بعدما قمعت التوتر الداخلي.. كيف تواجه إيران التهديدات الخارجية المتنامية لنظامها؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على ما اعتبرتها "الزيادة الهائلة" في الميزانية العسكرية الإيرانية، مرجعة ذلك إلى رغبة نظام الملالي في إظهار قوته خارجيا، بعدما نجح في رهانه على القمع لإنهاء التوتر الداخلي.

وأوضحت صحيفة الكونفدنسيال أن هذا الدعم سيوجه على وجه خاص لكل من جهاز الأمن الداخلي والقوات المسلحة وأجهزة المخابرات والحرس الثوري. 

سند وحيد

وقالت الصحيفة إن خمسة أشهر مرت بالتمام والكمال على اندلاع الثورة الشعبية في إيران بسبب مقتل الشابة مهسا أميني في مركز الشرطة.

ومنذ ذلك الحين، تعلمت السلطات الإيرانية عدة دروس. أهمها أن القمع يؤتي أكله عاجلا أم آجلا.

فقد أدت عمليات الإعدام والأعمال الانتقامية ضد من يحاولون إبقاء شعلة الثورة على قيد الحياة إلى إسكات الاحتجاجات تدريجيا. لكن بقي استقرار البلاد هشا للغاية. 

وبعد أن أضعف نظام الملالي عدوه الداخلي، جاءت حادثة أصفهان، المنسوبة إلى عملية إسرائيلية، لتؤكد أن العدو الخارجي ما زال يتربص بإيران. 

في الواقع، قتلت قوات الأمن بالفعل أكثر من 500 متظاهر منذ 16 سبتمبر/ أيلول 2022، بحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان الإيرانية.

ويتعرض المعتقلون للتعذيب والاغتصاب، وتم إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المحتجين في عمليات هزلية دون أي ضمان قانوني. 

بالمثل، لم تتردد قوات الشرطة والجيش عن اللجوء إلى أقصى درجات العنف عند مواجهة المتظاهرين.

ومن جانبها، تبدو السلطات مقتنعة بأن الاحتجاجات جزء مما يسمونه "الحرب الناعمة"، وهي إستراتيجية مفترضة لعدوان هجين يقوم الغرب بتنفيذه ضد البلاد.

وأفادت الصحيفة بأن إيران تراهن على مضاعفة الميزانية العسكرية أمام تنامي التهديدات الخارجية لنظامها.

وتبعا لذلك، سترتفع ميزانية الحرس الثوري هذا العام بنسبة 29.35 بالمئة، وستكون هذه النسبة بالنسبة للجيش النظامي في حدود 44.54 بالمئة.

أما حصة الشرطة من هذه الزيادة فستكون في حدود 44.68 بالمئة؛ كما سترتفع ميزانية جهاز المخابرات بحوالي 46 بالمئة. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد بسبب العقوبات والعزلة الدولية، والتي تشكل إلى حد كبير جزءا من الاضطرابات التي تغذي الاحتجاجات، حتى عام 2019، دفعت الحكومة إلى تقليص ميزانيات جهاز الأمن قدر الإمكان. 

ومع ذلك، كان على النظام أن يواجه أكبر احتجاجات منذ عقد، وذات طبيعة مختلفة تماما: على عكس ما يسمى بالموجة الخضراء لعام 2009، المدعومة قبل كل شيء من قبل الطبقات الحضرية المتعلمة وأنصار الإصلاح.

وكانت أعمال الشغب عام 2019 بقيادة مواطنين أكثر تواضعا وليسوا من السياسيين، وبالتحديد الفئة الاجتماعية التي يجب أن تكون الركيزة الأساسية لدعم الحكومة.

عموما، دفعت هذه التغييرات الحكومة إلى زيادة ميزانية الدفاع، حتى وصلت إلى الزيادة الكبيرة هذا العام.

دولة واحدة وجيشان  

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران لا تملك جيشا واحدا، بل جيشين؛ من أجل تغطية كافة أهدافها الأمنية. فهناك القوات المسلحة التقليدية والحرس الثوري.

وخلال الاحتجاجات الأخيرة، كان للمحتجين أمل في أن يقف الجيش النظامي، إلى جانبهم، إلا أن شيء لم يحدث. ولكن، كانت هناك أدلة على تورطه المتزايد في القمع.

وفي تقرير نشر سنة 2019، وصادر عن وكالة المخابرات الدفاعية الأميركية، جاء أن القوات المسلحة الإيرانية، التي كانت موجودة قبل فترة طويلة من الثورة الإيرانية، تركز على الدفاع ضد التهديدات الخارجية.

أما مهمة الحرس الثوري الإيراني، التي تشكلت من مليشيات مسلحة أثناء الثورة، فهي الدفاع عن النظام من أي تهديد، خارجي أو داخلي". 

