توقعات بثورة عالمية بسبب الليثيوم خلال 2023.. سلاح جديد في حرب الطاقة

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إسبانية إن "الصين أكبر عنصر فاعل في سوق الليثيوم العالمية، المادة الأساسية في تحول الطاقة، ورغم وجود احتياطيات متواضعة لكن تبقى مهمة عكس هذه الهيمنة غير السهلة".

وأوضحت صحيفة "الكونفدنسيال" أن "الليثيوم أخف العناصر الصلبة وأقلها كثافة، وهو معدن ضروري لإنتاج بطاريات أيونات الليثيوم، والتي تشكل حجر الأساس في خطة مستقبل يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة".

وشددت على أن "امتلاك مخزون من موارد الطاقة ارتبط تاريخيا بالنفوذ الجيوسياسي".

نفوذ هائل

وقالت الصحيفة: "في الواقع، منح التعطش العالمي للوقودي الأحفوري لروسيا نفوذا وقدرة هائلة لممارسة نوع من الضغط على أوروبا، وحوّل السعودية إلى حليف أساسي للولايات المتحدة، كما جعل قطر تستضيف مونديال 2022".

وأضافت "مع ذلك، في خضم انتقال الطاقة حيث أصبحت القدرة على تخزين الكهرباء بنفس أهمية إنتاجها، يقلب معدن الليثيوم الجغرافيا السياسية الكلاسيكية للطاقة رأسا على عقب". 

ونوهت الصحيفة بأن "الليثيوم لا يوجد بشكل نادر على الأرض، مثلما هو شائع".

فيما أكد ذلك أستاذة الاقتصاد في جامعة "باريس ساكلاي" المتخصصة في الطاقة، ماريا يوجينيا سانين، خلال مقابلة مع "الكونفدنسيال"، أن "أول أسطورة حول الليثيوم جرى دحضها، وهي القائلة إن هذا المعدن أرض نادرة أو مورد نادر، على عكس ذلك، فإن الليثيوم شائع جدا".

واستطردت: "عموما، هو العنصر 33 الأكثر وفرة في الطبيعة، وهناك رواسب في معظم أنحاء الكوكب، لكن، المصادر المربحة اقتصاديا عند استخراج هذا المعدن محدودة للغاية".

وفي السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال سبتمبر/أيلول 2022، إن "الليثيوم والأتربة النادرة ستكون قريبا أكثر أهمية من النفط والغاز".

وأشارت "الكونفدنسيال" إلى أن "البلد المهيمن على سوق الليثيوم العالمي هو الصين دون أي شك".

وذكرت أنه "في الواقع، على عكس حالة السعودية أو روسيا مع الهيدروكربونات، فإن العملاق الآسيوي ليس غنيا بشكل خاص بهذا المورد، حيث تبلغ الاحتياطيات المحددة في البلاد ما يقرب من نصف احتياطيات الولايات المتحدة ويعادل إنتاجها إنتاج البرتغال".

ومع ذلك، فإن هيمنة الشركات الصينية في هذا القطاع لا جدال فيها، مع وجودها في خط إنتاج البطاريات بأكمله، من التحكم في سلاسل التوريد إلى التكرير والمعالجة والتصنيع وإعادة التدوير. 

وعام 2022، اعترف الرئيس التنفيذي لشركة أميريكان ليثيوم، سيمون كلارك، بتفوق بكين في هذا القطاع، ويرجع ذلك إلى أن البلاد كانت تستثمر بكثافة في تقنيات الطاقة المتجددة لأكثر من عقد من الزمن.

وكشف كلارك أنه "على مدى عقود، تمكن الصينيون من الحصول على بعض أفضل أصول الليثيوم في العالم، وقد قاموا بأعمالهم بهدوء وطوروا معرفة واسعة ببناء تقنية أيونات الليثيوم". 

ضرورة إستراتيجية

وأوضحت "الكونفدنسيال" أن "الشركات في الصين لا تمتلك فقط ما يقرب من 60 بالمئة من قدرة العالم على معالجة منتجات الليثيوم، ولكنها استثمرت أيضا في مشاريع الاستخراج، ووقعت عقودا طويلة الأجل لضمان الإمدادات من الدول المنتجة الرئيسية".

وكان العملاق الآسيوي أحد المسؤولين الرئيسيين عن خفض سعر هذا المعدن بنسبة 97 بالمئة خلال العقود الثلاثة الماضية.

