محمد حياتي.. مذيع إيراني شهير أشاد بمطرب معارض فخسر وظيفته

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أقدمت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، في 6 يونيو/ حزيران 2020، على طرد مقدم الأخبار الشهير محمد رضا حياتي من التلفزيون الرسمي، على خلفية تصريحات، أثارت جدلا كبيرا في الأوساط الإعلامية والشعبية.

حياتي المولود بمدينة عبادان في 18 يناير/ كانون الثاني 1956 (64 عاما) يعتبر من أشهر مذيعي الأخبار في إيران، تلقى قرار فصله من العمل بمكالمة هاتفية.

مطرب معارض

قرار إيقاف حياتي عن العمل، جاء على خلفية تصريحات أبدى فيها إعجابه بصوت مطرب بوب محظور في إيران، ويعيش في الولايات المتحدة الأميركية منذ الإطاحة بنظام الشاه.

حياتي قال: "اتصلوا بي وقالوا لا تأت، وأنا قلت لهم حسنا، لقد أبلغتهم سابقا أنني أريد التقاعد، وقبل أن يبلغوني، طلبت منهم أن أتوقف عن العمل في التلفزيون، ربما السيد علي عسكري (رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون) أو مدير غرفة الأخبار، أو مساعد الشؤون السياسية، أو أي شخص آخر هناك انزعج من كلامي، لكن ما تكلمت به كان صادقا وهو ما يشعر به الشعب".

وفي المقابلة الصحفية التي أجراها عبر الإنترنت، تطرق حياتي إلى موضوع الصراع القائم بين المطربين الإيرانيين، إبراهيم حامدي "إبي" المنفي في الخارج، ومحسن جاوشي المقيم في إيران، والذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

حياتي قال: "أنا من عشاق إبي، صوته يعيد الذكريات الغابرة إلي، لقد استمتعت بأغانيه منذ حوالي 50 سنة. وأحبها كلها. لكن جاوشي هو أيضا أحد المغنيين المفضلين لدي، وله مكانة خاصة عندي، وأضفى إلى الموسيقى الإيرانية لونا وأسلوبا جديدا وجديرا".

وفي مقابلة مع صحيفة "هفت صباح" قال حياتي: "لم أكن على دراية بمعارك جاوشي، وإبي على مواقع التواصل، اعتقدت أن الصراع اللفظي يتعلق بقضايا فنية للغناء".

وكرر حياتي تصريحاته عن "إبي" بالقول: إن أغانيه "ليست سيئة هيكليا أيضا".

لكن وسائل إعلام عزت السبب إلى مشاركة المطرب "إبي" في مهرجان "طنطورة" الغنائي الأخير في المملكة العربية السعودية، برفقة عدد من أشهر المطربين الإيرانيين المقيمين في الخارج.

وفي 7 يونيو/ حزيران 2020، علَّق "إبي" على حسابه الشخصي في "إنستجرام" على طرد حياتي، قائلا: "ما زلت لا أعرف ما هي الخطيئة التي ارتكبناها، أنا والفنانون بعد 41 عاما من النفي، ما عدا إهداء الفرح للناس والتغني بالحرية، كي يبقى جمهورنا تحت الضغط حتى اليوم. أتمنى للسيد حياتي حياة هادئة مع أسرته".

مفارقة لافتة

لم يشفع لمحمد رضا حياتي، علاقاته الواسعة بالنظام ومسيرته الطويلة في العمل بالإذاعة والتلفزيون الرسمي، ومن المفارقة أن يوافق قرار طرده من الإذاعة والتلفزيون في يونيو/ حزيران 2020، ذكرى قراءته بيان وفاة الخميني، مرشد إيران الأول في الشهر ذاته عام 1989.

بدأ "حياتي" عمله في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، حتى أصبح من أشهر وأقدم مقدمي نشرات الأخبار الإيرانية، وبفصله عن العمل يكون قد التحق بقائمة من الصحفيين الذين طردوا من العمل، وآخرهم الإعلاميين الشهيرين أحمد صمدي، ونيلوفر بور إبراهيم، اللذين كانا يعملان في التلفزيون الرسمي.

انضم صمدي وبور إبراهيم مؤخرا إلى قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة وتبث من العاصمة البريطانية لندن، وتتهمها طهران بأنها تموّل من السعودية.

لكن حياتي أعرب عن أمله في حظر عمله على التلفزيون "المؤقت"، وقال في مقابلة مع وكالة "إسنا" الإيرانية في 8 يونيو / حزيران، ردا على تعليقات أدلى بها بعد مقابلته الصحفية: "علينا أن نتعامل مع الكثير من القضايا الراهنة. ليست لدي مشكلة مع أحد، وإن شاء الله هذا مؤقت".

