"نجاح دبلوماسي".. لوموند: اتفاقية الحبوب تعزز وساطة تركيا بين روسيا والغرب

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، في 5 أغسطس/ آب 2022، مغادرة 3 سفن محملة بالذرة موانئ أوكرانيا، بموجب اتفاقية شحن الحبوب، بعد أولى غادرت قبل أسبوع وتجاوزت مرحلة التفتيش بإسطنبول، قبل انتقالها لوجهتها النهائية في لبنان.

وفي 22 يوليو/ تموز 2022، وقعت تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" خلال اجتماع استضافته مدينة إسطنبول.

وتعليقا على هذه التطورات، رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن اتفاق إسطنبول يعد نجاحا دبلوماسيا لتركيا، إذ يعزز صورة الرئيس رجب طيب أردوغان على الساحة الدولية، ويعيد مركزية تركيا الجيوسياسية، ويعزز مكانتها كوسيط محايد بين روسيا والغرب.

نجاح كبير

وذكرت الصحيفة الفرنسية أنه وبعد تأمين مرور أول سفينة شحن للحبوب الأوكرانية عبر الممر البحري لإسطنبول، ذهب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 5 أغسطس في سوتشي، للحديث بشكل خاص عن أوكرانيا وسوريا.

وبعد مغادرتها أوديسا جرى تفتيش سفينة "رازوني" التي كانت محملة بـ26 ألف طن من الذرة في 3 أغسطس، عند مدخل مضيق البوسفور، من قبل فريق من الأوكرانيين والروس والأتراك والأمم المتحدة.

وبمجرد اكتمال التفتيش أطلقت الرازوني صفارات الإنذار قبل دخولها المدخل الشمالي لمضيق البوسفور واستمرت في طريقها إلى ميناء طرابلس اللبناني.

وقالت الصحيفة إن عملية التفتيش تلك قد جرت دون عوائق. 

ونجحت الممرات الأمنية المفتوحة في البحر الأسود، ولم يستمر التفتيش أكثر من ساعة، ولأول مرة منذ بدء الغزو الروسي تمكنت أوكرانيا من إخراج أول شحنة من الحبوب.

وتكرس العملية نجاح الاتفاقيات الموقعة بشكل منفصل بين موسكو وكييف، في 22 يوليو، في إسطنبول، تحت رعاية تركيا والأمم المتحدة.

وتمكن جزء صغير من الحبوب المحجوبة في أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي في 24 فبراير/ شباط 2022 من المغادرة عبر البحر الأسود وتصديرها.  

ومن المتوقع وصول السفن الأخرى من مدينة أوديسا، وأيضا من ميناء تشورنومورسك ويوجني، وهما الموانئ الأوكرانية الأخرى المذكورة في الاتفاقية.

وفي هذا الصدد قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لوكالة الأناضول الرسمية إنه "وضع لطيف للغاية ونفخر به".

واستذكر بهذه المناسبة الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلتها بلاده والتي مكنت من توقيع اتفاقية صادرات الحبوب.

وبحسب الجانب التركي، من المتوقع أن تستخدم السفن الأخرى الممرات البحرية الآمنة في الأيام المقبلة.  

وبحسب كييف، فإن 17 سفينة شحن محملة بحوالي 600 ألف طن من السلع الزراعية جاهزة للمغادرة. 

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على تويتر بعد رحيل سفينة رازوني "نأمل أن تستمر العملية دون انقطاع أو مشاكل".  

وأعرب عن تفاؤله الشديد، وأمله في أن تساعد الاتفاقية على تعزيز الثقة بين موسكو وكييف، إلى حد دفع الأطراف المتحاربة "إلى وقف إطلاق النار وسلام دائم".

صورة أردوغان

وشددت الصحيفة الفرنسية على أن نجاح اتفاق إسطنبول يعزز صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الساحة الدولية.

وأضافت أنه يعيد أيضا مركزية تركيا الجيوسياسية، ويعزز مكانتها كوسيط محايد بين كييف، التي تزودها بالطائرات بدون طيار، وموسكو، التي تعتمد عليها في أمنها الطاقي و الغذائي.

وأوضحت أن 45 بالمئة من الطاقة المستهلكة في تركيا تأتي من روسيا، و70 بالمئة من القمح الذي تستورده أنقرة روسي.  

وادعت أن من هذا القمح تنتج تركيا الطحين والمنتجات الغذائية التي تصدرها بعد ذلك إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

وقالت إنه استنادا إلى قوة هذا "النجاح الدبلوماسي"، فإن الرئيس أردوغان كان لديه "أوراق جيدة في جيبه" خلال لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بحسب الكاتب التركي في صحيفة ديلي صباح الموالية للحكومة التركية قدري ناجحان ألجي.

وذكرت أن "سيدي" البحر الأسود، أردوغان، الذي يغلق المضائق، وبوتين، الذي يمنع التدفقات التجارية من خلال حصاره البحري، التقيا في سوتشي.

وأضافت أنهما "بحثا فعالية هذه الآلية لتصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية".

كما ناقشا الوضع في أوكرانيا وسوريا، حيث يريد الرئيس التركي التدخل عسكريا لطرد الأكراد السوريين المسلحين من وحدات حماية الشعب (ي ب ك)، وهم حلفاء أميركا. 

وتلك الوحدات الكردية التي تتهمها تركيا بأنها "إرهابية" هي الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، الذي تصنفه تركيا وأميركا "تنظيما إرهابيا".

مباركة الكرملين 

وأكدت الصحيفة الفرنسية أن مباركة الكرملين ضرورية للرئيس التركي الذي يخطط لتنفيذ عملية عسكرية في مدينتي تل رفعت ومنبج الواقعة غربي الفرات وتسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.  

ومع سيطرة روسيا على المجال الجوي، يجب على تركيا الحصول على الضوء الأخضر من سيد الكرملين قبل التدخل في الأراضي السورية.

وتوج أردوغان بنجاحه في اتفاقية الحبوب، التي تفيد روسيا إلى حد كبير، وقد تعامل بثقة في الاجتماع الأخير بسوتشي.  

إذ إنه وبفضل الوساطة التركية حصلت موسكو على ضمان بأنها يمكنها أيضا تصدير الحبوب والأسمدة، على الرغم من العقوبات الغربية.  

وستتمكن بعض البنوك الروسية، بما في ذلك بنك روسيا، المرتبط ارتباطا وثيقا بفلاديمير بوتين من استخدام بعض أصولها المجمدة من قبل الاتحاد الأوروبي بمجرد استخدام هذه الأموال في المعاملات الغذائية.

وهكذا أصبح المنتجون الزراعيون الروس مطمئنين الآن إلى أنه لن يتم تجميد أصولهم.  

وتحبذ الاتفاقية حاشية رئيس الدولة الروسية لأن سوق الحبوب يهيمن عليه كبار المزارعين القريبين من السلطة. 

حيث يشرف على تطوير قطاع الحبوب في روسيا الوزير ديمتري باتروشيف، الابن الأكبر لأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف. 

في حين إن مالكي مجموعة "ديميترا" القابضة، ثاني أكبر مصدر للحبوب في روسيا، هم بنك "في تي بي" ومجموعة "ماراثون"، المملوكين من قبل ألكسندر فينوكوروف، صهر وزير الخارجية سيرجي لافروف.

وأكدت الصحيفة أن "هذه الإعفاءات تتعلق بشكل صارم بالمنتجات الزراعية، لكنها يمكن أن تفتح أيضا بعض أصول البنوك المرتبطة بالدائرة الداخلية لبوتين والمجمع الصناعي العسكري الروسي".