وليد الإبراهيم.. مالك قنوات إم بي سي السعودية "المنبوذ" في عهد ابن سلمان

أحمد يحيى | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بدوره البارز، ساهم رجل الأعمال السعودي وليد الإبراهيم، المقرب من الديوان الملكي، ومالك قنوات مركز تلفزيون الشرق الأوسط "إم بي سي" الشهيرة، في تغيير هوية الشعب السعودي، نحو انفتاح مكتوم في الماضي، وتحرر مقصود في الحاضر.

وقبل أن تعرف الرياض مواسم الترفيه وليالي الحفلات الطويلة، على شرف ولي العهد محمد بن سلمان، كانت "إم بي سي"، إمبراطورية ظل سعودية نافذة قبل عقود، تقام فيها الاحتفالات الصاخبة وتحتفي بنجوم الوطن العربي والعالم، إضافة إلى دورها السياسي في توجيه الرأي العام داخل المملكة وفي مختلف أنحاء الوطن العربي.

مالك القنوات الشهيرة، وليد الإبراهيم (60 عاما) لم يقف عند هذا الحد فقط، بل حول مجموعاته الإعلامية إلى "سلاح فتاك" في مواجهة ثورات الربيع العربي في مصر واليمن وليبيا وتونس وغيرها من الدول التي كانت ترزح تحت سلطة ديكتاتورية عسكرية.

صهر الملك

ولد "الشيخ وليد بن إبراهيم بن عبد العزيز آل إبراهيم"، وشهرته وليد الإبراهيم عام 1962 بالعاصمة الرياض، حيث ينتمي لأسرة آل إبراهيم، من أهم عائلات المملكة الذين تولوا مناصب إدارية رفيعة داخل الدولة، إضافة إلى مصاهرتهم الملوك، وكثير من أمراء آل سعود البارزين.

وشقيقة وليد، الجوهرة بنت إبراهيم آل إبراهيم، ، هي آخر زوجات الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، وأنجبت منه ابنها عبدالعزيز، وبالتالي فإن وليد هو صهر الملك، وخال ابنه.

ومن ناحية أخرى، فإن وليد ينتمي إلى عائلة آل إبراهيم النافذة، فجده ووالده عاصرا الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، مؤسس المملكة، وكانا من رجاله المخلصين.

وعاش وليد في كنف والده إبراهيم بن عبد العزيز الإبراهيم، الذي تولى مناصب مهمة في عهد الملك عبد العزيز وأبنائه من بعده الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد. 

وكان إبراهيم الإبراهيم والد وليد، قد شغل مناصب عدة داخل الدولة، أهمها وكيل منطقة مكة المكرمة، ومستشار وزير الداخلية، وأخيرا أمير منطقة الباحة في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد، إلى أن توفي عام 1986 في حادث مأساوي، عندما جرف السيل سيارته في وادي الروضة بمنطقة حائل، ليلقى حتفه غرقا. 

مات الأب تاركا لأبنائه وعلى رأسهم وليد ثروة طائلة، والأهم نفوذا متعاظما داخل البلاط الملكي.

مؤسس MBC

وكان الإبراهيم على شاكلة الجيل الثاني من حكام ورجال الدولة في المملكة، حيث نال قسطا من التعليم خارج البلاد، وتلقى تعليمه في ولاية أوريغون بالولايات المتحدة الأميركية خلال الثمانينيات، عندما درس الإعلام وتأهل فيه هناك. 

ومع عودته، بدأ اسمه يصعد عام 1990، إذ كان مساهما، وعضو مجلس إدارة في "United Press International". 

وفي 18 سبتمبر/أيلول 1991، أطلق الإبراهيم قنوات "MBC" أو "شبكة تلفزيون الشرق الأوسط" تحت إشرافه مباشرة، وكانت ضمن أولى القنوات العربية الخاصة غير المشفرة، ومثلت ثورة عربية في عالم الفضائيات آنذاك. 

وقبل أن يوجد رئيس هيئة الترفيه في المملكة، تركي آل شيخ، كان وليد رائدا من خلال مجموعة قنواته الحديثة، حيث حرص على استنساخ البرامج التلفزيونية الأميركية وتقديمها للمشاهد السعودي والعربي بكل فيها من متغيرات أخلاقية وثقافية عن قيم المجتمعات المحافظة وعاداتها.

