نيويورك تايمز: علاقة إسرائيل والإمارات خرجت من نفق السرية للعلن

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرا تحدثت عن العلاقات الإسرائيلية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن شراكة مع أبوظبي، والذي دفع المسؤولين الإماراتيين إلى توضيح  الموضوع.

وقالت الصحيفة في تقرير أعده الصحفيان رونين بيرجمان وبيل هابارد: إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو دعا إلى انفتاح معلن، وغير مسبوق بين البلدين، في الوقت الذي بدت فيه الإمارات غير مستعدة لذلك الإعلان".

أصل الاتفاق

وأكدت أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان قد أعلن في 25 يونيو/ حزيران عن شراكة إستراتيجية مع الإمارات في مواجهة فيروس كورونا، واصفا تلك الخطوة بأنها أحدث تقدم في جهود الدولة اليهودية لبناء علاقات أقوى مع الدول العربية".

وأوضحت الصحيفة أن الإمارات ردت على التصريحات الملفتة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بإصدار بيان أشد تحفظا قالت فيه: إن "الأمر مجرد اتفاق بين شركتين إماراتيتين خاصتين وشركتين إسرائيليتين لتطوير تكنولوجيا لمحاربة الفيروس".

ومما هو لافت للنظر أن البيان الإماراتي حاول نفي حدوث تطور دبلوماسي بين البلدين، كما حاول نتنياهو الإشارة إليه، مما يؤكد أنه رغم التقارب السريع بين البلدين، إلا أنه يُشير إلى وجود خلافات بين البلدين فيما يتعلق بخطط نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، بحسب الصحيفة.

جاء إعلان نتنياهو أثناء حضوره تخريج دفعة جديدة من الخريجين في قاعدة جوية قرب تل أبيب، والذي تحدث فيه بمصطلحات شاملة، مؤكدا الشراكة الإستراتيجية بين بلاده والإمارات الذي وصفها بأن الشراكة الجديدة يمكنها إفادة مشروع الشرق الأوسط الكبير.

وقال نتنياهو أثناء خطابه: "إن قدرتنا على العمل ضد جائحة كورونا يمكن أن تخدم المنطقة بأسرها، وتخلق فرصا أمامنا لتعاون مفتوح لم نكن نعرفه حتى الآن مع دول معينة".

وأشار إلى أن الشراكة ستشمل التعاون في البحث والتطوير بين وزارتي الصحة الإسرائيلية والإماراتية في المشاريع الطبية المتعلقة بالفيروس التاجي. وأضاف أنه من أجل إبرام الاتفاق، ستعلن الوزارتان الاتفاق في غضون وقت قليل.

من ناحية أخرى، لم يتضح سبب موافقة الإمارات على اتخاذ مثل هذه الخطوة العلنية في وقت تضع فيه إسرائيل خططا لضم أجزاء من الضفة الغربية، وهي خطوة نددت بها الدول العربية بما في ذلك الإمارات بشكل متكرر.

لم تكد تمر ساعات عن إعلان نتنياهو المثير للجدل، جاء الرد الإماراتي من خلال تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الإمارتية هند العتيبي على موقع التواصل الاجتماعي" تويتر" بالقول: إنه في ضوء تعزيز التعاون الدولي في مجالات البحث والتطوير والتكنولوجيا في خدمة الإنسانية، ستوقع شركتان خاصتان في الإمارات اتفاقا مع شركتين في إسرائيل لتطوير تقنيات جديدة لمقاومة فيروس كورونا.

إلا أنه لم يأت ذكر للشراكة بين الدولتين، ولا عن التعاون بين وزارتي الصحة في البلدين في بيان الخارجية الإماراتية، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية ولكن علاقاتهما تحسنت في السنوات الأخيرة، وفقا للصحيفة.

خطوات علنية

ونوهت الصحيفة إلى أنه لم يتضح بعد إذا كان البلدان قد توصلا إلى اتفاق سري سابق بينهما أفسده ذلك الإعلان المتسرع من نتنياهو، أو أن خطط الأخير لضم أجزاء من الضفة الغربية قد تسببت في برود وفتور المسؤولين الإماراتيين تجاه اتخاذ مثل هذه الخطوات العلنية مع إسرائيل.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن باربارا ليف، سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الإمارات وزميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قولها: يبدو أن تصريح نتنياهو دفع الإمارات إلى الإدلاء ببيان ليست مستعدة للإدلاء به.