وبعد ثورة 1979 في إيران، مُنع العديد من المطربين والممثلين من التصوير، وهاجر الكثير منهم، بما في ذلك "إبي" إلى الخارج، وتم حظر بث أصواتهم وأعمالهم على راديو وتلفزيون إيران الرسمي.

"وجه للنظام"

ورغم تضامن مؤسسات إعلامية وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي مع حياتي، إلا أن آخرين اعتبروه أحد وجوه النظام القمعي في إيران، والذي لم يقف إلى جانب الشعب في جميع الاحتجاجات، بل لم يرفض  قراءة الأخبار المؤيدة للنظام خلافا لبعض زملائه.

الناشط حسين روناغي مالكي قال في سلسلة تغريدات على "تويتر": إن "محمد رضا حياتي كان فخورا في الأوقات الصعبة مثل احتجاجات عام 1988، عندما لم يرغب زملاؤه في قراءة الأخبار، لأنه كان مدافعا عن الثورة (بقيادة الخميني)، لم يتراجع. لقد تكلم ضد الشعب".

وأضاف: "محمد حياتي الشخص الذي كان يراقب ويقمع المذيعين منذ عقود، باستثناء نشر الأكاذيب وتطبيع الرقابة، هل يجب أن نعرب عن أسفنا!؟ هل نأسف لفصل أحد أهم المتحدثين في نظام الدعاية والقمع والرقابة المناهض للشعب؟".

وتابع حسين مالكي، قائلا: "ليس مظلوما، من يقف دائما بجانب الظالمين. هل عبر حياتي عن أسفه واعتذاره عن أفعاله وتصرفاته ضد الشعب والمصالح الوطنية؟ لقد كان دائما ضد الشعب، ويجب علينا أن نحاسبه على أفعاله، ولا نذرف الدموع عليه ونعرب عن أسفنا!".

وأشار إلى أنه "من المؤسف أن بشرا مثل قاسم أفشار قد استقال عام 1988 احتجاجا على قمع الشعب ورفض المشاركة في القمع ضد الشعب! دعونا نعبر عن أسفنا لأنفسنا لأننا ننسى موقف وأفعال البشر بسبب ذاكرتنا القصيرة".

لكن الناشطة مرجانة رأت في تغريدة على "تويتر" محمد رضا حياتي المتحدث الذي أعلن نبأ وفاة الإمام الخميني للعالم، لم يتم تعليق عمله بسبب تعبيره عن ذوقه الموسيقي. وإنما انتقد ذات مرة المسؤولين من مزدوجي الجنسية المقيمين في الدول الغربية، والآن لديهم الفرصة للانتقام".

الباحث السياسي المعارض زاهد تابياني، كتب قائلا: بعد 40 سنة، محمد رضا حياتي طردت من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، لاهتمامه بـ"إبي". الآن العديد من الأصدقاء لا يزالون يسعون إلى إصلاح النظام "هيكليا"، ومن يقول ذلك يعتبر من "طالبان".

قانون "بريكست"

في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أثار حياتي الجدل بقراءة خبر عن قانون بريكست، الذي شرعته المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، بعدما ذكر عبارة أصلها مثل شعبي إيراني واعتبرت في حينها مسيئة.

وقرأ حياتي نصا إخباريا شبّه فيه الموقف السياسي لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بـ"الجلوس على منشار". وقال: "بريطانيا تجلس على المنشار، والطريق إلى الأمام، والطريق الذي يجعل كليهما صعبا".

لكن المذيع الإيراني المعروف برر ذلك بالقول: إنه لم يكن أمامه خيار سوى قراءة النص المثير للجدل. وأضاف أنه شاهد نص الخبر للمرة الأولى أثناء قراءته، وحتى لو شاهده من قبل، لم يكن لديه خيار لتغييره.

وردا على من اعتبر أدبه مهينا، قال الإعلامي الإيراني محمد رضا حياتي: "لم أشتم أبدا في حياتي الشخصية وفي حياتي. ليس لدي خيار هناك، أنا مذيع أخبار".

وحسب تقرير نشره موقع "بي بي سي" بالفارسي، فإن المصطلح الذي استخدمه حياتي هو مثل غير نظامي بالفارسية، مما يعني الوقوع في وضع صعب أو "لا يوجد طريق ذهابا وإيابا".

وذكر الموقع، أن العديد من وسائل الإعلام الرئيسية، مثل "بي بي سي"، غالبا ما يُتوقع من مقدمي النشرات قراءة نص الأخبار قبل الحدث من أجل الاستعداد، باستثناء حالات مثل الأخبار العاجلة.