عَبر الرياضة.. وثائق تكشف إستراتيجية السعودية لتبييض سمعتها

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن عملية "غسيل السمعة" التي تقوم بها السعودية عبر الرياضة، لإعادة تقديم نفسها للعالم، مؤكدة أنَّ وثائق التسجيل الأجنبي لحملة الضغط السعودية لعام 2018 بالولايات المتحدة، أصبحت متاحة في الإنترنت الشهر الماضي.

وأوضحت الصحيفة في تقريرها، أنَّ "الوثائق تُسلط الضوء على إستراتيجية المملكة لتبييض السمعة بالرياضة، التي تضمنت اجتماعات ومكالمات أعمال مع مفوضي دوري كرة القدم للمحترفين (MLS) والاتحاد الوطني لكرة السلة (NBA) ودوري البيسبول للمحترفين (MLB)، فضلاً عن مسؤولين من بطولة المصارعة العالمية (WWE)، ولجنة لوس أنجليس الأولمبية".

لماذا الرياضة؟

وأضافت: "يعود الاهتمام الإستراتيجي السعودي بالفعاليات الرياضية والترفيهية إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2016 عندما أمر ولي العهد محمد ابن سلمان الهيئة العامة للرياضة في المملكة - الهيئة الحكومية المسؤولة عن تطوير الرياضة في المملكة - بإنشاء صندوق لتطوير الرياضة يدعم النشاط الرياضي في البلاد".

ولفتت الصحيفة إلى أنَّ أهداف الصندوق كانت خصخصة أندية كرة القدم لزيادة المشاركة، وتشجيع الفعاليات الرياضية الجديدة، وإضافة 40 ألف وظيفة إلى السوق الاقتصادية كجزء من رؤية 2030، وهي خطة لتحديث الدولة وتحريرها من اعتمادها الكبير على النفط.

وتابع التقرير: "بالنظر إلى أنَّ السعودية عارضت تاريخياً الأحداث الرياضية والترفيهية ذات التأثير الغربي، فقد بَدَتْ هذه التطورات الأخيرة بمثابة تغيير كبير في سياسات الأمة الإسلامية المحافظة للغاية واستدارة كبيرة عن القيود الاجتماعية المفروضة مُنذ زمن طويل في المملكة".

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنَّه "مُنذ تطبيق التحول في السياسة الذي تبناه بن سلمان في عام 2016، استضافت المملكة حدث رياضة سباق السيارات (ROC)، وحصلت على صفقة طويلة الأمد مع بطولة المصارعة العالمية (WWE) تتضمن عدة عروض في السنة".

وبحسب التقرير، فقد استضافت السعودية أيضاً "أحداث الملاكمة التي حملت عناوين نجوم مثل أمير خان، واستضافت حدث (PGA) للغولف، وحصلت على حقوق لاستضافة مباراة العودة في ديسمبر/ أيلول بين البطل السابق للوزن الثقيل أنتوني جوشوا وأندي رويز جونيور، فيما يُعتبر أكبر عرض للملاكمة خلال العام".

تغطية الانتهاكات

ومضت الصحيفة تقول: "في حين أنَّ استدارة السعودية نحو مجتمع أكثر ليبرالية هو تغيير محل ترحيب للمملكة المحافظة، إلا أنَّه يُثير أسئلة مهمة حول اهتمام الحكومة المفاجئ نسبياً بالرياضة وما إذا كان يمكن تفسيره على أنَّه تكتيك من تكتيكات القوة الناعمة للمساعدة في صرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة من المملكة وتلك التي تقع ضمن حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن – وهي الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين اليمنيين وعرضت 14 مليون شخص إلى خطر المجاعة".

ونوَّهت إلى أنَّه "في الآونة الأخيرة، كان هجوم اللوبي المتمركز حول الرياضة في السعودية نتيجة للحاجة الملحة للمملكة لإعادة تقديم نفسها بعد مقتل جمال خاشقجي، وهو كاتب في صحيفة واشنطن بوست ومعارض سعودي شوهد آخر مرة وهو يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول، حيث قيل إنَّه قُتل وقُطَّع بمنشار عظام".

ولفتت الصحيفة إلى أنَّ "النائب العام السعودي صرَّح في وقت لاحق أنَّ القتل كان متعمداً، وخلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أنَّ ولي العهد محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي".

وذكرت: "في ضوء الجدل الدبلوماسي الأخير في السعودية ضاعفت المملكة إستراتيجية الضغط، والتي تضمنت، وفقاً للوثائق الصادرة مؤخراً، اجتماعات ومكالمات أعمال مع جميع المفوضين والهيئات الرياضية الرائدة في الولايات المتحدة".

