صحيفة تركية: انتعاش دبلوماسي سريع في الشرق الأوسط يعيد إسرائيل إلى عزلتها

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ستار" التركية الضوء على التطورات التي عدتها "مذهلة"، والتي حصلت في الأيام الأخيرة على المستوى الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت الصحيفة إن المصالحة الإيرانية السعودية بوساطة الصين في بكين والتسارع السريع في عملية تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر من أهم هذه التطورات. 

انتعاش سريع

وأضافت أنه بفضل التطورات الأخيرة، دخلت العلاقات التركية المصرية، التي انقطعت منذ عام 2013، وإيران والسعودية، التي انقطعت منذ عام 2016، في اتجاه انتعاش سريع.

وتعد زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى القاهرة ودعوة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الرياض مهمة لإنهاء العملية المتوترة بين الدول المحورية في المنطقة.

وأكدت الصحيفة أنَّ عملية تحسين العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا ومصر، الدول المحورية في المنطقة، ستؤدي إلى نتيجة من شأنها عزل إسرائيل في المنطقة. 

وأوضحت أن مصالحة دول الخليج مع إيران بالإضافة إلى جهود تركيا لتعزيز موقعها في شرق البحر المتوسط من خلال التقرب من مصر.

إضافة إلى رد الفعل الناجم عن الاتجاه العنيف الذي أثاره اليمين المتطرف الصاعد في إسرائيل ضد إسرائيل سواء في المنطقة، أو على نطاق عالمي، سيكون بداية عملية تكون فيها إسرائيل في العزلة.

ويرجع تاريخ العداوة بين إيران والسعودية إلى عام 1979، حيث كانت هناك أوقات كانت فيها العلاقات بين البلدين على شفا الحرب.

وذلك على خلفية تهديد إيران للأمن السعودي عبر الحوثيين في اليمن، وتشجيع السعوديين الغرب وإسرائيل على تشديد العقوبات ضد إيران وحتى شن عملية عسكرية في بعض الأحيان. 

وأدى إعدام السعودية رجل الدين والناشط الشيعي آية الله النمر في عام 2016 والهجمات المزعومة من قبل الحوثيين المدعومين من إيران على منشآت أرامكو السعودية في عام 2019 إلى تصاعد التوتر بين البلدين.

لكن الآن نواجه جوا إقليميا مختلفا جدا، فتوقيع إيران والسعودية قبل أيام اتفاقا بوساطة صينية في بكين لتطبيع العلاقات ونبذ الأعمال العدوانية ضد بعضهما البعض قد خفض مستوى التوتر في منطقة الخليج. 

وعلى وجه الخصوص، عزز الإعلان عن دعوة الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة رسمية إلى الرياض أجواء الربيع في العلاقات الثنائية بين البلدين. 

وتُظهِرُ القمة الخليجية التي تم الإعلان عن عقدها في بكين في وقت لاحق من هذا العام أن الجهات الفاعلة الإقليمية عازمة على تحسين العلاقات تحت رعاية الصين. 

وبالإضافة إلى كل هذه التطورات، فإن الصعوبات التي تفرضها الحرب الروسية الأوكرانية جعلت من الصعب على الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي دعم العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.

 ما أدى إلى ظهور مبادرات دبلوماسية للتغلب على التوترات في المنطقة، ومن الواضح أن هذا الوضع سيضعف يد إسرائيل، التي دعمت منذ فترة طويلة عملية عسكرية قوية ضد إيران.

تركيا حاضرة

ولفتت الصحيفة إلى أنه أنه لطالما واجهت تركيا خطر العزلة في منطقة شرق البحر المتوسط. ويمكن اعتبار التوتر في علاقاتها مع مصر وسوريا وإسرائيل واليونان، وهي الدول المهمة في المنطقة، أهم سبب لهذه الوحدة. 

ففي الآونة الأخيرة، شوهد حصار ضد تركيا في شرق البحر المتوسط، وهو أمر بالغ الأهمية من حيث موارد الطاقة ونقل الطاقة.

