تجربة تركيا بأذربيجان.. لهذا تأمل أوكرانيا تكرارها في شبه جزيرة القرم

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن العلاقات التركية الأوكرانية آخذة في التطور والانفتاح بشكل أكبر مما كانت عليه لتشمل الجانب الاستخباراتي إلى جانب التعاون العسكري والأمني والاقتصادي والتكنولوجي.

أوكرانيا تعيش حالة مشابهة لما كان عليه الحال في أذربيجان، فبينما كانت أرمينيا تحتل أرضي أذرية، تحتل روسيا أيضا أراضي أوكرانية، وهي شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها موسكو في 2014 وضمتها لأراضيها.

انتصار أذربيجان واستعادة أراضيها المحتلة منذ نحو 30 عاما بدعم من تركيا، عزز من اعتقاد كييف بأن أنقرة حليف يمكن الوثوق به والاعتماد عليه عسكريا، لا سيما أن الأخيرة كانت في مقدمة الدول المؤيدة لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، والداعمة لإصلاحاتها.

توتر روسي

التعاون التركي الأوكراني لطالما تسبب بتوتر روسي، فأوكرانيا تتوعد بتجهيز نفسها عسكريا، وتعلن عزمها استعادة أرضها التي استولت عليها روسيا بوجه غير شرعي، كما أن التجربة الأذرية الأرمينية والتي نجحت باستعادة إقليم قره باغ لصالح أذربيجان، كانت ملهمة لأوكرانيا، لخوض نفس التجربة واستعادة أراضيها المحتلة.

وفق خبراء، لا تبدو المهمة سهلة بالنسبة لأوكرانيا، فروسيا متقدمة عسكريا، وبطبيعة الحال ليست كأرمينيا التي تعاني ضعفا عسكريا واقتصاديا، إلا أن ذلك الأمر يبقى مقلقا بالنسبة للجانب الروسي، وباعثا على التوتر من التحركات التركية.

ومع أن التفاهم الروسي التركي قائم في بعض الملفات، إلا أن علاقة أنقرة وانفتاحها العسكري والدفاعي على كييف إحدى الأوراق التي تبعث تركيا من خلالها رسائل إلى روسيا، على نحو يدفع موسكو لإعادة النظر في طبيعة علاقتها مع تركيا وفي التعامل مع الملفات المشتركة بينهما، حسب مراقبين.

وعلاوة على اتفاقيات التعاون متعددة المجالات بين تركيا وأوكرانيا، فإن البلدين يشعران بالقواسم الثقافية والتاريخية المشتركة، فما يجمع تركيا وأوكرانيا، أكثر مما كان يجمع أوكرانيا وروسيا قبل ضم القرم إلى روسيا، وفق متابعين.

أنقرة تعتبر القرم جزءا من إرثها التاريخي، وتتار القرم جزءا من مكونها القومي بحكم اللغة التي تعود جذورها للغة التركية وبحكم العرق المشترك الذي يتوزع بين عدد من البلدان منها تركيا وأوكرانيا.

تعاون استخباراتي

حسب وكالة إنتلجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية، فإن جهاز أمن الدولة الأوكراني SBU سلم إلى تركيا شخصين يعتقد أنهما من أتباع فتح الله غولن، الرجل الذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب في صيف 2016.

في عددها الصادر بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2021، قالت الوكالة الفرنسية إن الخطوة الأوكرانية جاءت مقابل مساعدة "جهاز الاستخبارات الوطنية التركي (MIT)" لكييف في تحرير أوكرانيين كانوا مسجونين في ليبيا.

وفي 7 يناير/كانون الثاني 2021 كشفت الوكالة عن نجاح جهود أنقرة في إطلاق سراح 4 أوكرانيين كانوا محتجرين في ليبيا منذ عام 2016 بتهمة قتالهم كمرتزقة في صفوف اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في ظل تأكيد الحكومة الأوكرانية أن الرجال المعتقلين كانوا يعملون كبحارة.

التعاون الاستخباراتي بين البلدين، لم يقتصر على الإفراج عن مطلوبين أو معتقلين، بل شمل أيضا التعاون في مجال التكنولوجيا الاستخباراتية التركية، حيث تنتظر أوكرانيا استلام أول سرب من الطائرات الاستطلاعية المسيرة.

