تقرير الحالة العربية: فبراير/شباط 2022

قسم البحوث | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

مقدمة

المحور الأول: كورونا في الوطن العربي

العراق

الأردن

لبنان

المحور الثاني: الحالة السياسيَّة

الحالة التونسية: (حل مجلس القضاء الأعلى، على خطى مصر.. تونس تلاحق حركة النهضة)

الحالة الليبية: (ليبيا بين حكومتين.. تكليف واعتراض، انقسام داخل مجلس الدولة)

الحالة الإماراتية (التقارب مع تركيا، زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الإمارات)

المحور الثالث: الاقتصاد العربي

التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة العربية (أزمة الغذاء العربي، تراجع معدلات السياحة، رابحون وخاسرون بسبب ارتفاع أسعار النفط، ارتفاع فاتورة الواردات السلعية والخدمية)

المحور الرابع: الحالة الفكرية

العنف الأسري من منظور إسلامي (دوافع الهجمة على شيخ الأزهر، موقف الإسلام من ضرب الزوج لزوجته)

خاتمة


مقدمة

يرصد تقرير الحالة العربية في فبراير/شباط 2022 أبرز الأحداث في العالم العربي، من خلال محاوره الأربعة: السياسية والاقتصادية والفكرية، بالإضافة إلى المحور الخاص بجائحة كورونا.

فعلى الصعيد السياسي، واصل الرئيس التونسي قيس سعيّد خطواته الرامية إلى السيطرة على جميع مؤسسات الدولة، وذلك بعد أن حل مجلس القضاء الأعلى، زاعمًا عدم نزاهة أعضائه، وهو ما سيمكنه من تصفية خصومه ومعارضيه.

دخلت ليبيا مرحلة جديدة من الانشقاق بعد أن أصدر برلمان طبرق قرارًا بتكليف فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وهو ما رفضه الأخير، لتدخل البلاد في دوامة جديدة من الخلافات.

أما الإمارات فقد واصلت تقدمها على مسار التقارب مع تركيا، وكانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أبوظبي هي أحدث مظاهر تحسّن العلاقات بين البلدين، حيث شهدت توقيع العديد من اتفاقيات التعاون بينهما.

على الصعيد الاقتصادي، كانت التبعات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على العالم العربي الموضوع الأبرز، فقد جاءت لتزيد من أزمات الاقتصادات العربية.

ويتناول التقرير هذه التبعات من خلال رصد أثر الحرب على مجالات الغذاء والسياحة والنفط والغاز، وهي المجالات التي ستشهد تأثيرا سلبيًّا سينعكس على الحالة المعيشية للمواطن. وإن كان هناك جانب إيجابي، فهو ارتفاع أسعار النفط والغاز، وهو ما سيصب في مصلحة الدول المصدرة لهما فقط.

وعلى الصعيد الفكري، تناول التقرير قضية ضرب المرأة، التي استخدمها الإعلام المصري للنيل من الإسلام، من خلال الإساءة إلى الأزهر الشريف ممثلًا في شيخه أحمد الطيب.

وكعادتنا منذ أن ضربت جائحة كورونا العالم، نفتتح تقريرنا الشهري بالمحور المختص بمتابعة آخر تطورات انتشار الفيروس في الدول العربية الأكثر إصابة بهذا الشهر، وهي العراق والأردن ولبنان.


المحور الأول: كورونا في الوطن العربي

بمرور نحو ما يقرب من عامين منذ ظهور (COVID-19) المعروف باسم فيروس كورونا، ضربت الجائحة معظم دول العالم، وبلغ عدد الإصابات المكتشفة ما يقترب من 439 مليون حالة حول العالم منذ بداية الأزمة في ديسمبر/كانون الأول 2019، كما قاربت حالات الوفاة على ستة ملايين حالة، بنهاية شهر فبراير 2022.

السباق الذي يجري حاليًّا حول العالم يتعلق بالتلقيح، خاصة بعد تصاعد موجات ثالثة ورابعة من الفيروس وسلالات جديدة متحورة في بلاد عديدة وإعادة صورة الخطر الذي بدأ مع بداية الجائحة.

ولا شك أن أهمية اللقاح تتزايد الآن مع تردد أصداء المتحور الجديد "أوميكرون"، الذي اكتشف في جنوب إفريقيا، وأثار موجة من الذعر، في الكثير من الدول، فدفعها لاتخاذ إجراءات عاجلة، لمنع وصوله إلى أراضيها.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، مع بداية فبراير/شباط 2022، أن المتحور الفرعي من أوميكرون، والذي تشير الدراسات إلى أنه أسرع انتشارًا، جرى رصده في 57 دولة.

بالإضافة إلى أن هذا المتحور من فيروس كورونا أصبح الأكثر انتشارا في جميع أنحاء العالم منذ اكتشافه للمرة الأولى في جنوب إفريقيا قبل 10 أسابيع.

تأتي الدول العربية في حالة متوسطة من حيث الأخطار وعدد الحالات مقارنة مع باقي دول العالم.

ويعد العراق، الدولة الأكثر من حيث عدد الإصابات في الوطن العربي، في المرتبة الأربعين عالميًّا، حسب إحصائية موقع "world meter" العالمي، يليه الأردن في المرتبة الرابعة والأربعين، إلا أنه بلا شك تختلف كفاءة الدول في مواجهة الوباء والتعاطي مع المستجدات.

نرصد خلال هذا الشهر، فبراير/شباط 2022، الدول العربية الأكثر إصابة بفيروس كورونا، وهي العراق، الأردن، ولبنان.

العراق

يحتل العراق المرتبة الأولى عربيا من حيث عدد الإصابات بفيروس كورونا، وقد تجاوز حاجز مليوني حالة أخيرا.

ومع نهاية شهر فبراير، بلغ العدد الإجمالي للإصابات مليونين و300 ألف حالة، وهو ما يعني تصاعد في أعداد الإصابة بما يقرب من 100 ألف حالة.

في حين تعتبر حالات الوفاة ضئيلة مقارنة بهذا العدد من الإصابات، فقد بلغت الوفيات إجمالًا 24999 حالة بنهاية فبراير/شباط، ما يعني أن عدد الوفيات زاد بما يقرب من 500 حالة وفاة[1]. وهو ما يشير إلى معدل ضئيل مقارنة بعدد الإصابات.

وفي وقت سابق، حذر مسؤول بوزارة الصحة العراقية من أن المتحور أوميكرون دخل مرحلة ذروة الانتشار في البلاد، وأن أعداد الإصابات مرشحة للارتفاع.

وقال مدير تعزيز الصحة بوزارة الصحة العراقية، هيثم العبيدي، في تصريح لصحيفة "الصباح" الحكومية، في 18 يناير/كانون الثاني، إن انتشار المتحور الجديد في البلاد يمثل مصدر قلق كبير بسبب ارتفاع الإصابات الكبير في وقت قصير، وما سيسببه هذا من ضغوط على القطاع الصحي.

وأوضح أن حضانة فيروس كورونا بشكل عام تتراوح بين يوم واحد إلى 21 يومًا، أما حضانة المتحور أوميكرون فأقل من أسبوع.

وفي تصريح لها، قالت منظمة الصحة العالمية إن معدلات التلقيح ضد فيروس كورونا في العراق، ما تزال أقل من المتوسط العالمي والدول المجاورة، وهو ما عزته وزارة الصحة في بغداد إلى "ضعف الوعي المجتمعي بشأن التلقيح"[2].

وقال نجم الدين حسن، منسق مكتب السليمانية (شمال) في منظمة الصحة العالمية: "بعض الدول المجاورة للعراق وصلت إلى نسبة تطعيم تتراوح بين 50 و60 في المئة، وعليه دعمت منظمة الصحة العالمية العراق بحملة وطنية شاملة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 لزيادة عدد الملقحين".

وأشار في تصريح للصحيفة الرسمية نقلته قناة "السومرية نيوز"، إلى أن "المنظمة وجدت في الأشهر الأخيرة من العام 2021 أن نسبة تلقي لقاحات كورونا في عموم العالم بلغت 40 بالمئة، لكن هذا الأمر لم يتحقق في العراق".

وكشف المسؤول في منظمة الصحة العالمية أن "عدد المصابين خلال الأسابيع الأربعة الماضية (فبراير) من 2022 في العراق يعادل أربعة أضعاف الإصابات للمدة نفسها من العام 2021".

وقال إنه حتى الآن بلغ مجموع الجرعات المصروفة في العراق 430 ألف جرعة فقط. ولفت إلى أن محافظة السليمانية الواقعة في إقليم كردستان العراق احتلت المرتبة الأولى في الحملة الوطنية للتطعيم التي أطلقتها المنظمة.

وبحسب المسؤول ذاته: "بلغت نسبة الجرعة الأولى في السليمانية 15 بالمئة والجرعة الثانية 11 بالمئة، مقارنة مع بعض المحافظات التي تراوحت بين 18 إلى 22 بالمئة بالنسبة للجرعتين".

وكانت وزارة الصحة العراقية أقرت بمعاناتها جراء "ضعف الوعي المجتمعي" بشأن التلقيح وعدم التزام الكثيرين بالتعليمات الوقائية.

وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أنه جرى خلال اجتماع اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، خلال يناير/كانون الثاني، مناقشة تطورات جائحة كورونا بالعراق في ظل الزيادة الحادة بالإصابات بالمتحور الجديد عالميًّا، والجهود الصحية المتوخاة لاحتواء الموجة الجديدة.

وقرَّرت اللجنة إلزام جميع الوافدين إلى العراق، من العراقيين والأجانب إبراز بطاقة "كوفيد-19" التي تثبت تلقّي الشخص على الأقل جرعتين بأحد اللقاحات، إضافة إلى فحص "بي سي آر" سلبية، كما أوصت بمراعاة اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة من لبس الكمامة، والتباعد البدني[3].

وقد أصدرت لجنة الأمر الديواني (217)، توصيات جديدة لمواجهة انتشار متحور أوميكرون في العراق.

وعقب اجتماع لجنة الأمر الديواني الذي عقد في 18 يناير 2022، تمخض عنه عدة توصيات بخصوص ظهور متحور أوميكرون وانتشاره في أكثر من 150 دولة وجاءت التوصيات كالتالي:

الاستمرار بمتابعة الموقف الوبائي للإشغال السريري وأسرة العناية المركزة في تلك المراكز، وكذلك توفر الأدوية والمستلزمات والتحاليل الساندة الخاصة بمرض كورونا، مع التأكيد على توفير الأوكسجين الطبي وعدة الحماية الشخصية وخاصة في مراكز العلاج.

ضرورة العمل على زيادة أعداد الملقحين للوصول إلى المناعة المجتمعية من خلال منافذ تلقيح إضافية، وزيادة ساعات العمل الفعلية، وكذلك تكثيف عمل الفرق التلقيحية الساندة في المناطق السكنية والدوائر الحكومية، وغير الحكومية والمدارس والمعاهد والكليات والجامعات ضمن الرقعة الجغرافية.

هذا مع ضرورة وضع خطط تفصيلية وجداول عمل للفرق التلقيحية الميدانية لتجري زيارة نفس الأماكن لإعطاء الجرعة الثانية، والتأكيد على المتابعة المستمرة لأداء تلك المجموعات وخلق روح المنافسة بينهم وتشجيعهم وحسب الصلاحيات.

العمل بالتعليمات المحدثة حول فترة عزل المصابين والحجر بالنسبة للملامسين للحالات المؤكدة بفيروس كورونا وآلية متابعتهم من قبل المراكز الصحية ضمن الرقعة الجغرافية.

الأردن

يحتل الأردن المرتبة الثانية عربيًّا من جهة عدد الإصابات بفيروس كورونا، حيث بلغ العدد الإجمالي للإصابات بنهاية يناير/ 2022، ما يعادل 1.638.228 حالة، وفقًا للإحصائيات الرسمية[4]، وهو ما يدل على تزايد معدل الإصابات بشكل متسارع خلال فبراير.

في حين بلغ العدد الإجمالي للمتعافين 1546429، ما يعني زيادة أعداد المتعافين بما يقرب من 300 ألف حالة في فبراير وهي نسبة أكثر استقرارًا.

وبدأ الأردن في 13 يناير 2021، حملة التطعيم، ومنح "تراخيص طارئة" لخمسة لقاحات هي: "سينوفارم" و"فايزر/بيونتيك" و"أسترازينيكا" و"جونسون آند جونسون" و"سبوتنيك-في".

وتسلم الأردن في يوليو/تموز 2021، نصف مليون جرعة من لقاح فايزر تبرعت بها واشنطن للمملكة مباشرة خارج الآلية العالمية لتأمين لقاحات للدول الفقيرة "كوفاكس"[5].

وفيما تظهر مؤشرات أن نحو نصف سكان أوروبا مصابون أو سيُصابون بمتحور أوميكرون قريبًا، بسبب سرعة انتشاره، رجح خبراء محليون أن يصل الأردن إلى هذا الرقم في الموجة الرابعة من وباء كورونا قريبا[6].

وكانت منظمة الصحة العالمية، حذرت من أن الاكتفاء بإعطاء جرعات لقاح معززة لا يشكل إستراتيجية قابلة للاستمرار في مواجهة المتحورات الناشئة، مقترحة توفير لقاحات جديدة تحمي بشكل أفضل من انتقال العدوى.

