تعرف على الدول المرشحة لخلافة أمريكا في قيادة العالم

على الرغم من أن الأنظار تتجه نحو الصين كقوة عالمية محتملة، قد تخلف واشنطن في هيمنتها العالمية، إلا أن الكاتب سليمان سيفي أوغون، رأى في مقال نشرته صحيفة "يني شفق" التركية، أن هناك قوى أخرى يمكن أن تكون بديلة بخلاف الصين، ومن أبرزها الهند.
وقال الكاتب في مقاله، إنه "لا يكفي القول إن العلاقات التاريخية غير متكافئة" فعدم المساواة لا يخلق علاقات أحادية البعد؛ على العكس من ذلك، فإنه يخلق تقسيما عالميا للطبقات العاملة، وهو أمر معقد جدا في بعض الأماكن، ويخلق جدلية الانتماء؛ والسبب في ذلك هو أنه لا توجد قوة مهيمنة وحدها قادرة على تشكيل الهيمنة المطلقة، وبذلك، كانت الفجوة في القدرات بين الهياكل "الاقتصادية" و"السياسية - الإدارية" حاسمة.
طريق التوابل
وسرد أوغون الأمثلة على ذلك، بالقول: "في العالم القديم، كان لبعض عمليات الهيمنة هياكل دائرة مغلقة خاصة بها. على سبيل المثال، في أمريكا، لم تكن للتكوينات المهيمنة أي علاقة بتكوينات مماثلة في آسيا أو إفريقيا، فلقد كشفت التشكيلات التي تكونت في آسيا سواء من خلال طريق الحرير أو طريق التوابل عن هياكل متعددة الهيمنة".
ولفت إلى أن "طريق التوابل، هو طريق تجارية كان يصل القارات في حضارات العالم القديمة، لتجارة التوابل بين آسيا والقرن الإفريقي وأوروبا. كانت مختلف أنواع التوابل سلعة متداولة بين التجار من بينها القرفة والهال والزنجبيل والفلفل الأسود والكركم وغيرها".
ومضى الكاتب في مقاله قائلا: "كان يمكن نقل المنتجات الصينية عن طريق الجِمال إلى أماكن بعيدة، لكن الإمبراطورية الصينية، سياسيا وإداريا، لم تكن الحاكم الوحيد لها، وكذلك الهند، والتي كانت عبارة عن هيكل سياسي منفصل ومعقد للغاية، جزء منها يمتد عبر طريق الحرير، ومعظمه يمتد عن طريق التوابل البحري".
والخلاصة، بحسب الكاتب، أن الهيمنة متعددة الأجزاء كانت إلى حد كبير، وكان لها طابع محلي، لكن العنوان العريض كان تقسيم العمل وتوزيع المسؤوليات وتوزيع مناطق النفوذ أيضا.
وانتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن الواقع المحلي والطرق التجارية التي لا تزال تلعب دورا هاما حتى اليوم، مؤكدا أن هذه الأساسيات لم تتغير وبقيت كما هي، فلا إسبانيا ولا البرتغال ولا الذين جاءوا من بعدهم كالفرنسيين والبريطانيين وكذا هولندا، كل هؤلاء لم يستطيعوا أن يسيطروا على الدنيا وحدهم، ولا تأسيس هيمنة عالمية فردية.
وأردف: "في المقابل، كان لديهم في كثير من الأحيان حرب تقاسم فيما بينهم؛ ومع مرور الوقت، بدأت تتحقق المشاركة بين هذه القوى في إدارة العالم، بغض النظر عن جودة أو مدى هذه المشاركة؛ وحتى المملكة المتحدة، التي فازت بأكبر الأجزاء وتفاخرت بأنها إمبراطورية "لم تغرب عليها الشمس، لم تكن وحدها هي صاحبة الهيمنة العالمية".
صعود أمريكا
وتساءل الكاتب: هل تغير الوضع بالنسبة للهيمنة الأمريكية، التي حلت محل هيمنة المملكة المتحدة والتي كما ذكرنا كانت إمبراطورية لم تغب عنها الشمس؟ وأجاب: "لا، ففي سنوات التسعينات، بعد أن هدم جدار برلين ومن ثم انهيار المعسكر السوفيتي، لم تؤخذ النظرات حول عالم أحادي القطب بكثير من الجدية والاقناع".
ودلل الكاتب على منطقه بالقول: "كانت هيمنة المملكة المتحدة مقلقة بالفعل في سبعينيات القرن التاسع عشر؛ وكانت الأنظار تقول إن هذه القوى سيتم استبدالها بإحدى القوى العظمى الثلاث الناشئة، إما ألمانيا أو الولايات المتحدة أو اليابان. وكانت في ذلك الوقت ينظرون لأوروبا بأنها المركز؛ وعليها كانت الأنظار تتجه نحو ألمانيا".
