نهاية العلاقة "الرومانسية".. هذه أبرز نقاط خلاف ابن سلمان وابن زايد
.jpg)
سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الخلافات التي ظهرت بين السعودية والإمارات، وذلك بالتزامن مع تغيير الإدارة في واشنطن.
وأوضحت "بوبليكو" أن "مصالح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تتعارض على وجه الخصوص مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وقد بدأ كلاهما معركة ذات أبعاد متعددة، تتجاوز الخلفية الاقتصادية. في الآن ذاته، يمكن أن يكون لهذا التنافس تداعيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
في 19 يوليو/تموز 2021، بحث ابن سلمان، وابن زايد، خلال اجتماعهما في الرياض، العلاقات الوثيقة بين السعودية والإمارات، والمستجدات في المنطقة والعالم.
وخلال الاجتماع، استعرضا "العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، وأوجه التعاون الثنائي وفرص دعمه وتطوره في مختلف المجالات"، كما ناقشا "مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها"، حسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
ولم يتعرض اللقاء للإجابة على التساؤلات المطروحة بشأن الأزمات بين البلدين، لا سيما في مجال النفط والاقتصاد، وما تردد عن وجود معارك بينهما.
وأشارت "بوبليكو" إلى أن الشرق الأوسط شهد صدمات كبيرة، خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي استمرت أربع سنوات.
أما عراب هذه التوترات، فقد اختزل في شخص رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، وحلفائه المقربين، ابن سلمان وابن زايد، وقد خلقت هذه المجموعة صراعات وحروبا في المنطقة ودعموا استدامتها.
وأضافت الصحيفة أن ابن سلمان وابن زايد، حافظا على علاقات وثيقة للغاية والتي يبدو أنها قد انتهت منذ صعود الرئيس الأميركي جو بايدن.
فضلا عن ذلك، كانت العلاقة الرومانسية بين ابن سلمان وابن زايد ممكنة حتى وقت قريب، نظرا لأنهما يشتركان في المصالح الإستراتيجية التي باركتها إسرائيل وإدارة ترامب، وهو ظرف تلاشى بشكل مفاجئ.
لا يثق بحاميه
ونقلت الصحيفة أن ابن زايد، البالغ من العمر 60 عاما، كان وصيا على ابن سلمان، البالغ من العمر 35 عاما، لسنوات.
من جهته، كان ولي العهد السعودي راضيا عن الحماية التي يوفرها له نظيره الإماراتي.
من ناحية أخرى، اعتبر ابن سلمان أن ابن زايد هو نموذج يحتذى به، وأمير قوي حازم ومؤثر، حكم الإمارات بقبضة من حديد، من منظور سلطوي وأيديولوجية ليبرالية.
وأشارت الصحيفة إلى أحد القضايا التي اتفقا عليها، وربما يستمران في الاتفاق عليها، والتي تتمثل في الرفض التام لما يسمى بـ"الإسلام السياسي" الذي تجسده جماعة الإخوان المسلمين.
ومنذ عهد الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، رحبت السعودية بالإخوان المسلمين، لكن ابن سلمان يعتبرهم الآن، مثل ابن زايد، "أخطر تهديد للاستقرار".
وأضافت الصحيفة أن ابن سلمان كان يسعى للاقتداء بابن زايد وتحديث بلاده لتصل إلى مستوى القرن الـ21 والقطيعة مع القرون الوسطى.
لكن، مع القليل من المخاوف والشكوك مثل ابن زايد، كان يعتقد أنه حر في التصرف كما يشاء، حتى مع اغتيال الصحفي الإصلاحي جمال خاشقجي عام 2018، لأنه كان يحظى بالدعم الكامل من نتنياهو وترامب، ولم يكن بحاجة إلى أي شيء آخر.
في المقابل، أصبحت مصالح الأميرين متباينة، وأصبح ابن سلمان لا يثق بحاميه، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن أهدافهما مختلفة، بل متعارضة؛ الأمر الذي دفعه إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات السياسية وقبل كل شيء الاقتصادية، التي حددت المسافات مع زميله الإماراتي.