فيما دعا مستشار رئاسة الوزراء لشؤون الصحة ومسؤول ملف كورونا، عادل البلبيسي، أي شخص مضى 3 أشهر أو أكثر على تلقيه الجرعتين الأولى والثانية، أخذ الجرعة الثالثة (المعززة).

وفي سياق الإجراءات التي تتخذها الحكومة في مواجهة الفيروس المتحور ولتقليل تأثيره على القوى الصحية العاملة، وافقت لجنة الأوبئة في 5 يناير على تخفيض مدة العزل المنزلي لمصابي كورونا في الأردن من 10 أيام إلى 7 أيام لمَن لا تظهر عليه أعراض الإصابة بـ "أوميكرون".

كما أعلنت السلطات الأردنية في 18 فبراير 2022، تخفيض فترة العزل لمصابي فيروس كورونا، وإلغاء فحص "بي سي آر" للقادمين إلى البلاد[7].

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن وزير الدولة لشؤون الإعلام، فيصل الشبول، قوله إن الإجراءات التخفيفية الجديدة للتعامل مع وباء كورونا، يبدأ تطبيقها اعتبارا من مطلع مارس/آذار 2022 وتشمل: تخفيض فترة العزل لمصابي كورونا إلى 5 أيَّام، تبدأ من تاريخ أخذ عيِّنة فحص "بي سي آر" دون الحاجة لإجراء فحص آخر بعد انتهاء فترة العزل.

كما تضمنت الإجراءات إلغاء الإجراءات المتعلِّقة بحجر مخالطي مصابي كورونا، وإلغاء فحص "بي سي آر" للقادمين إلى البلاد.

وشملت أيضًا، إلغاء الفحص كشرط لدخول الحفلات والأفراح والتجمُّعات، بما لا يتعارض مع القرار الخاص بضرورة تلقِّي جرعتي اللقاح لدخول المنشآت العامَّة والخاصَّة.

وأعاد الشبول التأكيد على عودة المدارس للتَّعليم الوجاهي كما هو مقرَّر سابقًا، مع إلغاء نسبة 10 بالمئة لتحويل الصفّ أو المدرسة إلى التَّعليم عن بُعد، والاكتفاء بعزل الطالب المصاب فقط لمدة 5 أيام من تاريخ أخذ العيِّنة، ويعود بعدها إلى الدراسة دون الحاجة لإجراء "بي سي آر".

وشدد الشبول على أنَّ الفيروس ما زال مستمرًّا محليًّا وعالميًّا، وأنَّ القرارات مرهونة بمستجدات الوضع الوبائي، لافتًا إلى أن الوقاية الصحيَّة العامَّة والحصول على اللقاحات هي السبيل للسيطرة على الوباء.

لبنان

قد يكون لبنان من بين الدول العربية حيث ينتشر المتحور بكثرة. في نهاية ديسمبر 2021، أعلن مختبر تشخيص كورونا في الجامعة اللبنانية في بيان عن تسجيل نحو 60 إصابة مؤكدة بالمتحور، مشددًا على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية وأخذ اللقاح لتفادي "الكارثة المقبلة".

وإذ تكشف الاختبارات في لبنان الإصابة بكورونا من دون تحديد نوع المتحور، فإن الأعداد المصرح عنها، كما في دول عربية أخرى، تنقصها الدقة.

وقد بلغ العدد الإجمالي للإصابات في لبنان 1.070.696 حالة بنهاية فبراير  2022، في حين بلغت الوفيات 10.104 حالة.

وتزايدت الشكوك في الآونة الأخيرة حول صلاحية اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، خصوصًا بعد الحديث عن انتهاء صلاحية "فايزر" الموجود في لبنان، حيث سارعت وزارة الصحة إلى إصدار بيان توضيحي يؤكّد إمكانية استخدامه لمدة 3 أشهر إضافية من دون خوف.

جاء في التوضيح من المكتب الإعلامي في وزارة الصحة، أنّ "هذه اللقاحات ما زالت صالحة للاستعمال، إذ استندت الوزارة إلى المعطيات العلميّة المقدّمة من منظمة الصحة العالمية، التي مدّدت صلاحية اللقاح إلى تسعة أشهر بعدما كانت في السابق ستة".

وكذلك "استندت إلى مراسلات مع الشركة المصنّعة، التي حصلت على الموافقة على تمديد تاريخ صلاحية هذه اللقاحات، في بلد المنشأ، من خلال الوكالة الأميركية للغذاء والدواء، وخلصت إلى تمديد تاريخ صلاحية هذه اللقاحات من ستة أشهر إلى تسعة، ممّا يضمن أمانها وفاعليتها".

كلّ هذه النقاط دفعت بالعديد من اللبنانيين إلى التردّد في التلقح والتساؤل عن فاعلية وجودة هذه اللقاحات الموجودة في لبنان، خصوصاً فيما يتعلّق بشروط تخزينها ومراقبتها في المراكز الصحيّة، في ظلّ أزمة التقنين التي يشهدها البلد.

في المقابل، يوضح رئيس اللجنة الوطنية للقاح كوفيد-19، عبدالرحمن البرزي، لصحيفة "النهار" أن "إصدار هذه اللقاحات كان ضمن الاستخدام الطارئ عند الاستحصال على موافقة الاستعمال، سواء في بلد المنشأ أو في أوروبا أو مع منظمة الصحة العالمية. وكانت صلاحية الاستخدام لمدة 6 أشهر.

 ومع الاستخدام الواقعي اكتشفت الشركات نقاطًا عديدة، من بينها شروط التخزين وإمكانيّة حفظها في حرارة أقل[8].

ووافقت منظمة الصحة العالمية وCDC وEMA على تمديد فترة صلاحية هذه اللقاحات حتى 9 أشهر، وبالتالي يطبق هذا التمديد في بلد المنشأ وفي كلّ دول العالم".

وعليه، يطمئن البرزي الناس "أن اللقاحات آمنة وصالحة للاستعمال، ولا خوف من انتهاء صلاحيتها".

وعن الجرعة الثالثة وعدم فاعليتها في الحماية من الإصابة بالفيروس، يؤكّد البرزي أن "الهدف من الجرعة الثالثة، التي أظهرت حماية عالية وجيّدة، يتمثّل بالتخفيف من حدّة العوارض والإصابة".

وأردف: "صحيح أنّها لا تمنع الإصابة والعدوى بشكل كامل إلا أن الأكيد والمثبت أنها تخفّف خطر المضاعفات وشدّة العوارض والحاجة إلى دخول المستشفى؛ وأكبر دليل على ذلك أنه بالرغم من الإصابات المرتفعة التي شهدها لبنان فإن نسبة الاستشفاء والعناية الفائقة والوفيات كانت قليلة مقارنة بالعام 2021".


المحور الثاني: الحالة السياسية

يتناول المحور السياسي في الحالة العربية، فبراير 2022، أبرز مستجدات الأحداث السياسية في الوطن العربي.

في تونس يواصل الرئيس قيس سعيّد خطواته على مسار الانتقال نحو انتخابات جديدة ودستور جديد، ليغلق بذلك صفحة ما قبل 25 يوليو 2021، والتي قضى فيها بحل الحكومة وتجميد البرلمان.

وفي خطوة أخيرة، حل سعيّد مجلس القضاء الأعلى بزعم عدم نزاهة أعضائه وللتخلص من أيادي حركة النهضة داخل المجلس، في ظل حرب يخوضها على حركة النهضة الإسلامية، وجرى الحشد والزخم الإعلامي لها مؤخرًا.

وفي ليبيا، طفت الخلافات إلى السطح من جديد بين معسكريْ الشرق والغرب، بعد إصدار مجلس النواب قرارًا بتكليف فتحي باشاغا برئاسة الحكومة، وهو ما رفضه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، الذي قال إنه على استعداد لحماية شرعيته لحين تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة، في ظل انقسام داخل مجلس الدولة حول تكليفه، وهو ما انعكس في شكل بيانات متناقضة ومخاوف من التصعيد  في البلاد مرة أخرى.

وتستمر العلاقات التركية العربية في مزيد من التقارب، وفق إستراتيجية تركية لإعادة توفيق علاقاتها الإقليمية، خاصة مع الدول المحورية مثل الإمارات ومصر وإسرائيل، والتي تجمعها مع تركيا مصالح مشتركة.

وقد كانت زيارة الرئيس التركي للإمارات منتصف فبراير/شباط، خطوة جديدة على مسار التقارب مع أبوظبي حيث شهدت الزيارة حفاوة إماراتية عالية، وجرى التوقيع على العديد من الاتفاقيات في المجالات المختلفة.

الحالة التونسية

منذ 25 يوليو 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، بعدما اتخذ سعيّد قرارات "استثنائية"، منها تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه النيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عيَّن رئيستها.

تلى ذلك إعلان الرئيس قيس سعيّد بقاء مجلس النواب مجمدًا أو معطلًا لحين إجراء انتخابات جديدة ينتوي سعيّد إجراءها نهاية العام 2022.

وفي كلمته التي ألقاها في 13 ديسمبر 2021، أعلن الرئيس قيس سعيّد أن المخطط عرض الإصلاحات الدستورية وغيرها على الاستفتاء في 25 يوليو 2022، ليجري تنظم انتخابات تشريعية وفق القانون الانتخابي الجديد في 17 ديسمبر 2022.

وأعلن سعيّد رسميًّا عن إطلاق "المنصة الإلكترونية" المخصصة لجمع اقتراحات التونسيين بشأن الإصلاحات التي عرضها[9]، وسط انتقادات لطريقة إجرائها ودعوات من المعارضة لمقاطعتها.

وأعلنت وزارة تكنولوجيات الاتصال بدء "عملية تجريبية وتوعوية" في 24 منطقة، مشيرة إلى أن "المنصة ستكون مفتوحة للجميع من 15 يناير حتى 20 مارس/آذار".

وبعد مرور ما يقرب من شهر على إطلاق المنصة الإلكترونية لاستشارة الشعب التونسي، استعرض الرئيس سعيّد خلال اجتماعه مع الوزراء، في 27 يناير بعضًا من نتائج مبكرة لهذا الاستشارة.

وأعلن في فيديو، بثته صفحة الرئاسة على "فيسبوك"، أنّ "82 بالمئة من المواطنين يفضّلون النظام الرئاسي، و92 بالمئة يؤيدون سحب الثقة من النواب البرلمانيين"[10].

وأضاف أنّ "89 بالمئة من المواطنين ليست لديهم ثقة في القضاء، و81 بالمئة يؤيدون أنّ الدولة هي التي تتولى تنظيم الشؤون الدينية". وأكد سعيّد أنّ هذه الأرقام "ليست مزيفة، ولم يضعها أشخاص من مكاتب أو جهات".

ولاقت الدعوة لاستشارة شعبية إلكترونية انتقادات من المعارضة، التي اعتبرتها "تنفيذًا لبنود الأجندة الخاصة للرئيس قيس سعيّد "بالاعتماد على إمكانيات الدولة"، كما دعت مكونات سياسية أخرى إلى مقاطعتها، لأنها "غير شفافة ومن شأنها الالتفاف على إرادة التونسيين"[11].

من جهة أخرى، ما تزال المعارضة التونسية ترى أن إجراءات قيس سعيّد الاستثنائية أدخلت البلاد في نفق مظلم، وأن بداية الحل للأزمة هو الدخول في حوار وطني شامل وليس استكمال المسار الذي بدأه قيس سعيّد في 25 يوليو.

وقد عقد البرلمان التونسي المعلقة أعماله اجتماعًا افتراضيًّا، في 27 يناير، دعا خلاله رئيس البرلمان (المجمد)، راشد الغنوشي، إلى حوار وطني شامل على أن يسبق ذلك إلغاء الأوامر الرئاسية الأخيرة التي أصدرها سعيّد، واصفًا تلك الأوامر بأنها سببت تعميق أزمات البلاد[12].

ومؤخرًا، اتخذ قيس سعيد قرارات جديدة، لا تتقاطع بالكلية مع أي نداءات من المعارضة، كان آخرها قرار حل المجلس الأعلى للقضاء.

حل مجلس القضاء الأعلى:

أعلن قيس سعيّد في كلمة بثتها رئاسة الجمهورية التونسية، 6 فبراير 2022، حلّ المجلس الأعلى للقضاء، معتبرًا أنه يخدم أطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام، كما ورد في تسجيل فيديو نشرته رئاسة الجمهورية[13].

وقال سعيّد خلال زيارة إلى مقر وزارة الداخلية: "ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي"، مشيرًا إلى أنه "أصبحت تباع فيه المناصب، بل ويجري وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناءً على الولاءات".

وأوضح رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس يوسف بوزاخر لوكالة رويترز البريطانية، إن قوات الشرطة أغلقت أبواب المجلس بأقفال حديدية، ومنعت الموظفين من دخوله، وذلك بعد تصريحات الرئيس قيس سعيّد، التي قال فيها إن المجلس بات من الماضي.

كما أضاف سعيّد: "سنعمل على وضع مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء"، مؤكدًا أن "أموالًا وممتلكات تحصل عليها عدد من القضاة المليارات المليارات، هؤلاء مكانهم المكان الذي يقف فيه المتهمون".

والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية "ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية"، حسب الدستور. ومن بين صلاحيات المجلس اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء.

وقد لقى القرار الذي اتخذه سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء معارضات، حيث رأى معارضو الرئيس أنه خطوة غير دستورية أخرى تُضاف إلى سجل قراراته الفردية التي تهدد الديمقراطية والمسار الدستوري في تونس.