وتابع: "كانت مشكلة الحرب العامة الثانية هي المنافسة بين الولايات المتحدة وألمانيا واليابان. وإذا كانت ألمانيا قد فازت، فإن احتمال نشوب حرب أكبر بكثير بين ألمانيا واليابان، على الرغم من أن المانيا ستكون في أوج قوتها العسكرية، كان أمرا غير مرجح".
واستطرد الكاتب، قائلا: "كما يعرف الجميع، فازت الولايات المتحدة، وبدأت بزيادة قدرتها على أعلى مستوى في كل مجال، وفي تقسيم العمل مع المعسكر السوفيتي باعتباره أول هدف حتى أنها عقدت مؤتمرا في يالطا لذلك، حيث أيقنت الولايات المتحدة أنه على الرغم من قوتها المتفوقة، فإنها لم تتمكن من إقامة هيمنة عالمية مطلقة، وكان هذا المؤتمر لتحقيق هذا الغرض وتقسيم مساحات النفوذ والسيادة بين القوتين العظمتين، وليكن ثلثي العالم بيد الولايات المتحدة وثلثه المتبقي بيد الاتحاد السوفييتي "روسيا بعد ذلك".
وشدد على أن "ذلك يثبت حقيقة واحدة، أن كلا من الطرفين يعتمد على الآخر في تحقيق قوتهما وترسيخ نفوذهما، فلو لم يكن السوفييت يتعرضون لخطر الشيوعية، كيف يمكن للولايات المتحدة ان تسيطر على ثلثي العالم؟ وفرض رؤيتها على العالم، وذات الأمر بالنسبة للولايات المتحدة حيث كانت تحت خطر الإمبريالية وهي النقطة التي استغلها الروس جيدا في تلك الفترة".
هل الصين أقرب؟
وبيّن الكاتب: "الآن يتحدث الجميع عن نهاية العصر الأمريكي، وأن الصين هي أقرب ما يمكن أن يحل محل الولايات المتحدة. حيث ترهلت الهيمنة الأمريكية، بفعل تراكم قوى إقليمية أخرى، ومن هذه القوى بالطبع، تركيا، والذي يرى صناع القرار داخلها أن المستقبل لدى الصين ولعل ما تحدّث عنه وزير الخارجية التركية مؤخرا يشير لذلك. وبعد أن كانت تركيا تلعب في الدوري المحلي، باتت تلعب في الدوري المحترف وهي كناية على أن أنقرة باتت على أبواب اللاعبين الكبار والمؤثرين على مستوى العالم من الدول ذات الاقتصادات الضخمة".
وبحسب أوغون، فإن "النظام العالمي الجديد" يعني، أن الذي سيحل محل أمريكا سينشئ قوة جديدة مبنية على تقسيم العمل وتقاسم الأعباء، مشددا على أنه لا يجب أن نكون واثقين من هذه القوة الجديدة ومن يكون على رأسها، تماما كما حدث مسبقا حيث الأنظار كانت تتجه صوب ألمانيا في ريادتها لتخرج عوضا عنها الولايات المتحدة، يمكن أن يتكرر الأمر مرة أخرى مع الصين ويخرج مارد جديد.
ماذا عن الهند؟
والواقع، بحسب الكاتب، فأنه "واحدا من أولئك الذين يعتقدون أن هذه القوة المتنافسة يمكن أن تكون الهند"، موضحا أن الصين لديها من المخاطر الحقيقية الكثير؛ حيث بنت بكين اقتصادها وتطورها الاستثنائي على الاعتماد المتبادل الذي أقامته مع الولايات المتحدة، من خلال الدولار بشكل أساسي؛ وبالتالي ليس واضحا ما هو تأثير انهيار أو ضعف الولايات المتحدة على الصين؛ ومثلما لا نعرف التأثير الذي وقع على الصين في الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 والأزمات التي تلتها.
ونوّه إلى أن الصين تجاوزت الكثير من الصعوبات ومضت، وهذا ما يبعث على القلق فهناك توتر هندي صيني هائل في العالم، وربما قد يصل للحرب وكذلك الأمر بين الجارتين النوويتين الهند وباكستان والأزمة المتصاعدة بينهما، وهذا في الواقع انعكاس للمنافسة الصينية الهندية.
ورأى الكاتب في ختام مقاله، أنه "وبينما تركيا تنفتح على آسيا بشكل واسع، يجب عليها الحذر أكثر وأكثر".