سنوات من التحايل.. لماذا كشفت الإمارات عن وجهها القبيح باليمن؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد أن كان التقدم لصالح الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية في اليمن، تغيرت معادلة المعركة في المحافظات الجنوبية، لصالح قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياََ.

الطائرات الإماراتية قصفت كتائب من الجيش اليمني، بعدة غارات على مداخل عدن ومديريات أبين، ما تسبب بتراجع قوات الجيش الوطني، لتشن عقب ذلك قوات المجلس الانتقالي هجمات تمكنت خلالها من استعادة السيطرة على المدينة بشكل شبه كامل، وكذلك على مديرية جعار وزنجبار مركز محافظة أبين، واستولت على معسكر "7 أكتوبر" أكبر قاعدة عسكرية تابعة للحكومة الشرعية.

وحسب وزارة الدفاع اليمنية، أسفر القصف الإماراتي عن سقوط نحو 300 قتيل وجريح. واعترفت الإمارات بمسؤوليتها عن القصف، وبررت هجومها على الجيش الوطني بأنها استهدفت عناصر من تنظيم القاعدة.

إعلان حرب

إثر الضربات الجوية الإماراتية، أصدرت الرئاسة اليمنية بياناََ حمّلت أبوظبي مسؤولية الغارة التي نفذتها في عدن، وأصدرت وزارة الخارجية اليمنية بياناََ أدانت فيه ما سمته "التصعيد الخطير" الذي قامت به الإمارات ضد الجيش اليمني.

الخارجية طالبت مجلس الأمن بإدانة استهداف قوات الجيش اليمني، كما طالبت السعودية بدعم الشرعية، ضد التصرفات التي تقوم بها الإمارات.

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع اليمنية أن الغارة الإماراتية على عدن أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف قوات الجيش.

في السياق، حمل مراقبون السعودية مسؤولية ما أقدمت على فعله الإمارات، على اعتبار أن الرياض هي من طلبت من أبوظبي الانضمام إلى التحالف، ومهدت الطريق لدخول قواتها إلى المدن الجنوبية، بحجة استعادة الشرعية.

القيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني قال لـ"الاستقلال": "السعودية هي من تتحمل المسؤولية الأولى تجاه هذه الغارة الغادرة وتجاه ما يجري في اليمن، بصفتها من أعلنت عاصفة الحزم، وهي من تقود التحالف، ولديها مع الإمارات غرفة عمليات مشتركة للأهداف والغارات الجوية".

مضيفا: "لا يسمح لأي طائرة بالتحليق في الأجواء اليمنية إلا بإذن من غرفة العمليات المركزية في الرياض، وبالتالي فإن السعودية تتحمل المسؤولية، إلا في حالة إصدار الرياض لبيان يدين الإمارات ويحدد موقفها تجاه العملية، أما إذا اتخذت موقفا صامتا، فبالتأكيد ستكون هي المسؤولة إما لأنها هي من نسقت مع الإمارات في تنفيذ هذه الضربة، أو لأنها لم تصدر بيان إدانة للضربة".

مسؤولون حكوميون باليمن اعتبروا أن الإمارات بهذا التصعيد تعلن الحرب على اليمن، وتقود الحرب بشكل فج وعلني على من زعمت أنها جاءت لمساعدتهم، وهو ما أكده الكاتب الصحفي أمين بارفيد لـ"الاستقلال" بقوله: "ما قامت به الإمارات هو تحول خطير في وتيرة الصراع بين اليمن والإمارات، ففي حين كانت الإمارات تقوم بتمويل ودعم ميلشيا مسلحة، صارت اليوم تقاتل بطائراتها وتهاجم الجيش اليمني بشكل علني، وهو الأمر الذي يعد إعلان حرب". 

اقتحامات وتصفية

إثر سيطرتها على أبين، قامت قوات المجلس الانتقالي باقتحام المستشفيات في مديريات أبين، وقامت بتصفية ما لا يقل عن 30 جنديا من الجرحى، من بينهم ضابط من القوات الحكومية، فيما يخضع آخرون في العناية المشددة للحراسة من قبل عناصر من الحزام الأمني، حسب مصدر طبي في مستشفى الرازي لـ"الاستقلال"، طلب عدم الكشف عن اسمه، لأسباب أمنية.

أيضا شنت قوات الانتقالي حملة اختطافات واعتقالات في مديريات عدن، بعد استعادتها، وأقدمت على إحراق منازل مسؤولين في الحكومة الشرعية، فيما دعا نائب رئيس المجلس الانتقالي إلى تصفية عدن ممّن سماهم "المرتزقة"، في تصرف قال عنه مراقبون إنه يحاكي كثيرا ما قامت به ميلشيا الحوثي عقب سيطرتها على العاصمة صنعاء.

