في حال اندلاع حرب بين أذربيجان وأرمينيا.. هذه 4 سيناريوهات محتملة لتدخل إيران

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة الضوء على عودة التوتر مرة أخرى بين أرمينيا وأذربيجان، وتصاعد نذر الحرب بين البلدين، حيث أصبحت قضية تدخل طهران في الصراع بينهما من الأمور المطروحة في الأوساط الإيرانية.

وأوضح موقع "فرارو" أن "أذربيجان قد اتهمت في 9 مارس/آذار 2023 الجيش الأرميني بإطلاق النيران بشكل ممنهج على مواقعها لاستفزاز جيشها ودفعه للرد بالمثل، وخلق رأي خاطئ لدى المجتمع الدولي وممثلي البعثة المدنية للاتحاد الأوروبي النشطة على الحدود، والسعي لاختلاق توتر مصطنع في المنطقة". 

في حين تتهم إيران أذربيجان بالتصعيد، وتزعم أن تصريحات الرئيس الأذري، إلهام علييف "التهديدية" في الآونة الأخيرة والتقارير التي نشرتها وسائل الإعلام والحكومة الأرمينية جعلت اندلاع حرب جديدة أكثر احتمالا من أي وقت مضى.

نهج المواجهة

وتشير جميع الدلائل إلى أن الأزمة بين باكو ويريفان تختلف هذه المرة بالنسبة لطهران عن حرب سبتمبر/أيلول 2020، التي انتهت بهزيمة الجيش الأرميني واستعادة أذربيجان لأراضيها المحتلة في إقليم قره باغ، وأن إيران لا تريد أن تكون فاعلا سلبيا في مجال المعادلات الميدانية.

وإذا كان الصراع قد دار حول إقليم قره باغ في الحرب السابقة، فإن الصراع يدور هذه المرة حول إنشاء ممر "زنغزور لاتشين" في جنوب أرمينيا، وهي المنطقة التي ترتبط بأمن إيران ومصالحها وموقعها الجيوسياسي في جنوب القوقاز.

ولمعرفة السيناريوهات المحتملة للتدخل الإيراني في حال اندلاع حرب بين أذربيجان وأرمينيا، قدم موقع "فرارو" تقريرا اشتمل على أربعة سيناريوهات لهذا التدخل، بعد أن استعرض المزاعم الإيرانية ومخاوف طهران من انتصار أذربيجان.

وقال التقرير إن الرئيس علييف، يسعى بدعم من حليفيه الرئيسيين، وهما تركيا وإسرائيل، لتنفيذ الممر التوراني الدولي، أو ممر "زنغزور لاتشين"، وهو طريق سريع يربط بين آسيا وأوروبا، ويصل أذربيجان بإقليم نخجوان التابع لها عبر مقاطعة سيفنيك الأرمينية الحدودية.

وأشار إلى مخاوف طهران من تنفيذ هذا المشروع، لأن سيطرة باكو على المنطقة التي سيقام عليها، ستؤدي إلى وقوع جزء من طريق الاتصال بين إيران وأرمينيا، وبالتالي بين إيران وأوراسيا وأوروبا، في أيدي أذربيجان وحلفائها.

وهو ما يمكن أن يحرم طهران من ملايين الدولارات التي توفرها من التجارة الخارجية مع جيرانها، ومن الدول الأوروبية، بحسب موقع "فرارو".

كما تخشى إيران من تحول سيفنيك الحدودية التي سيقام عليها المشروع إلى نقطة محورية للوجود العسكري الإسرائيلي على الحدود الشمالية لإيران في منطقة زانغزور في حالة سيطرة باكو عليها، لأن سيطرتها على هذه المنطقة ستمكن أنقرة وباكو من التحكم في انتقال مصادر الطاقة والتجارة عبر هذه المنطقة.

أضف إلى ذلك أن إيران تخشى من أن يكون الاستيلاء على مقاطعة سيفنيك مقدمة للسيطرة على  أرمينيا بأكملها والإخلال بميزان القوى في المنطقة.

وإدراكا منها لخطورة انتصار أذربيجان على أرمينيا في الحرب التي يمكن أن تندلع بسبب التوتر الأخير، اتبعت إيران بوضوح نهج المواجهة منذ أغسطس/آب 2022، عندما تحدث الإيرانيون عن مزاعم بشأن دوافع باكو للسيطرة على سيفنيك.

ولهذا، أجرى الحرس الثوري الإيراني مناورات في منطقة نهر أرس الحدودي، وتدرب على عبور الحدود، وافتتحت طهران قنصلية في مدينة قابان بمقاطعة سيفنيك الأرمينية؛ لتعزيز الوجود، واعترضت عدة مرات على أي تغيير في الحدود الجيوسياسية للمنطقة.

كما نشر الجيش الإيراني مقاتلاته من طراز F4 وF14 في سماء شمال غرب البلاد والمناطق القريبة من حدود أرمينيا وأذربيجان وإقليم نخجوان.

سيناريوهات المواجهة

في خضم الاتجاهات والتطورات الأخيرة، طرح التقرير "سؤال خطيرا"، ماذا سيكون رد فعل إيران إذا هاجمت أذربيجان أرمينيا؟، وللإجابة على هذا السؤال، قدم الموقع أربعة سيناريوهات محتملة.