وقد اعتبرت شبكة MBC، بقطاعها الترفيهي موجة للمد الغربي، أما على المستوى السياسي فكانت المعبرة والحاملة لآراء العائلة المالكة السعودية.

وفي 29 يونيو/حزيران 2017، ورد ذكر "إم بي سي"، ووليد الإبراهيم، في إحدى تسريبات موقع "ويكيليكس". 

وفي إحدى الوثائق التي تتحدث عن لقاء الإبراهيم مع شخصيتين أميركيتين في مقهى بمدينة جدة، قال إن "الحكومة السعودية هي التي تدعم هذا الانفتاح للقنوات وترى أنها مضادة للفكر المتطرف، وأن الحرب الفكرية هي السائدة هنا والإعلام عبر قنوات مثل MBC وروتانا، لها أثر في فكر المواطن العادي".

ورغم أن الإبراهيم كان واجهة شبكة القنوات، لكنها ارتبطت بشكل خفي بالملك فهد بن عبدالعزيز، خاصة وأن نصف أسهم المجموعة مملوكة لابن الملك الراحل فهد وابن أخيه عبد العزيز بن فهد.

وسرعان ما توسع الإبراهيم بالمجموعة بعد إطلاق عدد من القنوات السينمائية والتلفزيونية الإضافية بما في ذلك MBC 2، MBC 3 ،MBC 4 وMBC action، كما أطلقت MBC الفارسية وMBC بوليوود.

وفي فبراير/شباط 2003، أطلق الإبراهيم قناة "العربية" بهدف تقديم بديل لقناة "الجزيرة" القطرية، التي اعتبرت مهددة لروايات النظام السعودي وبعض الأنظمة العربية الأخرى. 

أخطبوط الفساد

وعن مدى سطوة وقوة وليد الإبراهيم أنه تم اختياره عام 2007 ليكون في المرتبة الـ27 ضمن أكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم، حسب تصنيف مجلة "أرابيان بيزنس" المعنية بشؤون المال والاقتصاد

وفي عام 2017، كان الإبراهيم في الترتيب الـ27 على قائمة الأغنياء في الشرق الأوسط بثروة وصلت قيمتها إلى ما يزيد عن 6 بليون دولار، وفق قائمة مجلة "فوربس" الأميركية. 

وجاء الدور السياسي لوليد الإبراهيم مع اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 أطلق قناة MBC مصر، التي تبنت الثورة المضادة.

وشاركت القناة بشكل فعال في التمهيد للانقلاب العسكري ضد الحكومة المنتخبة بقيادة الرئيس محمد مرسي، وكان من أبرز برامجها "البرنامج" للإعلامي الساخر باسم يوسف، الذي كان ينتقد ويهاجم السلطة الشرعية القائمة.

لكن بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، اختلفت سياسة القنوات السعودية ورئيس مجلس إدارتها، الإبراهيم، الذي أعلن في 21 مايو/أيار 2014، إيقاف برنامج باسم يوسف نهائيا، معللا ذلك بأن السيسي رئيس النظام المصري "بطل" على حد تعبيره. 

لكن الصدمة الأكبر في حياة الإبراهيم رئيس مجلس إدارة مجموعة MBC وصهر الملك فهد، وسليل العائلة المقربة من الديوان الملكي، حدثت في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وكان وليد من بين أبرز الشخصيات التي تم إيقافها ضمن حملة التوقيفات التي قامت بها "اللجنة الملكية لمكافحة الفساد"، واحتجز مع أمراء داخل فندق "ريتز كارلتون" بالعاصمة الرياض. 

وفي 26 يناير/كانون الثاني 2018، أفرج عن الإبراهيم، وذكر موقع "الحرة" الأميركي، تفاصيل ما وصفها بـ"الصفقة" التي عقدتها السلطة معه، وبموجبها تنازل عن ملكيتها مقابل حريته، وبقائه في إدارة المجموعة، إضافة إلى دفع تسوية مالية كبيرة. 

وفي 27 يناير/كانون الثاني 2018، قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، إن "المسؤولين السعوديين عرضوا على الإبراهيم حريته مقابل التنازل عن حصته في الشبكة الإعلامية".

واعتبرت الصحيفة أن "القضية تبين أن حملة مكافحة الفساد تستهدف تأميم مراكز القوة، تمهيدا لعهد جديد يقوده ولي العهد، ابن سلمان". 

ورغم أن الإبراهيم ظل على رأس "إم بي سي" فقد تقلص نفوذه وقوته إلى الحد الأدنى.