تخشى انهيارها.. ما دوافع أوروبا لتقديم مساعدات مالية لتونس؟ 

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وكالة أنباء إيطالية عن مدى أهمية تونس لروما والقارة الأوروبية عموما من ناحية تواصل إمدادات الطاقة وملف الهجرة غير النظامية "وهو ما يدفعها إلى الحرص والضغط من أجل تقديم مساعدة مالية عاجلة لإنقاذ اقتصاد البلاد".

ونقلت وكالة "نوفا" عن أنطونيو تاياني، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي ونائب رئيسة الوزراء، إعلانه في 20 مارس/آذار 2023، أن بلاده "ستقدّم حوالي 110 ملايين يورو لصالح ميزانية تونس والشركات الصغرى والمتوسطة فيها، وذلك من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي".

وقال تاياني على هامش اجتماعات مجلس الشؤون الخارجية والدفاع التابع للاتحاد الأوروبي، في بروكسل: "نحن على اتصال دائم بالحكومة التونسية وقد اتصلت بوزير الخارجية نبيل عمار وأتمنى أن يتوصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مع الرئيس قيس سعيّد، لضمان الاستقرار".

وأضاف الوزير الإيطالي في هذا الصدد: "من المهم إجراء الإصلاحات، لأن التمويل مرتبط بها، ولمنع ظهور الإرهاب في شمال إفريقيا"، ويرى أن "المشكلة الأساسية هي (عدم الاستقرار) في تلك المنطقة".

وتشهد تونس أزمة سياسية منذ أن بدأ الرئيس سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، شملت حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.

وترى قوى تونسية أن إجراءات 23 يوليو "تكريس لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. وأثرت هذه الأزمة على كل مجالات الحياة في البلاد.

مصالح حيوية

وتشرح الوكالة أن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا ليست منتجًا مهمًا للطاقة، ولكن تستضيف على أراضيها خط أنابيب الغاز ترانسميد، المعروف أيضا باسم خط أنابيب إنريكو ماتي والذي ينقل صادرات الغاز الجزائري إلى إيطاليا.

 وتابعت أن "الجزائر تبيع الغاز ليس فقط لإيطاليا ولكن أيضا إلى دول أوروبية أخرى مثل سلوفينيا"، مشيرة إلى أنه من المحتمل أن تشمل إمدادات الجزائر كل أوروبا الوسطى بما في ذلك ألمانيا عبر الأراضي الإيطالية التي قد تصبح مركزا للطاقة".

من جانبه، يشرح المحلّل المالي والاقتصادي التونسي بسّام النيّفر، أن دفاع إيطاليا على الملف التونسي أمام المفوضية الأوروبية، يأتي بالأساس بسبب قلقها من ارتفاع نسب الهجرة غير الشرعية للأشخاص المتوافدين عليها.

وأشار في تصريح لموقع "تونس الرقمية" إلى أن أهم المصالح الأمنية الحالية لإيطاليا تتمثل في الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي للبلاد التونسية.

وهو ما يجعلها أكثر المساندين لتونس للحصول على دعم أوروبي وقرض من صندوق النقد الدولي، لأن ذلك من شأنه أن يسهم في دعم الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

وتضيف الوكالة الإيطالية أن مشروع الربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس، والذي صادقت بروكسل في ديسمبر/كانون الأول 2022، على تمويله بقيمة 300 مليون يورو، من شأنه أن يشكل قوة دافعة للاستثمارات الأوروبية والإيطالية في مصادر الطاقة المتجددة في شمال إفريقيا. 

في هذا الصدد، أكدت "أهمية الإشعاع الشمسي الساقط في الصحراء الكبرى الأعلى بثلاثة أضعاف مما هو عليه في أوروبا".

وتطرقت نوفا إلى إعلان وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، استقالته من منصبه بشكل رسمي مرجعا قراره إلى "أسباب عائلية". 