السيناريو الأول، هو التدخل المباشر والكامل في الصراع المحتمل بين أذربيجان وأرمينيا، وذلك من خلال استخدام طهران كل منشآتها وإمكانياتها في حرب شاملة لمواجهة أذربيجان.

في إطار السيناريو المذكور، وهو إعلان الحرب على أذربيجان، ستقف إيران إلى جانب الجيش الأرمني، ويمكن أن تتمركز قوات الجيش الإيراني في المناطق الجنوبية من مقاطعة سيفنيك. 

والاحتمال الآخر في إطار هذا السيناريو هو إبرام اتفاق ثنائي بشأن التعاون العسكري بين إيران وأرمينيا، بحيث تصدر يريفان الإذن بدخول القوات العسكرية الإيرانية إلى المناطق الجنوبية من أراضيها.

ورغم أن هذا السيناريو هو أحد السيناريوهات المحتملة، فإنه سيكون من الصعب جدا تحقيقه، لأن إعلان الحرب الإيرانية على باكو ودخولها الشامل في صراع محتمل، سيعني إشعال حرب واسعة النطاق في المنطقة، وهو ما سيجلب العديد من الجهات الفاعلة إلى الأزمة، ما سيترتب عليه عواقب واسعة للغاية، ويمكن أن يُحدِث أزمة عالمية كبرى.

ويقيم التقرير هذا السيناريو بأنه غير واقعي، ومتشائم إلى حد كبير، ولا يتوافق كثيرا مع الحقائق الميدانية وتوازن معادلات القوى على المستوى الإقليمي.

ويرى أن الإستراتيجيين الإيرانيين لن يوافقوا على مثل هذا السيناريو الذي لا يمكن استبعاده بشكل كامل، لأن القوى العظمى لن توافق عليه، خاصة روسيا التي لا تريد خلق أزمة جديدة في مجال نفوذها والمناطق المجاورة لها.

أما السيناريو الثاني فيقوم على احتمالية التدخل المحدود من خلال استخدام الطائرات المسيرة، وربما من خلال القصف الصاروخي، وهو تدخل عسكري مباشر أيضا، ولكنه محدود النطاق. 

وفي إطار السيناريو المذكور، يمكن لإيران أن تدعم الجيش الأرميني بالسلاح، بالإضافة إلى مواجهة الجيش الأذري بشكل مباشر في صورة هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ موجهة.

ووصف التقرير هذا السيناريو بأنه "متشائم ولكنه واقعي"، لأن إيران لن تستخدم قواتها العسكرية خارج الحدود، وستكتفي بالقصف الصاروخي وهجمات الطائرات المسيرة. 

ولكن لا يمكن التنبؤ بتبعات هذا السيناريو، لأنه يمكن خروج الوضع عن السيطرة، خاصة أن إسرائيل تريد انخراط إيران في الحرب بشكل كامل.

ورغم كل العواقب المحتملة لهذا السيناريو الذي لن يُقبَل على المستوى الدولي، فإنه يظل خيارا جادا على طاولة طهران، ويتفق مع اتجاهات الرأي العام الإيراني الذي يؤيد الرد على أذربيجان إلى حد كبير.

وينتقل التقرير إلى السيناريو الثالث، وهو التدخل الذكي في أي حرب محتملة بين أرمينيا وأذربيجان، عن طريق تسليح الجيش الأرميني، وتقديم الدعم اللوجيستي له، وإرسال المستشارين العسكريين الإيرانيين إلى الأراضي الأرمينية، وعدم التدخل بشكل مباشر في الأزمة.

وسيكون هدف طهران في هذه الحالة هو الحفاظ على ميزان القوى والوضع القائم، عن طريق وقف الجيش الأذري عن التقدم على جبهات القتال ضد القوات الأرمينية.

ويرى التقرير أن هذا السيناريو هو الأقرب إلى الحقائق الميدانية من السيناريوهات الأخرى، ويمكن أن تدعم أميركا والدول الأوروبية أيضا هذا السيناريو، من خلال المشاركة في دعم الجيش الأرميني ضد أذربيجان وحليفتها تركيا.

وانتهى التقرير بالسيناريو الرابع، الذي يعتبره الأكثر استبعادا، وهو عدم تدخل طهران وسلبيتها في مواجهة أذربيجان التي يمكن أن تسيطر على المناطق الجنوبية من أرمينيا وتنشئ ممر "زنغزور لاتشين"، وبهذا يكون موقف إيران مشابها لموقفها في حرب 2020 التي انتهت بهزيمة أرمينيا واستعادة أذربيجان لأراضيها في قره باغ.

وخلص التقرير إلى أن "جميع الأدلة تظهر أن طهران لن تقف مكتوفة الأيدي كما فعلت عام 2020، ولا يمكن أن تكون مراقبا سلبيا هذه المرة".

وتابعت: "التحذيرات المتكررة، وإجراء المناورات والتدريبات واستعراض المقاتلين الإيرانيين أخيرا في المناطق الواقعة على حدود أذربيجان، هي من بين المظاهر التي تدل على أنه لا يمكن لطهران أن تكون مراقبا محايدا كما كانت من قبل".