تحول دعمها من فلسطين إلى إسرائيل.. ما أسباب تغير موقف اليونان؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة تركية عن ما أسمته "تراتبية العلاقة" بين اليونان كدولة واليهود كشعب سواء حين كانوا يمثلون كثافة سكانية على الأراضي اليونانية أو بعد احتلال فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل (عام 1948).

وقالت صحيفة ديرليش بوسطاسي: "كان الوضع منذ العام 1948 فاترا ولم تكن هناك أي علاقة بين الطرفين لنشهد خلال الفترة القصيرة الماضية تبادلا للمنفعة وزيادة في العلاقات بين الطرفين".

وأوضح الكاتب في الصحيفة إسماعيل شاهين في مقالة له: "لعدة قرون كانت اليونان من أكثر الدول التي يتركز فيها الوجود اليهودي، ومع استقلالها، اضطرت الغالبية العظمى من سكانها إلى مغادرة الأراضي التي ولدوا فيها وترعرعوا بسبب الحوادث العنيفة الموجهة ضدهم".

تاريخ عجيب

وعلى الرغم من هذه الهجرات، كان هناك حوالي 90 ألف يهودي في اليونان حتى الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، نتيجة للأحداث المؤلمة مثل المجاعة التي ظهرت في اليونان خلال فترة الاحتلال الألماني والإبادة الجماعية لليهود التي قام بها النازيون، انخفض عدد السكان اليهود في جميع أنحاء ذلك البلد الأوروبي إلى ما يقرب من 10 ٪ فيما هاجرت الغالبية العظمى من الناجين للعثور على منازل أكثر أمانا لهم.

يقدر عدد اليهود الذين يعيشون في اليونان اليوم بحوالي خمسة آلاف و يمكن القول، بحسب الكاتب: إن العلاقات بين "الشعبين" كانت سلبية بشكل عام، باستثناء فترة الدولة العثمانية.

لهذا السبب كانت اليونان واحدة من الدول الأوروبية التي قابلت إنشاء دولة إسرائيل في 14 مايو/أيار 1948 بردود فعل قاسية.

كان الرأي القائل بأن اليهود كانوا غزاة في كل من فلسطين واليونان مهيمنا تقريبا في أثينا التي كانت تقف بجانب فلسطين ضد دولة إسرائيل، وعززت هذا الدعم من خلال منح منظمة التحرير الفلسطينية صفة دبلوماسية في 16 ديسمبر/كانون الأول 1981.

وكانت اليونان أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية وصرح رئيس الوزراء في ذلك الوقت أندرياس باباندريو أنه رأى زعيم المنظمة ياسر عرفات على أنه "القائد الذي يقاتل من أجل الوطن المفقود". وقال الموسيقي والسياسي اليوناني الشهير تيودوراكيس: إنه سيشرفه تأليف النشيد الوطني الفلسطيني.

وأردف الكاتب: "منذ تأسيس إسرائيل، كانت سياسة اليونان تجاه الفلسطينيين قائمة على ركيزتين؛ الأول هو عودة تل أبيب غير المشروطة إلى حدودها قبل عام 1967".

والثاني هو منح الشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وإذا فشلت هذه الشروط فإن الحكومات اليونانية لن تعترف بإسرائيل وبقي هذا الحال لسنوات عديدة.

الاستجابة للضغوط

في المقابل وصفت تل أبيب جميع السياسات المعادية لها من الطرف اليوناني بأنها "معاداة السامية"، وفي هذه المرحلة تعرضت أثينا للضغط بشدة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للاعتراف بالدولة المحتلة، يقول الكاتب.

ويتابع: "أعلنت اليونان في نهاية المطاف أنها لم تستطع مقاومة الضغوط، وبالتالي اعترفت رسميا بدولة إسرائيل بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 21 مايو/أيار 1990 برئاسة رئيس الوزراء كونستانتين ميتسوتاكيس".

ومع ذلك، لم يكن هذا القرار موضع ترحيب في اليونان، حيث واصلت الغالبية العظمى من المجتمع ووسائل الإعلام اليونانية موقفها المناهض لإسرائيل بشأن القضية الفلسطينية حتى نشأت أزمة شرق البحر الأبيض المتوسط.

اليوم، يقول الكاتب: "يجلس كرياكوس ميكوتاكيس في مقعد رئيس الوزراء في اليونان. وهذا الرجل له علاقات وثيقة مع عالم الأعمال وإسرائيل، وهو نجل رئيس الوزراء كونستانتين ميتسوتاكيس، الذي اعترف رسميا بإسرائيل وهو يسير بخطوات واثقة في الطريقة التي فتح بها والده تلك العلاقات".

ومن أجل الحصول على الدعم الإسرائيلي ضد تركيا فيما يتعلق بشرق البحر المتوسط (التنقيب عن النفط والغاز)، تعمل اليونان حاليا لأن تكون سفيرة "تل أبيب" داخل الاتحاد الأوروبي لاستمالته بغية دعم بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) في خطة الضم والاستيلاء على مزيد من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وفق الكاتب. 

وتابع الكاتب: "عنوان ميكوتاكيس هو الحديث دائما بأن تركيا تظهر سلوكا عدوانيا في البحر المتوسط، وبدلا من العمل على معالجة هذه الأزمات بالعقل والمنطق، تلجأ أثينا إلى تل أبيب وأطراف أخرى والتي من الواضح أنها تخدم السياسية الإسرائيلية على حساب فلسطين".

وبدلا من الاستماع لدعوة أنقرة للتعاون تواصل اليونان المثابرة في موقفها السياسي الحالي، وبالتالي يقول الكاتب: "ستنالها خيبة أمل كبيرة وسينظر إليها شعبها على أنها خسرت فلسطين وسياستها القديمة تجاهها وكذلك خسرت مصالحها في شرق المتوسط".