تشرشل ريبلي

وبيّن التقرير، أنَّ "الهيئة العامة للرياضة في السعودية، جنَّدت خدمات مجموعة تشرشل ريبلي، وهي شركة استشارية دولية تتباهى بقدرتها على الوصول إلى هوليوود ووادي السيليكون والشرق الأوسط".

وزاد: "تُمثِّل الشركة، التي تتخذ من لوس أنجلوس مقراً لها، الهيئة العامة للرياضة من خلال العمل مع الأميرة السعودية ريما بنت بندر آل سعود، ابنة السفير الأمريكي السابق الأمير بندر وأول رئيسة للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، للمساعدة في إقامة اجتماعات في الولايات المتحدة مع العديد من الشركات والمديرين التنفيذيين لمناقشة تطوير قطاع الترفيه السعودي المزدهر".

ووفقاً لوثائق التسجيل الأجنبي، تتضمن أدوار المجموعة ومسؤولياتها أيضاً التفاوض بشأن شروط سوق مواتية لـِ"المبادرات المُمولة من الهيئة العامة للرياضة"، وإيجاد فُرص استثمارية مباشرة، وإعداد الأميرة ريما لاجتماعاتها رفيعة المستوى.

وأشارت الصحيفة إلى أنَّه "من خلال وضع الأميرة ريما على رأس حملة الضغط هذه والإعلام، تحاول الحكومة السعودية نزع سلاح النقاد الذين أعربوا عن أسفهم لافتقار المملكة إلى القيم التقدمية أو الحقوق المحدودة للمرأة".

ووفقاً لـِ"الجارديان"، فقد كلفت خدمات الشركة التي تتم دون عقد رسمي، الحكومة السعودية 22 ألف دولار في الشهر.

لقاءات الأميرة

وبحسب وثائق التسجيل الأجنبية (التي تم ملؤها من آنا لويس، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة تشرشل ريبلي)، فقد أجْرَتِ الأميرة ريما محادثات مع أمثال كوبي براينت بشأن "تطوير كرة السلة في السعودية" ؛ وصوفي جولدشميدت، المديرة التنفيذية لرابطة التزلج على الماء في العالم، وذلك فيما يخص "بتطوير رياضة التزلج على الماء في السعودية" ؛ والرئيس التنفيذي لشركة "ثنك ويل" فيما يتعلق بـ"تطوير مركز رياضي في السعودية"؛ و"بنك" و" تويتش" حول تطوير الرياضات الإلكترونية في المملكة؛ ومفوض "إن أتش إل" لتطوير لعبة الهوكي الأرضي في السعودية؛ وماديسون سكوير جاردن فيما يخص تطوير "البنية التحتية للملاعب"؛ وأكثر من ذلك بكثير.

وكشفت الوثائق أيضاً، أنَّ الهيئة العامة للرياضة في السعودية عقدت العديد من الأحداث الصحفية في عام 2018، منها حدث عام مع المجلس الأطلسي، ومجلس سياسة الشرق الأوسط، وحدث آخر استضافته الحكومة السعودية لمنتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي الأمريكي. وأجرت "إن إس أن بي سي" و"رويترز" و"إن بي آر" و "واشنطن بوست" مقابلة مع الأميرة ريما كجزء من حملتها الإعلامية لتعزيز التنمية الرياضية في المملكة. كما أجرت (سي إن إن) مقابلة معها حول قيادة النساء في السعودية.

وبحسب الصحيفة، تجدُر الإشارة إلى أنَّ الوثائق المستخدمة في هذا التقرير لا تسرد سوى اقتراح الاستشارات الإستراتيجية لـِ"تشرشل ريبلي"، إضافة إلى المكالمات والاجتماعات التجارية التي عُقدت بين الأميرة ريما ومختلف الكيانات الرياضية. ولم تتضمن أي معلومات متابعة بشأن تداعيات هذه الاجتماعات، أو ما إذا كانت ناجحة.

ولفتت إلى أنَّه "مع ذلك، فإنَّ الوثائق تلقي الضوء على أنَّ إستراتيجية الحكومة السعودية لغسل السمعة بالرياضة - وهو مصطلح صاغته منظمة العفو الدولية في عام 2018 لوصف الأنظمة الاستبدادية التي تستخدم الرياضة للتلاعب بصورتها الدولية وتجاهل سجلها في مجال حقوق الإنسان - تبرز الآماد التي ترغب السعودية في الذهاب إليها من أجل إعادة تقديم نفسها في أعقاب الفظائع الأخيرة".