7 شركات إماراتية على قائمة العقوبات الأميركية.. ما علاقة السودان؟

"تتبع نشاطا المؤسسات الإماراتية ومن يديرها أظهر مدى ارتباطها بالحرب الدموية السودانية"
في فضيحة جديدة، أدرجت واشنطن سبع شركات يقع مقرها الرئيس في الإمارات، على برنامج العقوبات المتعلقة بالحرب في السودان.
ووفقا لوزارة الخزانة الأميركية، عبر بيان في 4 أبريل/ نيسان 2025، استخدمت أبوظبي الشركات كواجهات لإخفاء المعاملات المالية، وشراء المعدات العسكرية لصالح مليشيا الدعم السريع المتمردة.
وكانت واشنطن قد فرضت في الآونة الأخيرة عقوبات على قادة التمرد المتورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان، على رأسهم قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وأشقائه.
وتبرأت الإمارات في حينه عبر بيان صادر عن وزارة العدل من تلك الشركات السبع قائلة إنها “لا تملك ترخيصا تجاريا ساري المفعول في البلاد”.
لكن تتبع نشاطات تلك المؤسسات ومن يديرها، أظهر مدى ارتباطها بالحرب الدموية السودانية، التي بدأت منتصف أبريل/ نيسان 2023.
خاصة أن الإمارات سبق أن استخدمت شركات بعينها في السودان، مثل "بلاك شيلد" التي تورطت في تجنيد شباب السودان، والإلقاء بهم في جحيم الحرب الأهلية الليبية.

الشركات السبع
وجاءت شركة "كابيتال تاب القابضة" على رأس تلك الشركات; حيث تأسست في 12 أبريل 2021، وتدير حوالي 50 شركة في عشر دول.
ويمتلكها ويديرها المواطن السوداني أبو ذر عبدالنبي حبيب الله أحمد.
وهو أيضا المالك لشركة "كرييتف بايثون" ثاني الشركات المدرجة على قائمة العقوبات.
واستخدمت تلك الشركة تحديدا، كوسيط لإخفاء تعاملات حميدتي التجارية،
وكان يشارك في إدارتها القوني حمدان دقلو (شقيق حميدتي)، والخاضع لعقوبات منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
أما ثالث الشركات فهي "الزمرد والياقوت للذهب والمجوهرات"، ويديرها أبو ذر عبد النبي أيضا.
وتتهم هذه الشركة أنها اشترت ذهبا من السودان ونقلته إلى دبي لصالح الدعم السريع.
ومن المفارقات أن القوني دقلو كان لديه صلاحية الوصول إلى حساباتها المصرفية التي تضم ملايين الدولارات.
أما الشركة الرابعة، فهي "هورايزون للحلول المتقدمة والتجارة العامة"، ومن الاتهامات الموجهة إليها، استيراد شحنات من شركة "جلاكسو سميث كلاين" للأعمال المتقدمة، التي يديرها القوني دقلو.
وجلاكسو سميث كلاين وضعت في 28 سبتمبر/ أيلول 2023، من قبل وزارة الخزانة الأميركية على لائحة العقوبات، الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان في الحرب السودانية.
وتأتي شركة "الجيل القديم للتجارة العامة"، في المرتبة الخامسة ضمن القائمة، ويديرها كذلك أبو ذر وعبد الرحيم دقلو.
ثم شركة "كابيتال تاب للاستشارات الإدارية"، في المرتبة السادسة، وهي شركة تابعة لـ"شركة كابيتال تاب" القابضة.
ويديرها أبو ذر أيضا، وتعد جزءا من شبكة الشركات التي تستخدم في الأنشطة التجارية والاستيراد والتصدير وتجارة العملة، المرتبطة بالدعم السريع.
أما الشركة السابعة فهي "كابيتال تاب للتجارة العامة"، ويديرها الرجل الممسك بتلابيب معظم تلك المؤسسات، أبو ذر عبد النبي، وهي ضمن الشبكة التجارية التي تخدم مصالح الدعم السريع، تحت غطاء المشروعات التجارية خارج الحدود، وعقد الصفقات بين شركات إقليمية وسودانية.
الواجهة المالية
ومع معرفة الرجل الذي يقود تلك المؤسسات، أبو ذر عبد النبي حبيب الله، كان السؤال من هذا الشخص الذي استخدمه حميدتي كواجهة مالية وأصبح عقله الاقتصادي داخل الإمارات.
أبو ذر، أحد منسوبي مليشيا الدعم السريع، وكان يعمل في الشؤون المالية للقوات منذ سنوات طويلة خلال عهد البشير، ثم خلال المرحلة الانتقالية.
وأشارت تقارير محلية سودانية إلى وجود صلة قرابة بينه وبين حميدتي، وأنه ينتمي إلى نفس القبيلة "الزريقات".
ومع ذلك فإن علاقة أبو ذر أقرب إلى عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، حيث كان شريكا سابقا في شركة "الجيل القادم" للتجارة العامة.
وأدار أبو ذر عددا من الشركات التي صدرت ضدها عقوبات أميركية بسبب تورطها في تسهيل العمليات المالية والتجارية لصالح الدعم السريع، بما في ذلك عمليات شراء الذهب وتحويل الأموال عبر الإمارات.