وفي الوقت الراهن، تبلغ تكلفته في الصين حوالي 127 دولارا للكيلوواط/ ساعة، بينما ترتفع هذه التكلفة في الولايات المتحدة وأوروبا بنسبة 24 بالمئة و33 بالمئة على التوالي.

ومن منظور اقتصادي بحت، فإن التزام بكين الكبير بالليثيوم جلب نفسا من الهواء النقي إلى تحول الطاقة الناشئ، لأنه يقلل من التكاليف العالمية لتخزين الكهرباء وإنتاج مركبات غير ملوثة، ولكن عندما يتعلق الأمر بأمن الطاقة، فإن الهيمنة الصينية تعني صداعا كبيرا للحكومات الغربية.

وتجدر الإشارة إلى أنه في أعقاب صدام بين الصين واليابان قرب جزر سينكاكو/دياويوتاي - أسماء مختلفة اعتمادا على الدولة التي تدعيها- علقت بكين جميع مبيعات الأرض النادرة إلى طوكيو عام 2010.

وفي نفس السنة، فرضت الحكومة الصينية قيودا على تصدير هذه المواد التي رفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 700 بالمئة.

وأمام هذا الوضع، ناشد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والحكومة اليابانية منظمة التجارة العالمية وتمكنوا من إزالة القيود خلال سنة 2015.

وكشفت الصحيفة أن "الضرورة الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالليثيوم تتمثل في بناء سلاسل التوريد بالسرعة الكافية لتلبية أهداف إزالة الكربون مع تخفيف الاعتماد على البطاريات الصينية الصنع".

وتابعت: "هنا تدرك المفوضية الأوروبية جيدا هذا الإلحاح، ولهذا السبب أدرجت الليثيوم عام 2020 في قائمة المواد الخام المهمة المعرضة لخطر النقص".

ومع ذلك، فإن "المشاريع التي أطلقتها أوروبا صغيرة الحجم ويخشى العديد من الخبراء من أنها لن تكون كافية".

وفي الوقت نفسه، تملك بروكسل أيضا خططا لمحاولة جعل القارة رائدة في إعادة تدوير البطاريات، مما قد يخفف جزئيا من أوجه القصور الأخرى فيها، تقول "الكونفدنسيال".

تعقيدات هائلة

ولكن الطلب على الليثيوم الناجم عن التحول نحو السيارات الكهربائية، أدى إلى زيادة سعر المعدن تسعة أضعاف منذ 2020، ولهذا فمن المحتمل أن تكون حسابات معظم الحكومات الأوروبية "قد تغيرت".

ومع الأخذ بعين الاعتبار هذا العامل، إلى جانب عجز العرض الهيكلي المتوقع أن يستمر لسنوات، فإن الصراع على الموارد سيكون حادا طوال هذا العقد.

وأشارت الصحيفة إلى أن "كل العيون تتجه إلى مثلث الليثيوم عند الحديث عن النقص في هذا المعدن".

وتقع هذه المنطقة في ركن الأنديز بأميركا الجنوبية، على امتداد حدود الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، وتحتوي على ما يقرب من 58 بالمئة من موارد الليثيوم على كوكب الأرض، وفقا للمسح الجيولوجي للولايات المتحدة.

وأوضحت الصحيفة أن "عملية استخراج هذا المعدن في مثلث الليثيوم تتضمن تعقيدات هائلة، من المساحة الزمنية إلى المساحة الجغرافية، وأهمها التعقيد البيئي".

وذكرت أن "هذا الأمر يتطلب حوالي 70 ألف لتر من الماء لإنتاج طن واحد من الليثيوم".

وشددت "الكونفدنسيال" على أن "هذا الرقم يمثل تحديا كبيرا في المناطق الصحراوية، والتي كثيرا ما تتعرض لضغط مائي كبير".

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما إذا كان الكوكب قادرا، على المدى المتوسط ​​أو الطويل، على إنتاج ومعالجة وإعادة تدوير ما يكفي من الليثيوم لتلبية الحاجة إلى البطاريات التي يفرضها انتقال الطاقة".

وتابعت: "لكن، ما يبدو واضحا هو أنه على المدى القصير، سيكون من الصعب جدا حل مشكلة إمدادات الليثيوم".