن بنشير تستقبل مساعدات من طاجيكستان رغم إعلان طالبان أنها محاصرة، تظهر أنه لن يكون من السهل على طالبان السيطرة على المنطقة".

"وهناك تطورات تزيد من حدة التوتر في المنطقة بين الحين والآخر"، وفق رصد المقال، الذي يشير إلى نشوب "اشتباكات مسلحة بين قوات طالبان ومقاومي بنشير 23 أغسطس/ آب 2021".

ويوضح أنه "وعلى الرغم من أن طالبان أعلنت تفوقها، إلا أن أمر الله صالح صرح بأن المنطقة تحت سيطرة قواته".

تأثير الدومينو

الكاتبة التركية تلمح إلى اتساع أكثر لبؤرة الصراع، إذ تقول: "في الوقت التي تستمر فيه بنشير في مقاومتها، ربما يؤدي توسع حجم المقاومة إلى تنشيط الديناميكيات الحساسة الخامدة في البلاد".

وتجزم في مقالها بأنه "لذلك، من المهم البحث عن حلول"، مشيرة إلى أنه "يمكن التوصل إلى حل وسط من خلال إجراء مفاوضات تحت ضمان وسطاء دوليين".

وتوضح أن "المطلب تشكيل حكومة تشمل جميع الأعراق في البلاد لكبح تعمق النزعة القومية البشتونية، بدلا من انفراد طالبان بالسلطة".

"ويرغب مقاومو بنشير في التوصل إلى حل سلمي من خلال المفاوضات، إذ يؤكد أحد قادة المقاومة فهيم دشتي، أن الحرب ستبدأ حال حاولت طالبان قمع المقاومة بالقوة العسكرية"، وفق ما نقله المقال.

وهو ما يعني وفق رؤية الكاتبة أن "تتحول المقاومة في وادي بنشير التي فشل الاتحاد السوفييتي أيضا في دخولها في ثمانينيات القرن الـ20، إلى صراع مسلح وتندلع حرب أهلية".

وحاليا، تتفاوض الأطراف لحل القضية من خلال المصالحة والحوار، فيما أعلن وقف إطلاق النار لتجنب الاشتباك حتى انتهاء المفاوضات.

"غير أن خطر اندلاع حرب أهلية لا يزال يلوح في الأفق، بما أنه ليس هناك اتفاق دائم"، تنوه الكاتبة التركية.

وتعتقد أنه "ليس من الصواب توقع عزل أفغانستان المتاخمة لدول آسيا الوسطى (طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان) عن المنطقة".

وتضيف: "وبما أن هذا غير ممكن، ستتأثر دول المنطقة أيضا بالتوترات العرقية التي ربما تحدث، إلى جانب أن المجموعات المسلحة في آسيا الوسطى التي أعلنت ولاءها لطالبان تعد تهديدا محتملا".

وتحذر "استقرار أفغانستان يرتبط ارتباطا وثيقا بأمن آسيا الوسطى وأوراسيا، لذلك، فإن أية حرب أهلية بأفغانستان وخاصة تلك النابعة من الصراع العرقي، ربما تتحول إلى مسألة تعني الشعوب الأخرى".

وتختم كولاي مقالها: "وكما أن علاقات طاجيكستان وأفغانستان ربما تؤدي إلى صراع طاجيكي بشتوني، يمكن للمنظمات المسلحة أن تنتشر بالمنطقة بأكملها بتأثير الدومينو".