"نوايا خفية".. صحيفة عبرية: هذه أسرار زيارة وزير نفط مصر إلى إسرائيل

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة عبرية أن زيارة وزير النفط المصري طارق الملا إلى إسرائيل تكتسي أهمية بالغة في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة، وأن الهدف منها إرسال رسائل محددة لكل من تركيا والولايات المتحدة الأميركية.

وأشارت صحيفة "The Times of Israël" إلى أنه "رغم زيارة الوزير الملا إلى إسرائيل يومي 21-22 فبراير/شباط 2021 كانت لها سمات نقاش روتيني حول التعاون في مجال الطاقة، إلا أنها بعثت أيضا برسالة إلى المنافسين الإقليميين والولايات المتحدة".

واعتبرت أن "رحلة طارق الملا جديرة بالملاحظة، ذلك أنه يعد أول وزير مصري يزور إسرائيل منذ لقاء وزير الخارجية سامح شكري مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عام 2016".

ولا يعد الملا لاعبا ثانويا، حيث أشار الباحث "غابرييل ميتشل" من معهد "ميتفيم"، وهو مركز أبحاث مقره إسرائيل، إلى أن "الملا قريب جدا من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.. ويمكن القول إنه أحد الوزراء البارزين خارج الرئاسة"، وفق الصحيفة العبرية.

رسالة لأردوغان

وفي 21 فبراير/شباط الجاري، اتفقت إسرائيل ومصر على ربط حقل "ليفياثان" للغاز الطبيعي الإسرائيلي بمنشآت الغاز الطبيعي المسال المصرية، عبر خط أنابيب تحت الماء يمكن تصديره منه إلى الأسواق الأوروبية.

وعلاوة على ذلك، فإن الخطة الإماراتية الإسرائيلية لضخ النفط من إيلات على البحر الأحمر إلى عسقلان على البحر المتوسط ​​تهم مصر، لكن القاهرة امتنعت إلى حد كبير عن انتقاد المشروع علنا.

وتوشك صفقة لتزويد قطاع غزة بالغاز الطبيعي الإسرائيلي على الانتهاء، فيما سيكون لأي أمر يحدث في القطاع الساحلي تأثير مباشر على الأمن المصري، بحسب "The Times of Israël".

ويقول محللون إن أحد الأغراض الرئيسة للاجتماعات - بخلاف مناقشات الطاقة - كان إرسال رسالة إلى تركيا، ورئيسها رجب طيب أردوغان.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه "على مدى عقد من الزمان، انخرطت تركيا في منافسة مريرة مع مصر بدأت عندما دعم أردوغان جماعة الإخوان المسلمين، بعد الإطاحة بالجماعة من السلطة في مصر عام 2013".

وفي البحر المتوسط​​، انضمت مصر إلى اليونان وقبرص اللتين تتهمان تركيا بالتنقيب غير القانوني عن الغاز الطبيعي في مناطقهما الاقتصادية الخالصة، وبالتعاون مع إسرائيل، شكلت الدولتان منتدى غاز شرق المتوسط، ومقره القاهرة، وأجرتا تدريبات عسكرية مشتركة.

وفي سياق متصل، قال الباحث ميتشل: إن "اللقاء بين إسرائيل ومصر، حتى لو لم يكن ذلك الغرض الأساسي من الزيارة، يبعث برسالة إلى تركيا، خاصة في سياق الاجتماعات الأخرى التي ستعقد هذا الشهر".

وفي 8 فبراير/شباط الجاري، زار رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إسرائيل، والتقى الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس مع نتنياهو في 14 من الشهر ذاته.

واعتبر ميتشل أن "هناك رسالة واضحة للوحدة، أن هؤلاء الشركاء يعملون معا، وأن لديهم  إستراتيجيتهم الدبلوماسية ومصالحهم الطاقية المشتركة".

وتم إطلاق منتدى "غاز شرق المتوسط"​، الذي يضم إسرائيل ومصر وقبرص واليونان وفلسطين، رسميا في سبتمبر/أيلول 2020.

ويسعى المنتدى إلى إنشاء خط أنابيب للغاز الطبيعي يربط إسرائيل واليونان وقبرص بإيطاليا ثم بأوروبا، أما الهدف النهائي فهو إمداد القارة بعشرة بالمائة من غاز هذا التحالف.

