5 دول أوقفت تصدير السلاح لها .. هل محاكمة إسرائيل دوليا بدأت تحقق مكاسب؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تقارير

امتثال للأوامر

خطر واضح

مخاوف قانونية

5 دول أوقفت تصدير السلاح لها .. هل بدأت محاكمة إسرائيل أمام العدل الدولية تحقق تأثيرا ومكاسب؟ 

5 دول أوقفت تصدير الأسلحة.. هل محاكمة إسرائيل أمام "الدولية" تحقق تأثيرا؟ 

مخاوف قانونية..لهذا أوقفت دول غربية تصدير الأسلحة إلى إسرائيل

 

https://cdnuploads.aa.com.tr/uploads/Contents/2024/01/11/thumbs_b_c_3c5267ffee023f002326f062444c53fc.jpg?v=123226
 

 

 

رغم بدء محكمة العدل الدولية التحقيق في جرائم الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، لم يسفر عن نتائج تسهم في وقف المجازر، إلا أن قرارات المحكمة، التي أدانت ضمنا الاحتلال، بدأت تحقق تأثيرا ومكاسب للفلسطينيين فيما يتعلق بصفقات السلاح الإسرائيلية.

وعلقت محاكم وحكومات في 5 دول أوروبية تصدير السلاح وقطع الغيار لإسرائيل، وتناقش محاكم في بريطانيا ودول أوروبية أخرى بينها فرنسا، حظر تصدير السلاح للاحتلال امتثالا لقرارات العدل الدولية.

وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، رفعت جنوب إفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية، اتهمت فيها إسرائيل "بالفشل في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948".

وفي 26 يناير/ كانون الثاني 2024، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في غزة، واعتبر حقوقيون أن هذه "دعوة لوقف تسليح دول العالم لدولة الاحتلال".

بركة "الدولية"

وأكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، في 12 فبراير/شباط 2024 أن إسرائيل تنتهك أوامر محكمة العدل الدولية بشأن قطاع غزة.

وقالت ألبانيز لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إن "إسرائيل تنتهك القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية (في 26 يناير) والتي تطالبها باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية حقوق الفلسطينيين وتجنب جميع الإجراءات التي يمكن أن تشكل جريمة إبادة جماعية".

وأوضحت المقررة الأممية أن محكمة العدل الدولية "قضت بوجوب امتناع إسرائيل عن جميع الأعمال التي يمكن أن تشكل جريمة إبادة جماعية".

وفي توقيتات متقاربة، وعقب أمر محكمة العدل الدولية إسرائيل في 26 يناير 2024، بـ"اتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة"، بدأت محاكم أوروبية تقبل دعاوى بوقف تصدير السلاح لإسرائيل باعتبار أنه يخالف قرارات "العدل الدولية".

وقررت محاكم وحكومات في كل من هولندا وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا واليابان وقف بيع السلاح لإسرائيل أو تزويدها بقطع غيار، بعد تهديدات حقوقية بأن من شأن استمرارها في ذلك أن يجعلها متورطة في جرائم حرب بغزة.

محكمة استئناف هولندية، أمرت الحكومة في 12 فبراير 2024 بوقف تصدير قطع غيار مقاتلات إف-35 إلى إسرائيل لأنها "تستخدمها لقتل الفلسطينيين في غزة"، وذلك استجابة لطلب تقدمت منظمات حقوقية، حول تعارض ذلك مع قرارات المحكمة الدولية.


 

المفارقة هنا أن هولندا لا تصدر أسلحة لإسرائيل، ولكن القضية تتعلق بقطع غيار تعود ملكيتها للولايات المتحدة وتخزنها في هولندا، حتى ترسلها لإسرائيل، بموجب اتفاقيات التصدير، لكن المحكمة رفضت شحنها لإسرائيل.

وحين قالت الحكومة الهولندية للمحكمة إن "هذا قد يضر العلاقات مع واشنطن"، ردت المحكمة أن الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل "لا يشكل مبررا جيدا لمواصلة تصدير قطع الغيار" لأنها تتسبب في قتل أبرياء.

وأمرت محكمة الاستئناف في لاهاي الدولة بوقف "جميع عمليات التصدير والعبور الفعلية لقطع غيار مقاتلات إف-35 خلال سبعة أيام من إبلاغها بهذا الحكم".

وأخذت برأي المنظمات الحقوقية الهولندية التي أكدت أن تزويد إسرائيل بهذه القطع "يسهم في الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي التي ترتكبها إسرائيل في حربها ضد حماس".

حكومات متواطئة 
 

ورفعت منظمات حقوقية، في مقدمتها مجموعة "أوكسفام نوفيب"، دعوى قضائية ضد الحكومة الهولندية، وترى أن تزويدها قطع غيار لمقاتلات "إف-35" يسهم في انتهاكات إسرائيل المفترضة للقانون الدولي في قطاع غزة.

وقالت المنظمات إن "تسليم هولندا أجزاء من الطائرة المقاتلة إف-35 إلى إسرائيل في هذه الظروف، يجعلها متواطئة في جرائم حرب محتملة ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة". 

