عبد العزيز بن نايف.. وزير سعودي سجن الأمراء والدعاة ويقود حملات التعذيب

داود علي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

مع نهاية شهر مارس/آذار 2023، جرى تداول اسم وزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، على نطاق واسع. 

تمثل السبب الأول في ذلك، بإعلان العقيد بجهاز الأمن العام، التابع لوزارة الداخلية، رابح العنزي انشقاقه عن النظام، في 7 مارس 2023 ما جعل الأحاديث متداولة عن حجم الرضا أو السخط بين الضباط التابعين لابن نايف.

قبلها في مطلع مارس 2023، تركزت الأضواء على وزير الداخلية بعد الاستقبال المهيب الذي حظي به خلال زيارته لتونس، حتى أن الرئيس التونسي قيس سعيد استقبله بنفسه، وفتح له أبواب قصر قرطاج، ما دفع بتساؤلات عن الدور الأمني الإقليمي المتصاعد للمملكة.

وأجرى ولي العهد محمد بن سلمان عملية تغيير كبيرة في بنية نظام الحكم السعودي منذ تقلده هذا المنصب في 2017 مطيحا بكل منافسيه القائمين والمحتملين، ومقوضا كل مراكز القوى التي كانت من الممكن أن تسبب إليه القلاقل.

وبالتزامن مع ذلك، استعان ابن سلمان برجال أقوياء كان أحدهم، وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود، المقرب بشدة من ولي العهد.

وتزامن ظهور الوزير وتدرجه في المناصب المهمة، مع صعود ابن سلمان، الذي وجد فيه ضالته وثقته، من حيث الأداء الشرس، والسمع والطاعة. 

سنوات معدودات حتى أصبح وزير الداخلية ابن سعود له سطوته وكلمته العليا في البلاد، وعرف اسمه بالقمع وحملات الاعتقال الموسعة، والسجون سيئة السمعة. 

فكل انتهاك أحدثه ولي العهد على الصعيد الأمني، غالبا كان وراءه عبد العزيز بن سعود، إذ تبدو ملامحه هادئة وساكنة لكنها لا تنطبق على أوامره العنيفة. 

أصغر وزير داخلية

اسمه بالكامل عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، ولد في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1983. 

والده هو أمير المنطقة الشرقية (السابق) سعود بن نايف، وجده هو الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي كان أيضا وزيرا للداخلية، وفوق ذلك وليا للعهد حتى وفاته في 16 يونيو/حزيران 2012. 

ويعد عبد العزيز الحفيد الأكبر للأمير نايف، مما جعل له مكانة خاصة داخل العائلة الملكية السعودية. 

إضافة إلى ذلك فإنه متزوج من الأميرة موضي ابنة أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وزير الداخلية السابق، وأصغر أبناء مؤسس الدولة الملك عبد العزيز، من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري.

أي أنه من السديريين السبعة، أولئك الذين لهم اليد العليا في آل سعود، ومنهم الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز.

تلقى الأمير عبد العزيز بن سعود تعليمه الأولي في مدارس الظهران الأهلية بالدمام، ثم درس القانون في جامعة الملك سعود بالرياض.

 

 

بعد تخرجه، عمل في القطاع الخاص لعدة سنوات، ليشغل بعدها منصب عضوية اللجنة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز للسنة النبوية بتكليف من الأمير الراحل نايف، ثم عضوية اللجنة العلمية للجائزة. 

وهذه في النهاية مناصب شرفية لشاب صغير، بينما جاءت الانطلاقة الحقيقية لعبد العزيز مع تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم عام 2015.

لينطلق عبد العزيز في العديد من المناصب الرفيعة، حيث جرى تعيينه مستشارا بالديوان الملكي.

وخلال تلك الفترة كان يعمل أيضا في إدارة الحقوق ثم في إدارة الأنظمة، وبعد ذلك في الإدارة العامة للحدود بالديوان الملكي، بالإضافة إلى وحدة المستشارين.

بعد ذلك انتقل للعمل ولمدة 6 أشهر في الشعبة السياسية بالديوان الملكي، كما عمل مستشارا في مكتب وزير الدفاع السعودي.

وفي 16 مايو/أيار 2016 صدر أمر ملكي بتعيين عبد العزيز بن سعود مستشارا لوزير الداخلية.

وهو منصب فيه نقلة نوعية للأمير الشاب، الذي بدا أنه سيلعب دورا كبيرا في المرحلة القادمة، خاصة أن المملكة كانت تدخل في طور متغيرات شاملة على مستوى الإدارة والحكم، وكذلك المستوى الثقافي والاجتماعي. 

أما الحادث الفارق في قصة صعود عبد العزيز، هو الصراع الذي كان دائرا على أشده بين محمد بن سلمان، وابن عمه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، الذي كان وزيرا للداخلية ووليا لعهد المملكة آنذاك، ومن أقوى رجال البلاد.

