إعلام عبري: إسرائيل عاجزة عن تطوير العلاقات مع مصر رغم وجود السيسي

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفتان عبريتان عن الوضع الحالي في مصر بعد مرور 10 سنوات على ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وإمكانية تقوية العلاقات الباردة بين القاهرة وتل أبيب.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الثورة التي أدت إلى عزل حسني مبارك، وفوز حركة الإخوان المسلمين بالانتخابات بقيادة محمد مرسي، ومن ثم وصول وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي إلى الحكم، أمور تعلمنا الكثير عن طريق إدارة مصر.

وقالت: "السيسي لم يفاجئ مرسي فحسب بل أمر بسجنه في زنزانة صغيرة داخل القاعدة البحرية بالإسكندرية، كانت ظروف اعتقاله قاسية وحُرم من العلاج لمرضه وفي إحدى جلسات المحكمة انهار فجأة وتوفي".

في المقابل، توفي مبارك عن عمر يناهز 91 عامًا في فبراير/شباط 2020 بعد أن حصل على تحريره من السجن المغلق ونقل إلى المستشفى ليمكث فيها أكثر من عامين وأبدى السيسي له احتراماً كاملاً وأقيم لمبارك جنازة عسكرية ولف نعشه بالعلم الوطني المصري.

طبيعة التنسيق

وتساءلت الصحيفة: لماذا لا تجد هيئة مدنية إسرائيلية الطريق لنظيرتها في القاهرة لتمهيد مسارات جديدة؟ وبالتحديد مع تغيير الحكومة في البيت الأبيض، يمكن للمرء تحديد نوع من الانفتاح في مصر".

ونوّهت يديعوت إلى أن واحدة من أقوى الصور من المحكمة تخلد ذكرى الرئيسين السابقين في نفس قاعة المحكمة: حسني مبارك مرتديًا بدلة وربطة عنق، يوجه اتهامات قاسية لمرسي ​​ببدلة رياضية باهتة وهو محاصر في قفص الاتهام.

وتهكّمت الصحيفة على الموقف قائلة: "حتى في مصر لم يشهدوا مثل هذا المشهد القوي من تعلّموا التاريخ ودرسوه والتي كانت فيها روح السيسي تحوم فوق الشخصيتين".

ولفتت يديعوت إلى أنه بشكل عام، "تعمل إسرائيل بشكل جيد مع السيسي فهو الذي كشف المحادثات التي يجريها على الهاتف مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقوات الجيش المصري العاملة في شمال سيناء بالتنسيق الكامل مع الجيش الإسرائيلي".

 فحتى يومنا هذا يلتقي العسكريون والقادة الكبار الإسرائيليون في زي مدني بين إسرائيل ومصر وتعقد هناك محادثات ذات صلة على مستويات مختلفة, لكن كل هذا يحدث فيما عدا المسألة العسكرية التي لم تتطور، وفق الصحيفة.

وأشارت الكاتبة والمعلّقة الإسرائيلية في الصحيفة سمدار بيري إلى أنه "صحيح هناك سفيرة مجتهدة في القاهرة وهي أميرة أورون، قدّمت الميثاق في القصر الرئاسي وتقوم أحيانًا بتحميل صور وقصص قصيرة عن زياراتها إلى القاهرة بالإسكندرية وعن معابد وكنس الجالية اليهودية".

 لكن "كل هذا لن يعادل الهجوم الوحشي على الممثل المصري محمد رمضان الذي كادت صورته مع المغني اومير آدم (إسرائيلي الجنسية) في دبي أن تؤدي إلى اغتياله وتم طرده من إنتاج فيلم سينمائي وصودرت عروضه واضطر حتى إلى نشر اعتذار عن علاقاته مع المغني"، وفق الصحيفة.

وقالت بيري إنه "في إسرائيل لا تزال علامة استفهام كبيرة تومض: لماذا لا يستطيعون تحريك العلاقات؟ لماذا لا يستطيع رجل أعمال إسرائيلي بيع التكنولوجيا المتقدمة لمصر؟ لماذا توقف عمل التعاون الزراعي الذي ازدهر في العقود السابقة؟ هل هناك مجال للعودة إلى صناعة الملابس والأغذية التي توقفت في السنوات والعقود الأخيرة؟". 

والسؤال الأكثر وضوحًا هو: لماذا تستمر السلطات المصرية في إغلاق الأبواب وعدم السماح بزيارات مدنية لمواطنين مصريين إلى إسرائيل ليعجبوا ويتأثّروا بها ويقوموا باتصالات مع الجانب الإسرائيلي والمدنيين؟

وتابعت بيري: "نحن الآن أسرى للسحر الخلاب في الإمارات. كل شيء يسير بسلاسة هناك ودون موانع، لكن لا تنسوا أنه لم تكن هناك حرب بيننا قط  ولا حرب الأيام الستة (1967) وبالتأكيد ليست حرب يوم الغفران (أكتوبر 1973)".