كر وفر

قبل يومين تمكنت القوات الحكومية من استعادة بعض المحافظات الجنوبية من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ومثلت معركة شبوة بداية الانطلاق للقوات الحكومية، حيث تمكنت من الانتصار في محافظة شبوة، واستعادت ميناء بلحاف النفطي، وكبدت قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيا خسائر فادحة، اضطرت عقبها إلى الفرار باتجاه محافظة حضرموت وعدن.

واصلت القوات الحكومية تقدمها باتجاه مدينة أبين، وسيطرت على جميع مديرياتها، وسط انهيار متسارع لقوات المجلس الانتقالي، وأظهرت مقاطع فيديو لجنود من قوات الشرعية في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين.

تمكنت الشرعية من التقدم باتجاه مدينة عدن وسيطرت على عدة مديريات في عدن، من بينها مديريتي دار سعد والشيخ عثمان، وأظهرت مقاطع فيديو مصورة سيطرة قوات من الشرعية على القصر الرئاسي في منطقة معاشيق، والمطار، وأجزاء من المدينة.

وزير النقل صالح الجبواني غرد بعدها على تويتر: "السيطرة على عدن صارت حقيقة واقعة وتمت هزيمة المشروع المناطقي العنصري، وهنالك بعض الجيوب لازالت تعيش نفضة المذبوح، و في ساعات ستطلق الشهقة الأخيرة".

وأضاف الجبواني: "التعزيزات قادمة بعشرات الآلاف، والشكر كل الشكر لوحدات الجيش الوطني التي اقتحمت عدن والتحمت بمقاومة عدن الباسلة التي تسطر أنصع الملاحم".

خيارات الشرعية

حسب محللين، فإن الضربة الإماراتية أخرت العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الوطني، وعرقلت تقدمه، وهو الأمر الذي يدفع قوات الجيش لإعادة ترتيب صفوفه، وإعادة النظر لدى صانع القرار العسكري، لإعادة الترتيب بشكل آخر.

من الناحية السياسية بدأ التصعيد الدبلوماسي ضد الإمارات، وبدأت جهود حكومية على المستوى الإقليمي، والمستوى والدولي، لرفع الغطاء الشرعي عن التواجد الإماراتي في اليمن، والدعوة إلى سحب السفير اليمني من أبوظبي.

من جانبه، قال المحلل السياسي ياسين التميمي لـ"الاستقلال": "الغارة الإماراتية متغير خطير، لكنه إيجابي في المدى المنظور بأبعاده الإستراتيجية، حيث يتم الحديث على مدى 4 سنوات عن دور الإمارات السيء في هذه الحرب، وكيف أنها هي التي تقتل الجيش الوطني، وتعيق عملية تقدمه في تحقيق أهدافه باتجاه دحر الانقلاب".

التميمي أضاف: "تبين للناس جميعا أن الجيش الوطني عندما كان يتقدم كان يحقق انتصارات كبيرة، لم يكن يعيقه إلا هذه الضربات التي كانت تصاغ ويتم الاتفاق عليها في الرياض، وكان الجزء الكبير من أهداف هذه الغارات هو القضاء على المشروع الوطني وحوامله الأمنية والسياسية والعسكرية في اليمن".

أما عن الجزء الإيجابي في هذا التطور على خطورته هو أنه وضع اليمنيين والإمارات في مواجهة مباشرة، حسب التميمي، "لم يعد هناك مجال للتأويل، هو تطور يقول لليمنيين نحن أمام دولة تستهدف اليمن حكومة وشعبا ومشروعا وطنيا، وهي الإمارات بطبيعة الحال، البلد التي فقدت الأسس الأخلاقية في كل سياستها الخارجية، وتدخلاتها الاقليمية، وبلا شك سيكون لهذه الغارة تداعيات خطيرة على مسار المعارك وعلى مسارك الانتقال السياسي".

تجاه ما حصل من تطورات، ألقي كثيرون باللائمة على الرئيس عبدربه منصور هادي، ويتهمونه بالتآمر أو بالعجز. يقول الصحفي اليمني ماهر أبو المجد: "الرئيس هادي إما أن يكون متآمرا، وبالتالي فهو خائن لشعبه، الذي وثق به ومنحه الشرعية، في وقت صعب للغاية، أو أن يكون عاجزا، والعجز خيانة".

أبو المجد طالب الرئيس اليمني إذا كان عاجزا عن القيام بفعل شيء أن "يصرح بذلك للشعب، لكي يتخذ الشعب خياراته، لا أن يبقى مظلة تشرعن للتحالف أجنداته، ويعرض شعبه وجنوده للغارات الإماراتية التي تقتله بدم بارد، ما يقوم به التحالف مؤامرة تنفذ تحت مظلة الشرعية وبأموال الشعب اليمني".