في حين رأى مؤيدوه أنها خطوة صائبة للتخلص من نفوذ حركة النهضة "الإخوان" في مؤسسات الدولة.

وقال عبد المجيد بلعيد القيادي في "حركة تونس إلى الأمام" إن "الرئيس قيس سعيّد يلتقط اللحظة مرة أخرى مثلما فعلها في 25 يوليو بحل مجلس الخراب (البرلمان)، ليحل هذه المرة المجلس الأعلى للقضاء، وهو مجلس خراب آخر يسيطر عليه التنظيم العالمي للإخوان المجرمين وفرعهم في تونس"، وفق تعبيره[14].

وتابع في تصريحات لموقع "العين" الإماراتي: "اليوم وبعد 10 سنوات من المماطلة والتسويف ومحاولة بعثرة الملف وسرقة بعض الوثائق، يفاجئنا الرئيس قيس سعيّد مثلما استجاب للشعب في يوليو، ويحل المجلس الأعلى للقضاء، ويأخذ بزمام الأمور، ويكشف حقائق الاغتيالات السياسية والكوارث التي نفذها الإخوان بحق الشعب.

وبدوره، قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، إن حزبه يطالب منذ مدة بتحرير القضاء من كل محاولات وضع اليد عليه من قبل الإخوان. وأكد أن القضاء بدأ يتحرر من قبضة حركة النهضة ويذهب في اتجاه كشف الحقيقة للتونسيّين.

في المقابل، أعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، عن قلقه إزاء قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء في تونس، مشددًا على أهمية استقلال القضاء[15].

وقالت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم بوريل: "نتابع بقلق تطوّر الوضع في تونس، بما في ذلك ما أعلنه رئيس الجمهورية أخيرًا لجهة حل المجلس الأعلى للقضاء".

وأضافت مصرالي: "مع كامل احترامنا لسيادة الشعب التونسي، نذكّر مجددًا بأهمية الفصل بين السلطات واستقلال القضاء باعتبارهما عنصرين أساسيّين لديمقراطية البلاد واستقرارها وازدهارها".

واعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي نزار مقني أن "هذا الإجراء في لحظة من اللّحظات كان ضروريًّا، لكن طريقة الحل المباشر من قبل الرئيس سعيّد متعسفة من سلطة على سلطة أخرى"[16].

وأضاف: "في محصلة نهائية، يبدو أن الدّافع الرئيسي لإصرار سعيّد على قراره هو إتمام القطيعة النهائية مع منظومة ما قبل 25 يوليو لأنها وجّهت القضاء لخدمة أغراض سياسية لا لخدمة الشعب".

من جهته، يرى الصحفي والمحلل السياسي صالح عطية، أن "سعيّد حلّ البرلمان والحكومة قبل سبعة أشهر واستحوذ على السلطة التنفيذية بشقيها، كما وضع يده على السلطة التشريعية، لتبقى السلطة القضائية العائق الأخير للتحكم والاستحواذ".

واعتبر أن "الرئيس يريد تعليق فشله لأشهر منذ يوليو 2021 على شماعة القضاء الذي طالب بتطهيره باسم إرادة الشعب الذي لم يخرج في يوم من الأيام للمطالبة بحل المجلس الأعلى للقضاء".

وأوضح عطية أن "المجلس الأعلى للقضاء لا يدير المحاكمات ولا يباشر القضايا وصبغته ترتيبية وتنظيمية، ورقابية بالأساس، وهنا الأمر واضح وجلي؛ فالرئيس يريد تصفية خصومه بقضاء التعليمات وليعود إلى مرحلة الاستبداد الذي يوجه الأوامر وفق دوافعه ورغباته الشخصية".

وفي نفس السياق، يعتبر المحلل السياسي بولبابة سالم، أن "السّبب الحقيقي لمُضي الرئيس سعيّد في قرار حل المجلس الأعلى للقضاء هو رفض هذا المجلس لقانون الصلح الجزائي الذي اقترحه سعيّد".

و"الصلح الجزائي هو "مرسوم قانون اقترحه سعيّد على مجلس القضاء أواخر عام 2020، لإرساء صلح جزائي مع "من تورطوا في قضايا الفساد ونهب ثروات ومقدرات البلاد والملك العام طيلة السنوات الماضية".

 وأشار سالم إلى أن "المجلس قال حين عرض مرسوم القانون إنه يحتاج محاكم مختصة، ولم يتقبله بالصيغة التي عرض بها، الأمر الذي دفع الرئيس لشن هجمات متتالية على المجلس قبل أن يصدر قرارًا بحله، في جانب أول لدوافع سعيّد لحل الأعلى للقضاء".

وتوقع سالم أن تكون التركيبة الجديدة للمجلس، في "صفّ الرئيس ومؤتمرين بأوامره، عكس التركيبة المنتخبة (التي جرى حلها) المتكونة من 45 عضوًا بين قضاة ومحامين قبل أشهر من موعد انتخابات المجلس".

على خطى مصر.. تونس تلاحق حركة النهضة:

منذ أعلن سعيّد عن الإجراءات التي اتخذها في 25 يوليو، بدأت معركة جديدة مع حركة النهضة، وقد اهتمت الصحف ووسائل الإعلام بتغطية قرارات الرئيس المتتابعة في إطار التخلص من نفوذ حركة النهضة، وكان آخرها حل مجلس القضاء الأعلى.

ومنذ حل البرلمان، أعلن زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، أنه سيتبع المسار السياسي السلمي في رفضه لقرارات سعيد، ودعا مرات عديدة إلى الحوار مع الرئيس، كما دعا إلى ضرورة عودة البرلمان باعتباره جهة شرعية منتخبة يجب أن تعود إلى عملها الدستوري، إلا أن ذلك ووجه بالرفض من قبل الحكومة.

وليس ذلك فحسب، فقد خاض النظام التونسي، ممثلًا في قيس سعيّد، بالإضافة إلى بعض الدولة العربية التي تتبنى محاربة الإخوان مثل مصر والإمارات حربًا بجانب الرئيس على حركة النهضة باعتبارها الذراع الإخوانية في تونس، وفق نظرتهم.

ويبدو ذلك واضحًا في الصحف والقنوات الفضائية التابعة لتلك الدول، التي لطالما وصفت النهضة خلال الأشهر السابقة بأنها "حركة إرهابية"، وطالبت الرئيس قيس سعيّد بمحاكمة راشد الغنوشي وقيادات "النهضة"، سيرا على خطى مصر في محاربة جماعة الإخوان، وفق تقديرهم.

في كلمة له في 14 فبراير، صرح النائب عن حركة النهضة في البرلمان التونسي المجمّد، يسري الدالي، ما وصفته وسائل الإعلام بالتحريض ضد رجال الشرطة والجيش خلال مظاهرة لحركة النهضة، ما أثار سخط التونسيين.

وقال الدالي صراحة في كلمة أمام المتظاهرين المعارضين لقيس سعيّد، إنه "سيجري محاسبة كل القوات الحاملة للسلاح من شرطة وحرس وجيش والمساندين للرئيس التونسي قيس سعيّد"، واصفًا إيَّاهم بـ"داعمي الانقلاب".

ونشر موقع "ملفات عربية" تقريرًا حول مدى استعداد حركة النهضة لمواجهة الجيش والشرطة في تونس بعد عزلهم من السلطة، سيرًا على نهج إخوان مصر[17]، مستشهدين بتصريحات هذا النائب "يسري الدالي" الذي أفاد فيه بمحاسبة كل من يقف خلف الرئيس قيس سعيّد، وهو ما اعتبره الداعمين له تهديدّا مباشرًا باستخدام العنف.

كما سلطت وسائل إعلام عربية كذلك الضوء على حركة النهضة، ونشرت "سكاي نيوز عربية" تقريرًا تحت عنوان: "الغنوشي في مرمى الغضب الشعبي.. ودعوات إلى محاكمته"[18].

وفجر الغنوشي موجة من الغضب والانتقادات في الأوساط السياسية والأمنية، وذلك عندما وصف أعوان الأمن والجيش في تونس بالطواغيت، وذلك في أعقاب تأبينه أحد القيادات الإخوانية خلال موكب الجنازة.

وظهر الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان وهو يعدد مناقب تأبين القيادي فرحات العبار، قائلًا إنه "كان لا يخشى حاكمًا ولا طاغوتًا".

ليفرز ذلك التصريح سيلًا من التفاعلات على منصات التواصل الاجتماعي وموجة غضب من جانب أتباع قيس سعيد الذين طالبوا بمحاكمة الغنوشي بتهمة المس بالأمن والجيش التونسيين والتحريض على التعدي عليهم.

وفيما تحدثت مصادر إعلامية مختلفة بأن النقابات الأمنية تعتزم مقاضاة رئيس حركة النهضة بسبب لفظ "الطاغوت"، تتالت التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة تصريحات الغنوشي حتى وإن لم تكن في سياق رسمي.

وتعليقًا على الجدل الذي أثاره تصريح الغنوشي، قال محمد بوعود الصحفي والمحلل السياسي المؤيد لقيس سعيّد إن "مصطلح الطاغوت في حد ذاته يرمز إلى القوات الحاملة للسلاح وللزي النظامي، أي إلى الأمنيّين والعسكريّين، وهي تستعمل أساسًا في التنظيمات الإسلامية".

لكن العودة إلى استعمال هذه العبارة من قبل راشد الغنوشي ليست خطأ غير مقصود أو لفظًا عفويًّا في التعبير بقدر ما هي إضمار لما في الداخل، وفق قوله.

كما قال بوعود: "بالأمس عندما كان في السلطة، يعتبر الغنوشي هؤلاء الأمنيين أو من يسميهم الطاغوت جنده وأدواته، واليوم حين أصبح خارجها عاد إلى الأصل وإلى المكانة التي تربى على أدبياتها وهي التي لا تعترف بالدولة ولا بالأمن ولا بالجيش بل تعتبرهم أعداء".

بينما اعتبر الصحفي سرحان الشيخاوي أن ما قاله الغنوشي يثير تساؤلات حول حقيقة فصل "النهضة" بين الدعوة والسياسة مثلما جرى الترويج لذلك بعد 2016، ويحيل إلى توسيع نقاط تقاطع الحركة خطابيًّا مع تنظيمات "متشددة" تستخدم نفس المصطلح في وصف العناصر الأمنية والعسكرية.

ويشير التقرير الذي نشرته "سكاي نيوز عربية" الإماراتية وتناوله عدد من وسائل الإعلام إلى لغة الخطاب الرامية إلى الاتهام بالإرهاب والعنف، وذلك لمجرد كلمات أطلقها قيادي في الحركة أو رئيسها، في دلالة على ضرورة التخلص منها وفق ما يراه التيّار الداعم لقيس سعيّد، رغم مسارها السلمي في العمل السياسي.

كما أشارت بعض الأصوات المؤيدة لقيس سعيّد أن الأزمة الاقتصادية في تونس السبب الرئيس فيها هي "حركة النهضة"، ويتحملون معاناة الشعب التونسي، بحجة بقائهم في الحكم خلال الفترة الماضية، وفق قولهم.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية طاحنة، حيث ارتفع حجم الدين إلى مستويات قياسية بـ101 مليار دينار (35.1 مليار دولار) بنهاية العام 2021، وبلغت نسبة المديونية حدود 85.6 بالمئة من الناتج المحلى الإجمالي مقابل 79.5 بالمئة في 2020.

 وتخطط تونس لخفض عجز الميزانية إلى 7.7 بالمئة في عام 2022 من 8.3 بالمئة في عام 2021 بحسب وثيقة حكومية، لافتة إلى أن النمو الاقتصادي سينخفض إلى 2.6 من 2.8 بالمئة متوقَّعة هذا العام.

وتأخر صرف رواتب ديسمبر 2021، في الوقت الذي أعلن فيه معهد الإحصاء الوطني التونسي في مستهل يناير 2022 أن معدل التضخم السنوي في تونس ارتفع إلى 6.6 بالمئة نهاية 2021 مواصلًا صعوده.

وبلغ التضخم السنوي 6.4 بالمئة في نوفمبر، و6.3 بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول 2021. وقال المعهد، إن نسبة التضخم في ذلك العام بلغت 5.7 بالمئة، ارتفاعًا من 5.6 بالمئة في 2020.

وفي منتصف يناير 2021، أكد ممثل صندوق النقد الدولي في تونس، جيروم فاشيه، أن هذا البلد الذي تسعى للحصول على تمويل من مصادر دولية، بحاجة إلى إجراء "إصلاحات عميقة جدًا" لا سيما خفض حجم قطاع الوظيفة العامة الذي يبلغ "أحد أعلى المستويات في العالم".

كما نشر موقع "البوابة نيوز" تقريرًا حول الأزمة في تونس، والصدام الحالي بين قيس سعيّد وحركة النهضة، في إشارة إلى الإجراءات التي يستمر الرئيس التونسي في اتخاذها على المستوى الداخلي[19].

وأشار التقرير إلى الإجراءات التي يتخذها سعيّد على الصعيد الاقتصادي.