الخطوة التالية جاءت من إسبانيا، إحدى أبرز دول أوروبا التي عارضت العدوان على غزة، حين أعلن وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس في 6 فبراير 2024 إيقاف جميع تراخيص تصدير السلاح إلى إسرائيل، "امتثالا لأوامر محكمة العدل الدولية".

وندد الوزير ألباريس بجرائم إسرائيل وقتلها أكثر من 28 ألف فلسطيني واستهداف مقار الأمم المتحدة والمدارس والمستشفيات في القطاع.

وفي نفس اليوم، ألغت حكومة إقليم "والونيا" في بلجيكا رخص تصدير سلاح إلى إسرائيل بعد قرار محكمة العدل الدولية ضدها، خشية استخدام الأسلحة في غزة.

وكانت وزيرة التعاون الإنمائي البلجيكية كارولين غينيز طلبت من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم حرب ضد إسرائيل، وأشارت إلى أن بروكسل تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وأكدت غينيز خلال تصريحات صحفية في 12 فبراير، على ضرورة منع "الإبادة الجماعية"، وآخرها ما تفعله إسرائيل في رفح.

وأوضحت أن هناك أمرا من محكمة العدل الدولية ينص على أننا بحاجة إلى المزيد من وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة من أجل منع "الإبادة الجماعية".


 

أيضا أعلنت شركة يابانية للدفاع والطيران في 7 فبراير، كانت أبرمت مذكرة تفاهم للتعاون الإستراتيجي مع شركة إسرائيلية للتكنولوجيا العسكرية في مارس/ آذار 2023، عزمها فسخ مذكرة التفاهم تلك "امتثالا لقرار العدل الدولية" بحق إسرائيل.

وقالت الشركة اليابانية إنها عند اتخاذ هذا القرار وضعت بالحسبان دعم حكومة طوكيو الدور الذي تتبناه محكمة العدل الدولية، لذلك علقوا الأنشطة الجديدة الواردة ضمن مذكرة التفاهم مع الشركة الإسرائيلية.

وفي 20 يناير 2024 أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني أن الحكومة أوقفت تصدير الأسلحة الى إسرائيل بعد العدوان على غزة، بحسب قناة التلفزيون العبري "i24news".

وقال تاجاني "منذ 7 أكتوبر، قررنا عدم إرسال أي أسلحة أخرى إلى إسرائيل من أي نوع".

وأضاف: "أصدرنا بيانا حول هذا القرار في البرلمان، ومنذ بداية الحرب أوقفنا جميع الشحنات"

ومن بين الصفقات التي أبرمت بين إسرائيل وإيطاليا في السنوات الأخيرة، طائرة التدريب "لافي"، ومروحيات لمدرسة الطيران، ومعدات لسلاح البحرية، خصوصا للغوص.

شركاء الجريمة
 

وذكر تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 25 يناير 2024 أن 16 منظمة إنسانية بريطانية رفعت دعاوى قضائية بشأن صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل على خلفية اتهامات بانتهاك القانون الدولي في غزة.

وأكدت المنظمات الـ16 أن مسألة تصدير أسلحة وقطع غيار مصدرها بريطانيا إلى إسرائيل "تشكل محور قضية ستنظر فيها المحكمة العليا في لندن على خلفية اتهامات بانتهاك القانون الدولي".

وتنص المعايير البريطانية على أن "الأسلحة يجب ألا تصدر حين يكون هناك خطر واضح من احتمال استخدامها بشكل ينتهك القانون الدولي".

وهاجم رئيس الوزراء الاسكتلندي، حمزة يوسف، الذي تشكل بلاده، مع إيرلندا وبريطانيا، المملكة المتحدة، في 12 فبراير، حكومة بريطانيا ومعارضتها بسبب موقفها من إبادة الاحتلال الإسرائيلي لغزة.

وقال يوسف، عبر منصة "إكس" إن "على الحكومة والمعارضة البريطانية أن تطأطئ رؤوسها خزيا ونحن نشهد مجزرة يقتل فيها آلاف النساء والأطفال أمام أعيننا في قطاع غزة".

Keir Starmer & Sunak's unwillingness to call for an immediate ceasefire will never be forgotten, nor forgiven.

The UK Government & Labour Opposition should hang their heads in shame as we witness a massacre that is killing thousands of women & children in front of our very eyes. https://t.co/fhVa2vfHwE

— Humza Yousaf (@HumzaYousaf) February 12, 2024

منظمة "هيومن رايتس ووتش" رأت في تقرير نشرته في 13 ديسمبر 2023 أن "بيع الأسلحة لإسرائيل قد يجعل بريطانيا متواطئة في جرائم الحرب".

ودعت المنظمة الدولية، المملكة المتحدة إلى "تعليق تراخيص الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل فورا، وإلا خاطرت بخرق قوانينها والتواطؤ في ارتكاب انتهاكات جسيمة".

وأكدت أنه بموجب نظام تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة، لا يُمكن منح التراخيص عند وجود خطر واضح لاحتمال استخدامها لارتكاب أو تسهيل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. 