استمرت القلاقل بين الرجلين حتى استطاع ابن سلمان أن يحسم الأمور عندما انقلب على ابن نايف واحتجزه داخل قصره في مدينة جدة الساحلية ووضعه قيد الإقامة الجبرية.

وفي اليوم التالي الموافق 21 يونيو/حزيران 2017، أعفاه من جميع مناصبه، التي تشمل ولاية العهد ووزارة الداخلية، ثم وضع بدلا منه في وزارة الداخلية عبد العزيز بن سعود بن نايف، الذي كان يبلغ حينها 34 عاما، ليصبح أصغر وزير داخلية في تاريخ البلاد. 

وكان لتعيين عبد العزيز بديلا عن نايف، بعدا آخر، إذ سعى الملك سلمان ونجله محمد إلى طمأنة أفراد العائلة الحاكمة بالسعودية، من خلال إبقاء ملف الأمن في يد فرع نايف من عائلة آل سعود، بعد الإطاحة بمحمد بن نايف بهذه الطريقة المثيرة. 

 

الوجه الآخر

وبعد  أن أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد، ودانت له الأمور في البلاد، وصار فعليا هو المتحكم في شتى الأمور، بدأ حملته القمعية التي ارتكزت على محاور عدة، واعتمد في حملته على مجموعة أشخاص، من أبرزهم وزير الداخلية الجديد. 

وتجلت أولى أعمال ابن سعود في 4 نوفمبر 2017، عندما نفذ أوامر ابن سلمان بالقبض على ما يقرب من 400 من أقوى الشخصيات في المملكة بينهم أمراء ورجال أعمال كبار ووزراء، واحتجزوا جميعا في فندق ريتز كارلتون، بالعاصمة الرياض. 

وهو الحدث الذي أصبح يوصف بأنه أكبر عملية تطهير وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ البلاد الحديث.

وكان من أبرز المعتقلين على يد الشرطة وقوات وزارة الداخلية، الأمير متعب بن عبد الله (نجل الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز)، ورجل الأعمال الشهير الأمير الوليد بن طلال، والأمير تركي بن عبد الله، والأمير تركي بن ناصر.

ومن الشخصيات المهمة بكر بن لادن، رئيس مجموعة بن لادن التي تعد واحدة من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي.

كما اعتقل رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، ورئيس مجموعة إم بي سي السعودية الوليد الإبراهيم. 

وفي 19 نوفمبر 2020 نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا حصريا عن ما حدث في تلك الليلة وما فعلته عناصر الأمن بالمعتقلين. 

وقالت: "المعتقلون كانوا معصوبي الأعين، وتعرضوا للضرب والإهانة والترهيب من قبل ضباط الأمن تحت إشراف وزيرين (يرجح أن أحدهما وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود) وكلاهما من المقربين من الرجل الذي أمر بالحملة القمعية، وهو ولي العهد محمد بن سلمان."

وبحسب الغارديان: "وصف معتقلون سابقون، وكثير منهم جردوا من ثرواتهم، مشاهد التعذيب والإكراه، وقالوا إن مستشاري الديوان الملكي وكبار الضباط كانوا يقودون محاولات فوضوية لفهم الاستثمارات وراء ثروة العائلات الأكثر نفوذا في المملكة، ثم تم الاستيلاء على ما يمكن أن يجدوه".

 

وشارك وزير الداخلية أيضا في الحملة التي شنها ابن سلمان  في سبتمبر/أيلول 2017، لضرب تيار الصحوة، وتحجيم دور الدعاة وعلماء الدين السعوديين. 

ظهر ذلك عندما تحرك عبد العزيز بن سعود وقواته للتنكيل بالأكاديميين والمفكرين والدعاة والإصلاحيين والناشطين، وجرى اعتقالهم بسبب آرائهم المتعارضة مع السلطة.

وبدأ الأمر باعتقال الداعية سلمان العودة بعد أن دعا للتوفيق بين قادة الخليج إثر حصار قطر في يونيو/حزيران 2017، ثم الشيخ عوض القرني.

وتصاعدت وتيرة الحملة الشرسة بقوة لتشمل رموزا إسلامية بارزة مثل الأكاديمي في المعهد العالي للقضاء عبدالعزيز الفوزان، والشيخ سفر الحوالي، ومؤثرين آخرين.

وتعرض هؤلاء العلماء للتنكيل والقمع الوحشي والتعذيب، داخل سجون المملكة، إضافة إلى مطالبة النيابة السعودية بإعدامهم. 

وبذلك كان وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود بن نايف، أحد الأذرع الباطشة لمحمد بن سلمان، ومن خاصة رجاله الذين يستخدمهم في المعضلات.