المجلس الانتقالي في اليمن.. هكذا ساقته أبوظبي للتطبيع مع إسرائيل

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن فرص استيعاب إسرائيل في المنطقة العربية تتزايد يوما بعد آخر، بعد أن عملت السعودية والإمارات على تهيئة الظروف ومحاولة خلق أطراف دولية جديدة تنتهج سلوكها وسياستها ضمن مخطط التطبيع مع دولة الاحتلال واستيعابها في المنطقة العربية.

في مقال نشرته حديثا صحيفة "إسرائيل توداي"، في 21 يونيو/حزيران 2020، تحت عنوان: "صديق إسرائيل السري الجديد في اليمن"، قال الكاتب: إن "دولة جديدة في الشرق الأوسط تم إعلانها قبل بضعة أسابيع، خلف الأبواب المغلقة".

وأوضح الكاتب الإسرائيلي أفيل شنايدر أن "المجلس الانتقالي الجنوبي عبّر عن موقف إيجابي تجاه إسرائيل، مع أن العلاقات الدبلوماسية بين المجلس الانتقالي والدولة اليهودية لم يتم نقاشها بعد".

اعتبر شنايدر، الذي خدم في لواء جفعاتي في الجيش الإسرائيلي، وشارك في حرب لبنان عام 1982، أن هذا تقدم للأفضل، ورحب بهذه الخطوة قائلا: "بما أن إسرائيل واليمن ليس لديهما علاقات دبلوماسية مع بعضهما البعض، فهذا أمر غير معتاد إلى حد كبير، لكنها علامة على أن مواقف الدول العربية في الشرق الأوسط تجاه إسرائيل تتغير إلى الأفضل".

مضيق إستراتيجي

كانت جغرافيا ما سماها بالدولة الجديدة محل اعتبار الصحيفة التي اعتبرتها مغرية بالنسبة لإسرائيل، فقد أشارت الصحيفة إلى الأهمية الإستراتيجية لجنوب اليمن الذي يسيطر عليه الانتقالي بدعم من الإمارات، قائلا: "دولة الانتقالي التي أعلنت عن نفسها جنوب البلاد، تقع على حدود واحدة من أهم المضايق الإستراتيجية والأكثر أهمية".

وأضافت الصحيفة أن مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، ويمثل جزءا من بحر العرب والمحيط الهندي، يعد نقطة إستراتيجية لإسرائيل".

وتسعى أبوظبي والرياض إلى منح إسرائيل موطئ قدم في مضيق باب المندب، ضمن قوات مشتركة، في مواجهة تهديدات إيران في الممر المائي.

تل أبيب سبق وهددت بنشر جيشها وقواعدها العسكرية في مضيق باب المندب، وقال رئيس وزرائها بنيامين نتيناهو، خلال مراسم تخريج فوج من ضباط في سلاح البحرية في حيفا: "في حال إقدام إيران على إغلاق باب المندب فإنها ستجد نفسها في مواجهة تحالف دولي ضدها، ستشارك فيه إسرائيل، وتنشر فيه جنودها في الممر الدولي".

ولأن المضيق يتبع محافظة تعز، ويقع في جغرافيا الشمال، وليس في الجنوب، فالإمارات تقوم منذ أكثر من 3 أعوام، بمحاولات حثيثة لعزل مدينة تعز عن مجالها المائي وامتدادها الجغرافي، في مسعى منها للتحكم بالجغرافيا المائية في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب".

ترحيب وتطبيع

بحسب الصحيفة، فإن العديد من الإسرائيليين قابلوا ذلك الموقف الإيجابي من قبل المجلس الانتقالي بالترحيب، وأرسلوا تحياتهم إلى الدولة المستقلة الجديدة في اليمن، وتمنوا لها الكثير من النجاح.

وامتدحت الصحيفة تغريدة نائب رئيس المجلس الانتقالي، الشيخ السلفي المدعوم إماراتيا هاني بن بريك، والتي أعلن فيها ترحيبه للتطبيع مع إسرائيل، وزعمه أن العرب والإسرائيليين يتفقون على حل الدولتين، وأن الدول العربية لا بد أن تقوم بتطبيع علاقتها بإسرائيل.

عقب نشر الصحيفة الإسرائيلية لهذه المادة، علق ابن بريك في بث مباشر على صفحته بتويتر قائلا: "الانتقالي مع أي دولة تدعم استقلال الجنوب، حتى وإن كانت إسرائيل. لو كان لنا علاقة مع أبناء عمومتنا اليهود ودولة إسرائيل سنعلن عنها".

وأضاف الشيخ السلفي المدعوم إماراتيا: "السلام مطمع لنا، ومطمح لنا مع إسرائيل، وغير إسرائيل وأي دولة ستعين الشعب الجنوبي بعودة دولته سنمد يدنا لها على ثوابتنا العربية".