وبينما يدين الجيش النظامي بالولاء للرئيس، يتعين على الحرس الثوري فقط تقديم تقاريره إلى المرشد آية الله خامنئي، وتتمثل مهمته في "حماية رجال الدين الشيعة ودفع الثورة الإسلامية في الداخل والخارج". 

وأوضحت الصحيفة أن إيران تملك حوالي 610 ألف عسكري، منهم حوالي 420 ألف ينتمون إلى الجيش النظامي، فيما ينتمي البقية إلى الحرس الثوري الإيراني.

ويضاف إلى ذلك 450 ألف جندي احتياطي آخر من مليشيا الباسيج؛ مما يشكل ما مجموعه أكثر من مليون مقاتل محتمل.  

ووفقًا لتقرير آخر صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، فإن "إيران في أحسن الأحوال قوة إقليمية متوسطة المستوى" من الناحية العسكرية.

وتشير الوثيقة إلى أن "الإنفاق الدفاعي الإيراني كنسبة مئوية من ناتجها المحلي الإجمالي يتخلف عن مثيله في دول أخرى في المنطقة، مثل السعودية وإسرائيل".

ومع ذلك، فإن لديها عدد كبير نسبيا من القوات والدبابات والطائرات، على الرغم من أن بعض هذه المعدات قديمة وتعاني من مشاكل في قطع الغيار والإمداد.

وأفادت الصحيفة بأن كلا من الجيشين يملك قوات برية وبحرية وجوية، على الرغم من وجود بعض الاختلافات.

فبينما ينتشر الجيش النظامي بشكل رئيسي في المناطق المجاورة للعراق، ينتشر جزء من الحرس الثوري الإيراني في القتال ضد المسلحين الأكراد في غرب البلاد، وضد البلوش في الشرق. 

بالإضافة إلى ذلك، ينظم الحرس الثوري في 31 هيئة إقليمية، بالإضافة إلى هيئة أخرى لمدينة طهران، مما يعكس طبيعته الدفاعية ضد التهديدات الداخلية المزعومة.

وبالمثل، في حين أن البحرية النظامية مسؤولة عن خليج عمان وتعمل في المياه العميقة في المنطقة وخارجها، فإن القوة البحرية للحرس الثوري مسؤولة عن الخليج العربي ومضيق هرمز. 

وبينما يتعامل الجيش النظامي مع القوات الجوية الكلاسيكية مثل المقاتلات والمروحيات، فإن الحرس الثوري مسؤول عن القوة الصاروخية.

الصواريخ والمسيرات

ونقلت الكونفدنسيال أن المخابرات الأمريكية أكدت، في اجتماع أمام مجلس الشيوخ سنة 2019، أن "إيران تملك أكبر قوة صاروخية باليستية في الشرق الأوسط".

فمع أكثر من عشرة أنظمة في مخزونها أو قيد التطوير، ومخزون من مئات الصواريخ التي تهدد جيرانها في المنطقة، ويمكنها ضرب أهداف تصل إلى ألفي كيلومتر انطلاقا من حدودها.

ومنذ ذلك الحين، استمرت القدرات العسكرية الإيرانية في التحسن. وقد تجلى ذلك حديثا في الحرب في أوكرانيا، حيث تم استخدام الطائرات الإيرانية دون طيار ضد البنية التحتية الحيوية للبلاد، مع عواقب وخيمة.

في الواقع، على الرغم من أن إيران لا تملك تحالفا عسكريا رسميا مع روسيا، تشير المصادر الروسية إلى أن أحد أهداف طهران في التعاون مع الجهود العسكرية الروسية في أوكرانيا هو الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية المتقدمة في بعض المجالات.  

وفي الحقيقة، ما يميز القوات الإيرانية قبل كل شيء هو قدرتها على شن حرب غير تقليدية.

وفي هذا السياق، تشير الصحيفة الإسبانية إلى تحليل أجرته خدمة أبحاث الكونغرس الأميركية إلى أن "إيران تعوض عيوبها العسكرية التقليدية من خلال التركيز على الحرب غير المتكافئة". 

تحديدا، في حالة حدوث نزاع في مياهها الإقليمية، تفكر العقيدة الإيرانية في تطبيق تقنيات المتمردين على الفضاء البحري، وشن هجمات متعددة في وقت واحد مع العديد من الزوارق السريعة المسلحة بصواريخ مضادة للسفن.

وذلك لجعل من الصعب نظريا على خصم أقوى من الناحية النظرية تحييدها. كما تلعب المليشيات المدعومة من طهران والجماعات المرتبطة بها في الخارج أيضا دورا في هذا المخطط.