وشددت على أن "سلوك الجيش الإسرائيلي في الأعمال العدائية في غزة ينشأ عنه خطر واضح من أن تُستخدم الأسلحة البريطانية في انتهاكات جسيمة، بما يشمل تشديد الحصار غير القانوني وشن هجمات غير قانونية على المدنيين والبنية التحتية المدنية".

ومنذ عام 2015، سمحت المملكة المتحدة بتصدير ما يقدر قيمته بـ474 مليون جنيه إسترليني (نحو 600 مليون دولار) من الصادرات العسكرية إلى إسرائيل، شملت مكونات طائرات مقاتلة، وصواريخ، ودبابات، ومعدات تكنولوجية، وأسلحة وذخائر صغيرة. 

وتوفر المملكة المتحدة حوالي 15 بالمئة من مكونات الطائرات المقاتلة الشبح من طراز "إف 35" المستخدمة حاليا في إبادة غزة، وفق "هيومن رايتس ووتش".

مخالفة القوانين

وقبل وبعد صدور قرار العدل الدولية، الذي فسرته منظمات قانونية وحقوقية على أنه أمر بوقف تسليح دولة الاحتلال وإلا عدت الدول التي تزود تل أبيب بالسلاح مشاركة في الإبادة الجماعية، رفعت دعاوى في أوروبا ضد تصدير السلاح لإسرائيل.

ففي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قرر "ائتلاف القانونيين من أجل احترام فرنسا التزاماتها الدولية" و"لجنة المحامين من أجل احترام فرنسا تعهداتها الدولية"، رفع دعاوى ضد مسؤولين أوروبيين وشركات أسلحة لتورطهم في تصدير أسلحة لإسرائيل بشكل يسهم في قتل المدنيين بقطاع غزة.

وأشار الخبير في القانون الدولي العام، بيير إيمانويل دوبان، إلى نوعين من الإجراءات التي يمكن رفعها، حيث "ستتم الأولى أمام المحاكم الوطنية، لا سيما في فرنسا".

والثانية أمام المحاكم الأوروبية ضد البلدان التي تزود إسرائيل بالأسلحة، وخاصة بريطانيا وألمانيا وإيطاليا.

وقال دوربان لموقع "الجزيرة نت" في 20 نوفمبر 2023، إن هاتين الفئتين سيتم اتهامهما أمام المحكمة الجنائية الدولية بـ"أفعال التواطؤ التي مكنت من ارتكاب جرائم حرب، وهي تهمة جنائية غير مباشرة".

وأكد أن منظمته (ائتلاف القانونيين من أجل احترام فرنسا التزاماتها الدولية) ستُوجه اتهامات جنائية للأطراف المسؤولة عن عمليات تسليم الأسلحة، بمن فيهم شركات الأسلحة والمسؤولون الحكوميون والضباط، الذي يصدرون تصاريح التصدير.

ولفت دوربان إلى أن دعاوى جنائية تجرى بالفعل أمام محكمة باريس، رفعتها عائلات فلسطينية فقدت عدة أفراد في هجوم صاروخي بعدوان غزة عام 2014.

وخلال التحقيق، تم تقديم صور لبقايا صواريخ تحمل مكونات صنعتها شركة أسلحة فرنسية.

وأوضح دوبان أن "العقبة التي تواجههم هي طول المدة الزمنية للإجراءات القانونية"، مؤكدا وجود أمور قد تعمل على تسريع وتيرتها، وعلى رأسها عمليات عرقلة عمليات تسليم الأسلحة، في الموانئ الأوروبية. 

وصادقت فرنسا على معاهدة تجارة الأسلحة (TCA) عام 2014، وتنص المادة 6 على أنه "يجب على الدولة الطرف أن ترفض تصدير أي سلاح يمكن استخدامه لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، أو أي جرائم حرب وانتهاكات أخرى لاتفاقية جنيف لعام 1949".

ووصلت مبيعات الأسلحة الفرنسية للاحتلال الإسرائيلي إلى نحو 207.6 ملايين يورو خلال السنوات العشر الماضية، وفق التقرير الأخير الصادر عن وزارة القوات المسلحة الفرنسية.

ووفقا للأرقام الواردة في هذه الوثيقة، أصدرت الحكومة الفرنسية أيضا تراخيص تصدير إلى إسرائيل بقيمة إجمالية قدرها 357 مليون يورو.

بجانب ما يقرب من 10 ملايين يورو لتصنيع "القنابل والطوربيدات والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة المتفجرة والعبوات الناسفة"، فضلا عن "أنظمة عالية التقنية لتوجيه الصواريخ والقنابل نحو الأهداف".

وانتقد حقوقيون أيضا الارتفاع الكبير في صادرات الأسلحة الألمانية لإسرائيل، بعدما كشفت وكالة الأنباء الألمانية أن الأذونات التي أصدرتها حكومة برلين لصادرات الأسلحة لإسرائيل قُدرت في نوفمبر 2023 بمبلغ 303 ملايين يورو.

وهو ما يقرب من عشرة أضعاف صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل عام 2022، والتي كانت 32 مليون يورو فقط، بحسب التلفزيون الألماني(DW)  في 8 نوفمبر 2023.