وحسب وكالة الأناضول، فإن أوكرانيا تسلّمت 6 طائرات تركية مسيرة من طراز "بيراقدار TB2" من إجمالي 48 طائرة تعتزم شراءها كييف، بالإضافة إلى 3 محطات تحكم أرضية.

الطائرات من طراز بيرقدار تي بي 2، التي تصنعها شركة "بايكار ماكينا"، أثبتت كفاءة عالية في مجال الاستطلاع ورصد المعلومات، في الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا، بحسب وكالة إنتلجنس أونلاين.

زيارات مكثفة

ومنذ انتصار أذربيجان في حربها ضد أرمينيا، كثف الجانبان التركي والأوكراني زيارتهما، ونقلت الأناضول عن السفير التركي في أوكرانيا ياغمور أحمد غولدر قوله: "عام 2020 كان ديناميكا بالنسبة للعلاقات التركية ـ الأوكرانية، وقد بدا ذلك واضحا في آخر زيارة لأوكرانيا من قبل وفد تركي رفيع المستوى"، وتوقع أن يشهد عام 2021 تطورا ملحوظا.

اللقاء جمع وزيري الخارجية والدفاع التركيين مولود تشاووش أوغلو وخلوصي أكار، مع نظيريهما الأوكرانيين دميترو كوليبا وأندري تاران، في 18  ديسمبر/كانون الأول 2020.

مسؤولو الجانبين أكدا خلال اللقاء على توسيع آفاق التعاون بين البلدين، وتطبيق الاتفاقات الموقعة بينهما، وتقوية العلاقات الإستراتيجية، وكذلك الدفاعية والاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى التعاون لحفظ الأمن والاستقرار في حوض البحر الأسود.

وعقب اجتماع بين الجانبين في فبراير/شباط 2020، في إطار اجتماع مجلس التعاون الإستراتيجي المشترك بين البلدين، أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زيارة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 لأنقرة، وقع خلالها عددا من اتفاقيات التعاون العسكري.

وعقب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014، اتفق البلدان على تشكيل مجلس مشترك للتعاون الإستراتيجي، لتعزيز التعاون في كثير من الملفات الساخنة بالمنطقة، حيث وقع البلدان 50 مشروعا في الصناعات الدفاعية.

حليف موثوق

التعاون العسكري ليس من الجانب التركي فقط، فأوكرانيا وقعت عدة اتفاقيات مع تركيا لتزويد أنقرة بطائرات وأسلحة أوكرانية.

وفي فبراير/شباط 2020، وأثناء زيارة الرئيس أردوغان لأوكرانيا، وقع وزير الدفاع الأوكراني مع وزير الخزانة والمالية التركي اتفاقا مشتركا حول "التعاون العسكري المالي" بين البلدين.

ودار حديث واسع ومعمق حول التعاون في مجال صناعة واستيراد طائرات "أنتونوف 178″ العسكرية، و"تحقيق الأمن في منطقة البحر الأسود" التي تنامى فيها نفوذ روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم.

تعد طائرات أنتنوف 225، التي اشتهرت أوكرانيا بتصنيعها من أكبر طائرات الشحن الإستراتيجية في العالم، وتجري حاليا لقاءات بين الجانبين التركي والأوكراني للتعاون في تصنيع نسخة حديثة من طائرات أنتنوف AN-225 Mriya"، والتي تعني بالأوكرانية "حلم".

الرئيس التنفيذي لشركة "Ukrspetsexport" للصناعات الدفاعية الأوكرانية، فاديم نوزدري، أعلن في مقابلة تلفزيونة، في يناير/كانون الثاني 2021، تسليم نظام الدفاع الصاروخي المتطور "S-125" إلى تركيا.

وتعد أنظمة S125، صواريخ متوسطة المدى، مداها 40 كم، وأقصى ارتفاع لها 15 كم، وتعتمد على التكنولوجيا السوفيتية، وتتمتع بأداء مشابه لأنظمة الصواريخ الأمريكية MIM-23B HAWK.