من جانبه قال الخضر السليماني مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي في تصريح لقناة الجزيرة: "المجلس الانتقالي الجنوبي مستعد لإقامة علاقة مع إسرائيل إذا لم يتعارض ذلك مع مصلحته، المجلس جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية".

وفي مقابل الترحيب بإسرائيل والاستعداد للتطبيع معها ومد جسور التعاون، حمّل ابن بريك ما سماه تنظيم الإخوان المسلمين مسؤولية عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة، وكتب في تغريدة يوم 10 يونيو/حزيران 2020: "الإخوان هم من يخترقون الحكومة الإسرائيلية، ويقفون وراء عدم قيام دولة إسرائيلية، ويستثمرون الصراع العربي الإسرائيلي لصالحهم".

تنسيق وتواصل

وفي ما يتعلق بالتواصل والتنسيق، قال التقرير: إن إسرائيل على اتصال مع ما سمته الحكومة الجديدة، في جنوب اليمن، من خلف الكواليس.

وحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنه تم رصد يمنيين ليسوا يهودا، في مطار تل أبيب، جاؤوا إلى إسرائيل في يناير/كانون الثاني 2020.

يأتي ذلك في وقت أعلن المجلس الانتقالي أنه مع ما تقرره الإمارات له في موضوع العلاقة مع إسرائيل.

ووفق مراقبين، فإن الإمارات التي تدعم مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، تدعم في ذات الوقت مليشيا المجلس الانتقالي في اليمن، وتتكفل بخلق قنوات ومد جسور تواصل بين هذه الأطراف.

كانت الإمارات قد برزت كمنسق للقاءات بين الموساد الإسرائيلي وحفتر، في كل من إسرائيل ومصر والأردن، من أجل تدريب مليشيات حفتر، وتوفير أنظمة دفاع جوية إسرائيلية لقواته. 

معلق الشؤون الاستخباراتية بصحيفة معاريف الإسرائيلية يوسي ميلمان غرد في 7 أغسطس/آب 2019، قائلا: "حفتر على علاقة بالموساد".

وكتب المدير التنفيذي لمعهد جولف ستايت أناليتكس، جورجيو كافيرو، مقالا في يوليو/تموز 2019، سلط فيه الضوء على دعم إسرائيل إلى جانب بعض القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط لخليفة حفتر.

وفي المقال الذي نشره موقع "كونستورتيوم نيوز" الأميركي قال كافيرو: "التعاون بين حفتر وإسرائيل تم عبر الإمارات، وبدأ في عام 2015، وخلال هذا العام والعام الذي يليه، التقى حفتر بعملاء من الموساد، بشكل سري في الأردن، وذلك مع بدء تزويد إسرائيل لقوات حفتر ببنادق قنص ومعدات للرؤية الليلية".

وحسب مراقبين، فإن ذلك الترحيب بإسرائيل وإعلان الاستعداد للتطبيع يرجح أن يكون مسبوقا بزيارات المجلس لإسرائيل، من أجل الاعتراف بانفصال الجنوب، مقابل التطبيع مع إسرائيل.

توظيف الأدوات

إلى جانب جهود الإمارات والسعودية في إنجاح صفقة القرن، تتجه الإمارات نحو التطبيع مع إسرائيل، وتوظيف أدواتها في اليمن وليبيا لخدمة هذا الهدف.

الجدير بالذكر، أن تلك الإعلانات بالاستعداد للتطبيع من قبل الانتقالي، تأتي في وقت يتوزع فيه قادة الانتقالي بين الرياض وأبوظبي.

ومنذ نحو شهر يقيم عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي وعدد من القياديين في المجلس بالرياض، في حين يقيم نائب رئيس المجلس وعدد من القياديين الآخرين في مدينة أبوظبي..

حسب متابعين، فإن الإمارات والسعودية، أصبحتا جزءا من خطة أوسع، تحضر فيها، ضمن محور تقوده أبوظبي والرياض ومصر، للتقارب مع إسرائيل، وهي ذات الدول التي أوصلت الكيان الصهيوني لرئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، وهي المرة الأولى التي تتولى فيها رئاسة إحدى اللجان الدائمة للمنظمة الدولية.

وفيما يبدو تدرجا في التطبيع، وصلت طائرتان إماراتيتان إلى إسرائيل، خلال 3 أسابيع، وحطتا في مطار بن غوريون في شمال تل أبيب، ويقول المسؤولون الإماراتيون بأنها تحمل مساعدات للفلسطينيين، في حين تنفي السلطة الفلسطينية أن تكون طرفا في تنسيق بشأن تلك الطائرتين