رستم قاسمي.. وزير إيراني يمهد طرق "الحرس الثوري" ويضاعف مداخيله

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبرز وزير الطرق وإنشاء المدن الإيراني الجنرال رستم قاسمي، الذي تولى منصبه عام 2021، كشخصية "عميقة" تشرف على ملفات محلية وإقليمية.

ويتمتع قاسمي بخلفية عسكرية اكتسبها من تمرسه داخل الحرس الثوري الإيراني منذ مطلع ثمانينيات القرن العشرين، قادته لنيل ثقة المرشد علي خامنئي.

ويبدو الشخصية الأكثر قدرة على حمل الرسائل، وبات بمثابة صندوق بريد لرئيس النظام السوري بشار الأسد حليف إيران الأول في الشرق الأوسط، كونه يحمل على عاتقه طرق تمويل الحرس الثوري.

إذ التقى قاسمي للمرة الثانية منذ عام 2022 الأسد في دمشق في 6 أكتوبر/تشرين الأول، وبحثا العلاقات الاقتصادية، وتعزيز الروابط الاستثمارية واستكمال التعاون في القطاعات الخدمية الحيوية كالكهرباء والنقل البري.

وسبق أن التقى قاسمي، الأسد بدمشق في 12 يناير/كانون الثاني 2022، وأكد حينها على تويتر، أن "الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية التي أبرمها في زيارته، ستحيي العديد من الفرص الضائعة، للفاعلين الاقتصاديين والتنمويين وتوفر فرص عمل لشبابنا، والكثير من القيمة المضافة للمستثمرين الإيرانيين".

النشأة والتكوين

ولد رستم قاسمي عام 1950 في بلدة رشت بمحافظة غيلان شمال إيران، لأب برز كرجل أعمال وسياسي، وبلغ به الأمر ليشغل منصب المحافظ فيها من 1980 إلى 1988.

وحصل قاسمي من جامعة أريامهر للتكنولوجيا على شهادة في الهندسة المدنية في إدارة مشاريع النفط والغاز.

ويعد قاسمي أحد المهندسين القادة في مليشيا الحرس الثوري الإيراني الذي تأسس عام 1979.

خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) التي خلفت أكثر من مليون قتيل من الطرفين غالبيتهم من الإيرانيين، تدرج قاسمي في العديد من المناصب القيادية العسكرية في إيران.

فمن قائد الوحدات القتالية إبان فترة الحرب المذكورة إلى قائد سلاح الهندسة البحرية، ثم قائد بناء قاعدة "نوح" البحرية بالحرس الثوري التي تعمل على إنشاء الأنفاق والمنشآت تحت الأرض وكذلك تتولى مشاريع الغاز والبتروكيماويات والنفط وبناء المراسي.

يحمل قاسمي رتبة جنرال وذلك بعدما تدرج في الحرس الثوري الذي انضم إليه 1981 عقب تخرجه في الجامعة.

ويعد رستم قاسمي الشخصية المحافظة والمتشددة، كذلك نائبا لقائد الحرس الثوري للشؤون الاقتصادية.

ويعد قاسمي، الاسم الذي دفع به الحرس الثوري للترشح للرئاسة بدورتها الثالثة عشر في يونيو/حزيران 2021، قبل أن ينسحب من السباق لصالح الرئيس الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي.

تولى بعض المناصب الإدارية الأخرى كعضو غرفة التجارة والصناعة والمناجم في إيران وطهران والمدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركت مهندسي الطاقة والنفط.

ثم أصبح قاسمي مديرا لشركة بناء سفن "الخليج الفارسي" المعروفة بـ "ايزوايکو"، وهو ما أهله ليكون الأمين العام لمجلس الصناعة البحرية.

كما كان برلمانيا لثلاث دورات متتالية بدءا من انتخابات عام 1988 وحتى عام 2000، إذ انتخب لدورتين أخريين في انتخابات 1992 و1996.

وشغل قاسمي منصب وزير النفط التاسع في عهد الجمهورية الإيرانية من 2011 إلى 2013، خلفا لمسعود مير كاظمي.

كما تولى قاسمي قيادة مجمع "خاتم الأنبياء" من 2007 إلى 2011، وهو المؤسسة المالية الأقوى للحرس الثوري وله عقود شراكة مع الحكومة لتنفيذ عدد كبير من المشروعات العمرانية والخدمية والصناعية والإنمائية والنفط والاتصالات ومحطات الماء والكهرباء.

عين قاسمي وزيرا للطرق وبناء المدن في إيران عام 2021 خلفا لمحمد إسلامي، وتسلم من وقتها كذلك رئاسة الجانب الإيراني في "اللجنة السورية الإيرانية المشتركة".

عسكري واقتصادي

استطاع قاسمي نيل ثقة خامنئي، ويصبح أحد رجالات الحرس الثوري الذين يديرون مشاريعه وعلاقاته في إيران، وحتى مع دول إقليمية.

كما بدا قاسمي "كرجل دولة" خلال تصريحاته الإعلامية التي ناكف بها الغرب إبان شغله لمنصب وزير النفط (أغسطس/آب 2011 حتى ذات الشهر من عام 2013) من خلال سعيه لتوسيع حصة إيران في السوق العالمي للنفط.

ومنها حينما زعم في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2012 بالقول: "إن العالم لا يمكنه أن یستغني عن النفط الإیراني نظرا لجودته وتأثیره المباشر على أسعار النفط الخام فی الأسواق العالمیة".

ويتهم قاسمي خلال توليه مجمع "خاتم الأنبياء" بشراء شركة "صدرا" لصناعة السفن لصالح الحرس وفتح الطريق لعمليات التهريب النفطية من خلالها.

