هيئة كبار العلماء بالسعودية تهاجم الإخوان دون مناسبة.. لماذا الآن؟

الرياض - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ندد ناشطون على تويتر، بوصف هيئة كبار العلماء السعودية، في بيان لها أمس الثلاثاء، جماعة الإخوان المسلمين بـ"التنظيم الإرهابي"، واتهموها بتنفيذ أوامر ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، التي يمليها على ولي عهد المملكة محمد بن سلمان.

وأكدوا عبر مشاركتهم في وسم #كبار_العلماء_تجرم_الإخوان، أن حقد النظامين السعودي والإماراتي على الإسلام هو الدافع الوحيد وراء تكليف هيئة كبار العلماء بإصدار بيان يعتبر فيه جماعة الإخوان المسلمين إرهابية وتجاهلها لقضايا أخرى مشتعلة تستلزم مواقف حاسمة منها.

وهاجم ناشطون الموقعين على بيان الهيئة وأبرزهم الشيخ محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أحد مشرعني التطبيع مع إسرائيل الذي اعتبر المقاومة الفلسطينية ضد الإسرائيليين عنفا غير مشروع، وأحيا الذكرى الـ 75 لمحرقة الهولوكوست اليهودية، في حين الإخوان المسلمين أعداء.

وشككوا في توقيت إصدار الهيئة لبيانها الذي صدر في وقت لا يثار فيه أي حديث عن الإخوان المسلمين، محذرين من أنه يمهد الطريق لتجاوزات ابن سلمان، واستغلاله لتبرير زجه الشيوخ والعلماء في السجون، ويتخذه ذريعة لشن المزيد من حملات الاعتقال على من بقي منهم خارج السجون.

الهيئة قالت في بيانها: إن جماعة الإخوان تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي الدين، وأنها جماعة منحرفة قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، وفق تعبيرها.

واتهمت الهيئة جماعة الإخوان بأنها لم تُظهر منذ نشأتها "عناية بالعقيدة الإسلامية وعلوم الكتاب والسنة"، وأن غايتها كانت الوصول إلى الحكم، ودعت إلى الحذر منها وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها.

وبدوره، رد المتحدث باسم "الإخوان المسلمين" طلعت فهمي، قائلا: إن جماعته "دعوية إصلاحية" و"ليست إرهابية"، وبعيدة كل البعد عن العنف والإرهاب وتفريق صف الأمة، وهي منذ نشأتها جماعة دعوية إصلاحية تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون إفراط أو تفريط.

شهادات سعودية

الإخوان المسلمون زاد نشاطهم بشكل واضح في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز الذي حكم السعودية في الفترة بين (1964 - 1975) ووصفهم بأنهم أهل الجهاد في سبيل الله، وعملوا في المؤسسات التعليمية، وكان لهم دور بارز في نهضة التعليم هناك.

لذلك برز حديث الناشطين عن دور الإخوان في المملكة، وذكروا بشهادات قادتها وعلمائها بحقهم، وتداولوا صورا لتصريحات الملك فيصل بن عبد العزيز، وإعلان مجمع البحوث برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، بأنهم أقرب الجماعات الإسلامية للحق، وأحرصهم على تطبيقه.

واستنكروا مساعي النظام السعودي لشيطنة الإخوان، بين الحين والآخر، والتحريض عليهم، ووصمهم بالإرهاب، والتتكيل بهم، بعكس ما يفعله الآن مع الكيان الإسرائيلي من تطبيع سري وصمت على تطبيع دول خليجية أخرى علنا وسط توقعات بأن المملكة هي الدولة القادمة.  

واستغرب أحمد بن راشد بن سعيد أستاذ العلوم السياسية، البيان قائلا: "ربما نسوا أن علماء الإخوان ودعاتهم شاركوا في النهضة التعليمية والدعوية في البلاد، ومنهم من تقلد مناصب عليا، ومنهم من حاز جائزة الفيصل لخدمة الإسلام، ومنهم أصدقاء لأعضاء في الهيئة".

وأوضح أن مصطلح "إرهابي" ليس شرعيا يستخدمه الفقهاء، بل سياسي يلوكه الساسة، خدمة لأجنداتهم.

وأشار سعد الدوسري إلى أن السعودية احتضنت جماعة الإخوان المسلمين عندما كانت تحتاج لهم في الجامعات والمدراس والمعاهد لمواجهة المد العروبي الناصري واليسار الشيوعي والاشتراكية وكان منهم مستشارون للملك عبد العزيز ووصفهم الملك فيصل بالأبطال الذي جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

وأكد يوسف محمد الشيخ أن البيان الأخير لهيئة كبار العلماء السعودية باطل لا يستند لأدلة وشواهد شرعية، واصفا الإخوان المسلمين بأنهم ذوو نهج وسطي مؤسس على الكتاب والسنة وهم دوما ضحية لعنف وإرهاب غلاة الجماعات والنظم الدكتاتورية.