وخلصت المعلّقة إلى القول: "نحتاج الى مد أقدامنا العنيدة وتقديم التفسيرات الدقيقة ونقوم بدفع الباب (نحو مصر) فربما سيفتح في النهاية".

معالم شكّلت الثورة

وفي سياق متصل أشارت صحيفة معاريف العبرية إلى أن هناك ثلاثة معالم شكّلت الثورة المصرية التي حدثت بالضبط قبل عقد من الزمن وأنهت عهد مبارك في 18 يومًا فقط.

وقال سفير إسرائيل السابق في القاهرة إسحاق ليفانون: "باعتباري شخص عايش هذه الأحداث على الأرض وشهد التطورات الدراماتيكية، يمكنني القول بثقة إن الثورة لم تحقق سوى القليل من أهدافها".

وتابع: "إذا نظرنا إلى الوراء أرى ثلاثة معالم أثناء الثورة أثرت في سلسلة التطورات: يوم الشرطة ويوم الجمل ويوم القيامة".

وتتوافق ثورة 25 يناير/كانون الثاني مع عيد الشرطة المصرية، وهو اليوم الذي اختاره الناشطون عام 2011 للخروج في مظاهرات تندد بسياسة التعذيب والقمع الأمني، وهي الدعوات التي تحولت بعد ذلك إلى إسقاط النظام بأكمله وهو ما تحقق.

وقال ليفانون: "خرجت دعوة للتظاهر في يوم الشرطة, كان مطلب المتظاهرين حينها متواضعا ومشروعا, مزيد من الشفافية وحماية الحقوق المدنية وتحسين الظروف المعيشية ولم يقال أي شيء عن إقالة الرئيس".

وواصل: "يوم الشرطي أصبح داميا بسبب العنف الذي أظهرته الشرطة بعد الاشتباكات العنيفة والمميتة التي تلت ذلك، كان من الواضح أن الأمور تتجه إلى التصعيد حتى وصل العدد إلى مليون متظاهر في ميدان التحرير بدؤوا في المطالبة بإقالة مبارك".

واستطرد: "كان المعلم الثاني هو يوم (موقعة) الجمل، الذي حدثت بعد ثمانية أيام من يوم الشرطة". وتابع: "تحدث إليّ مسؤول مصري كبير (لم يحدده) عبر الهاتف في ذلك الصباح واقترح أن أتطلع إلى التطورات التي من شأنها أن تضع حداً للثورة".

فجأة رأينا موجة من الجمال تتسابق في ميدان التحرير ووسط المدينة بهدف تفريق المتظاهرين بالقوة، يقول السفير الإسرائيلي السابق.

وأشار إلى أنه "مرة أخرى، تتحرك الأمور في اتجاه المزيد من التصعيد, نزل الإخوان المسلمون الذين حافظوا حتى الآن على ضبط النفس بقوة كاملة إلى الميدان وطردوا الجمال وتم إنقاذ الثورة وكان الداعم الوحيد لمبارك هو ابنه جمال".

 ونتيجة للحدث المخزي للإبل ولد الاعتراف بأنه بدون رحيل مبارك لن يكون هناك حل للأزمة، وفق قوله.

ولفت إلى أنه "في نفس الوقت اجتمعت عدة عناصر تشير إلى تحرك نحو هذا الحل فاختارت وكالة المخابرات المركزية الأميركية قائد الجيش خلفًا لمبارك وأبلغته بذلك وصرخ الرئيس السابق باراك أوباما في وجه مبارك عبر الهاتف وتركه".

وأوضح الجيش لمبارك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر وهكذا وصلنا إلى يوم القيامة، آخر معلم، يقول السفير السابق.

وأكد ليفانون على أن الابن جمال لم يستسلم وحاول بكل قوته أن يمنع والده من ترك العرش, لكن مبارك أدرك قبله أنه يجب عليه إخلاء كرسيه ومنع إراقة الدماء.

وخلص إلى القول: "لقد فعل ذلك في وقت متأخر بسبب ابنه وأظهرت الصورة أن معاملته للثورة تكونت من مجموعة من الاعتبارات الخاطئة وهكذا انتهى نظام استمر 30 عاما، وانتهت الثورة التي كانت من أقصر الثورات في التاريخ بـ 18 يوم فقط".