وانضمت إسرائيل إلى هذا المنتدى "في تطور يعد من بنات" أفكار وزير الطاقة يوفال شتاينتس والملا لخلق منظمة حكومية دولية إقليمية مقرها القاهرة.

نوايا خفية

وفي سياق متصل، أشار تقرير الصحيفة العبرية أن "الزيارة التي أجراها الملا تهدف أيضا إلى إرسال رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن"، حيث تتوقع مصر ضغوطا متزايدة من الولايات المتحدة بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، قبل أيام قليلة، بعد أن اعتقل نظام السيسي عائلة ناشط سياسي وهو مواطن أميركي أيضا "لن نتسامح مع اعتداءات أو تهديدات الحكومات الأجنبية ضد مواطنين أميركيين أو أفراد أسرهم".

من جانبه، قال نائب رئيس معهد القدس للإستراتيجية والأمن، نائب مدير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، عيران ليرمان: "ليس لدي أدنى شك في أن المصريين لديهم مخاوف بشأن إدارة بايدن".

فيما قال مؤرخ الشرق الأوسط الحديث، الباحث في مركز دادو للدراسات العسكرية متعددة التخصصات، موشيه ألبو: "يعي المصريون جيدا مدى أهمية تعبيرات التطبيع (مثل هذه الزيارة) لإسرائيل، لذلك فإن الرسالة الخفية هي أن مصر تعمل مع إسرائيل وتتوقع من إسرائيل مساعدتها مع الولايات المتحدة".

وأضاف "هناك رسالة أخرى للولايات المتحدة، مفادها أن واشنطن سترى مصر تتعاون مع إسرائيل".

فيما قال ليرمان: "كل شرق البحر الأبيض المتوسط ​​يرتب نفسه حتى يسمع بايدن موقفا موحدا منا"، ويرى أن الزيارات التي قام بها القادة اليونانيون والقبارصة هي "جزء من عملية التنسيق الإقليمي الموجهة جزئيا إلى بايدن، قائلا: لم يكونوا هنا فقط للحديث عن السياحة".

وقد سمحت الزيارة التي التقى خلالها "الملا" مسؤولين فلسطينيين في رام الله، لمصر أيضا بتقديم نفسها كـ"وسيط لا يقدر بثمن" بين إسرائيل والفلسطينيين، كما سعت للقيام بذلك منذ فوز بايدن الانتخابي.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، قال السيسي إن القاهرة تعمل على دفع حل الدولتين قدما، وقبل أسبوع من تولي بايدن منصبه، استضافت مصر وزراء خارجية الأردن وفرنسا وألمانيا لمناقشة إحياء محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

وكلما تمكنت مصر "من تقديم نفسها كمصدر للاستقرار والتعاون في المنطقة، قل الضغط الذي ستواجهه من واشنطن بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان"، وفق التقرير.

وقد سعى القادة الإسرائيليون في تعليقاتهم إلى التأكيد على التأثير الإيجابي لمصر في الشرق الأوسط، حيث أكد وزير الخارجية غابي أشكنازي أن "مصر تلعب دورا حيويا بالمنطقة في تعزيز الأمن والاستقرار والسلام".

وأضاف أشكنازي: "كانت مصر أول دولة توقع اتفاق سلام مع إسرائيل، ونأمل أن يكون ذلك تحولا نموذجيا لاتفاقيات أبراهام، سنتمكن معا من توسيع دائرة السلام حول المنطقة".

من جهته، يعتقد ميتشل أن "العلاقات بين إسرائيل ومصر أصبحت أكثر دفئا بشكل ملحوظ مما كانت عليه في الماضي"، قائلا: "لم يكن التعاون أبدا متنوعا إلى هذا الحد، ولم يكن يوما ذا مغزى في تاريخ العلاقات الثنائية بأكمله".

لكن مؤرخ الشرق الأوسط الحديث ألبو غير مقتنع بأن القاهرة تحاول إظهار عزمها على إقامة علاقات "أكثر دفئا" بشكل ملحوظ مع إسرائيل، حيث اعتبر أن "مصر تقدم الزيارة داخليا على أنها محاولة لتعزيز مصالحها".