كما يشرف قاسمي على شبكة واسعة تشرف على مبيعات النفط الإيراني نيابة عن الحرس الثوري.

وأسند إلى الجنرال قاسمي جزء من مسؤوليات القائد السابق لـ "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري قاسم سليماني الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار العاصمة بغداد في يناير/ كانون الثاني 2020.

وتفيد تقارير صحفية بأن قاسمي سهل أيضا تعاملات بيع النفط لقائده في فيلق القدس قاسم سليماني، ووفر المبالغ الطائلة له لتمويل مليشياته في الشرق الأوسط.

وبهذه الطريقة نجح سليماني بتمويل حزب الله اللبناني ومن ثم النظام السوري عقب اندلاع الثورة وتدخل إيران عام 2012 لسحقها ومنع سقوط الأسد، فضلا عن مليشيا الحوثي في اليمن.

وفي هذا السياق، اعترف قاسمي في 21 أبريل/نيسان 2021 بوجود "عدد قليل من المستشارين من الحرس الثوري لا يتجاوز عددهم أصابع اليد" في اليمن.

وأضاف أن الحرس الثوري قدم السلاح للحوثي في بداية الحرب، ودرب عناصر من قواتها على صناعة السلاح، وفق ما جاء في مقابلة مع "روسيا اليوم".

وفي وقت تجتهد فيه إيران لبناء مدارج للطيران المسير في عدة مناطق بسوريا منها في منطقة الحيدرية شرقي دير الزور، يبرز دور قاسمي في هذا الإطار.

ويمسك قاسمي بملف تنفيذ مشروع "الربط السككي" بين إيران والعراق وسوريا الذي يهدف لأن تصبح صادرات طهران إلى العراق أقل كلفة وأكثر أمانا، على أن يربط هذا الخط بالبحر المتوسط مستقبلا إلى ميناء اللاذقية السوري.

إذ أعلن قاسمي خلال زيارته إلى بغداد في 26 ديسمبر/كانون الأول 2021 توقيعه اتفاقا مع الحكومة العراقية، يقضي ببدء أعمال مشروع "الربط السككي" بين مدينتي "شلمجة" الإيرانية والبصرة العراقية بطول 32 كلم، بعد توقف لسنوات طويلة.

ويسهم قاسمي وفق خبراء اقتصاديين في تقديم نصائح لنظام الأسد في مجالات تتعلق بالتشييد وبناء البنى التحتية وخاصة مع نضوب الاستثمارات الأجنبية بسوريا راهنا.

وخلال زيارته إلى سوريا في ینایر/كانون الثاني 2015، طمأن حكومة النظام السوري بأنه وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط الإيراني 50 بالمئة، فإن بلاده ستستمر في تزويد سوريا بالنفط.

كما يشرف قاسمي على تطوير ممر النقل الدولي بين أذربيجان وروسيا وإيران الذي جرى التوقيع عليه من الدول الثلاث في 10 سبتمبر/أيلول 2022، الهادف لنقل 30 مليون طن من البضائع سنويا عبر هذه الدول بحلول عام 2030.

رجل المرشد

وتكمن أهمية الرجل العسكري في تعيينه وزيرا للنفط. ولا بد أن يحظى من يتولى هذا المنصب بثقة المرشد علي خامنئي المطلقة، لتداخل السياسات العامة في الوزارة مع المصاريف الخاصة على تطوير البرنامج النووي الإيراني لأغراض عسكرية.

وكان إنتاج إيران اليومي ما يقرب من 3.5 ملايين برميل، ويشكل القطاع النفطي 80 بالمئة من موارد إيران من العملات الأجنبية بالإضافة إلى امتلاكها ثاني أكبر مخزون للغاز الطبيعي في العالم.

ويعد النفط حاليا المنتج الوحيد للإيرادات الإيرانية، وتستخدمه طهران بشكل أساسي لتلبية احتياجاتها المالية أولا واحتياجات حلفائها المالية ثانيا.

إذ يشغل قاسمي بأمر من المرشد علي خامنئي منصب مستشار "مقر الاقتصاد المقاوم"، الذي يدعم الاقتصاد الإيراني لمواجهة العقوبات.

فلقاسمي خبرات مهنية كبيرة في مجال تشييد خطوط البترول والغاز، وأشرف على بناء الموانئ الكبيرة والخدمات النفطية في ماهشار، وتجديد وتركيب منصات النفط في جزيرة سري.

وفي هذا الصدد يؤكد "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" أن قاسمي خلال فترة توليه منصب وزير النفط زمن رئاسة أحمدي نجاد، جمع أرباحا فلكية، وملأ جيوبه وجيوب الحرس الثوري الإيراني عبر الاختلاس والرشاوى، وأيضا من خلال سيطرته على شركات النقل والتأمين.

وبحسب المجلس، فإن قاسمي كان ينقل بانتظام عقود النفط الخام إلى رفاقه في الحرس الثوري الإيراني.

في سبتمبر 2019 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قاسمي ونجله بسبب شبكة شحن نفطية يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني، تعرف باسم "شبكة شحن النفط مقابل الإرهاب".

كما يشارك قاسمي بشكل كبير في الدعم المالي لرأس النظام السوري بشار الأسد، ونقل براميل النفط الخام إلى مليشيا حزب الله اللبناني المدعوم بالسلاح والمال من إيران، وفق تقرير للمجلس ذاته في 18 مايو/أيار 2021.

تعرض قاسمي لعقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا بسبب ضلوعه في البرنامجين النووي والصاروخي الباليستي الإيرانيين المثيرين للجدل.

في عام 2012 أدرج اسم رستم قاسمي في قائمة أقوى 500 شخصية مؤثرة في العالم بصفته وزيرا للنفط الإيراني، والتي تنشرها كل عام مجلة "فورين بوليسي".