وأكدت ليف أنه إذا كانت هناك اتصالات سرية بين إسرائيل والإمارات فإن الأخيرة بالقطع لا تريد لهذه الاتصالات أن تكون في العلن، لافتة إلى أن البلدين يبدو لا يقفان على الأرضية المشتركة نفسها، في الوقت الذي لا تناقش فيه الحكومة الإسرائيلية إذا كانت ستضم الضفة أم لا، ولكنها تناقش الأجزاء التي ستضمها من الضفة إلى أراضيها، مما يجعل الأمر غير قابل للمناقشة.

وتجدر الإشارة إليه أن نتنياهو تعهد بضم ما يصل إلى 30 بالمئة من الضفة الغربية في الأول من يوليو / تموز 2020، في خطوة يعتبرها معظم العالم انتهاكا للقانون الدولي وحاجزا جديدا أمام إقامة دولة فلسطينية في المستقبل.

قبل أسبوعين فقط، كتب سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، مقالا وصف بـ"التاريخي" في صحيفة إسرائيلية رائدة يحذر الإسرائيليين مباشرة من أن الضم سيقضي، وعلى الفور، على جميع التطلعات الإسرائيلية لتحسين الأمن، والعلاقات الاقتصادية والثقافية مع العالم العربي ودولة الإمارات.

ولم يستجب السفير العتيبة لطلب "نيويورك تايمز" بالتعقيب على ما ورد في مقاله الذي نشره تحت عنوان "إما الضم وإما التطبيع".

وأوضحت الصحيفة: "كان من الممكن أن تكون الشراكة العامة مع الإمارات مكسبا سياسيا لنتنياهو، الذي سعى إلى بناء علاقات مع الدول العربية دون إحراز تقدم في اتفاقية السلام مع الفلسطينيين، في حين يرفض بعض القادة العرب إمكانية أي علاقات مع إسرائيل، في الوقت الذي اعتبر فيه آخرون اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني شرطا مسبقا لأي تدفئة للعلاقات".

وأشار الكاتبان في تقريرهما أن "هناك تحولا جذريا في مواقف الدول العربية الخليجية، حيث باتت لا تعتبر إسرائيل المعتدي دوما في تعاملها مع الفلسطينيين، وبدلا من ذلك اعتبرتها شريكا إستراتيجيا في التجارة وفي الحرب على ايران".

تعامل سري

ونقلت الصحيفة عن شيمريت مائير، المحللة الإسرائيلية في شؤون العالم العربي، قولها: إن "التصريحات التي صدرت في 25 يونيو/ حزيران 2020 لا تزال مهمة، على الرغم من الأخطاء الفادحة".

وأضافت: "قول الخارجية الإماراتية إن لدينا شركتين خاصتين تتعاونان مع شركات إسرائيلية في مكافحة كوفيد، هذا أمر لم يسمع به من قبل". وأشارت إلى أن البلدين عملا معا سرا في وقت سابق، وأن الخروج من نفق السرية إلى العلن أمر مهم وجريء.

ونقل الكاتبان عن وسائل إعلام غربية قولها: إن الدولتين تتعاونان سريا في مكافحة كوفيد 19، مشيرين إلى حصول إسرائيل على معدات كانت تنقصها لمحاربة الفيروس عن طريق دول خليجية".

وأكد تقرير الصحيفة الأميركية أنه "في حين أن إسرائيل لا تزال لا تحظى بشعبية كبيرة في معظم أنحاء العالم العربي، فقد تضاءلت أهمية القضية الفلسطينية في المنطقة حيث أصبح شغل الدول العربية الشاغل هو كيفية التعامل مع الأزمات الاقتصادية والانتفاضات الشعبية وصعود الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة".

وأشار إلى "التحول الإستراتيجي في الفكر السياسي للدول العربية الخليجية مثل الإمارات والسعودية التي باتت إيران كتهديد رئيسي للاستقرار الإقليمي، في الوقت الذي تعترف فيه بإسرائيل كشريك محتمل في مواجهتها".

ونقلت الصحيفة عن إيلي أفيدار عضو في البرلمان الإسرائيلي، الذي كان يدير بعثة إسرائيلية في قطر في الفترة 1999-2001 قوله: "إن الإمارات لم تغير نهجها في العلاقات مع إسرائيل إلا في ضوء الخطر الإيراني، الذي يعتبرونه أيضا تهديدا لهم".

واختتم الكاتبان تقريرهما في "نيويورك تايمز" الأميركية بالقول: إن "هذا التحول المفصلي في الفكر السياسي للدول الخليجية قد أدى إلى تكثيف تدريجي للمعاملات السرية مع إسرائيل بين دول الخليج في قضايا تشمل الأمن والتكنولوجيا والزراعة وآخرها الصحة".