باحثان إسرائيليان: هذه أسباب الصدع بين السعودية والإمارات

12

طباعة

مشاركة

تقدّم التوترات الأخيرة في الخليج، التي تتعلق بالتحديات المشتركة، لمحة عن الخلافات السعودية-الإماراتية. مع الإشارة إلى أن العلاقة بين البلدين لم تكن سلسة دائما.

جاء هذا في مقال تحليلي نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية لكل من الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزانسكي، والباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، موران زاغا.

بدأ الكاتبان مقالهما، من الفترة ما قبل استقلال الإمارات عام 1971، عندما كانت العلاقات متوترة بين العائلات الحاكمة، آل نهيان في أبوظبي وآل سعود في الرياض بسبب الخلاف على قضايا الحدود وصراعات حول السلطة.

مع ذلك، يبدو أن البلدين لم يكونا أقرب من الآن، إذ أظهرت السعودية والإمارات، خلال العقد الأخير، شراكة قوية في عملية صنع القرار ومراقبة التساؤلات الإستراتيجية الهامة في الإقليم عن كثب. 

موقفان من إيران

استعرض المقال القوى التي ساعدتهما في مختلف المصالح والساحات، مثل دعم ظهور الرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر (2014) والانضمام إلى حملة في اليمن (2015)، وفرض مقاطعة غير مسبوقة على قطر (2017) وتقديم قوانين وطنية جديدة داخل كلا البلدين مثل ضريبة القيمة المضافة (2018). وعلق الباحثان: "كل هذا فيما يشهد البلدان تغييرات سريعة وهامة".

يقوم التحالف بين البلدين على العلاقات الشخصية الوثيقة بين قادتهم، محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، ومحمد بن زايد ولي عهد الإمارات والحاكم الفعلي لها. وهي تستند أيضا على وجهات نظر عالمية مماثلة، وإن لم تكن متطابقة، إذ يشكل الإسلام السياسي والتأثير الإيراني قوتين مزعزعتين للاستقرار في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، بحسب المقال، كلما أصبحت العلاقة أكثر كثافة ووزنا زادت الصعوبات فيها.

وأفاد الباحثان، بأن التوتر الأخير في الخليج يقدم لمحة لواحدة من العديد من النزاعات بين المملكة السعودية والإمارات حول كيفية الاستجابة للتحديات المشتركة، هذه المرة مع إيران". ففي حين اتخذت السعودية موقفا علنيا باستخدام لغة المواجهة تجاه إيران، ظلت الإمارات غامضة في تغطيتها الإعلامية للأحداث ولم توجّه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى إيران.

وفي أول هجوم على أربع ناقلات نفط في خليج عمان في 12 مايو/ أيار، حاولت الإمارات التقليل من أهمية الهجمات مدعية أن الأضرار الناجمة كانت طفيفة، حتى أن بعض التقارير ادعت أن السعودية فضلت الرد عسكريا على إيران بينما سعت الإمارات إلى تهدئة الموقف من خلال قرار دبلوماسي.

اليمن.. نقطة الخلاف

وأضاف المقال أن نقطة الخلاف الإضافية بين البلدين تتعلق بالحرب في اليمن. فمنذ 2015، قادت السعودية والإمارات حملة في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين حصلوا بسخاء على أموال وأسلحة ومستشارين من طهران. وفيما ركزت القوات السعودية على العمليات الجوية، لعب الجيش الإماراتي دورا أكبر على الأرض، ما أسفر عن نتائج هامة غيرت قواعد اللعبة". 

ورغم أن السعوديين هم من قادوا حلفاءهم إلى الحرب، فالإمارات هي من تدير الدفة الآن مع انسحابها التدريجي من اليمن. وبطبيعتها الحذرة والمعقدة، حسبت الإمارات معاركها على الجبهات الآخذة في التوسع وأدركت أن تركيزها يجب أن يمنح للتحديات الأكثر إلحاحا.

وقال الباحثان، إنه بازدياد التوتر مع إيران، اتخذت الإمارات خطوة سريعة لمواجهة التهديد المتزايد باهتمام أكبر وإعادة تخصيص الموارد لأي تطور محتمل.

وقد كان الانتقاد الدولي المتنامي للآثار الإنسانية للحرب في اليمن عاملا آخر في الانسحاب الإماراتي. إلا أن هذا الانسحاب دون ترتيب يرضي السعودية، شكّل مصدر خلاف محتمل بين البلدين. وذهب الباحثان إلى حد اعتباره بمثابة ضربة مميتة لمساعي المملكة للفوز بنصر في تلك الساحة.

"مسؤول ومتهور"

ورغم التوتر المتزايد والخلافات الظاهرة بين الدولتين، إلا أن علاقتهما لا تزال بعيدة عن الأزمة، لأنها تقوم على شراكة أيديولوجية وإستراتيجية عميقة، بحسب المقال. 

ولفت "جوزانسكي" و"زاغا" إلى أن الخلافات في هذه المرحلة تدور بشكل أساسي حول أساليب العمل ودرجات القوة التي يهتم كل طرف بتطبيقها، سواء فيما يتعلق بالعمل العسكري أو القرارات الدبلوماسية أو العمليات الاجتماعية. 

وأفادا أنه "من بين الاثنين، تتصرف الإمارات مثل (الشخص المسؤول) في خياراتها التكتيكية، بينما تم تصوير محمد بن سلمان على أنه أكثر تهورا". ورغم قناة الاتصال المفتوحة بين الزعيمين، فإن سياساتهما الاستباقية المستمرة تزيد من التحديات المحتملة في العلاقة بينهما.

وأشار الكاتبان إلى أن الخلاف بين إيران والدول العربية السنية شكلت الطريقة التي يتعامل بها الباحثون والصحفيون والمحللون مع التغيرات الإقليمية خلال السنوات الماضية. فهذا الصراع له آثار أيدولوجية وجيوسياسية على الإقليم تؤثر على ساحات متعددة. 

ومع ذلك، إلى جانب هذا الصراع، هناك معركة أخرى تتشكل منذ فترة لها أيضا تأثيرها على شكل الشرق الأوسط.

ودون أن تبرز بنفس الدرجة، فإن المنافسة بين دول الخليج العربي، كما رأينا في شمال إفريقيا واليمن والبحر الأحمر والساحة الفلسطينية، قد تركت بصمتها على المنطقة.

هذه المنافسة، التي تحركها تطلعات للتأثير والمكانة في العالم العربي، تؤثر بشكل غير مباشر على قضايا مثل الانتشار النووي وسباقات التسلح الإقليمية مما يطرح تحديات جديدة لأمن الشرق الأوسط.

وأردف الباحثان، إنه في الماضي، أظهرت كل من السعودية والإمارات درجة من ضبط النفس في إدارة شؤونهما الخارجية. ووقفتا في ظل الآخرين واستخدمتا بشكل أساسي مزاياهما المالية. 

أما اليوم، فهم القوى المحركة خلف عديد من التغيرات الإقليمية، وهم شركاء رئيسيون في ساحات مختلفة. ورغم ذلك، مع تلك الدرجة من السلطة تأتي المسؤولية للحفاظ على استقرار الإقليم. وفي هذا الصدد، يبدو أن السعودية والإمارات ينفّذان نهجا مختلفا فيما يتعلق باستخدام السلطة.