تخاذل الهيئة

بيان هيئة كبار العلماء التي تضم 20 عضوا، إضافة إلى رئيسها، مفتي المملكة، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، جاء في وقت تصمت فيه عن التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بل وتساهم في تمريره، وتتجاهل إهانة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإسلام والتطاول على النبي محمد صلى الله وسلم، وتغض الطرف عن حرب اليمن المشتعلة منذ مارس/آذار 2015، واتجاه ابن سلمان لفرض الانفتاح.

وهذه المجريات كلها دفعت ناشطين لاتهام السعودية بخذلان المسلمين في كل موقف جلل، بل إنها تحاول كسر كل جهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وأشار ياسر أبو هلالة الكاتب الصحفي الأردني، إلى موقف الهيئة المتخاذل تجاه قضايا الإسلام في فلسطين والإيغور وكشمير وسوريا، وغيرهم، في حين انشغلت في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين التي حكم، قبلهم، حافظ الأسد المقبور بإعدام كل منتسب إليها.

ونشر الصحفي السعودي تركي الشلهوب صورة لعضو الهيئة المثير للجدل محمد العيسى الذي أبدى الكثير من "التودد" للإسرائيليين والتقى بحاخامات يهود، ويحتفي بمواقفه الإعلام الإسرائيلي، وهو يسير جنبا إلى جنب مع اليهود في معسكر أوشفيتز إحياء لذكرى الهولوكوست.

وعقب قائلا: "يهتم لأمر اليهود وتاريخهم، ويضرب صفوف المسلمين، هو وبقية علماء محمد بن سلمان".

وتساءلت الكاتبة ابتسام آل سعد: "من يجرم خروج السعودية من ثوب الالتزام والعفاف إلى ثوب الانسلاخ الأخلاقي والفكري والديني؟!، ذهبتم للبعيد الذي لا يمسكم وما ضركم نافقتم به بلاط آل سعود !".

ووصفت الناشطة السياسية والحقوقية علياء أبو تايه الحويطي، أعضاء الهيئة بـ"عملاء الحصالات"، قائلة: "يحلمون أن احدا سيأخذ منهم فتوى أو تشريعا؟".

وتابع: "حينما كان الإسرائيلي يدنس مسجد نبي الله صمتم صمت القبور! وقد جاء بدعوى من قيادتكم المسلمة التي تحارب الإخوان!! ألا فتيقنوا قد كفر بعلمكم، وتقواكم، وفتواكم،كل ذوي فطرة سليمة ،وكل صاحب عقل!".

مقدمة للاعتقالات

وهاجم ناشطون أعضاء هيئة كبار العلماء وعلى رأسهم رئيسها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الذي أصدر منذ تنصيب ابن سلمان وليا للعهد في المملكة في يونيو/حزيران 2017، فتاوى وبيانات عدة حذر فيها من مغبة عصيان الحاكم الشرعي، وتحدث عن فضائل الولاء له.

واتهم الناشطون العلماء والشيوخ بالتلون والتبعية للحاكم وتغيير المواقف وتطويع الدين لخدمة سياساته ولي النص الشرعي لخدمة أهداف السلطة ومقاصدها، محذرين من مواصلة ابن سلمان اعتقال دعاة الوسطية ومطاردة العلماء.

فقد شن ابن سلمان حملات اعتقال تعسفي منذ سبتمبر/أيلول 2017 شملت عددا من العلماء والدعاة أصحاب منهج الصحوة، شملت الدكتور سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري ومحمد الهبدان، وغرم البيشي، ومحمد عبد العزيز الخضيري، وإبراهيم الحارثي، وحسن إبراهيم المالكي.

وطالب أحد المغردين هيئة كبار العلماء بأن "تخرس"، ووصفها بأنها من "كبار المجرمين المفسدين المرجفين"، مشيرا إلى أنهم يكفرون مسلمي السعودية كمقدمة لقتلهم وتهجيرهم، وفق قوله. 

وتساءلت الكاتبة الفلسطينية لمى خاطر: "هل حدث شيء في العالم مؤخرا يستدعي أن تصدر هيئة (كبار العلماء) في السعودية بيانا يتهم جماعة الإخوان المسلمين بأنها إرهابية، وتحذر من الانضمام لها وتأييدها؟! أم أن الهيئة ترغب بأن تذكرنا من حين لآخر بمدى سفاهتها وضحالة اهتماماتها، وبتبعيتها المطلقة لسياسات النظام السعودي؟!". 

ورأت أمل زروق أن ما يسمى هيئة كبار علماء في السعودية، لا يحق لهم الخوض في الإسلام، والحديث عنه لأنهم هم شوهوا الإسلام في العالم ودمروا المسلمين بالفتن والتفريق بين المسلمين وتمزيق وحدة الأمة الإسلامية.

يشار إلى أن هيئة كبار العلماء هي أعلى سلطة دينية في المملكة، تأسست عام 1971، وتتخذ موقفا مناهضا لحركات الإسلام السياسي، وتواجه اتهامات بأنها أداة بيد السلطة، وتصدر فتاوى تتفق مع سياسات الدولة.

وقد أعاد الملك سلمان بن عبد العزيز، عبر سلسلة أوامر ملكية، تكوين هيئة كبار العلماء ومجلس الشورى ورئيس المحكمة العليا في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020.