الجولان طوق نجاة نتنياهو.. هكذا تدخل ترامب لإنقاذه

12

طباعة

مشاركة

الاعتراف الأمريكي بالجولان، كان هدية الرئيس دونالد ترامب، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قُبيل الانتخابات الإسرائيلية التي عقدت في 9 أبريل/ نيسان 2019، وهو ما دعم نتنياهو للفوز بفترة رابعة.

وحسب صحف ووسائل إعلام عالمية وإسرائيلية، فإنه لأول مرة منذ عشر سنوات، كان بنيامين نتنياهو، مُهددا بخسارة منصب رئاسة الوزراء الإسرائيلية، بسبب تحالف قوي يتزعمه رئيس الأركان الأسبق، بيني غانتس.

ورغم استطلاعات الرأي التي أشارت إلى احتمالية تأخر نتنياهو، إلا أنه وفقا للنتائج الأولية للانتخابات العامة، فإنّ حزبي "الليكود"، وخصمه تحالف "أزرق - أبيض"، حصلا على عدد مقاعد متساوية، لكن كتلة أحزاب اليمين المتحالفة مع نتنياهو، حصدت أغلبية مقاعد البرلمان.

الكاريزما و"كاحول لافان"

من سنوات خلت، عجزت الأحزاب الإسرائيلية مجتمعة عن تقديم منافس يهدد الإطاحة بكرسي نتياهو، الذي حافظ على منصب رئيس الوزراء منذ عام 2009، وهذه هي الفترة الثانية له في الحكم بعد تجربة التسعينيات التي انقضت بإزاحته عن المشهد السياسي لعقد من الزمان.

نتنياهو يُعتبر الشخصية الأقوى في الساحة السياسية الإسرائيلية اليوم، طالما نجح في حفظ مكانته زعيما داخل حزب الليكود اليميني، ورئيسا للحكومة الإسرائيلية. نجاحه لم يكن محط خلاف في إسرائيل، كما أن معارضته كانت محط إجماع قوى سياسية كثيرة، لكنها فشلت في إنهاء حكمه.

يبدو أن غانتس نفسه فهم المعادلة جيدا، فالتعويل على الكاريزما في مواجهة نتنياهو أمر خاسر لا محالة، فعمد منذ انطلاقة حزب بيني غانتس إلى ضم وزير الدفاع السابق، الليكودي القديم موشي يعلون وبعد فترة ظهر تحالف انتخابي باسم "كاحول لافان" (أزرق وأبيض) بقائمة مشتركة أُعلن عنها في فبراير/شباط الماضي.

وتضم القائمة حزب "مناعة إسرائيل" برئاسة بيني غانتس، وحزب "هناك مستقبل" الذي  يرأسه الإعلامي السياسي يائير لبيد.

وجاء ترتيب المقاعد الأربعة الأولى على النحو التالي: المقعد الأول - بيني غانتس، المقعد الثاني - يائير لبيد-، المقعد الثالث - موشي يعلون -، المقعد الرابع - غابي أشكنازي.

يهدف التحالف بشكل علني إلى الإطاحة بحكومة نتياهو، إذ أن غانتس يعلم أنه خاسر في رهان الكاريزما أمام الأخير؛ لذلك التف على هذا العائق من خلال التحالف السياسي، وكوّن مع يائير لبيد قائمة مشتركة أربكت حسابات الليكود بقيادة نتنياهو.

ترامب المنقذ

وقبيل الانتخابات، أظهرت استطلاعات رأي أعدتها القناتين الإسرائيليتين، الثانية عشرة، والثالثة عشرة الإخباريتين، وموقع "جالي تساهل"، أن قائمة "أزرق وأبيض" تتفوق على حزب الليكود بمقعدين. 28 مقعد لليكود، و30 مقعد لغانتس ولبيد.

بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الإعلان الأمريكي كان بمثابة مفاجأة من حيث التوقيت، لقد تم تبكير الإعلان من موعده المقرر.

وترى الصحيفة، أن سبب ذلك هو تراجع شعبية نتنياهو في استطلاع الرأي مقابل تحالف "كاحول لافان" بقيادة رئيس الأركان الأسبق بيني غانتس، مؤكدة أن "تصريح ترامب هو جزء من حملة أمريكية لمساعدة نتنياهو بكل طريقة في الحملة الانتخابية".