ويسعى إلى رفع الدعم وتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي، وتسعى تونس إلى الهروب من أزمتها، بالحصول على قرض من البنك الدولي، قيمته 4 مليارات دولار، بحلول أبريل/نيسان 2022، في الوقت الذي يبدأ فيه نظام الرئيس قيس سعيّد خطوات جدية في إزالة "الدعم" عن كاهل الدولة التونسية التي تعاني من الديون التي بلغت نسبتها 85.6 بالمئة من الناتج المحلي، بعد 11 عامًا من وقوع البلاد في "براثن حكم الإخوان"، كما يصف التقرير. 

وأرجع الرئيس قيس سعيّد، الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس إلى سوء إدارة المرحلة السابقة وانتشار الفساد، فضلًا عن تداعيات الأوضاع الأمنية في المنطقة.

الحالة الليبية

ما تزال الأزمة في ليبيا تشهد تصعيدًا بعد فشل إجراء الانتخابات في نهاية العام 2021، والتي كانت مقررة سلفًا، وحدد على إثرها مدة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، حيث تسببت الخلافات على الساحة الليبية في عدم إجراء الانتخابات في موعدها ما أدى إلى تنامي الخلافات من جديد.

كان تعطل الانتخابات مؤشر جديد على شدة الخلاف في دولاب السياسة الليبية والنزاع القائم بين جبهتيْ الشرق والغرب، بين الحكومة بقيادة عبدالحميد الدبيبة من جانب، واللواء المتقاعد خليفة حفتر والبرلمان من جانب آخر، مع اختلاف الداعم الدولي لكل منها.

وحاول برلمان طبرق بعدة طرق القفز على الطريقة القانونية للانتخابات، من خلال تشريع قانون الانتخابات، متجاوزًا الاتفاق السياسي[20]، ليشمل نصوصًا تسمح لحفتر بالترشح، وتعيق الدبيبة، غير أن الأخير تمكن من تقديم أوراق ترشحه.

وبعد حالةٍ من الجدل حول استمرار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة من عدمه، وتمسّك الأخير بمهام عمله إلى حين إجراء انتخابات شاملة في ليبيا، قرر مجلس النواب تكليف فتحي باشاغا برئاسة الحكومة، وهو ما أشعل جذوة الخلاف من جديد بين الدبيبة ومجلس النواب.

ليبيا بين حكومتين.. تكليف باشاغا واعتراض الدبيبة

أصدر مجلس النواب، في 10 فبراير قراره رقم (1) لسنة 2022، والذي نصّت المادة الأولى منه على أن "يكلف فتحي علي عبدالسلام باشاغا رئيسًا للحكومة الليبية[21]، وذلك بعد خمسة أيام من تصويت المجلس على اختياره للمهمة خلفًا لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.

ونصّت المادة الثانية من القرار على أن "يتولى رئيس الحكومة المكلف تشكيل حكومته وتقديمها إلى مجلس النواب لنيل الثقة في أجل أقصاه خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور قرار مجلس النواب". وشددت المادة الثالثة على العمل بالقرار من تاريخ صدوره في 10 فبراير وإلغاء كل حكم يخالفه وينشر في الجريدة الرسمية.

وإلى جانب تكليف باشاغا بتشكيل الحكومة الجديدة، أقر مجلس النواب خلال الجلسة، التعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري، الذي يقضي بتشكيل لجنة لتحديد ومراجعة المواد الخلافية في مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة التأسيسية، أو إقرار قاعدة دستورية تمهيدًا لإجراء الانتخابات، وذلك بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة.

وعلى الرغم من هذا الإعلان من البرلمان، فإن حسم هذه المسألة ما زال محل شك، بسبب عدم وجود توافق نهائي بشأنها مع مجلس الدولة، على الرغم من تصريح المتحدث باسم البرلمان، عبدالله بليحق، بأن "لجنة خريطة الطريق المكلفة من قبل مجلس النواب التقت اللجنة المختصة من مجلس الدولة بمقر ديوان مجلس النواب، في مدينة طبرق، وانتهى اللقاء إلى التوافق على الصيغة النهائية للتعديل الدستوري".

لكن الناطق الرسمي باسم مجلس الدولة، محمد عبدالناصر، سرعان ما نفى التوصل إلى اتفاق بين رؤساء اللجنتين، فيما يتعلق بالمادة الخامسة من التعديل الدستوري.

وكان فتحي باشاغا قد وصل ليل 10 فبراير إلى العاصمة طرابلس بعد أن صوت البرلمان في مدينة طبرق شرق ليبيا بالأغلبية على تكليفه بتشكيل الحكومة التي سيقدمها في وقت لاحق لتنال الثقة من البرلمان. 

وقال باشاغا: "نحن اليوم نبدأ صفحة وطنية جديدة عنوانها السلام والمحبة، لا مكان فيها للأحقاد، وسأعمل على أن أكون عند حسن الظن، ونشكر حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة لقيادتها البلاد في مرحلة صعبة".

وأرسل باشاغا رسائل طمأنة أخرى للداخل والخارج، تعهد فيها بأن يكون عند حسن الظن، قائلًا إنه "لن يترك مجالًا للظلم والانتقام والكراهية، وسنفتح صفحة جديدة، وسنتعاون دائمًا مع مجلسيْ النواب والدولة ونطوي صفحة الماضي".

كما أضاف باشاغا في مؤتمر صحفي أقامه عند وصوله لمطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس: "علاقتنا مع كل دول العالم ستكون مبنية على الاحترام المتبادل وسنتعامل بشكل دائم مع مجلس النواب ومجلس الدولة".

وأكد باشاغا في مقال له نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" الأميركية، إن "الأولوية بالنسبة إليه ستكون تلبية الحاجات الملحة للمواطنين، والوصول الآمن إلى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية"[22].

وأضاف: "كما هو معلن في خريطة الطريق التي وضعها البرلمان، سأضمن استكمال الانتخابات بموعد أقصاه 14 شهرًا، ويجب أن نعمل من أجل انتخابات موثوقة وآمنة وشاملة، وسيكون هذا هو هدفي الأهم كرئيس للوزراء، بعد أن واجهت عمليتنا الانتخابية الأخيرة بعض الصعوبات الأمنية، بما فيها حماية بيانات المواطنين".

من جانبه، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، أنه ما يزال يمارس عمله وفق مدد خارطة الطريق المحددة بـ18 شهرًا، مشيرًا إلى أن حكومته لن تسلم السلطة إلا لجهة منتخبة. 

وأضاف الدبيبة في مقابلة تلفزيونية مع قناة "ليبيا الأحرار" بُثت بعد وصول رئيس الحكومة الجديد المكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، أن "المجلس الرئاسي الليبي هو صاحب الاختصاص في تغيير رئيس الحكومة وفقًا للاتفاق السياسي الأخير"[23].

وجدد الدبيبة تعهده برفض تسليم السلطة، لغير رئيس وزراء منتخب، معلنًا خطة لإجراء الانتخابات في يونيو/حزيران، وذلك بعد أسابيع من اختيار مجلس النواب فتحي باشاغا بديلًا له[24].

وفي الوقت الذي باشر فيه باشاغا مشاوراته السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، خصوصًا مع الأطراف النافذة في بنغازي وطرابلس، وصولًا إلى طبرق، دعا الدبيبة إلى تظاهرات عارمة في 17 فبراير الذي يصادف الذكرى السنوية للثورة الليبية، بالتزامن مع انقسام صف الكتائب العسكرية في الغرب الليبي، الذي كان موحدًا في دعم رئيس الوزراء الجديد، قبل أن تشقه مجموعات عسكرية أعلنت رفضها تنصيبه وحل الحكومة الحالية[25].

وبدأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقال عبدالحميد الدبيبة، في حشد مناصريه للوقوف ضد قرار البرلمان تكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيسًا لحكومة جديدة، ومحاولة فك العزلة التي حاصرته، بعد مناصرة معظم الأطراف السياسية والعسكرية في شرق ليبيا وغربها قرار البرلمان.

ونجح الدبيبة في جمع حشد مناصر له بمدينة مصراتة، وألقى كلمة قال فيها إنه "لن يسلم السلطة، ولن يتنازل عن مبادئ ثورة 17 فبراير"، مضيفًا أن "ليبيا استحوذت عليها خلال السنوات الماضية طبقة سياسية تسعى للتمديد لنفسها ثم تعود للحرب والاقتتال، والحروب في ليبيا تختلف، لكن المسؤولين عنها الوجوه والأسماء نفسها".

وأشار إلى أنه "باشر في التشاور مع عدد من الأطراف المحلية لإقامة الانتخابات والاستفتاء على الدستور، وفق خطة (عودة الأمانة للشعب)، التي سيعلن عنها في 17 فبراير"، داعيًا "الشعب الليبي للخروج للساحات والمطالبة بحقه في إجراء الانتخابات".

كما دعا الدبيبة، مجلس النواب والدولة، للاستماع إلى الشعب وأن يدفعوا بالانتخابات، قائلًا: "نعم للانتخابات، لا للمراحل الانتقالية"[26].

ولم يكتف رئيس حكومة الوحدة الوطنية بحشد الناس حوله بخطاب تعبوي، بل استخدم سلطته المالية لتقديم سلسلة من خطط الإنفاق التي تحظى بشعبية واسعة، ما أثار حفيظة خصومه.

ووعد بتوزيع 50 ألف قطعة أرض، و100 ألف وحدة سكنية على الشباب، وتقديم قروض، وعلاج جرحى الحروب في الداخل والخارج، وتوزيع بطاقات التأمين الصحي للمتقاعدين.

وبهذه الخطوات التي رافقتها تغطية إعلامية محلية واسعة، أظهر الدبيبة، أن الشريحة الأكبر من الرأي العام في المنطقة الغربية تدعمه.

كما ألقى فيصل الشريف عضو الفريق الاستشاري والإعلامي للدبيبة، بيانًا في المتظاهرين، باسم مدينة مصراتة بكل مكوناتها، أعلن فيه "رفضهم الحكومة الجديدة"، متوعدًا بأن "القوة العسكرية جاهزة للدفاع عن الشرعية"[27].

وقال في حضور الدبيبة: "نرفض ما صدر عن البرلمان من تشكيل حكومة جديدة موازية لحكومة الوحدة الوطنية، بالمخالفة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الليبي وخريطة الطريق المقرة في تونس وجنيف، والتي تقضي بالوصول إلى انتخابات لطالما انتظرها الشعب الليبي، من أجل اختيار من يحكمه بإرادته الحرة، قبل أن يخرج علينا مجلس النواب بقراره الذي مدد فيه لنفسه مرحلة انتقالية جديدة، من شأنها أن تزيد من معاناة الليبيّين وتطيل من أزمتهم".

وفي مقابلة له، قال المدير العام لمجلس التطوير الاقتصادي والاجتماعي، رئيس حزب "العمل الوطني" الليبي، محمود الفطيسي، إن هناك وساطات داخلية وخارجية الآن تبحث عن حل وسط لإنهاء الأزمة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ووزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا، الذي كلفه البرلمان بتشكيل حكومة جديدة[28].

وأوضح الفطيسي أن مجلس أعيان وحكماء بلدية مصراتة (شرق العاصمة طرابلس) يسعى في هذا الاتجاه، وقد اجتمع مع الطرفين (الدبيبة وباشاغا) بالفعل، ويريد تقريب وجهات النظر بينهما، لافتًا إلى أن هناك دعوة تركية للرجلين للقاء يجمع بينهما في أنقرة.

وحول سؤاله عن خطوة مجلس النواب بتكليف باشاغا على أنها خطوة لتكون بمثابة محاولة لشق صف مدينة مصراتة عبر استخدام بعض أبنائها في تنفيذ مشروع يهدف إلى "تمكين الانقلابيين" من السيطرة على طرابلس، قال الفطيسي: "بالطبع قد تكون هناك أهداف خفية حول هذا القرار".

لكن الظاهر - كما يرى البعض - أن هناك اتفاقًا بين الشرق الليبي وغربه، باعتبار فتحي باشاغا شخصية قوية في الغرب الليبي، وحفتر شخصية قوية في الشرق، ومن خلال التقارب بينهما يتم توحيد البلاد، وفق قوله.

وأضاف الفطيسي: "هناك مَن يرى أن باشاغا ربما يكون جسرًا لدخول حفتر إلى المنطقة الغربية، وهو ما ترفضه القوات العسكرية رفضًا باتًّا، حتى في مصراتة نفسها، والتي انقسمت بين أقلية مؤيدة لباشاغا، وأغلبية كبيرة جدًّا رافضة له".

وهو ما يعني عدم التأثير الكبير على موقف مصراتة أو المنطقة الغربية بشكل عام، والخاسر الوحيد والرئيسي من هذا القرار هو فتحي باشاغا، الذي خسر كثيرًا جدًّا من قاعدته الشعبية، وفق قوله[29].

انقسام داخل مجلس الدولة حول تكليف باشاغا

يشهد التقارب والاتفاق بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة حول خريطة طريق المرحلة المقبلة بوادر انهيار.

وهذا بعد أن برزت على السطح ملامح انقسام حاد في مواقف أعضاء المجلس الأعلى للدولة من خريطة الطريق، خاصة حول قراريْ مجلس النواب بشأن تغيير الحكومة، والتعديل الدستوري.

قال رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، خلال بيان في 16 فبراير إن "إصدار مجلس النواب قرارًا بتكليف رئيس جديد للحكومة، قبل عقد جلسة رسمية لمجلسه، إجراء غير سليم لا يساعد على بناء جسور الثقة بين المجلسين"[30].