وخبرة أبو ذر في تجارة الذهب فتحت له أبواب أبو ظبي، حيث بات مقربا من صناع القرار، لا سيما طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي الإماراتي، وشقيق رئيس الدولة محمد بن زايد.
لذلك تورط أبو ذر بحكم دوره بين الإمارات والدعم السريع، في تسهيل العمليات المالية والتجارية عبر شبكة الشركات في الإمارات، مما أدى إلى فرض عقوبات أميركية عليه وعلى تلك الشركات.
وفي 4 أبريل 2025، كتب الصحفي السوداني عامر صالح، لموقع "ألترا سودان" عن تلك العقوبات ودوافعها.
وقال صالح: إن "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في واشنطن (OFAC) ذكر أن العقوبات على الشركات السبع الإماراتية قامت لارتباطها بقوات الدعم السريع".
واستشهد ببيان العقوبات الصادر في 7 يناير/ كانون الثاني 2025، الذي أورد أن قدرة الدعم السريع على الحصول على معدات عسكرية وتوليد التمويل تؤجج الصراع في السودان.
ويشار إلى أن واشنطن فرضت حينها عقوبات على مصرف وشركتين، مقرهم الإمارات، بتهمة تقديم تمويل طرفي النزاع في السودان.
وضرب الصحفي السوداني مثلا بشركة كابيتال تاب القابضة، ومقرها الإمارات، فتلك الشركة تحديدا زودت الدعم السريع بالأموال والأسلحة.
وأكد أن وضع الإمارات كمالك ومحرك للشركات لم يكن اعتباطا، حيث نشر المكتب الأميركي، أرقام تسجيل الشركات المذكورة في بيان العقوبات.
وكانت مقراتها جميعا داخل الإمارات، وتعمل تحت عين الحكومة والأجهزة المعنية، وأنشطتها معلومة تماما.
“بلاك شيلد”
وتاريخ الإمارات مع شركات مشبوهة استغلت الأوضاع المأساوية في السودان، لم يكن ناصعا، وحوى كثيرا من المآسي والانتهاكات.
ففي 25 ديسمبر/ كانون الأول 2019، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا عن "تورط" الإمارات، في تمويل نقل مجموعات من المرتزقة، للقتال في ليبيا إلى جانب مليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من أبو ظبي.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني 2020، تظاهر مئات السودانيين، أمام مقر وزارة الخارجية بالعاصمة الخرطوم، احتجاجا على إرسال أبنائهم للقتال في اليمن وليبيا، بدل العمل في خدمات أمنية، حسب عقود مبرمة معهم من قبل شركة إماراتية تدعى "بلاك شيلد".
وردد المتظاهرون هتافات منددة بالرئيس الإماراتي (كان وليا للعهد حينها) محمد بن زايد، رافعين لافتات مكتوبا عليها: "أولادنا ليسوا للبيع"، "من أجل كرامتنا قامت الثورة"، "فلذات أكبادنا ليسوا بمرتزقة".
وبلاك شيلد، التي تم تأسيسها عام 2001، تعرف نفسها أنها من الشركات المتخصصة في حلول الأمن والتشغيل والتدريب لمكافحة الإرهاب.
وفي 30 يناير 2020، نشرت شبكة "الجزيرة" الإخبارية، مقاطع حصلت عليها، تظهر مجموعة من الشباب السودانيين الذين تعرضوا للخداع من شركة "بلاك شيلد"، التي نقلتهم إلى ليبيا بعد إخضاعهم لتدريب عسكري في معسكرات داخل الإمارات.
كما أظهرت الجزيرة صورا خاصة تؤكد وجود شباب سودانيين شرقي ليبيا، كانت بلاك شيلد، قد نقلتهم إليها قبل أن تعيدهم إلى أبو ظبي بعد ضغوط شعبية.
فضيحة "بلاك شيلد"، كشفت عن أن تلك الشركات، مجرد واجهات فقط، لأنشطة إماراتية للتمدد عسكريا في السودان وليبيا واليمن ومناطق أخرى، عبر سلاح المرتزقة، مقابل أموال ضخمة، تخصصها الدولة الخليجية، لتلك العمليات المشبوهة.
ففي أغسطس/آب 2019، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن "نحو ألف من أفراد (الدعم السريع) السودانية حطّوا رحالهم في الشهر ذاته شرقي ليبيا، للقتال إلى جانب حفتر".
كما أن حميدتي جند عبر وحدة خاصة من (الدعم السريع)، نحو 450 شخصا لحساب الجيش الإماراتي من القبائل العربية بدارفور.
وفي عام 2017، فجرت صحيفة "التايمز" البريطانية، فضيحة مماثلة، عندما كشفت شهادات عائلات القبائل العربية السودانية والتشادية والنيجرية، عن تعرض أبنائها للخداع من خلال إقناعهم بأنهم ذاهبون إلى الإمارات للعمل في الشركات الأمنية الموجودة هناك بمبالغ وامتيازات خرافية.
وحين وصلوا هناك جرى إلباسهم الزي العسكري الإماراتي، وتوزيعهم على عدد من المواقع في اليمن.