وذكرت أن "الحروب على غزة تمثل أفضل دعاية انتخابية لنتنياهو، إلا أنه في هذه المرحلة اختلفت المعادلة بشكل كبير. تكلفة الحرب باهظة على المستوى الاقتصادي والعسكري، والمقاومة في غزة أثبتت أنها تمتلك أسلحة جديدة قادرة على إرباك جيش الدفاع الإسرائيلي، واختراق منظومة القبة الحديدية والوصول إلى عمق الأراضي المحتلة عام 1948".

ولفتت الصحيفة إلى أن "الأمل انقطع في التعويل على حرب جديدة على غزة، الفاتورة كبيرة والأمور ليست بهذه السهولة التي يريدها نتنياهو. ربما تغيب عنا تفاصيل أخرى داخلية عند قيادات الجيش، لأن المنظومة العسكرية لم تبد تجشما لخوض غمار حرب أخرى في غزة".

إنقاذ نتنياهو

من هنا كان لا بد من عملية إنقاذ أخرى لنتنياهو، بطلها في هذه المرة صديقه الحميم دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. علاقة ترامب ونتنياهو علاقة نفعية في كلا الاتجاهين، فكلاهما يستفيدان من بغضهما البعض، وفقا للصحيفة.

وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "الأندبندنت"، إن "تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اعترف فيها بضم الجولان لإسرائيل، أحيت فرصة فوز نتنياهو بولاية رابعة".

وكذلك، اعتبر موقع "غلوبُس" الإسرائيلي، أن الاعتراف الأمريكي بضم هضبة الجولان لإسرائيل، منح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوة كبيرة مقابل أحزاب اليمين. خطوة ستعزز مكانة الليكود ونتنياهو أمام حلفاء اليمين.

كلما ضاقت الأمور الداخلية على ترامب تقرب إلى إسرائيل، لأنها الثابت الوحيد في السياسة الأمريكية، إذ يختلف الجمهوري والديمقراطي على الكثير من الملفات، لكنهم كلهم يجمعون على إسرائيل، فهي أقوى ورقة في السياسة الأمريكية. فالعلاقة الأمريكية مع إسرائيل، منذ عام 1948، علاقة إستراتيجية مهمة، في قلب المنطقة العربية".

هذا الاتجاه، أيده السياسي الفلسطيني، عزمي بشارة، الذي قال في مقابلة تلفزيونية، إنّ المنفعة المتبادلة لا تقف عند شخصيهما، بل هي منفعة متعدية لهما، فبالنسبة للتحالف الصهويني الإنجيلي هذه المرحلة تعتبر مواتية لتمرير أكبر قدر من المخططات العقدية في القدس، وتسريع مشروع بناء الهيكل.

وأضاف: "فتواجد ترامب في الرئاسة الأمريكية، وتواجد بنيامين نتنياهو في رئاسة الوزراء الإسرائيلية هي فرصة تاريخية لا تعوض بالنسبة للتحالف الصهيوني الإنجيلي، فكلا الرجلين يؤمنان ويتبنيان المشروع المشترك إلى أبعد حدود، وخسارة أحدهما بالتأكيد ستضعف نجاعة العمل بقدر ما".

وخلال محاضرة ألقاها بشارة، في "المركز العربي" عن انتخابات الكنيست القريبة، رأى أن "جزءا من تحركات ترامب هي استجابة للصهاينة الذين يحيطون به. على المستوى السياسي، نتنياهو مقرب جدا من الفريق الذي يعمل على صفقة القرن، ومن مصلحة القائمين على الصفقة تواجد نتنياهو على رأس السلطة في إسرائيل لضمان إتمام الصفقة بأفضل صورة".

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يقف عند حد إنقاذ نتنياهو قبيل الانتخابات، عبر الاعتراف بهضبة الجولان تابعة لإسرائيل، إذ سارع عقب ظهور النتائج الأولية إلى إصدار تصريح مقتضب، نقلته "رويترز"، قال فيه إنّ فوز بنيامين نتنياهو، بفترة جديدة، في منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤشر جيد للسلام.