وبالتزامن مع ذلك، التقى المشري، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، وقال المجلس في بيان له إن "اللقاء شهد التأكيد على ضرورة استمرار التشاور والتوافق بين جميع الأطراف والتأسيس للمصالحة الوطنية الشاملة، وصولًا إلى الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية وتحقيق الاستقرار الدائم في البلاد".

من جهتها، قالت ويليامز في تغريدة على تويتر، إن اللقاء شهد التأكيد على "ضرورة استمرار المشاورات والتوافق بين جميع الفاعلين السياسيين للحفاظ على الهدوء والاستقرار، والتأسيس لمصالحة وطنية شاملة للوصول إلى الانتخابات الوطنية"[31].

وتحدث البيان عن تراجع المشري عن اتفاقه مع مجلس النواب بشأن تكليف باشاغا لتشكيل حكومة جديدة، بعد أن أبدى حماسة للقرار وقت صدوره، ودافع عنه في بيان رسمي.

وسبق بيان المشري ظهور بوادر انقسام داخل مجلس الدولة في شأن التغيير الحكومي الذي صوت عليه البرلمان، وتمثل ذلك في صدور بيانين متعارضين من أعضاء داخل المجلس.

البيان الأول وقعه 54 عضوًا تأييدًا لبقاء الدبيبة رئيسًا للحكومة[32]، وجاء فيه بشأن ما صدر عن مجلس النواب بجلسته المنعقدة في 10 فبراير أن "ما صدر عن مجلس النواب لا يعد إلا مقترحات الى حين نقاشها والتصويت عليها بجلسة رسمية ومعلنة بالمجلس الأعلى للدولة".

وأشار إلى أن "التعديل الدستوري الثاني عشر، أقر من مجلس النواب قبل عرضه بصيغته النهائية في جلسة رسمية بالمجلس الأعلى للدولة".

وبين أن "التعديل الدستوري المقترح جاء مخالفًا للمادة 12 من الاتفاق السياسي والمادة 36 من الإعلان الدستوري بشأن آلية التصويت بالأغلبية الموصوفة وليس المطلقة كما صرح بذلك رئيس مجلس النواب في الجلسة المنقولة على الهواء".

وأضاف البيان: "نضم أصواتنا إلى مطالب شعبنا المشروعة، وندعو شركائنا من أعضاء مجلس النواب وزملائنا بالمجلس الأعلى للدولة بالعمل على إنهاء هذه المراحل من المعاناة وعدم الاستقرار والانقسام وتفادي اجترار الفشل، وذلك بالتوافق على انتخابات برلمانية خلال مدة لا تتجاوز نهاية شهر يوليو 2022 وتكون من مهام البرلمان القادم استكمال المسار الدستوري وتكليف حكومة وتوحيد المؤسسات".

أما البيان الثاني الذي وقعه 75 نائبًا دعمًا لباشاغا، فقد تداولت وسائل إعلام محلية بيانًا حمل 75 اسمًا من أسماء أعضاء مجلس الدولة، أعلنوا فيه تأييدهم قراريْ مجلس النواب بشأن تغيير الحكومة، وتضمين التعديل الدستوري في الإعلان الدستوري.

وأكدوا أن ما صدر عن مجلس النواب، خلال الجلسة الأخيرة "يُعد تفاهمات رسمية جرى نقاشها والتصويت عليها بجلسة رسمية بالمجلس الأعلى للدولة"[33].

وذكر بيان الأعضاء الـ75، أن التعديل الدستوري الذي ضمّنه مجلس النواب في الإعلان الدستوري أُقرّ من لجنتيْ خارطة الطريق بالمجلسين بـ"بصيغته النهائية قبل تصويت مجلس النواب".

وطالب مجلس الدولة بضرورة عقد جلسة للتصويت عليه، على اعتبار أن مجلس النواب صوّت على ما جرى التوافق عليه بين لجنتيْ خارطة الطريق بمجلسي النواب والدولة، وبنفس الصياغة.

وأكد البيان أن آلية اختيار رئيس الحكومة الجديد "وُضِعت بالاتفاق بين المجلسين بأن يحصل المرشح على ثلاثين تزكية من أعضاء مجلس الدولة، وأربعين من أعضاء البرلمان، وهذا ما تحقق فعلًا".

وأوضح أن فتحي باشاغا حصل على أكثر من خمسين تزكية من أعضاء مجلس الدولة، "وبالتالي، فإن دور مجلس الدولة قد انتهى في ما يتعلق بتغيير السلطة التنفيذية".

وأكدت عضو المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، صحة بيان الـ54 عضوًا، وقالت، إن "هذا البيان هو الصحيح، أما البيان الذي يحمل توقيع 75 عضوًا فهو مزور، وتتحمّل رئاسة المجلس مسؤوليته"[34].

وعلق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، على البيانين المتعارضين، قائلًا إن "جلسة المجلس المقبلة قد تشهد رفضًا لقرارات البرلمان، بعد اتساع دائرة الرافضين داخله لتلك القرارات، إلى جانب طريقة إدارة مجلس الدولة التي لا يوافق عليها عدد كبير من الأعضاء"[35].

وعلى الرغم من أن تصريحات المشري الجديدة تعتبر تراجعًا عن موقفه من تعيين باشاغا رئيسًا للوزراء، فإن مقدماته كانت موجودة منذ بداية مارس عندما قال مجلس الدولة، في بيان، إن "قرارات تغيير رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة والتعديل الدستوري، غير نهائية"، ما أثار تكهنات واسعة بأن التوافق بين البرلمان والمجلس عرضة للتقويض في أي وقت.

وقال مجلس الدولة، في بيان نشره مكتبه الإعلامي، إن "التعديل الدستوري الثاني عشر الصادر عن مجلس النواب، وكذلك تغيير رئيس الوزراء، عليهما كثير من الملاحظات، لذا فهما غير نهائيين".

هذا التغيير المفاجئ في موقف المشري وعدد من أعضاء المجلس، أثار غضب شركائه في العملية السياسية بمجلس النواب ولجنة الحوار السياسي، وحتى من الجزء الأكبر من أعضاء مجلسه كما ظهر في البيان الذي أصدره 75 عضوًا رفضوا فيه التراجع عن الاتفاق مع البرلمان.

في السياق، رأى عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، أن "بيان الـ 54 عضوًا من أعضاء مجلس الدولة الرافض للتوافق بين البرلمان والمجلس وتعيين باشاغا رئيسًا للحكومة لا قيمة له".

واعتبر عضو مجلس النواب، عبدالمنعم العرفي، أن "الخلاف والانقسام الحاصل بين أعضاء مجلس الدولة الاستشاري لا يقدم ولا يؤخر، فرئيس الحكومة جرى اختياره، وتمّ التعديل الدستوري بين لجنتيْ البرلمان والدولة".

الحالة الإماراتية

تتخذ العلاقة بين تركيا والإمارات شكلًا جديدًا بعد خطوات التقارب المتسارعة التي بادر الطرفان باتخاذها عن طريق الزيارات المتبادلة، والتي كان آخرها زيارة الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان إلى الإمارات في 14 فبراير والتي جاءت بعد عدد من الزيارات التي أجراها مسؤولون في أبوظبي إلى أنقرة خلال الأشهر السابقة.

التقارب التركي الإماراتي:

تتغير التحالفات السياسية نتيجة إعادة ترتيب العلاقات لدول الإقليم فيما بينها، وكذا علاقاتها مع العالم الخارجي، إذ تحاول كل دولة في الإقليم التنسيق لشراكات جديدة تضمن مصالحها الإستراتيجية واستقرارها الداخلي، وهو ما أدى إلى ظهور عدد من السياقات لخريطة تقاربات وتفاهمات جديدة بين دول الإقليم المختلفة.

ومن أبرز هذه التغيرات، تغير الإدارة الأميركية حيث انعكست نتائج انتخابات الولايات المتحدة التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 على الساحة الداخلية للمنطقة العربية وجوارها.

إضافة إلى تحسن العلاقات الخليجية، حيث أسهمت سياسة الولايات المتحدة وانسحابها من المنطقة في إعادة رسم علاقات الدول العربية وتجديدها بما يتلاءم مع الوضع المستجد؛ فظهرت تقاربات داخل البيت الخليجي، ووُقعت اتفاقية "العلا" المنهية للخلاف الخليجي[36]، واتجهت دول مثل مصر وقطر نحو التفاهمات السياسية[37]، ووقعت السعودية وعمان عددًا من اتفاقيات التعاون فيما بينها، وغيرها من التفاهمات العربية-العربية.

بالإضافة إلى تغير إستراتيجية تركيا في العلاقات مع المحيط الإقليمي في الفترة السابقة كذلك، حيث تسعى أنقرة لتحسين علاقاتها مع الدول المنافسة لها في الشرق الأوسط وعلى رأسها الإمارات ومصر وإسرائيل.

ويرى مراقبون أن هناك جملة متغيرات جيوستراتيجية تدفع أنقرة لتحسين علاقاتها مع منافسيها الذين رحبوا بالتقارب التركي.

فقد رأت تركيا أن الوضع الإقليمي يدعوها إلى اتخاذ خطوات بعيدة عن عزلتها عن الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، كما يقول كريستيان براكيل، مدير مكتب إسطنبول لمؤسسة هاينريش بول الألمانية[38].

على وجه الخصوص بعد 2011، عام "الربيع العربي"، كانت تعتبر تركيا، إلى جانب المملكة العربية السعودية، إحدى القوى المركزية في المنطقة.

واتجهت تركيا بخطوات واضحة إلى فتح ملف العلاقات مع الإمارات ومصر على وجه التحديد في الآونة الأخيرة، خاصة بعد ثبوت حالة السلطوية في كلا البلدين وخفوت صوت الربيع العربي الذي كانت تدعمه أنقرة، كما أشار "براكيل".

ويقول أستاذ العلوم السياسية، "حقي تاش"، من معهد لايبنيتس للدراسات العالمية والإقليمية (GIGA) في هامبورغ: "أظهر الطرفان أنهما على قدر كبير من الثقة بالنفس عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية".

ويضيف: "في عدة نزاعات، من سوريا إلى اليمن إلى ليبيا، وقفا على طرفيْ نقيض. لن تحل هذه النزاعات في المستقبل المنظور. ومع ذلك، فإن العبء السياسي والاقتصادي المتسببان به يتزايد باطراد".

بالإضافة إلى ذلك، وبحسب تاش، ردت الإمارات على الانسحاب الأميركي من المنطقة بالاقتراب من تركيا. تمامًا مثل المملكة العربية السعودية، أرادت أبوظبي ملء فراغ السلطة بحلفاء جدد. وأحد الشركاء المحتملين هي أنقرة أيضًا[39].

وقد شهدت العلاقات الإماراتية التركية تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة بعد الزيارة الرسمية لولي عهد أبو‌ظبي محمد بن زايد إلى أنقرة في 24 نوفمبر 2021.

وقد سبق الزيارة عدد من المباحثات الهاتفية والحضورية على مستوى وزراء الخارجية ورؤساء الجهاز الأمني للبلدين، بهدف تقريب وجهات النظر لإعادة ترتيب الملفات البينية، وإنهاء الخلافات السياسية، وتعزيز فرص التعاون التجاري بينهما[40].

وتبع الزيارة تأكيد الرئيس التركي أردوغان حرص أنقرة على الارتقاء بعلاقاتها مع كل من المملكة العربية السعودية ومصر[41]، وسعيها لإجراء زيارات رسمية إلى الإمارات، وإقامة مباحثات رفيعة المستوى مع مسؤولين بحرينيين، وهو ما يعني دخول العلاقات العربية التركية مرحلة جديدة في مقوماتها وإستراتيجياتها.

ويمكن القول إن المصالح الاقتصادية المشتركة أسهمت في تذليل العقبات نحو مزيد من التفاهمات الإيجابية بين دول المنطقة، وهذا ما يظهر في المباحثات الإماراتية التركية.

فقد وقع الطرفان عند قدوم ولي عهد أبو ظبي إلى أنقرة عدة خطابات نوايا للاستثمارات في مجالات الطاقة والتمويل والصحة، فضلًا عن إنشاء الإمارات صندوقًا بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.

ولعل العامل الأهم الذي شجع البلدين على رفع مستوى علاقاتهما هو التطلعات الاقتصادية لكليهما والمخاطر التي تواجههما.

ففي السنوات الأخيرة واجهت تركيا صعوبة في الحصول على حصتها المستحقة من التجارة الدولية بسبب الصراعات والتوترات في مناطق القوقاز والشرق الأوسط وشرق أوروبا.

مزيد من التقارب.. زيارة الرئيس أردوغان للإمارات

أدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية للإمارات، في 14 فبراير 2022. ويأتي ذلك في سياق تعزيز التقارب بين البلدين بعد سنوات من القطيعة.

وعلى هامش الزيارة، وقع الجانبان مذكرة تفاهم في قطاعات الاستثمار والإعلام إضافة إلى التعاون في الصناعات الدفاعية.

وتأتي زيارة أردوغان التي استمرت يومين، وهي الأولى له منذ فبراير 2013، حينما كان رئيسًا للوزراء، بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة، وفيما تواجه الإمارات خطرًا أمنيًّا متزايدًا من قبل مليشيات الحوثيين في اليمن.