ونوهت الصحيفة بأن ابن سلمان يلقي باللوم على ابن زايد في مسائل ومجالات متنوعة، وفي بداية الأمر، يرى السعودي أن القرارات التي يتخذها نظيره تعود بالنفع فقط على الإمارات، عكس السعودية.
ثانيا، لم يبذل الإماراتي جهدا لتحسين صورة السعودية في الولايات المتحدة وأوروبا بعد مقتل خاشقجي.
وثالثا، تركه عمليا لوحده في حرب اليمن، علاوة على ذلك، تجاهل جهوده لتنويع الاقتصاد السعودي للتخلص من التبعية للنفط.
تعزيز النفور
وذكرت الصحيفة أن وليا العهد يعتمدان كليا على دولارات النفط، وبعد أن خفضت أزمة الوباء العالمي صادرات النفط الخام إلى مستويات منخفضة للغاية، أدى الانتعاش الاقتصادي الأخير إلى رفعها مرة أخرى. وأمام هذا الوضع، يريد كل من ابن سلمان وابن زايد الاستفادة من الأسعار دون مراعاة تطلعات الطرف الآخر في هذا المجال.
ونوهت بأن العلاقات الشخصية بين الأميرين شهدت تراجعا أيضا، وإذا كان ابن سلمان وابن زايد يتبادلان الزيارات بشكل متكرر خلال عهد ترامب، ودارت بينهما مكالمات هاتفية باستمرار.
إلا أنه منذ صعود بايدن في يناير/كانون الثاني 2021، تحدث الأميران مرة واحدة فقط، ولم يفعل الرئيس الأميركي الجديد شيئا لتسوية الخلافات بين شركائه، ربما للانتقام من الدعم غير المشروط الذي قدمه ترامب لهما.
وأوضحت الصحيفة أن ابن سلمان وابن زايد حاولا منذ يناير/كانون الثاني 2021، الابتعاد عن الأنظار حتى لا يزعجا بايدن.
من ناحية أخرى، ساهم اختفاء نتنياهو وتأثيره السابق على ترامب، في جعل الأمراء أقل نشاطا على الساحة الإقليمية. تبعا لذلك، تعثر تحالف ابن زايد مع موسكو في ليبيا وكذلك مشروع المرتزقة في اليمن، حيث ترك ابن زايد ابن سلمان في مأزق.
بالتوازي مع ذلك، تبنى ابن سلمان سلسلة من الإجراءات التي يمكن وصفها بأنها معادية للإمارات، بينها التزام الشركات متعددة الجنسيات بفتح وفد في الرياض للتمكن من إجراء أعمال تجارية مع السعوديين. ويعني ذلك أنه لن يكون كافيا امتلاك وفد في الإمارات.
ونوهت الصحيفة بأن هذا القرار الجديد قد يعني مليارات الدولارات للسعوديين على حساب الإماراتيين.
وبعد أن أصبحت الإمارات المكان الرئيس للأعمال التجارية في الشرق الأوسط لكبار الشركات متعددة الجنسيات وكبار المستثمرين، فإن التدابير التي أعلنتها الرياض في الأسابيع الأخيرة يمكن أن تلحق بهم ضررا كبيرا.
وأشارت الصحيفة إلى قضية أخرى تعزز النفور بين الأميرين، وهي الحصار المفروض على قطر، الدولة التي عاقبها ابن زايد لعدم محاربتها الإسلام السياسي. وربما "عن غير وعي"، انضم ابن سلمان على الفور إلى صف ابن زايد.
ولكن بعد وصول بايدن، اعتبر الحصار على قطر خطوة خاطئة، وبينما يريد السعوديون تطبيع العلاقات مع قطر، فإن للإماراتيين رأيا آخر.
وأوردت الصحيفة أنه في حال لم يصحح مسار التنافس بين الأميرين القويين، وهو أمر لا يبدو محتملا، فسيكون للوضع تداعيات بعيدة المدى على المنطقة.
وختمت "بوبليكو" تقريرها بالقول: "في الوقت الراهن، فإن الأمر الأكثر خطورة يكمن في الصراع الاقتصادي الذي أعلن عنه مؤخرا ويمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة لإحدى الدولتين اللتين كانتا حليفتين حتى نهاية عهد ترامب، أو لكليهما".