تغريبة أهل السنة في العراق 

حسين صالح السبعاوي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يعيش أهل السنة اليوم في العراق حالة مأساوية هي أسوأ من تغريبة بني هلال الشهيرة، وأسوأ من حال الفلسطينيين الذين تعرضوا لأبشع الجرائم على يد عصابات الهاكانا وبقية العصابات الصهيونية قبل وبعد عام ١٩٤٨.

لم يكن هدف الولايات المتحدة من احتلال العراق سنة ٢٠٠٣ هو إسقاط النظام فحسب، بل هو إسقاط الدولة العراقية التي يديرها السنة وتسليم إدارتها إلى الأحزاب الشيعية الطائفية، والهدف من ذلك هو تسهيل مشروع تصدير الثورة الإيرانية إلى العراق والعالم العربي الذي يراد من خلاله تمزيق الدول العربية ونشر الفوضى وإشعال الحرائق فيها على يد إيران ومليشياتها الطائفية خدمة للمشروع العالمي الذي يريد تقسيم المقسم ونشر الفوضى الخلاقة.

ولا يمكن أن يتحقق هذا الهدف إلا بإقصاء أهل السنة من الحكم لأنهم وقفوا في وجه هذا المشروع وأفشلوه في حرب دامت ٨ سنوات، خرج منها العراق منتصرا، ولم يسمح للنظام الإيراني بتحقيق أهدافه التوسعية، فجاءت أمريكا بأساطليها البحرية لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجي معتمدة على حليفتها إيران لتحقيق هذا المشروع مستخدمة أقذر الأساليب كان من أهمها:

  1. تسليم الحكم في العراق إلى الشيعة باعتمادهم على كذبة الأغلبية التي لم تستطع إثباتها من خلال أي تعداد سكاني نزيه ولا من خلال أي وثيقة تثبت هذه الكذبة بل العكس هو الصحيح.
  2. السماح للشيعة بتشكيل مليشيات ثم دمجها في القوات المسلحة بينما يتم إقصاء أهل السنة من المؤسسات الأمنية من خلال قرار بول بريمر بحل جميع المؤسسات الأمنية العراقية وإعادة تشكيلها من جديد ومن خلال قانون اجتثاث البعث الذي طبق بازدواجية واضحة تستهدف أهل السنة من خلاله.
  3. التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في المناطق المختلطة وقد بدأ هذا التهجير في البصرة سنة ٢٠٠٤ ثم في مدينة بابل عام ٢٠٠٦ وفي جنوب بغداد ثم في العاصمة بغداد من ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٠ ثم في ديالى، التي مازال مشروع التهجير قائما فيها إلى الان حيث هجر الملايين من العرب السنة وتغيرت النسبة السكانية لصالح الشيعة.
  4. الاعتقال والسجن ضد أهل السنة بتهم كيدية واعترافات مفبركة أو تحت التعذيب وقد نشرت المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش ومركز بغداد لحقوق الإنسان أن عدد المعتقلين من العرب السنة في العراق أكثر من ٣٠٠ ألف معتقل حتى سنة ٢٠١٧ والعدد قابل للزيادة أما المخفيين قسريا قد بلغ عددهم أكثر من ١٤ ألف مواطن خطفوا على يد المليشيات.
  5. القتل والتعذيب: لقد قتل الأمريكان وإيران وحلفاؤهم من المليشيات مئات الآلاف من العرب السنة بتهم الإرهاب وبحجة تحرير مدنهم من داعش والحقيقة هم من سلم هذه المدن لداعش من خلال انسحاب عسكري مفاجئ وغير مدروس فدخلت داعش هذه المدن وقتلت الآلاف من العرب السنة أيضا بتهم (الردة) وغيرها من التهم الباطلة.
  6. تدمير المدن السنية وتدمير البنى التحتية فيها وانتشار الفقر والحرمان مما جعلها غير صالحة للعيش والسكن حتى يضطر سكنها إلى النزوح أو الهجرة إلى خارج البلاد.
  7. سيطرة المليشيات الشيعية على المدن السنية ونشر الخوف والرعب فيها وابتزاز علني للتجار وأخذ الإتاوات منهم مع اضطهاد أمني بحجة تشابه الأسماء....الخ.

هذه الأساليب القذرة التي مورست ضد العرب السنة أمام مرأى من العالم ولم يستنكر أحدا على هذه الجرائم لا من الدول الكبرى ولا من الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة باستثناء بعض التصريحات والبيانات الخجولة التي تصدر من ممثل الأمم المتحدة وهي لا تسمن ولا تغني من جوع.