وكتب أردوغان في مقال نشرته صحيفة "خليج تايمز" الإماراتية قبيل وصوله إلى أبوظبي، أن "تركيا والإمارات يمكن أن يسهما معًا في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي"، مضيفًا: "سيكون لهذا التعاون انعكاسات إيجابية ليس فقط في العلاقات الثنائية ولكن أيضًا على المستوى الإقليمي"[42].

وأحدثت زيارة الرئيس التركي أردوغان لدولة الإمارات العربية المتحدة، للمرة الأولى بعد 9 سنوات، صدى واسعًا، واهتمت بها الصحافة العربية والغربية، إلى جانب الاهتمام الكبير للرأي العام الخليجي.

ويعود هذا الاهتمام الكبير بالزيارة إلى سببين رئيسين: أولهما اكتساب التحول في السياسة الخارجية الذي بدأته تركيا في الفترة الأخيرة زخمًا مع زيارة أردوغان للإمارات، والسبب الآخر هو الاتفاقيات الموقعة خلال الزيارة في مختلف القطاعات، مثل السياحة والصحة والتجارة والدفاع[43].

وقد شكلت فترة الربيع العربي التي بدأت عام 2010 مرحلة حساسة في العلاقات التركية الإماراتية، إذ أدى إصرار الدولتين خلال تلك الفترة على اتخاذ مواقف سياسية مضادة لبعضها البعض فيما يخص القضايا الإقليمية إلى قطيعة في العلاقات السياسية.

ورغم تسبب تناقض الرؤى حول القضايا الإقليمية في أزمات سياسية، فإن العلاقات التجارية بين تركيا والإمارات خلال تلك الفترة استمر في التقدم دون التأثر كثيرًا بالخلاف السياسي.

ومع ارتفاع تكلفة التنافس بين البلدين، بات ترميم علاقاتهما أمرًا حتميًّا، ومن الأمور التي سهلت مرحلة التطبيع بين تركيا والإمارات عدم وجود مشاكل جذرية بينهما مثل ما كانت تشهده علاقات أنقرة مع بعض الفواعل الإقليمية مثل إسرائيل.

وبعد التحسن الأخير في العلاقات، سيتيح التعاون الوثيق مع تركيا صاحبة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، فرصًا مهمة للإمارات التي تواجه صعوبة في المنافسة مع بعض الفواعل الإقليمية مثل السعودية التي تسعى لتخليص اقتصادها من الاعتماد على النفط.

كما أن زيارة أردوغان للإمارات قد لاقت اهتمامًا كبيرًا ومتابعة دقيقة من الصحافة الغربية والخليجية إضافة إلى الرأي العام الغربي.

وتربط الصحافة الغربية الزيارة بمساعي تركيا لتجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها في الفترة الأخيرة.

كما ترى التحليلات الصادرة في الغرب أن تراجع المخاوف من جماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط من جانب الدول المهتمة بالحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن مثل الإمارات يُعد من العناصر التي ساعدت على إذابة الجليد بين البلدين[44].

وقد نشر "معهد دول الخليج العربية بواشنطن" تحليلًا حول "دلالات التقارب الإماراتي التركي ومستقبله" للباحث في المعهد حسين عبيش[45]، يخلص فيه إلى أنه في ضوء تدهور حركة الإخوان المسلمين المزمن على ما يبدو، يجد "المتنمر" و"المبتدئ" سبلًا جديدة للتعاون.

واعتبر أن تراجع الإخوان المسلمين والجماعات المرتبطة بها كان من العوامل المهمة وراء هذا التقارب، وفق تقديره.

وأوضح الكاتب أن القوى الدافعة وراء خفض التصعيد والتقارب بين اللاعبين الأساسيين في الشرق الأوسط تتجلى بشكل واضح بالنظر إلى العلاقة المشحونة بين الإمارات وتركيا.

 فبعد عقد من الصراعات والمواجهة وجدت معظم القوى في الشرق الأوسط التي سعت إلى حالة عدم الاستقرار أنها تورطت في الصراعات أكثر مما ينبغي.

وخلال زيارة ولي عهد أبوظبي لتركيا، جرى تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في أنقرة، غداة تسجيل الليرة التركية انخفاضًا كبيرًا أمام الدولار.

ويرغب أردوغان في جذب استثمارات جديدة لبلاده التي تعاني من مستوى تضخم قياسي هو الأعلى منذ 2002.

وبلغت قيمة التجارة بين تركيا والإمارات في النصف الأول من عام 2021 أكثر من 7 مليارات دولار، بنمو بلغ 100 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بحسب إحصائيات إماراتية رسمية.

وتأتي تركيا في المرتبة الـ 11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثّل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري الثاني عشر لأنقرة عالميًّا والشريك التجاري الأكبر لها على مستوى منطقة الخليج.

وأكد محللون سياسيون أتراك، أن زيارة الرئيس أردوغان، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ستدفع نحو مزيد من توطيد العلاقات مع الإمارات.

وهو ما سيترتب عليه الكثير من المنافع لكلتا الدولتين، والإقليم بشكل عام، وستحقق مكاسب مشتركة للجانبين، اقتصادية وسياسية[46].

ولفت المحلل السياسي التركي يوسف أوغلو، إلى أن هذه الزيارة لها دلالات كبيرة في هذه المرحلة تحديدًا، ليس من خلال العلاقات الثنائية فقط، بل أيضًا العلاقات الإقليمية.

 فتعزيز العلاقات مع الإمارات ربما سيتبعه علاقات إيجابية مع دول أخرى كالسعودية والبحرين. وأوضح أوغلو أن تركيا جادة الآن في أن يكون هناك استعادة لحميمية هذه العلاقات، خصوصًا في المجالات الاقتصادية والتجارية.

بالإضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقات الاقتصادية، جرى خلال الزيارة توقيع "13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بين عدة جهات في الإمارات ونظيراتها في تركيا"، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام". وهو ما أكدّته أيضا وكالة الأناضول التركية.

وأشارت الوكالة الإماراتية إلى أن مجالات هذه الاتفاقيات والمذكرات شملت "الصحة والعلوم الطبية والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي والمجال الثقافي والزراعة والنقل وإدارة الأزمات والكوارث والأرصاد الجوية والإعلام"[47].

واستعرض ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد مع أردوغان "فرص التعاون المتنوعة المتاحة في البلدين خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية"، بحسب بيان إماراتي، وتبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.


المحور الثالث: الاقتصاد العربي

حملت وسائل الإعلام خلال الشهر محل عمل التقرير، أنباء عن المفاوضات التي تخوضها كل من لبنان وتونس مع صندوق النقد الدولي للحصول على تسهيلات ائتمانية، تمكنهما من الخروج من الوضع المالي الصعب، الذي تعانيان منه.

ولا يلوح في الأفق، الوصول إلى اتفاق قريب لكل من تونس ولبنان، وهو ما يعني استمرار المشكلات الاقتصادية بالبلدين.

نتيجة لذلك، يتوقع أن تشتعل الأوضاع السياسية بالبلدين، ما لم يجر التوصل لاتفاق مع الصندوق، أو الوصول لمصدر تمويلي آخر، يؤدي إلى تهدئة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هناك.

وسيظل التحدي أمام حكومات تونس ولبنان، ماثلًا في حالة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، حيث ستكون الشروط شديدة الوطأة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.

وعلى جانب آخر، ما يزال الخطاب السياسي بمصر يعكس مدى أزمتها الاقتصادية، والتي يعبر عنها أداء الحكومة ورئيس النظام عبدالفتاح السيسي، عبر تصريحات متعددة، سواء فيما يتعلق باتخاذ البنك المركزي لقرارات من شأنها إلغاء العمل بنظام مستندات التحصيل، واللجوء إلى نظام الاعتمادات المستندية.

 كما أن تصريحات السيسي دائمًا ما تركز على غياب الإمكانيات المادية في ظل احتياجات ضرورية للمجتمع المصري من تعليم وصحة وغيرهما.

وقد حرص السيسي على تصدير المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للشعب، وعلى أنه هو المتسبب في تلك المشكلات بسبب الزيادة السكانية، بينما لا يتحدث إطلاقًا عن عجز الإدارة الاقتصادية للبلاد، وسوء القرارات التي تتخذها، في ظل غياب المعايير العلمية، واعتماد العشوائية كأداة رئيسة في إدارة اقتصاد البلاد.

ولكن مع الأيام الأخيرة لشهر فبراير، شهد العالم اندلاع حرب جديدة تقودها روسيا ضد أوكرانيا، في 24 من ذات الشهر.

ولم تكن الحرب لتقتصر على البلدين، ولكنها تعبر عن صراع بين روسيا من جهةٍ، وكل من أميركا وأوروبا من جهةٍ أخرى، وإن كانت أوكرانيا هي مسرح تلك الحرب، فإن أميركا وأوروبا، تفعلان أدوات أخرى للمشاركة في تلك الحرب، من خلال فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، وكذلك تقديم الأسلحة لأوكرانيا.

إلا أن الحرب الروسية على أوكرانيا تلقي بظلالها على المنطقة العربية، عبر عدة محاور، وهو ما سنفرد له السطور الباقية من عمل المحور الاقتصادي هذا الشهر.

التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة العربية

تتوالى الأزمات العالمية والإقليمية، مصحوبة بتداعياتها الاقتصادية على المنطقة العربية، وفي كل مرة، تبذل النصيحة لحكومات الدول العربية، بضرورة وجود كيان يضم دول المنطقة، لمواجهة هذه المشكلات، أو على الأقل ينسق فيما بين تلك الدول لتقليل خسائرها في ظل تلك الأزمات.

وفي فبراير 2022، طلت على العالم الأزمة الروسية الأوكرانية، لتفرض مجموعة من التحديات، على رأسها زيادة مخاطر موجة التضخم التي تضرب الاقتصاد العالمي، وتضع الشعوب العربية أمام المزيد من أعباء المعيشة، ما ينتج عنه زيادة رقعة الفقر، في ظل ما تعانيه المنطقة من حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، وظلاله السيئة اقتصاديًّا واجتماعيًّا.

ومن خلال قراءة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على المنطقة العربية، يتضح لنا أن ثمّة مجالين يتأثران سلبيًّا في الدول العربية، وهما الغذاء والسياحة، ومجال ثالث به بعض الجوانب الإيجابية وأخرى سلبية، وهو مجال أسعار النفط، حيث تعتبر بعض الدول مصدرة للنفط والغاز، وهي 9 دول، وباقي الدول العربية الأخرى تعتبر مستوردة للنفط والغاز.

 ولا ننسى بشكل عام أن فاتورة الواردات السلعية العربية سترتفع خلال الفترة القادمة كنتيجة لارتفاع معدلات التضخم التي سرت على مدار النصف الثاني من عام 2021، وتزداد مع الحرب الروسية على أوكرانيا، بعد أن تجاوز سعر برميل النفط سقف الـ 100 دولار للبرميل.

أزمة الغذاء العربي:

ومن أول ما يتبادر إلى الذهن، في ظل أزمة عالمية بحجم الصراع الغربي الأميركي مع روسيا في أوكرانيا، أوضاع الغذاء في المنطقة العربية، حيث تعتمد الدول العربية بشكل كبير على استيراد احتياجاتها من الغذاء.

فحسب الأرقام الواردة في التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2021، فإن واردات الدول العربية من السلع الغذائية في عام 2019 بلغت كميتها 132.7 مليون طن، شملت 13 سلعة رئيسة.

كانت السلع الآتية هي الأكبر من بين حزمة السلع الغذائية المستوردة (الحبوب والدقيق 81.8 مليون طن، السكر الخام 15.4 مليون طن، الأغنام والماعز الحيّة 11.3 مليون طن، الألبان ومنتجاتها 9.31 مليون طن، الزيوت النباتية 5.2 مليون طن)[48].

أما عن الفجوة في الميزان التجاري لقطاع الزراعة، فيشير التقرير إلى أنها بلغت 62 مليار دولار، حيث بلغت الواردات السلعية الزراعية 92 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات السلعية الزراعية 30.3 مليار دولار، وذلك حسب أرقام 2019، وعلى صعيد الفجوة الغذائية فقد بلغت في نفس العام 33.6 مليار دولار[49].

وفي ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، يتوقع أن تعاني الدول العربية من مشكلات في مجال استيراد السلع الزراعية والغذائية، بسبب عدة عوامل منها، أن روسيا وأوكرانيا، تُعدان من الدول الرئيسة، المصدرة للحبوب للدول العربية، ووارد بنسبة كبيرة، أن تتخذ الدولتان قرارات بوقف تصدير الحبوب، وبخاصة القمح، في ظل أجواء الحرب الدائرة بينهما.

ومنذ أزمة كورونا بنهاية عام 2019 ومطلع 2020، تعاني عمليات الشحن والنقل على الصعيد الدولي، من ارتفاعات متتالية في الأسعار، أثرت بشكل كبير على أسعار السلع بشكل عام، وفي ظل أجواء الحرب الدائرة، والمتوقع لها أن تستمر لفترة، ما لم تتوسع رقعتها، أن تزيد أسعار الشحن والنقل مرة أخرى.

ولن يكون أمام الدول العربية، من بديل إلا أن تتجه لاستيراد احتياجاتها من الغذاء من أماكن بديلة لروسيا وأوكرانيا، وستكون التكلفة أعلى، إذا ما اتجهت الدول العربية لاستيراد القمح والحبوب وسائر احتياجاتها من الغذاء من أميركا وأستراليا وكندا كأسواق بديلة.