وقال شرف الدين في 17 مارس أمام الصحفيين "تصريحي هذا سيكون الأخير لي وأنا في منصب وزير الداخلية، الأمانة ساقتني إلى الوزارة التي كانت شرفا وثقة كبيرة من السيد الرئيس، كما لم تكن هذه المسؤولية هينة".

وعيّن الرئيس التونسي والي العاصمة تونس كمال الفقيه وزيرا جديدا للداخلية وهو خريج قانون، ومسؤول سابق في وزارة المالية وشغل منصب محافظ تونس منذ نهاية عام 2021.

ذكرت نوفا أن الوزير الجديد "شخصية قريبة جدًا من سعيد ويرث عن شرف الدين وضعا فوضويا إلى حد ما على جبهة الهجرة والأمن"، وفق قولها .

الهجرة والعنصرية

في سياق الهجرة نفسه، تطرقت إلى الاتهامات التي واجهتها تونس بالعنصرية من قبل دول إفريقية أخرى بعد أن دعا الرئيس سعيّد في تصريحات في 22 فبراير/شباط 2023 إلى وجوب اتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا إلى بلاده.

 وكان قد رأى أن هذه الظاهرة تؤدي إلى "عنف وجرائم" وتندرج ضمن "ترتيب إجرامي جرى إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس" من أجل "توطين المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا". 

في غضون ذلك، أصبحت تونس أول بلد تغادر منه القوارب المحملة بالمهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية متجاوزة بذلك ليبيا، بحسب بيانات صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية خلال مارس.

وذكرت أن ما لا يقل عن 12083 شخصا غادروا السواحل التونسية منذ بداية العام حتى 13 مارس أي بمعدل أكثر من 170 وافدا يوميا، بزيادة قدرها 788 بالمئة مقارنة بـ 1360 وافدا في الفترة نفسها من العام 2022.

وهو ما يعادل أكثر من ثلث إجمالي الوافدين غير النظاميين من السواحل التونسية طيلة عام 2022 والبالغ عددهم 32101.

وأشارت "نوفا" إلى أنه بهذا المعدل، من المحتمل أن يهاجر بشكل سري أكثر من 60 ألف شخص من تونس فقط خلال العام 2023 من التونسيين والمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الكبرى، وذلك دون احتساب الارتفاع الطبيعي للتدفقات في الصيف على ضوء تحسن الظروف المناخية.

ونقلت عن لورانس هارت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في إيطاليا ومنسق مكتب البحر الأبيض المتوسط بالمنظمة، قوله إن "المهاجرين الذين يغادرون تونس يأتون من بلدان محددة للغاية، والتي، بالنظر إلى إحصاءات هذه الأيام، هي ساحل العاج وغينيا وهي بلدان أبرمت تونس معها اتفاقية بشأن الدخول بدون تأشيرة". 

وأضاف "من ناحية أخرى، يحفز هذا الهجرة النظامية، لأن العديد من المواطنين من جنوب الصحراء الكبرى يعملون بانتظام في مختلف قطاعات الاقتصاد التونسي". 

يضاف إلى ذلك، ما أشارت إليه الوكالة بأن الحزب القومي التونسي (إصلاحي تقدمي بدأ النشاط القانوني عام 2018) يؤجج المناخ ضد المهاجرين الموجودين في البلاد.

ويتبنى الحزب القومي التونسي، الذي يعارض تحويل تونس إلى "أرض إقامة" للمهاجرين من دول جنوب الصحراء، فكرة الدفاع عن "القومية التونسية"، داعيا إلى وقف ما يصفه بـ"الاستيطان الأجصي" (اختصار لأفارقة دول جنوب الصحراء).

 وكان قد أطلق عريضة خلال فبراير، تطالب على وجه الخصوص بطرد المهاجرين غير الشرعيين وأي مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء ارتكب جريمة في تونس أو "أخل بالنظام العام".

كما يطالب الحزب أيضا بفرض التأشيرة على كل القادمين من دول إفريقيا في جنوب الصحراء وإلغاء القانون رقم 50 الذي جرت المصادقة عليه سنة 2018 والذي يعاقب على ممارسة التمييز العنصري.