وبينما كانت علاقات تركيا مع الجهات الفاعلة المهمة في المنطقة إشكالية، ومن ثم أصبحت معزولة في المنطقة، برزت إسرائيل إلى الواجهة كلاعبٍ مهم. 

ومن العوامل الرئيسة التي جعلت إسرائيل تبرز مقارنة بتركيا، مزايا الطاقة والأمن والسياحة والتجارة. 

وظهر تحسن كبير في العلاقات التركية الإسرائيلية أخيرا، حيث تعكس الزيارات المتبادلة وتعيينات السفراء إرادة البلدين في تطبيع العلاقات.

ومع ذلك، فإن تحسين العلاقات بين تركيا ومصر سيكون له عواقب مهمة على إسرائيل. 

فبالإضافة إلى تقارب أنقرة مع القاهرة، أدى الميل المتزايد لتحسين العلاقات بين تركيا وكل من اليونان وسوريا إلى تقليل أهمية العلاقات مع إسرائيل بالنسبة لتركيا، التي تريد أن تتخلص من العزلة في شرق المتوسط.

عاقبة التطرف

وفضلا عن تطورات مثل التقارب بين تركيا ومصر وإيران والسعودية، فإن المستجدات على النطاق العالمي وفي السياسة الداخلية الإسرائيلية سيكون لها أيضاً عواقب من شأنها تحييد إسرائيل ودفعها للعزلة.

ففي البداية، يمكن القول إن المصالحة الإيرانية السعودية بوساطة الصين في بكين ستسفر عن نتائج تتجاوز منطقة الشرق الأوسط.

لأن هذا التطور يرمز إلى الدور المتزايد للصين وتراجع دور الولايات المتحدة في البنية الأمنية للمنطقة. 

فإن إسرائيل، المحاطة بـ"الأعداء" في الشرق الأوسط والتي تمكنت من البقاء بفضل الدعم الأميركي غير المحدود، هي واحدة من الجهات الفاعلة التي ستكون الأكثر تضرراً من تراجع النفوذ الأميركي بالمنطقة.

ثانيا، إن الاتجاه المتزايد للعنف في السياسة الداخلية الإسرائيلية الذي أثاره اليمين المتطرف سيقلل من التعاطف مع إسرائيل في الرأي العام الغربي ويزيد من الغضب في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. 

وعلى وجه الخصوص، فإن الزيادة في عدد الفلسطينيين الذين يقتلون بشكل منهجي نتيجةً للعنف الذي زاده الجيش الإسرائيلي منذ عام 2022 إلى الآن، سيزيد من الغضب ضد إسرائيل في الغرب والمنطقة على حد سواء.

وبالنظر إلى السنوات السبع عشرة الماضية، عندما بدأت الأمم المتحدة في الاحتفاظ بشكل منهجي بإحصاءات عن الفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي الجنود الإسرائيليين، يبدو أن عام 2022 هو الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين. 

ووفقا لسجلات الأمم المتحدة، أطلق الجيش الإسرائيلي النار وقتل 146 فلسطينيا في 2022. وبحلول أوائل 2023، استمرت الهجمات ضد الفلسطينيين في الازدياد. ليقترب عدد القتلى الفلسطينيين من مائة منذ بداية العام. 

وأثارت حقيقة أن شهر رمضان هو تقليديا الوقت الذي تصعّد فيه إسرائيل العنف عن قصد، مخاوف من تصاعد العنف الإسرائيلي في رمضان.

وهذه التطورات مجتمعة قد غيرت بشكل جذري التهديدات والمصالح في المنطقة في الأيام الأخيرة، فتراجع الحاجة إلى إسرائيل من قبل دول الخليج ومصر التي تطبع العلاقات مع إيران وتركيا، وضعف المظلة الأمنية الأميركية وتصاعد العنف في إسرائيل، سيطلق عملية ستصبح فيها إسرائيل معزولة في الفترة المقبلة.