 ومع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، توقفت سفن شحن القمح في بعض موانئ روسيا، وارتفع سعر القمح بنسبة 5.7 بالمئة في السوق الدولية، والمعلوم أن هناك دولتين عربيتين، من أكبر 5 دول مستوردة للقمح في العالم، وهما مصر المستورد الأول للقمح في العالم بكمية تصل إلى 13.5 مليون طن، والجزائر التي تأتي في المرتبة الثالثة على مستوى العالم بكمية قدرها 9 مليون طن[50]. 

هذه الأزمة ليست الأولى على المنطقة العربية التي عبرت العديد من الأزمات بسبب أمور تتعلق بالأوضاع الدولية، سواء كانت حروب، أو تداعيات مناخية، أو أزمات مالية واقتصادية، يجري الحديث عن ضرورة وجود إستراتيجية عربية، لتدبير احتياجاتها من الأمن الغذائي، عبر تكامل دولها.

وخاصة أن لدى السودان مساحات أرض صالحة للزراعة، ما يكفي لتنفيذ مهمة توفير الغذاء اللازم لشعوب المنطقة.

 ولكن الأمر يحتاج لإرادة سياسية، تستفيد من الثروات والخبرات البشرية في مجال الزراعة، وهي متوفرة في العديد من الدول العربية.

كما أن المال لدى الدول النفطية العربية، متوفر لتمويل مثل هذه المشروعات، ولكن تغيب الإرادة السياسية، ويساعد على عدم تحقيق الأمن الغذائي العربي عبر إمكانيات المنطقة، حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني.

تراجع معدلات السياحة:

تعد الوجهات السياحية العربية (مصر، المغرب، تونس، الأردن) أكثر الدول تضررًا من الحرب الروسية الأوكرانية، على صعيد النشاط السياحي، وإن كانت مصر هي الوجهة الأكثر تضررًا، لتوقف حركة النشاط السياحي من روسيا وأوكرانيا.

 فالأرقام تشير إلى أن السياحة الروسية الوافدة إلى مصر تمثل نحو 33 بالمئة من إجمالي السائحين الوافدين إليها وتصل مدفوعاتهم نحو 3.5 مليار دولار سنويًّا[51]، وعادة ما يتجه السائحون الروس لمناطق السياحة الشاطئية، في الغردقة وشرم الشيخ.

 والمعلوم أن السياحة في مصر تعد قطاعًا يعاني العديد من المشكلات والأزمات المتتالية، والتي كان آخرها التداعيات السلبية وتوقف حركة الطيران والسياحة بسبب أزمة كورونا، ثم تأتي أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، لتعمق من أزمة السياحة في مصر، وتجبر الحكومة على الاستمرار في برامج الدعم الحكومي لهذا القطاع، ومنها إعطاء فترات سماح لسداد مستحقات البنوك.

ولكن باقي دول المنطقة التي تحظى بنشاط سياحي، ستكون أقل تضررًا من مصر، ولا يعني ذلك انتفاء الضرر.

وسيكون ما تفرضه الحرب من تغيّر السلوك الاقتصادي للسائحين في روسيا وأوكرانيا أثر سلبي على تدفقات السياحة من البلدين على الدول السياحية العربية.

وحسب تصريحات بعض العاملين بقطاع السياحة بمصر، فإن العديد من عمليات الحجز السائحين الروس وكذلك من أوكرانيا، بدأت تلغى من قبل الوكلاء في تلك الدول.

رابحون وخاسرون بسبب ارتفاع أسعار النفط:

كانت أسعار النفط قبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا متذبذبة ولكنها في صعود، فقد تخطت سقف الـ 90 دولارًا للبرميل. ومع بدء الحرب، تجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ 100 دولار للبرميل، ووصل إلى 105 دولار في بعض الصفقات.

 وهو ما يعني أن الدول العربية النفطية (دول الخليج الست والعراق وليبيا، والجزائر) ستستفيد بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط، ويمكنها أن تتجاوز الأزمة المالية التي لازمتها منذ عام 2015، حيث عانت من أزمة عجز الميزانيات العامة، ثم تراجع الاحتياطيات النفطية، وكذلك اللجوء للاقتراض المحلي والخارجي، فضلًا عن تراجع أرصدة الصناديق السيادية لهذه الدول.

من شأن ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، وتجاوزه سقف الـ 100 دولار، أن تحقق الدول النفطية العربية، فوائض مالية، وقد نكون أمام الفورة النفطية الرابعة، حيث كانت الفورة النفطية الثالثة قد استغرقت الفترة من 2013 وحتى النصف الأول من عام 2014.

 والجدير بالذكر أن الصادرات النفطية العربية تمثل قرابة 24 بالمئة من إجمالي الصادرات النفطية العالمية، كما تمتلك الدول العربية أرصدة معتبرة من الاحتياطيات العالمية من النفط والغاز.

 وحسب أرقام التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2021، فقد بلغت احتياطيات الدول العربية من النفط في عام 2020 نحو 55.7 بالمئة من إجمالي الاحتياطيات العالمية من النفط، كما تبلغ احتياطيات الدول العربية من الغاز 26.5 بالمئة من إجمالي احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي[52].

ومن ثمّ ستكون الدول العربية النفطية قد وصلت إلى مرحلة مالية جديدة، يمكن في إطارها البدء في تعافي ميزانياتها العامة من العجز، وبالتالي تحقيق فوائض مالية، تمكنها من سداد ما تراكم عليها من ديون خلال السنوات السبع الماضية.

وقد تشهد الأوضاع المالية والسياسات المتبعة في الدول النفطية العربية بعض التغيرات، إذا ما استمرت ظاهرة ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، كأن تعيد تلك الدول النظر في السياسات التقشفية التي طبقتها أخيرا أو تزيد من إنفاقها العام، أو تعيد بعض الدعم لمواطنيها، والذي رفعت جزءًا منه خلال السنوات الماضية.

أما الخاسرون من ارتفاع أسعار النفط، فهي الدول العربية غير النفطية، والتي تعاني مشكلات اقتصادية وتنموية بالأساس.

وارتفاع أسعار النفط، سيعمق من تلك المشكلات، وستشهد هذه الدول ظواهر معلومة، مثل زيادة عجز الميزانيات العامة، وزيادة عجز موازين التجارة الخارجية، وكذلك ارتفاع عجز ميزان المدفوعات، كما ستشهد زيادة في المديونية العامة، وأيضًا في معدلات التضخم.

ارتفاع فاتورة الواردات السلعية والخدمية:

في الوقت الذي كان الجميع يراهن فيه على إمكانية استعادة الاقتصاد العالمي تعافيه، ومعالجة مشكلات سلاسل الإمداد، والنظر في العوامل التي أدت إلى ارتفاع تكاليف الشحن، أتت الأزمة الروسية الأوكرانية، لتزيد المشهد تعقيدًا، على الصعيد الاقتصادي.

وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية العربية مع كل من روسيا وأوكرانيا، فإننا أمام مجموعة من التحديات، منها أن كلا الطرفين ينتجان سلعًا تنافسية، مثل النفط، والمواد الأولية، كما أن الدول العربية التي تستورد القمح وحديد التسليح من روسيا وأوكرانيا، أو ترتبط بهما من خلال أنشطة سياحية أو تعليمية، وغيرها، قد تواجه مشكلات في التسويات المالية، في ظل العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضتها إلى الأن أميركا وأوروبا على موسكو.

هي موجة من العقوبات ممتدة، وقد تتسع لتشمل المزيد من الإجراءات العقابية، إذا لم تتراجع روسيا عن غزو أوكرانيا.

وهو ما سيدفع الدول العربية، ذات العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا وأوكرانيا، إلى اتخاذ خطوات لتحويل هذه الأنشطة من تجارة وتعليم وخلافه إلى دول أخرى، وهو ما سيؤدي في الأجل القصير والمتوسط إلى ما يسمى بتحول التجارة.

ولكن على صعيد الواردات السلعية بشكل عام في الدول العربية، فستشهد فاتورة تلك الواردات ارتفاعًا ملحوظًا خلال عام 2022، وستمتد لما بعد ذلك إذا استمرت الأزمة الروسية وتوسعت لما بعد 2022.

فالتضخم الناتج عن ارتفاع تكاليف الطاقة على مستوى العالم وعن ارتفاع تكاليف الغذاء عالميًّا، سيدفعان بارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة قيمة الواردات، وستكون النتيجة هي استقبال الاقتصادات العربية، ما يُعرَف بالتضخم المستورد، أي التضخم الناتج عن أسباب خارجية.

وحسب أرقام التقرير الاقتصادي العربي لعام 2021، فقد بلغت الواردات السلعية العربية 737 مليار دولار في عام 2020.

 ولكن 2020 يعد عامًا استثنائيًّا في الأداء الاقتصادي بشكل عام، وفي التجارة الاقتصادية خاصة، بسبب التداعيات السلبية لجائحة أزمة كورونا.

فالتقرير يُبيّن أن عام 2019 بلغت فيه الواردات السلعية 857 مليار دولار، وهو ما يمكن اعتباره تعبيرًا عن الوضع الطبيعي لقيمة الواردات السلعية العربية.

ولكن علينا أن ننظر إلى هيكل الواردات السلعية العربية، والذي يعكس أن 60 بالمئة من الواردات السلعية، هي سلع مصنعة، وبما يؤيد حالة الضعف الاقتصادي للدول العربية، وأن قطاعها الصناعي لا يزال يعاني من ضعف، ولا يلبي احتياجاتها الضرورية. فما يزال النفط يمثل قرابة 60 بالمئة من إجمالي الصادرات السلعية العربية.

أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي للواردات السلعية العربية، فيُظهر التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2021، أن الاتحاد الأوروبي ما يزال يحتل صدارة الدول التي تمد الدول العربية باحتياجاتها من السلع.

إذ يستحوذ الاتحاد الأوروبي على نسبة 21.5 بالمئة من إجمالي الواردات السلعية العربية، يليه في المرتبة الثانية، الصين بنسبة 16.7 بالمئة، ثم أميركا بنسبة 6.2 بالمئة، ثم الهند بنسبة 5.1 بالمئة.

ونستنتج من هذه الأرقام، أن فاتورة الواردات السلعية للدول العربية، مرشحة للارتفاع خلال الفترة القادمة، بسبب ما يعتري النظام الاقتصادي والتجاري الدولي من موجات تضخمية، والتي زاد من حدتها ارتفاع أسعار النفط، في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.


المحور الرابع: الحالة الفكرية

العنف الأسري "قضية ضرب الزوجة" من منظور إسلامي

تعود هذه القضية للواجهة من جديد في مصر، بعد أن نقل "بعض المغرضين" حديثًا لشيخ الأزهر أحمد الطيب، كان قد ذكر فيه – منذ ثلاث سنوات – أنَّ "ضرب الزوج للزوجة الناشز مذكور في القرآن وأمر مباح".

غير أنه قال إنه "من حق ولي الأمر - وهي الدولة - أن تعدل عن هذا المباح". وأردف: "الضرب ليس واجبًا وليس فرضًا وليس سنة وليس مندوبًا، لكنه أمر مباح".

ونوّه بأن ضرب الزوجة ليس مطلقًا، ولم يقل بذلك الإسلام ولا القرآن، ولا يمكن أن تأتي به أي شريعة أو أي نظام يحترم الإنسان، ولكنّ الضرب الرمزي يأتي في حالة المرأة الناشز التي لا تُطيع زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه شرعًا.

ويأتي هذا الحلّ كحلّ ثالث إن لم يصلح معها النصح والهجر، وهذا الضرب الرمزي له ضوابط وحدود، ويستخدم في حق الزوجة التي تريد أن تقلب الأوضاع في الأسرة وتتكبر على زوجها.

 فالضرب هنا يكون لجرح كبرياء المرأة التي تتعالى على زوجها. وعلاج الضرب يُساء فهمه لدى كثيرين رغم ما حددته له الشريعة الإسلامية من ضوابط وحدود بحيث يكون رمزيًّا لا يحدث أذى جسديًّا أو معنويًّا لأن غرضه التهذيب لا الإيذاء[53].

 هذا ما قاله الطيب في الحلقة التي اختتمها بالدعوة لحوار مجتمعي لمنع ضرب المرأة "بشكل مطلق" وطرح القضية على البرلمان لسن القوانين اللازمة لذلك.

دوافع الهجوم على شيخ الأزهر:

لا يخفى على المثقف بل القارئ العادي افتعال مثل هذا الموقف لاستهداف شيخ الأزهر بشخصه وصفته، أما أنَّ الأمر كان مفتعلًا.

فذلك لانَّ هذا الرأي لشيخ الأزهر قاله منذ أكثر من ثلاث سنوات، والأمر الثاني أن الموضوع كان يستحق حضور الطرف الآخر (أحمد الطيب) للاستماع لوجهة نظره وأن يُكفل له حق الرد.

والأمر الثالث، أن شيخ الأزهر قال في حديثه: إنّ الضرب ليس فرضًا أو سنة، وأنّه يتمنى أن يعيش حتى يرى تشريعات تحرم الضرب (مطلقًا) وتعامل الضارب معاملة المجرم!.

والأمر الرابع، أنَّ الذي تولى الرد على شيخ الأزهر متهم بازدراء الإسلام، فكيف يسوغ له أن يرد في قضية هي من الدين الإسلامي، وهو لا يملك من المؤهلات العلمية ما يؤهله لذلك[54].

