ماذا يعني تصويت مالي لصالح روسيا في الاستبيان الأممي حول حرب أوكرانيا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في عشية الذكرى السنوية الأولى للحرب الروسية في أوكرانيا، طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار حظي بتأييد غالبية واسعة من الأعضاء بانسحاب "فوري" للقوات الروسية من أوكرانيا.

ومن إجمالي 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، أيدت 141 دولة القرار، وامتنعت 32 دولة عن التصويت، فيما عارضت القرار سبع دول.

ومن بين هذه الدول، تطرق موقع إيطالي بشكل خاص إلى ما يعنيه تصويت مالي التي كانت قد امتنعت في مناسبات سابقة عن التصويت على قرارات تعلقت بالأزمة الأوكرانية إلا أنها انحازت هذه المرة علانية إلى روسيا.

جولة خاسرة

وذكر "إنسايد أوفر" أنه بالإضافة إلى روسيا، عارضت القرار دول مقربة منها وحليفة لها وهي بيلاروسيا وسوريا، إلى جانب كوريا الشمالية، فضلا عن نيكاراغوا وإريتريا البعيدتين عن الديناميكيات في أوكرانيا".

ويرى أن معارضة مالي للتصويت يشكل نقطة تحول و"عنصرا غير ثانوي في السياق الدولي الحالي لا سيما مع الأخذ في الحسبان الموقع الإستراتيجي للدولة الإفريقية في المجال السياسي الجغرافي البحت".

تصويت مالي ضد قرار يدين موسكو، يرجح الموقع الإيطالي أن يفتح بشكل قاطع "اختراقا" لموسكو في منطقة الساحل  القريبة تقليديا من المصالح الفرنسية. لهذا لم يكن التصويت مفاجئا.

وعد الموقع قرار مالي الانحياز إلى روسيا أمرا جديدا لكنه لم يكن مفاجئا. 

في هذا الإطار، يشير إلى أن الدولة الإفريقية شرعت منذ سنوات في عملية تقارب بطيئة ولكنها مستمرة مع روسيا خاصة منذ أن بدأت المشاعر القوية المعادية للفرنسيين تتصاعد داخل الرأي العام وأوساط الجيش.

ولفت إلى أن "التقارب بين باماكو وباريس بدا في بداية العقد الماضي غير قابل للنقاش، خاصة على ضوء طلب المستعمرة الفرنسية السابقة والقلب النابض لمنطقة الساحل الفرنكفوني، في عام 2012 من الإليزيه التدخل العسكري لمكافحة الجماعات المتطرفة". 

في الواقع، منذ ذلك العام فصاعدا، لا سيما بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس آنذاك أمادو توماني توري، أصبحت الأراضي المالية غير قابلة للإدارة من قبل السلطات المركزية مما أدى إلى انتشار الجماعات المسلحة في شمال البلاد، يضيف الموقع.

هكذا انطلق التدخل الفرنسي من خلال عملية سيرفال في عام 2013، التي سميت بعد عام بعملية برخان قبل أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بضعة أشهر تحديدا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 انتهائها رسميا. 

استياء عام

بحسب إنسايد أوفر، انتهت العملية دون أن تكلل مهامها بالنجاح في ظل تواصل النشاط القوي للجماعات المتمردة وبالنظر إلى ما خلفته من استياء كبير. 

ويشرح بأنه بات "يُنظر إلى باريس الآن على أنها مجرد قوة استعمارية استخدمت الإرهاب ذريعة لتوسيع نفوذها في البلاد ويتردد ذلك خاصة في باماكو كما هو الحال في مدن مالي الكبرى الأخرى". 

وقال الموقع، إن هذه "الأفكار تجاه فرنسا يغذيها الأئمة وعلى وجه الخصوص الإمام محمود ديكو، بصفته رئيس المجلس الإسلامي في مالي". مؤكدا أن آراءه تحمل "وزنا سياسيا مهما للغاية" في بلد يعتنق 95 بالمئة من سكانه الإسلام.

وأشار إلى أن موسكو نجحت في وضع يدها في بلد بدأ الخطاب المناهض فيه لباريس التشكيك في العلاقات التقليدية مع "الوطن الأم السابق".

في نفس السياق، أشار إلى أنه "في نهاية العقد الماضي، غالبا ما رفعت لافتات روسية في المظاهرات التي نُظمت في باماكو". 

وشهدت البلاد انقلابين عسكريين في أغسطس/آب 2020 ومايو/آيار 2021، نفذتهما نفس مجموعة الضباط العسكريين بقيادة الرئيس الحالي، الجنرال عاصمي غويتا الذي قام بتسريع تحول الدولة الإفريقية نحو موسكو، وفق قول الموقع الإيطالي.

وفي سبتمبر/ أيلول 2021، ذكرت وكالة رويترز أن الحكومة الانتقالية المشكلة في مالي بعد الانقلاب وقعت اتفاقا مع مجموعة "فاغنر" الروسية ينص على تدريب الجيش وحماية كبار المسؤولين في البلاد. 

وينص الاتفاق، بحسب المصادر الدبلوماسية التي استشهدت بها الوكالة في ذلك الوقت، على دفع مقابل مادي بقيمة عشرة ملايين دولار شهريا. 

اختراق كبير

وفي عام 2022، أصبحت الاتصالات بين الجانبين أكثر وضوحا وفي أغسطس 2022، أفاد الكرملين في بيان بأن غويتا بحث، في مكالمة هاتفية مع الرئيس فلاديمير بوتين، الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في بلاده. 

وأكد الموقع أن امتناع مالي عن التصويت في الأمم المتحدة ضد الحرب في أوكرانيا أكد التقارب بين البلدين. 

وذكر أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان قد حل في 7 فبراير بباماكو في زيارة رسمية. 

واستنتج أن التصويت ضد قرار أممي يدين روسيا بغزوها لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 يمثل المرحلة الأخيرة من عملية تقارب دامت ما يقرب من عقد من الزمان.

ورأى الموقع أن الحصول على دعم مالي الحالي يكتسب بالنسبة للكرملين "أهمية سياسية أكثر إذ يمكن لفلاديمير بوتين أن يدعي أنه ليس معزولا وأنه في الواقع يتفوق في إفريقيا على حساب فرنسا وبالتالي الغرب".

علاوة على ذلك، يضيف بأنه يمكن لموسكو أن تضع يدها على بلد به العديد من الموارد ويمثل بوابة منطقة الساحل الإفريقي وهو الجانب الذي بدأ يثير قلقا غربيا كبيرا. 

وأردف أن قرار مالي التصويت ضد قرار الأمم المتحدة يفتح اختراقا في المنطقة الناطقة بالفرنسية في الساحل، لذلك يمكن أن يمثل اختيار باماكو سابقة من نوعها.

وأشار إلى أن الشعارات والعبارات المناهضة للاستعمار باتت تتصاعد أيضا في بوركينا فاسو المجاورة التي تمتلك تاريخا حديثا مشابها جدا لتاريخ مالي، وفق وصفه. 

وذلك في إشارة إلى انتشار الجماعات المتمردة واستيلاء الجيش على السلطة عبر انقلاب في عام 2021، كما طالب الرئيس إبراهيم تراوري في يناير من فرنسا سحب قواتها.

لذلك، خلص الموقع إلى القول إن "هناك مصارعة أذرع في منطقة الساحل، بين الغرب وروسيا لكن الموقف الأخير لمالي يرجح الكفة في الوقت الحالي لصالح موسكو".