إذا ما يجري على أهل السنة في العراق هو برضى دولي لتحقيق مشروع دولي تكون فيه إيران أبرز أدواته القذرة. كل هذا الظلم بل وأكثر منه بكثير  نزل على العرب السنة وقد سكت عليه ذوو القربى قبل الغريب وسكت العرب قبل الغرب، فيكفي المليشيات الشيعية أن تقتلك إذا كان اسمك عمر أو عثمان... أما إذا كان اسمك معاوية أو سفيان فهذا يقتل وتقطع جثته إربا...

هذا ما كان يفعله ما يسمى (جيش المهدي) بأهل السنة في بغداد!

ولا يمكن حصر هذه الجرائم حتى لو كتب عنها مجلدات، لكن أريد هنا التركيز على كذبة الأكثرية الشيعية في العراق، التي تبنتها الولايات المتحدة والأحزاب الشيعية التي كثيرا ما تكرر هذه الكذبة لأن (كل مكرر مقرر) حتى تصبح أمرا واقعا لا مفر منه.

وقد صرح الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قبل أن يعلن الحرب: بأن نسبة الشيعة في العراق تصل من ٦٠- ٦٧% !؟ (وأن الأغلبية الشيعية مضطهدة من قبل الأقلية السنية الحاكمة) ولم يستند الرئيس الأمريكي على هذه الفرية لأي دليل علمي أو أي وثيقة تثبت هذا الإدعاء الباطل.

وهنا لا بد من نشر الحقيقة للنسب السكانية في العراق معتمدين على التعداد العام للسكان في العراق وليس لتعداد سكاني واحد فقط بل نعتمد على أربع تعدادات للسكان وجميعها يثبت عكس ذلك بل يثبت أن العرب السنة هم الأكثرية وكما يلي:

  • الإحصاء السكاني للعراق عام ١٩٥٧:
    • نسبة السنة ٥٤%
    • نسبة الشيعة ٤٢%
    • نسبة الأقليات ٤%
  • إحصاء عام ١٩٦٥ للسكان في العراق:
    • نسبة السنة ٥٤.٥%
    • نسبة الشيعة ٤١.٥%
    • نسبة الأقليات ٤%
  • التعداد العام للسكان في العراق لسنة ١٩٧٧:
    • نسبة السنة ٥٦.٥%
    • نسبة الشيعة ٣٩.٥%
    • نسبة الأقليات ٤%

ويمكن أن نفصل أكثر في النسب خصوصا بعد فصل الأكراد عن العرب السنة بعد عام ٢٠٠٣ وكما يلي:

  • نسبة العرب السنة: ٤٢%
  • نسبة الشيعة: ٤١%
  • نسبة الأكراد: ١٣%
  • نسبة الأقليات: ٤%
  • المجموع: ١٠٠%

وفي عام ٢٠٠٤ وهذا بعد الاحتلال وإسقاط النظام السابق قامت وزارة التخطيط وبالتعاون مع وزارة التجارة بإحصاء سكاني للعراق وكانت النتيجة كما يلي:

نسبة السنة: ٥٢% وهذا أول تلاعب بدأ بالنسب السكانية ومع هذا بقي السنة هم الأغلبية علما أن وزير التخطيط لسنة ٢٠٠٤ هو السيد مهدي الحافظ وهو شيعي!

هذه الإحصائيات الحقيقية المستندة على الأدلة العلمية الدامغة وليس الدعاية الكاذبة التي تعتمد على إعلام مسيلمة، ولا تستند إلى أي دليل علمي ومستند قانوني جعلت من الشيعة أكثر من ٦٠% وفجأة تناقصت نسبة السنة الى أقل من ٢٠% بعد فصل الأكراد السنة عن العرب السنة.

وحتى بفصل الأكراد سيبقى العرب السنة أكثرية في العراق لكن {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.

علما أن مجموع التعداد السكاني للعراق من عام ١٩٥٧ إلى عام ١٩٧٧ فيه تفاصيل أكثر لأنه يذكر أيضا تعداد كل محافظة ونسبة السكان فيها، لكن لا يسع المجال لنشر هذه المعلومات التفصيلية في هذا المقال ومن يريد الاستزادة للمعلومات عن هذا الموضوع يراجع (كتاب الحقيقة) للدكتور طه الدليمي، الذي اعتمد في كتابه على وثائق وزارة التخطيط ووزارة التجارة العراقية وفيه تفصيل دقيق عن النسب السكانية في العراق من عشرينيات القرن الماضي وإلى الآن.