إذن ليس هناك أدنى شك في أنّ الهجوم على شخصية شيخ الأزهر كان هو الهدف الحقيقي، وليس رأيه في قضية ضرب الزوج لزوجته، وذلك لرمزيته الإسلامية.

موقف الإسلام من ضرب الزوج لزوجته:

الأصل في الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة أنها تقوم على المعاشرة بالمعروف، والمودة والاحترام المتبادل بين الزوجين، فالمعاشرة الطيبة هي قوام الأسرة المسلمة، ومن أسباب سعادتها وسعادة أفرادها.

وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد أباحت تأديب الزوجة في ظروف وحالات خاصة ضيقة حددتها الشريعة، درءًا لنشوز الزوجة، وحماية لكيان الأسرة، متى رأى الزوج أنّ في ذلك إصلاحًا لشأن زوجته.

فليس المقصود من التأديب الإيذاء الحسي والإيلام البدني، أو أن يسقط حق الزوجة في المعاملة الحسنة والمعاشرة بالمعروف. فهو إجراء وقائي قد يكون بسواك أو بمنديل أو بطرف الرداء وما إلى ذلك، بعيدًا عن الوجه والمواضع المحسنة، والمخوفة كالبطن، حفظًا لكرامة الإنسان؛ إعمالًا لقول النبي الكريم: "أطعموهنَّ مما تأكلون، واكسوهنَّ مما تكتسون، ولا تضربوهن، ولا تُقَبِّحُوهُنَّ"[55].

وفي الحديث: "قلت: يا رسول الله.. نساؤنا.. ما نأتي منهنّ وما نذر؟ قال: ائت حرثك أنّى شئت، وأطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت، ولا تقبّح الوجه ولا تضرب".

قال العلماء: المقصود في هذا الحَديثِ من قوله – صلى الله عليه وسلم -: "ولا تَضرِبوهنّ"، يَحتمِل أنْ يكون المعنى: ولا تَضرِب الوجهَ، وحُذِف بدلالة الأوَّلِ عليه؛ لأنَّه ثبَتَ النهيُ عن ضَرْبِ الوجه بخُصوصِه، لا أنَّه نهيٌ عن الضرب مطلقًا؛ فقد أَذِن فيه القرآن إذا كان ثمَّة سببٌ له كنشوز المرأة؛ فإذا ظهر منها ما يَقتضي ضرْبَها كالنُّشوز فإنه يضرب غيرَ الوجهِ. ويَحتمِلُ أنَّه نهي عن مُطلَق الضرب وهو نهيُ إرشاد.

لكن ورَدَ في رواية: "ولا تضرب الوجهَ"؛ وهي تُؤيّد الاحتمال الأوَّل؛ وذلك لأن الوجه أعظم الأعضاء وأشرفها، وأظهَرُها ومشتمِل على معظم أجزاء الحواسّ. وفي رواية: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "أطْعِموهنَّ ممَّا تأكلونَ، واكْسُوهن ممَّا تَكتسونَ، ولا تَضربوهنَّ ولا تُقبِّحوهنَّ".

وفي الحديثِ: توجيه إلى الوصيَّة بالنساء وإكرامهنَّ بإطعامهنَّ وكِسْوتهنَّ وعدَمِ ضَربهنَّ[56].

لذا فإن استعمال الزوج لحقه في التأديب مقيّد بشرط سلامة المرأة، فإنْ تقيد به لا تترتب عليه أية مسؤولية جنائية أو مدنية ما دام يستعمل حقه في حدوده المشروعة، على أساس أن استعمال الحق في حدوده الشرعية عمل مباح.

وإن اعتدى الزوج على صحة الزوجة الجسدية أو النفسية، فإنّه يأثم شرعًا، ويكون للزوجة أن تطلب الطلاق للضرر - أيًّا كانت الوسيلة المتبعة منه في ذلك – والتعويض، إن كان له مقتضى. كما يمكن أن يسأل الزوج جَزائيًّا عند تجاوزه لسلطة التأديب.

وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن: "حق التأديب الشرعي المعبر عنه بالضرب في الآية الكريمة ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾ [النساء: 34].

ولا يلجأ إليه إلا بعد سلوك سبيل الموعظة الحسنة، والهجر في المضاجع، باعتباره الوسيلة الثالثة والأخيرة للإصلاح، والرأي فيه أن يقتصر مجاله حال انحراف البيئة وغلبة الأخلاق الفاسدة، ولا يباح إلا إذا رأى الرجل أن رجوع المرأة عن نشوزها يتوقف عليه، فهو منوط بالضرورة الأشد وأشبه بالحلال المكروه، وتقديره بهذه المثابة متروك لقاضي الموضوع [57].

وكما قال ابن القيم رحمه الله:

"الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، وحِكمة كلها، ومصلحة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أُدخلت فيها بالتأويل".

وسيظل الراسخون في العلم، الذين يخشون الله تعالى، هم الحصن الذي تحتمي به الأمة إذا ادلهمت الخطوب، وليس كل ناعق يدّعي علمًا أو يردد كلامًا بدافع الهوى أو المنفعة أو الكيد، بغرض إضلال الناس عن طريق ربهم والإساءة إلى قامات ورموز إسلامية، بل إلى الإسلام نفسه.


[1] إيلاف، إحصائيات فيروس كورونا في العراق، 1 مارس/آذار 2022،https://bit.ly/3jwyL0e
[2] سبوتنيك عربي، الصحة العالمية مستويات التلقيح في العراق دون المستوى، 1 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/35JRT6o
[3] المصدر السابق.
[4] إيلاف، إحصائيات انتشار فيروس كورونا في الأردن، 28 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3x5bW84
[5] المرجع السابق.
[6] الغد، نصف سكان الاردن معرض للإصابة بأوميكرون، 6 يناير/كانون الثاني 2022،https://bit.ly/3HlTZqO
[7] الخليج، الأردن يلغي فحص كورونا للقادمين من الخارج، 18 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3hunTOf
[8] النهار، شكوك وتساؤلات حول نوعية اللقاحات في لبنان... "أتذكرون مزيج الماء والملح؟"، 23 فبراير 2022، https://bit.ly/3Ma84dX
[9] فرانس 24، تونس.. قيس سعيد يطلق منصة إلكترونية ، 1 يناير/كانون الثاني 2022،https://bit.ly/3ugR0fx
[10] العربي الجديد، انتقادات لاذعة للاستشارة الإلكترونية في تونس: "فصّلت على مقاس سعيّد"، 28 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/34lB2WH
[11] فرانس 24، تونس: مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" تدعو لمقاطعة الاستشارة الإلكترونية التي يريدها قيس سعيّد، 30 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3HlUYHM
[12] فرانس 24، تونس نواب يعقدون جلسة افتراضية بإشراف الغنوشي ويشددون على رفض قرارات قيس سعيد، 27 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3gfNFp8
[13] فرانس 24، سعيد يحل المجلس الأعلى للقضاء، 6 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3pr8Mtz
[14] العين الإخبارية، إشادة تونسية بقرب زوال الإخوان، 7 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3M2Wktw
[15]  BBCعربي، أزمة تونس: الاتحاد الأوروبي يتابع بقلق قرار الرئيس قيس سعيّد حلّ المجلس الأعلى للقضاء، 7 فبراير/شباط 2022، https://bbc.in/3vxo0B8
[16] وكالة الأناضول، تونسيون "حل مجلس القضاء شماعة لتغطية الفشل، 14 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3stpqKZ
[17] ملفات عربية، هل يسير إخوان تونس على نهج إخوان مصر في استهداف الجيش والشرطة، 14 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3IHWl3S
[18] سكاي نيوز عربية، الغنوشي في مرمى النيران دعوات إلى محاكمته، 23 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3K9pq93
[19] البوابة نيوز، قيس سعيد الفساد والاقتصاد والإخوان، 22 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3McWe2L
[20] RT عربي، البرلمان الليبي يقر مشروع قانون الانتخابات الرئاسية، 9 سبتمبر/أيلول 2021،https://bit.ly/3zUvnkz
[21] بوابة الوسط، مجلس النواب يصدر قرار تكليف باشاغا بتشكيل الحكومة الجديدة، 15 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3K3W3ov
[22] independent arabia، بين الدبيبة وفتحي باشاغا، هل تدخل ليبيا في انقسام حكومي، 11 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3IAzzLx
[23] الشرق الأوسط، ليبيا، الدبيبة يرفض تسليم السلطة لرئيس الحكومة الجديد، 11 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3Mf7bRa
[24] خبر 24، الدبيبة يرفض تسليم السلطة إلى باشاغا، 23 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/35lgD50
[25] independent arabia، الدبيبة يصعد سياسيًا وعسكريا ضد البرلمان والحكومة الجديدة، 13 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3Hsj3vv
[26] وكالة الأناضول، في ذكرى الثورة الليبية باشاغا والدبيبة يخوضان معركة، 22 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3pP0z2D
[27] independent arabia، الدبيبة يصعد سياسيًا وعسكريا ضد البرلمان، 13 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3Hsj3vv
[28] عربي 21، وزير ليبي سابق، وساطات لإنهاء الأزمة بين الدبيبة وباشاغا، 19 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3HzyKBk
[29] نبض، الفطيسي: تركيا دعت الدبيبة وباشاغا للقاء يجمعهما في أنقرة للوصول لحل وسط وهناك وساطات داخلية أيضًا لحل الأزمة، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3vwS27O
[30] independent arabia، انقسام داخل مجلس الدولة يعقد الأزمة الحكومية في ليبيا، 17 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3trHi8q
[31] الشرق، مجلس الدولة يعارض تكليف باشاغا، 16 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3hAwuPr
[32] RT عربي، 54 عضو بمجلس الدولة يرفضون قرار النواب بتكليف باشاغا وعزل الدبيبة، 25 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/35iY69r
[33] العربي الجديد، هل يسقط انقسام مجلس الدولة تكليف باشاغا، 16 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3HyxONp
[34] المصدر السابق.
[35] independent arabia، انقسام داخل مجلس الدولة يعقد الأزمة الحكومية في ليبيا، 17 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3trHi8q
[36] مركز الفكر الإستراتيجي، التقاربات الخليجية وانعكاساتها على المنطقة، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020،https://bit.ly/3u9SMzh
[37] مركز الفكر الإستراتيجي، قطر ومصر أبعاد التفاهمات وانعكاساتها العربية، 15 يونيو/حزيران 2021،https://bit.ly/3ud9SMr
[38] DW، ما سر سعي تركيا للتقارب مع منافسيها في الشرق الأوسط ، 3 ديسمبر/كانون الأول 2021،https://bit.ly/3pv5ipJ
[39] المصدر السابق.
[40] مركز الفكر الإستراتيجي، تقدير موقف، التقارب التركي الإماراتي| بين المعطيات التكتيكية والتطلعات الإستراتيجية، 27 أغسطس/آب 2021،https://bit.ly/3H8L2RH
[41] وكالة الأناضول، أردوغان نسعى لتحسين العلاقات مع السعودية ومصر، 1 ديسمبر/كانون الأول 2021،https://bit.ly/3KUQFVM
[42] DW، بعد سنوات من القطيعة زيارة الرئيس أردوغان للإمارات، 14 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3swgNiO
[43] المصدر السابق.
[44] المصدر نفسه.
[45] agsiw.org, Erdogan Visit Underscores UAE-Turkey Rapprochement is at the Heart of Regional De-escalation, 15-02-2022, https://bit.ly/3IBsAC0
[46] الرؤية، محللون.. زيارة أردوغان للإمارت ستحقق مكاسب مشتركة، 13 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3MeSnBZ
[47] swissinfo.ch، توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم خلال زيارة اردوغان للإمارات لتعزيز التقارب السياسي والاقتصادين، 14 فبراير/شباط 2022،https://bit.ly/3C9eKV8
[48] التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2021، صندوق النقد العربي وآخرون، ص68.
[49] المصدر السابق، ص79، 81.
[50] العين الأخبارية، الأزمة الروسية الأوكرانية.. أسعار القمح تشتعل بلهيب الحرب، 25 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3svBxHc
[51]  INDEPENDENTعربية، الحرب الروسية الأوكرانية تضرب السياحة المصرية، 25 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3HKbssF
[52] التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2021، مصدر سابق، ص 348، 349.
[53] صدى البلد، حكم ضرب الزوج لزوجته وسبّها .. الإفتاء تنصح بهذا الأمر عند الغضب، 5 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3CgkZqh
[54] القدس العربي، من وراء الهجوم على شيخ الأزهر في «أم بي سي» ؟!، 4 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3pqDxyu
[55] مركز جيل البحث العلمي، أثر الحداثة على الحقوق الزوجية والعائلية للمرأة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية -دراسة مقارنة بين التشريعات العربية، 21 يونيو/حزيران 2018، https://bit.ly/3tm7Bws
[56] الدرر السنية، الموسوعة الحديثية، https://bit.ly/3sv918L
[57] الطعن رقم 5 لسنة 46 ق، أحوال شخصية، جلسة 9/11/1977م، س 28، ع2، ص 1644. نقلا عن: د. طارق عفيفي صادق، أثر الحداثة على الحقوق الزوجية والعائلية للمرأة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة بين التشريعات العربية، مجلة جيل حقوق الإنسان، العدد 30، 2018، ص11.